قرأنا في المقالات السابقة كيف أن الداعين لإنشاء الاتحاد القبطي العالمي قد أعلنوا منذ اللحظة الأولي أنهم يريدون السير علي نهج الحركة الصهيونية العالمية ، فكما أن الحركة الأخيرة تمكنت من إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين واستعادت لغتهم ، فما المانع من أن يستردوا هم مصر من الغزاة المسلمين .
فمنهم من يحلم بالاستيلاء علي السلطة في مصر بمساندة غربية ، ومنهم من يفكر في الحكم الذاتي سواء بالتقسيم أو بغير تقسيم ، وإن كان هذا الهدف الأسمى مؤجل حتي تحين الفرصة المناسبة .
أما الهدف الحال فهو التحكم في مقاليد الأمور في مصر من خلال وضع الدستور الذي يرضيهم ، وأن تصدر التشريعات وفقا للنماذج التي يرونها عصرية متحضرة من وجهة نظرهم ، ولا يقيمون في هذا الشأن أي اعتبار للأغلبية المقيمة معهم في نفس الوطن ، والسبب في ذلك أنهم يرون أن هذه الأغلبية وافدة عليهم يطلقون عليها لفظ المحتل تارة والغازي تارة ، ومن ثم فهم أولي من الأغلبية بإدارة جميع الملفات.
وقرأنا الوسائل التي اقترحوها لتحقيق أهدافهم والتي تمثلت في الآتي :
- تدبير الأموال اللازمة لتحقيق الأهداف .
- توفير آلة إعلامية ضخمة تدفع في الاتجاهات المطلوبة .
- الاستعانة بالدول والمنظمات الدولية والشخصيات العامة في أي مكان ومن أي دين لتحقيق الأهداف .
- العزف علي أوتار الاضطهاد الذي يتعرض له الأقباط في مصر بشكل ثابت ومستمر لاستعداء دول الغرب المسيحي – اليهودي علي مصر والحصول علي أكبر دعم منهم .
- التركيز علي أن المسلمين غزاة وافدون بثقافة غريبة لا تمثل هوية مصر ، وهو الأمر الذي دعاهم إلي التمسك بإلغاء المادة الثانية من الدستور ، أما عن مفهوم هوية مصر ، فهو أمر يختصون به وحدهم ، فهي بلدهم وهم الذين يدركون ثقافتها وقيمها التي يعملون هم علي تثبيتها للأجيال القادمة .
- مهاجمة أحكام الشريعة الإسلامية ووصفها بالرجعية والتخلف والتمسك في مواجهتها بمرجعية علمانية لا تقيم وزنا للقيم الدينية أو الأخلاقية سواء الإسلامية أو المسيحية ، ففي الوقت الذي يعلن فيه نجيب ساويرس أنه يشعر بالاكتئاب حينما يري منقبة ، تمنح إحدى صحفه جائزة الأم المثالية لراقصة .
- مهاجمة تيار الإسلام السياسي بشكل مستمر ، ونسبة أي مشكلة طائفية في مصر له ، وتعمد الخلط بين بعض التيارات المتشددة في العالم وتيار الإسلام السياسي المعتدل الذي يؤمن بقواعد الديمقراطية ويراها تطبيقا عمليا لمبادئ إسلامية كالشورى والبيعة والعدالة وعلي رأسه الإخوان المسلمون ، والتحريض علي هذا التيار بطلب الزج به في السجون والتنكيل به ، ومحاصرة فكره ، ووأد أي مسعى له في أن يصبح رقما في معادلة السلطة ، والاستعانة في ذلك بالدول والمنظمات الأجنبية التي تتفق مصالحها مع هذه السياسيات ، وهذا ما تم تنفيذه بالفعل من سياسات قبل ثورة يناير المجيدة واستمر بعدها علي النحو الذي سوف نوضحه في المقالات القادمة .
- الاعتماد علي رجال الأعمال بشكل كبير لتنفيذ وتمويل أي من الخطوات السابقة.
- حث الأقباط علي المشاركة السياسية وإنشاء الأحزاب والتحرك في الشارع للممارسة الضغوط علي الدولة لتحقيق أي أهداف مطلوبة ، ولا غبار في ذلك ، فمن حق الأقباط أن يشتغلوا بالسياسة أو أن ينزلوا إلي الشارع .
ولكن الغبار كل الغبار علي الأهداف المعلنة والخفية للاتحاد القبطي العالمي ذاته ، والذي إن استمر - في ظل عناصر القوة التي امتلكها – في سعيه نحو فرض إرادته علي أغلبية الشعب المصري والإضرار بفئات عريضة منه من خلال السعي العلني للفتك به وقتله والزج به في السجون ، فإن العواقب سوف تكون وخيمة علي مصر كلها ، لاسيما بعد أن أصبح اللعب علي المكشوف من قبل الثورة ببضع سنوات وأثنائها وبعدها .
وسوف نبدأ بالحديث عما قام به الاتحاد القبطي العالمي في مجال توفير الآلة الإعلامية والتي أري أنهم نجحوا فيها نجاحا باهرة .
يقول الصحفي / رجب الباسل :
يشارك نجيب ساويرس في ملكية " صحيفة المصري اليوم " أحد أهم الصحف المستقلة في مصر ويرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال صلاح دياب منذ عام 2004 ويساهم فيها عدد من رجال الأعمال منهم أحمد بهجت مالك قنوات دريم .
ويتردد أن ساويرس قريب من صحيفة الدستور بعد أن قام مالكها الأصلي عصام إسماعيل فهمي في صفقة شهيرة في نهايات عهد الرئيس المخلوع للانقلاب على سياستها التحريرية المعارضة للنظام .
كما يمتلك ساويرس واحدا من أكبر المواقع الإخبارية المصرية وهو موقع مصراوي صاحب أشهر تعديل في نسب التصويت لمرشحي الرئاسة والذي نزل بالدكتور محمد مرسي من المرتبة الأولى إلى الثانية بدعوى وجود تكرار في 50 ألف صوت ، كما يمتلك ساويرس واحدا من أكبر مواقع الانترنت التي تهتم بالرياضة وهو موقع ياللا كورة .
ولم يكتف ساويرس بامتلاك الصحف الورقية ومواقع الانترنت بل امتدت سيطرته إلى إنشاء قنوات تليفزيونية خاصة أشهرها "أو تي في " التي تم افتتاحها في 31 يناير 2007 وقناة أون تي في التي تم افتتاحها في 6 أكتوبر 2008 ، وصرح أنه يسعى من خلال هاتين القناتين مواجهة الجرعة العالية من البرامج الدينية في القنوات الأخرى ، بتقديم عروض خفيفة تستهدف الشبان إلى جانب أفلام عربية وأجنبية .
وأنشأ أيضا مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية هي مؤسسة مصرية خاصة تأسست عام 2001م بهبة من عائلة ساويرس وهناك جائزة تمنحها المؤسسة وهي جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري والتي تمنح لأفضل عمل روائي ومجموعة قصصية وتحصل الأعمال الفائزة على جوائز تصل إلى مائة ألف جنيه مصري.
ثم أعلن المهندس نجيب ساويرس في 3 أبريل 2011 تأسيس حزب المصريين الأحرار ولساويرس تصريحات تثير الرأي العام أحيانا مثل مقولته أنه عندما يسير في شوارع مصر يشعر بأنه في إيران من كثرة ما يرى من الأزياء العربية والإيرانية ".
وبالإضافة إلي حديث الأستاذ / رجب الباسل نلاحظ تزايد عدد القنوات الفضائية المسيحية علي القمر الصناعي المصري علي النايل سات ، ومن هذه القنوات :
" قناة الكرمة – قناة الكلمة – قناة لوجوس – قناة معجزة – قناة أغابي – قناة الراعي الصالح – قناة مار مرقس – قناة الحياة – قناة الشفاء قناة Sat7- قناة Sat7 Kids - قناة- Coptic Sat قناة نور سات – قناة الملكوت – قناة الحرية ".
وبالطبع جميع هذه القنوات تعمل لتحقيق الأهداف الحالية والمستقبلية للاتحاد ، وقد تابعت بنفسي برامج للدكتور إيهاب الخراط علي قناة سات 7 وهو يستضيف سعد الدين إبراهيم ليحرض المسيحيين للخروج في أي مظاهرات مطلوبة للحرب علي الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي بحجة الدفاع عن الدولة المدنية ، وكأن الدولة المدنية لا تكون مدنية إلا بعد أن تقضي علي ما بها من أديان ، وكان الأمر ساعتها متعلق بدعوة محمد أبو حامد لمليونية لإسقاط الإخوان ، واستضافة المستشار محمد حامد الجمل وغيره كثيرين ، ويمكن لك أخي القارئ أن تتابع هذه القنوات وتلاحظ بنفسك الدور الذي تقوم به لتنفيذ أهداف الاتحاد القبطي العالمي التي سبق أن تحدثنا عنها .
إنه مظهر من مظاهر القوة التي بلغها الاتحاد القبطي العالمي ، بعد أن كانوا يتحدثون عن إنشاء قناة أصبحت القنوات المسيحية بغير حساب ، في الوقت الذي تمكنوا فيه بالتحالف مع العسكر من تنفيذ انقلاب أطاح ببرلمان ورئيس لا يرغب فيه الأقباط وأغلقوا كافة القنوات الإسلامية مثل قناة الناس ومصر 25 والحافظ وغيرهم كثير في إخلال لا يتفق مع طبائع الأمور في كافة دول العالم لا يفعله إلا عملاء مرتزقة .
ناهيك عن المواقع الإلكترونية ، فكل جمعية أو منظمة قبطية داخل أو خارج مصر وكل مركز حقوقي قبطي داخل مصر أو خارجها له موقع إلكتروني خاص به ويستعمل في نفس الوقت كمنبر إعلامي لترويج كل ما يسعي الاتحاد لتحقيقه ، هذا فضلا عن الجمعيات الأهلية والمراكز البحثية التي يدعمونها وتعمل لحسابهم دون أن تعلق لافتة قبطية .
نشر موقع نجوم مصرية الإلكتروني مقالا بعنوان " فضيحة جريدة ساويرس تنشر صور للنشطاء منتهي السفالة " يقول فيه :
" صحيفة فيتو ملك الملياردير المصري نجيب ساويرس تنشر صور كاريكاتيرية فاضحة وأقل ما يقال عنها أنها السفالة بعينها للنشطاء السياسيين المصريين في إطار حملة واضحة ومباشرة لتشويه كل من شارك في ثورة 25 يناير أو يعارض حكم العسكر بعد أن قام الإعلامي عبد الرحيم على مقدم برنامج الصندوق الأسود على قناة القاهرة والناس بتسريب وإذاعة مكالمات خاصة لهؤلاء النشطاء وتظهر الصورة النشطاء السياسيين وهم عراة بالكامل وهم يضعون أيديهم على عوراتهم ويحاولون تغطيتها بينما يظهر عبد الرحيم على مقدم البرنامج بتعريتهم في إشارة إلى ما قام به الأخير من عرض التسريبات لهؤلاء في إطار حرب واضحة ومدبرة لتشويه النشطاء يذكر أن قناة القاهرة والناس هي ملك رجل الأعمال المصري طارق نور وهو أيضا المالك لصحف اليوم السابع والدستور الأصلي وهو أيضا من أعتي أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي ".
يضاف إلي ذلك الخبرة التي اكتسبها رجال الاتحاد من الأقباط النشطاء الذين يعملون داخل مصر من الدول والمنظمات والشخصيات الغربية التي يتعاونون معها ، فقد تعلموا الدرس ، إنها الرشاوى المقنعة في صورة مساعدات أو منح أو ما شابه ذلك من مصطلحات ، فقد اكتشفوا أنها تحول كثير من الشخصيات الإعلامية إلي عبيد لهم يفعلون ما يؤمرون دون مجادلة ، لأنهم بعض أن يمدوا أيديهم لا يملكون الاعتراض .
مرة من المرات النادرة التي أجد فيها إعلامي يتجاوز الحدود مع نجيب ساويرس ويفتح قضية تجسس شركة موبينيل لصالح إسرائيل ، حيث أذاع كلام محامي المواطن الأردني المتهم في القضية وأسرته من أنه يطلب إدخال نجيب ساويرس في القضية فهو صاحب الشركة وهو المسئول ، بعدها بفترة وجيزة وجدت وائل الإبراشي الذي عرض الحلقة سالفة الذكر يسافر مخصوص إلي إحدي العواصم الأوربية لكي يسجل حوارا مع نجيب ساويرس متعلقة بالشأن العام في مصر ، ولا تعليق .
ولا يمكن أن ننسي ما صرح به نجيب ساويرس علي حين غفلة من أنه هو الذي أنشأ حزب الجبهة الديمقراطي الذي كان يزعم الدكتور أسامه الغزالي حرب أنه صاحبه ومؤسسه ، وهذا يكشف لنا أن الاتحاد القبطي العالمي يمتلك مؤسسات أخري كثيرة بأسماء آخرين .
أما إعلام الدولة " ماسبيرو " و " الصحف القومية " فهي تحت سيطرة العسكر منذ إنشائها ، وأما العسكر فبعد أن دخلوا في معاملات مالية مع وزارة الدفاع الأمريكية منذ عام 1979 تحت مظلة المساعدات العسكرية ، ثم مظلة البعثات العسكرية لكبار ضباط الجيش ، ثم المناورات المشتركة ، ثم تدريب صغار الضباط ، فقد انتهي الأمر ، وجاز لنا القول بأن المجلس العسكري تابع للاتحاد القبطي العالمي وليس العكس من خلال تبعية الفريقين للغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي ظل هذه المعادلات أصبحت الأغلبية المسلمة في مصر بلا إعلام يمثلها ، وأصبحت الأقلية القبطية وبفضل جهود الاتحاد القبطي العالمي تسيطر علي ما يزيد من 90% من الإعلام المصري ، وهذا ما يفسر لنا التناقض بين الواقع علي الأرض والذي تكشفه الانتخابات والاستفتاءات والحراك الشعبي والواقع الذي يرسمه إعلام اتحاد القبطي العالمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق