في سنوات حكم حسني مبارك لمصر، واصل المستشار محمد سعيد العشماوي -الذي كانت تحرسه مباحث أمن الدولة مع عدد غير قليل من غلاة العلمانيين والزنادقة وأشباه الزنادقة- واصل استفزازه للحس الإسلامي، على نحو غير مسبوق، فكتب -ضمن ما كتب- عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أقاموا الدين وأسسوا الدولة وأزالوا طغيان الفرس والروم، وغيروا مجرى التاريخ ومضمون الحضارة، كتب العشماوي عن هؤلاء الصحابة، فقال: "إنهم كانوا يتسابقون في الاغتيالات إرضاء للرسول! ولم يميزوا بين النبوة والملك، ولقد ارتد كثير منهم إلى خلق الجاهلية، وطباعها في فترة وجيزة بعد وفاة عمر بن الخطاب"!.
أما الأمة الإسلامية -التي أحيت مواريث الحضارات القديمة، وأبدعت الحضارة التي مثلت المنارة والعالم الأول الذي أضاء الدنيا لأكثر من عشرة قرون- فلقد وصفها العشماوي -كاتب عهد مبارك- فقال: "إنها ارتدت إلى عناصر الشخصية الجاهلية، وعاد كثير منها إلى السلب والنهب والصعلكة، فأصبحت شخصيتها الحقيقية أخلاقيات جاهلية، وتصرفات جاهلية، وصار الجميع إلى طباع جافة من الأنانية، والخوف والجبن، والفساد والوشاية، والتملق والانتهازية"!.
أما الشريعة الإسلامية، فلقد قال عنها العشماوي: "إن الحكم بما أنزل الله، كان خاصا بالرسول شخصيا دون سواه، وإن قواعد الشريعة وأحكامها مؤقتة بأسباب نزولها، ليس لها إطلاق ولا استمرار، فبوفاة الرسول أصبحت أحكاما مجردة من القوة الملزمة، لا أثر لها في الشورى أو الميراث أو الحجاب أو الحدود، حتى الخمر، فهي غير محرمة في القرآن! وحتى اللواط، فلا عقوبة عليه في الإسلام!.. وهي شريعة رحمة وضمير، ليس فيها قانون ولا تشريع؛ إذ القانون في شريعة موسى وحده، ومن ثم فإن الدعوة إلى الحكم بشرع الله وحده، هي دعوة إلى أفكار يهودية"!.
أما الفقه الإسلامي، الذي اعتمدته المؤتمرات الدولية للقانون "منظومة قانونية مستقلة ومتميزة -الذي وصفه السنهوري باشا- أبو القانون في عصرنا الحديث، فقال "إنه صفحة خالدة في سجل الفقه العالمي"، أما هذا الفقه الإسلامي فهو بنظر المستشار العشماوي: "فقه الحِيَل، التي حرمت الحلال، وتعدت مقام الجلالة، ونزعت منازع المشركين عبدة الأوثان! واقتفت أثر الجهال أصحاب الأصنام"!
هكذا كتب المستشار محمد سعيد العشماوي عن الإسلام والقرآن والرسول والصحابة والأمة الإسلامية والشريعة الإلهية والفقه الإسلامي، وهكذا كان مشروعه الفكري، الذي ازدهر في عصر حسني مبارك، الذي حمته مؤسسة الرئاسة، والذي حرست صاحبه مباحث أمن الدولة.
وإذا كانت إسرائيل قد عدّت مبارك "كنزا استراتيجيا لأمنها"، فإن أول سفير لها في مصر وصف العشماوي بأنه "ضليع في شؤون الإسلام" وأن كتبه تؤسس للجيرة الطيبة مع إسرائيل"!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق