31 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: لا الاردنية ونعم المصرية

Seif_eldawla@hotmail.com
لا شك ان صندوق النقد الدولى ومن يمثلهم سيشيدون اليوم بالسيد عبد الفتاح السيسى وبأجهزته الامنية  كنموذج مثالى للحكام وانظمة الحكم التى يفضلونها، فلقد استطاع ان يمرر كل تعليماتهم وروشتاتهم بدون حدوث اضطرابات شعبية تذكر، على عكس الاردن الذى ساد فيها إضراب عام يوم الاربعاء 30 مايو، ضد إصدار الحكومة لقانون ضريبة الدخل الذى يزيد من الاعباء الاقتصادية على كاهل المواطنين.
***
والسؤال هنا هو لماذا استطاع الاردنيون ان ينظموا مثل هذا الإضراب الناجح، بينما لم يستطع المصريون ان يحولوا فقرهم ومعاناتهم وغضبهم الى اى فاعليات معارضة؛ لا اضراب او مظاهرة او اعتصام او مؤتمر حاشد او حتى عريضة جماعية توقع عليها النقابات العمالية والمهنية والأحزاب السياسية والشخصيات العامة ونواب البرلمان، رغم ان القرارات الاقتصادية المصرية كانت أشد عنفا وإرهاقا وافقارا، عشرات الأضعاف لمعايش الناس وظروفهم من القرارات الاردنية، بدءا بفرض ضريبة القيمة المُضافة والغاء دعم الطاقة ورفع الاسعار ثم القرار الكارثى بتخفيض الجنيه، بما أدى فعليا الى تخفيض القيمة الفعلية لدخول المصريين ومدخراتهم الى الثلث تقريبا مما كانت عليه قبل هذه القرارات؟
***
والمفارقة ان الاردن لم يشهد ثورة كالتي حدثت فى مصر، والتى انتزع فيها المصريون مكاسب وحقوق وحريات لا حدود لها كنزاهة الانتخابات وحق التظاهر والاعتصام وتشكيل الاحزاب وإصدار الصحف، والقدرة على إسقاط الرؤساء وإقالة الوزارات.
كما ان للشعب المصرى تاريخا مبكرا ومشرفا فى التصدى لشروط وضغوط مؤسسات الاقراض الدولى، فلا تزال انتفاضة يناير 1977 محفورة فى وعى وضمير المصريين، والتى كان لها بالغ الأثر لعقود طويلة فى خوف وتردد وتلكؤ الحكومات المصرية المتعاقبة فى الخضوع والاستسلام "الكامل" لشروط الصندوق التى لم تتوقف يوما واحدا منذ 40 عاما.
فما الذى حدث؟
الإجابة واضحة ومعروفة للجميع، وهى انه تم اجهاض الثورة المصرية وكل مكتساباتها، وان مصر كلها اليوم حبيسة قبضة بوليسية حديدية، محظور عليها الاعتراض او الكلام او حتى الهمس.
***
ليبقى السؤال الهام، ماذا نريد لمصر؟
لا أحد منا يريد لها مصير سوريا وليبيا، وبالطبع أصبح الجميع يدرك اليوم انه لا أحد فى السلطة سيسمح طواعية، ولأجل غير مسمى، للمصريين بحريات مماثلة لما حققته ثورة يناير، أو لما حققته أمم وشعوب كثيرة فى العالم ليس فقط فى الغرب، ولكن فى عديد من بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية أيضا.
ولكن ماذا عن مطالب اكثر تواضعا من ذلك بكثير؟ ماذا عن هامش حريات مماثل لدول عربية شقيقة تتقارب أحوالها وظروفها معنا كالأردن وتونس ولبنان؟
أرأيتم كيف تدهورت بنا الأحوال، وانخفضت أسقف مطالبنا الى أدنى مستوياتها ؟
ولكن ما دون ذلك سيؤدى الى الانفجار إن عاجلا أم آجلا .. فلا تجردوا الناس من انسانيتها ومن ابسط حقوقها فى ان تقول لا حين يكون من الواجب والضرورى والفطرى أن يقولها أحد:
·لا للإفقار والاستغلال والبطالة وغلاء الاسعار وتدنى الأجور وذبح العملة الوطنية والاستئثار بثروات البلاد.
·لا لنادى باريس ومؤسسات الاقراض الدولى ورو شتاتها المدمرة وتلال الديون الخارجية.
·لا للأمريكان ولأحلافهم وحروبهم الاقليمية ولصفقة القرن ونقل السفارة وتصفية القضية الفلسطينية.
·ولا لدمج (اسرائيل) فى المنطقة وللتطبيع والمذابح الصهيونية وللعربدة والاعتداءات اليومية فى فلسطين وكل السماوات العربية.
· لا للزج بمصر كلها فى سجن كبير.
*****
القاهرة فى 21 مايو 2018

25 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: تونس ترفض التطبيع ومصر تشجعه



Seif_eldawla@hotmail.com
 تونس مقلوبة وغاضبة هذا الايام بسبب برنامج "فكاهى" من برامج الكاميرا الخفية الرمضانية اسمه "شالوم"، يستضيف شخصيات سياسية لإجراء حوار مع مذيع قناة "سى ان ان" ولكنهم يفاجئون انهم داخل مقر سرى للسفارة الاسرائيلية فى تونس. ومن خلال الحوار ينكشف الموقف الحقيقى للضيوف من مبدأ التطبيع مع (اسرائيل). قبل ان يكتشفوا فى نهاية البرنامج ان الحكاية كلها مفبركة، ولا يوجد سفارة ولا يحزنون.
اما سبب غضب الرأى العام التونسى من البرنامج فلأنه ادخل صورة العلم (الاسرائيلى) داخل كل منزل تونسى.
ما شاء الله.
 أما هنا فى مصر، فتسمح السلطات للسفارة الاسرائيلية بالاحتفال بذكرى النكبة فى وسط القاهرة وفى احد الفنادق المطلة على النيل.
***
ومنذ بضعة اسابيع قضت محكمة تونسية للأمور المستعجلة بمنع رياضيين (اسرائيليين) من دخول تونس للمشاركة فى بطولة للتايكوندو. أما فى مصر فإننا نستورد الغاز من (اسرائيل)، وننسق معها أمنيا وعسكريا ونعيش معا العصر الذهبى للعلاقات المصرية الاسرائيلية.
بل أن محكمة مصرية مماثلة كانت قد قضت عام 2015 بتصنيف المقاومة الفلسطينية كمنظمة ارهابية قبل ان يتم الغاء الحكم فى الاستئناف. ثم قضت محكمة اخرى فى ذات العام برفض توصيف (اسرائيل) ككيان إرهابي فى دعوى مماثلة بذريعة عدم الاختصاص.
***
من اين جاء الفرق بين القطرين الشقيقين؟
لا يكمن الفرق بطبيعة الحال فى القضاة أو القضاء فى البلدين، فالقضاء المصرى قضاءً عريقاً، سبق له أن أصدر أحكاما تاريخية ضد تصدير الغاز لإسرائيل ايام مبارك، وضد التنازل عن تيران وصنافير ايام السيسى، وإنما يكمن الفرق فى مجمل الحالة السياسية العامة فى مصر وبينها فى تونس فى السنوات الأخيرة؛ فالثورة التونسية لا تزال فى الميدان، لم يتم إجهاضها والارتداد عليها كما حدث فى مصر.
***
ان الثورة تعنى الحرية للجميع، وحين تتحرر الشعوب العربية، فإنها بالفطرة والسليقة تكون معادية لاسرائيل وللصهيونية وللتطبيع، وفى ظل وجود حالة ثورية ستتمكن من ترجمة ذلك الى مواقف وفاعليات وضغوط على صناع القرار.
ولذا تم منع الرياضيين الإسرائيليين من دخول تونس، بينما يبلغ عدد السياح الإسرائيليين لسيناء فى الشهر الواحد ما يقرب من ٢٠ ألف (اسرائيلى)، كما تم سفر آلاف من الاخوة المسيحيين الى القدس فى الأعياد الأخيرة، بالمخالفة للقرار الشهير البابا شنوده، بعدم دخول فلسطين الا كتفا بكتف مع المسلمين بعد تحررها من الاحتلال.
***
ان أكثر الأقطار العربية حرية اليوم، هى تونس ولبنان، اذ يمكن لشعوبها أن تتكلم بحرية وتنظم الاجتماعات والمؤتمرات والتظاهرات وتمارس العمل السياسى وتنتخب بلا تزوير، ولذا فان أكثر الفاعليات والحركات العربية نشاطا فى مواجهة (اسرائيل) ودعما لفلسطين والمقاومة تتم فى هذين البلدين الشقيقين.(قامت السلطات اللبنانية منذ بضعة أيام بمنع الدكتور/سعد الدين ابراهيم من دخول اراضيها، بسبب زيارته لاسرائيل ومحاضرته فى جامعاتها.)
***
قد يقول البعض، أن الفرق بين مصر وبين تونس ولبنان، هو ان بين مصر و(اسرائيل) "معاهدة سلام"، تنص صراحة على التطبيع الالزامى.
وهو قول صحيح فيما يتعلق بالنصوص التى تلزم مصر على التطبيع بالإكراه! ولكنه مع ذلك تطبيع يقتصر على السلطات الرسمية فى البلاد، ولكنه لا ينطبق ولم ينطبق ابدا على الموقف الشعبى المصرى، الذي وقف بصلابة منذ توقيع كامب ديفيد عام 1978 ضد كل محاولات التطبيع الشعبى، وقف بقواه الوطنية واحزابه السياسية ـ ما عدا الحزب الوطنى قبل الثورة وحزب النور بعدها ـ ونقاباته المهنية والعمالية وكتابه ومثقفيه وفنانينه وطلابه، لم يشذ أحدا عن الصف. ومن فعل، تنتهى حياته الفكرية والسياسية، وتتم مقاطعته وعزله اجتماعيا وتجريسه من الجميع، كما حدث للكاتب الراحل "على سالم".
***
ان موقف تونس ولبنان اليوم من التطبيع، كان هو ذات الموقف فى مصر فى اعقاب ثورة يناير، حين كانت الحريات بكل اشكالها بلا أسقف، وفى ظلها نجح الشباب فى اغلاق مقر السفارة الاسرائيلية وتنظيم مئات الفاعليات دعما فلسطين ومناهضة لإسرائيل، وهو ما دفع قادة الكيان الصهيوني وقتها للإعلان أكثر من مرة عن انزعاجهم وقلقهم البالغ مما يدور فى مصر مع التحريض المستمر ضد الثورة. قبل ان يغيروا مواقفهم اليوم ويعربوا فى كل المناسبات عن ارتياحهم البالغ من الوضع الحالي.
***
لم يكن من الممكن فى ظل ثورة يناير والجماهير فى الشوارع والميادين، والمنابر الاعلامية مفتوحة للجميع ان يتم استيراد الغاز من (اسرائيل)، او ان تمر صفقة تيران وصنافير، او ان يزور نتنياهو مصر سرا، او ان تسحب مصر قرار ادانة المستوطنات من مجلس الامن، او ان تشارك فى حصار غزة، أو أن يصدر ترامب قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل و يمر الحديث عن صفقة القرن بكل هذه السلاسة والصمت الذى يقترب من التواطؤ .. الخ.
***
·لقد تعلمنا عبر العقود والسنوات الأخيرة، أن الشعوب تعادى (اسرائيل) حتى النخاع وأن الأنظمة تخاف منها أو تتواطأ معها.
·وتعلمنا أن الشعوب تحب فلسطين والفلسطينيين وتدعم المقاومة، والانظمة تكرهها وتريد أن تحاصرها وتقضى عليها وتنزع سلاحها.
·وتعلمنا أنه فى ظل الحرية والثورة الحقيقية، لا مكان للتطبيع او للسلام الدافئ، وانه فى ظل الاستبداد تباع فلسطين وتوقع معاهدات الصلح ويتم الاعتراف (باسرائيل) ويجرى التطبيع والتحالف معها على قدم وساق.
ان فى قهر الشعوب العربية والاستبداد بها، حياة طويلة وآمنة ومستقرة لهذه الكيان المسمى بـ (اسرائيل).
*****
القاهرة فى 25 مايو 2018

21 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: ردا على السيسى .. مصر ليست صغيرة

Seif_eldawla@hotmail.com
"لا يمكن لمصر ان تفعل شيئا لأنها صغيرة وضعيفة وبلا تأثير."
كان هذا هو مضمون الرسالة التى أراد السيد عبد الفتاح السيسى رئيس الدولة المصرية، أن يوصلها الى "كل من يعنيه الأمر" بشأن القرار الأمريكى بنقل السفارة الى القدس، وما تلاه من مذابح اسرائيلية للفلسطينيين على حدود قطاع غزة.
وقد قال بالنص:
((قرار نقل السفارة سيؤدى الى شئ من عدم الرضا والاستقرار..
بنتحرك فى حدود قدرتنا ..
وحطوا خط تحت حدود قدرتنا..
وعلى الفلسطينيين ان يحتجوا بطرق لا تؤدى الى سقوط ضحايا..
وعلى الإسرائيليين ان يكونوا اكثر حرصا فى عدم اسقاط ضحايا..
ولا يمكن لمصر ان تفعل شيئا .. علينا ان نعمل ونكبر لكى يكون لنا تأثير فى المستقبل ..))
انتهى الاقتباس ورابط الكلمة فى نهاية المقال.*
***
1)  ان مصر ليست دولة صغيرة ولا ضعيفة ولا قليلة الحيلة ولا محدودة التأثير، بل هى قادرة لو ارادت ان تعيد تشكيل موازين القوى فى المنطقة، وأن تصحح الاختلال الرهيب فيها، وان توقف العربدة الاسرائيلية، وان تقلص من النفوذ الامريكى. وان تكون الطرف الاكثر تأثيرا وفاعلية فى كل الملفات الرئيسية فى الاقليم بما فيها ملف الاحتلال الصهيونى لفلسطين.
ولكن مصر الرسمية والعميقة خائفة منذ 40 عاما، وازداد خوفها فى السنوات القليلة الماضية، وهى لا تريد ان تتحرر من التبعية ومن القيود التى كبلتها فى اتفاقيات كامب ديفيد، ولا اقصد هنا فقط القيود العسكرية على قواتنا المسلحة فى سيناء الواردة فى المادة الرابعة من المعاهدة، وانما ايضا المادة السادسة التى قيدت فقراتها الثانية والرابعة والخامسة، سياسات مصر وقراراتها فيما لو تعرضت فلسطين او اى من الاقطار العربية لعدوان اسرائيلى، اذا نصت هذه الفقرات على ما يلى:
· يتعهد الطرفان بأن ينفذا بحسن نية التزاماتهما الناشئة عن هذه المعاهدة بصرف النظر عن أي فعل أو امتناع عن فعل من جانب طرف آخر وبشكل مستقل عن أية وثيقة خارج هذه المعاهدة.(الفقرة الثانية)
·يتعهد الطرفان بعدم الدخول في أي التزامات تتعارض مع هذه المعاهدة.(الفقرة الرابعة)
·مع مراعاة المادة (103) من ميثاق الأمم المتحدة يقر الطرفان بأنه في حالة وجود تناقض بين التزامات الأطراف بموجب هذه المعاهدة وأي من التزاماتهما الأخرى، فإن الالتزامات الناشئة عن هذه المعاهدة تكون ملزمة ونافذة.(الفقرة الخامسة)
***
2)  ولكن حتى "مبارك" لم تمنعه كل هذه القيود من ان يسحب السفير المصري تضامنا مع انتفاضة الاقصى عام 2000، ومن ان يطلق العنان للإعلام المصري وللقوى الوطنية لدعم الانتفاضة بلا حدود. وان يرفض عديد من المطالب الاسرائيلية والضغوط الامريكية حول المعبر والأنفاق والمنطقة العازلة. فهل مصر السيسي عام 2018 أضعف واقل حجما وتأثيرا من مصر مبارك عام 2000؟
***
3)  ولقد كانت مصر قادرة حتى فى السنوات التالية لهزيمة 1967 وحتى نصر اكتوبر على حصار (اسرائيل) وقيادة مقاطعة عربية ودولية واسعة لها، امتدت من افريقيا وآسيا الى دول أوروبا الشرقية، كما قامت بدعم المقاومة الفلسطينية بلا حدود، و قيادة الموقف الرسمى العربى فى اتجاه مواصلة القتال، وعلى عزل اى صوت عربى يدعو الى السلام مع العدو، مثلما فعلت مع الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة.
فهل مصر المنتصرة اصبحت بعد 45 عام من نصر 1973 أضعف واصغر واقل تأثيرا من مصر المهزومة عام 1967؟
انك بذلك انما تقر وتعترف وتقدم شهادة خطيرة الى الشعوب والى التاريخ، وهى أن 40 عاما من السلام مع (اسرائيل) ومن كامب ديفيد، قد أضعفت مصر وكسرتها وجعلتها فى حالة بائسة لا تقوى ولا تقدر معها ان تقول لا. وهى الحقيقة التى هَرِمت القوى الوطنية وهى تنبه اليها وتحذر منها لعقود طويلة.
***
4)  وقد يرد انصارك بان الفوضى التى صنعتها ثورة يناير قد اضعفت مصر وانهكتها وافقدتها مكانتها الاقليمية والدولية.
وهو كلام يجانبه الصواب على طول الخط، ففى ذروة اسابيع الثورة الاولى، استطاع الشباب الثائر ان يجبر (اسرائيل) على التوقف عن عدوانها على غزة الذى وقع فى ابريل 2011 ،بعد ان حاصر السفارة ودفع المجلس العسكرى الى ابلاغ قادة الكيان بضرورة وقف العدوان فورا، لانه لم يعد له سيطرة على الشارع المصرى وجماهيره الغاضبة، وهو ما تكرر مرة أخرى فى سبتمبر 2011 بعد قتل الصهاينة لخمسة عسكريين مصريين على الحدود.
***
5)  ثم ان فى رسالتك عن "عجز مصر"، ترويجا ضمنيا الى أن دولا مثل ايران وتركيا أصبحتا أقوى وأكبر وأكثر تأثيرا من مصر فى الاقليم، رغم ان القضية الفلسطينية هى قضية عربية بالاساس، تخص مصر وتمسها اكثر من كل دول الجوار الجغرافى من غير الدول العربية، فنحن رمانة الميزان فى هذا الصراع وفى مواجهة كل الحملات الاستعمارية منذ قرون طويلة، فاذا بك تتخلى بكل بساطة عن راية القيادة، ليتلقفها من يروجون للمشروع والنفوذ الايرانى او التركى فى المنطقة.  
***
6)  ثم ان الدولة المصرية تشتبك وتتفاعل و تتصدى بكل امكانياتها ومؤسساتها مع كل ما يدور فى ليبيا، فهى تدعم الجيش الليبى سياسيا وعسكريا ودوليا، وتشن ضربات جوية على الجماعات الارهابية التى تعتدى على السيادة المصرية وعلى المواطنين المصريين هناك، ولم تنأى بنفسها عن المشهد الليبى بذريعة اننا لا نزال دولة ضعيفة بلا تأثير. فما الفرق بين الامن القومى المصرى على حدودنا الغربية وبينه على الحدود الشرقية؟
***
7)  ثم ماذا عن مقولتك الشهيرة عن "مسافة السكة" وان امن السعودية والخليج خط احمر، لماذا لم تطبق عليها قاعدة ان مصر أضعف من ان يكون لها تاثيرا؟
ما السبب وراء تعدد المكاييل واختلاف السياسات والتوجهات حين يتعلق الامر بفلسطين؟ هل هو الحرص على الانخراط فى المصالح والترتيبات والتحالفات الامنية التى تباركها الولايات، وتجنب تلك التى تغضبها هى و(اسرائيل)؟
***
8)  نعم ان مصر كبيرة وقوية وقادرة، ولكن حتى لو لم تكن كذلك، فانها أمور لا تقال أو ينطق بها فى تصريحات عامة وعلانية وكأننا نقول للدول الكبرى والاقليمية وحلفائها من الاعداء والخصوم والمتربصين والمنافسين: "ان افعلوا ما بدا لكم فنحن لا حول لنا ولا قوة، لن نستطيع ان نعارضكم، او نقف فى طريقكم أو نتصدى لخططكم ومشروعاتكم!"
وهى الرسالة التى سيكون لها آثارا مدمرة و بالغة السوء على الملفات والقضايا التى تهدد المصالح المصرية العليا وامنها القومى، مثل ملف سد النهضة فى اثيوبيا، وملف الابتلاع الصهيونى للقدس ولما تبقى من ارض فلسطين.
***
9)  كما انك تتحدث طول الوقت عن السلام الدافئ الذى اصبح فى وجدان المصريين وعن الثقة والطمأنينة الحالية بين مصر و(اسرائيل)...الخ
ولو كان ذلك صحيحا، لاحترمته (اسرائيل) وعملت لعلاقاتنا معها الف حساب، ولما تجاهلت مواقفنا وتمادت فى احراج الدولة المصرية ومؤسساتها امام شعبها، ولقدمت شيئا ذو قيمة للفلسطينيين، ولكفت عن بناء مزيد من المستوطنات وابتلاع مزيد من الارض واسقاط مزيد من الشهداء ولامتنعت عن ضم القدس...الخ
ولكن ما نراه عكس ذلك على طول الخط، فهم لا يقيمون اى وزن لاى علاقات مع مصر، ليثبتوا كل يوم بانه ليس سلاما دافئا ولا يحزنون وانما كما نؤكد دائما هو "سلام  بالاكراه."
***
10) واخيرا وليس آخرا، لا يمكن انهاء هذه السطور بدون الاجابة على سؤال المقال وهو: "هل تستطيع مصر بظروفها الحالية، ان تفعل شيئا لفلسطين، وما هو؟
والاجابة هى: بالطبع تستطيع.
ولن اقول لكم قوموا بقطع العلاقات، وإلغاء المعاهدات، وتعبئة الجيوش، ولكننى سأطرح عينة بسيطة مما يمكن ان تتخذه السلطة المصرية حتى وهى مكبلة بقيود كامب ديفيد:
تستطيع ان تسحب السفراء وتعلق التنسيق الأمني والعسكري وتبرد العلاقات وتجمد التطبيع أو تقيده وترفض احتفالهم بذكرى النكبة فى وسط القاهرة، وتنسحب من صفقة استيراد الغاز ومن اتفاقية الكويز وان تتوقف عن القيام بدور العراب للتطبيع العربى الاسرائيلى، بل تعمل على اجهاضه أو تعويقه، وان تفتح المعبر وتفك الحصار، وتقود الحملات العربية والدولية للضغط على اسرائيل فى كافة المنابر والمؤسسات الدولية والدبلوماسية، وان تدعم المقاومة سرا اذا لم تجرؤ على ذلك علانية، وان تطلق يد القوى الوطنية المصرية المناهضة لاسرائيل وان تفتح لها المجال الاعلامى والسياسى، وأن تعيد تشكيل علاقاتنا وتحالفاتنا الخارجية على اساس التصدى للتوسع والتجبر الاسرائيلى وابتلاع ما تبقى من فلسطين.
أما عن كيفية الرد والتصدى للقرار الأمريكى فلقد سبق أن تناولناه فى مقال سابق بعنوان "هل تستطيع مصر أن تقول لا؟".
***
ان مصر كبيرة بشعبها وتاريخها وموقعها ومكانتها وهويتها وتجاربها ومعاركها، وقادرة لو امتلكت الارادة على فعل الكثير، فحافظوا على كرامتها ولا تستهينوا بها ولا تقللوا من شانها.
*****
القاهرة فى 21 مايو 2018
* رابط كلمة عبد الفتاح السيسى
https://www.youtube.com/watch?v=yGOA7NbhDDU&app=desktop

19 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: فى الاعتراف العربى (باسرائيل) رخصة لقتل الفلسطينيين


Seif_eldawla@hotmail.com
مع استمرار سقوط كل هذه الاعداد من الشهداء، لم يعد من الممكن الصمت على اختلال البوصلة المبدئية وغياب المنطق العلمى وانتحار البديهيات فى صراعنا مع (اسرائيل)، لأنه من رابع المستحيلات تحقيق أى انتصارات استراتيجية حاسمة عليها، ما لم تسحب الدول العربية والسلطة الفلسطينية اعترافها بشرعية دولتها.
***
فاذا كانت (اسرائيل) دولة مشروعة، (وهي بالطبع ليس كذلك) فان كل ما ترتكبه من احتلال ومذابح وجرائم ...الخ، مباح ومبرر وفقا لقواعد ومواثيق القانون الدولى، او لضرورات الأمن القومى الاسرائيلى.
ولذلك فان الخطاب الصهيونى والامريكى للرأى العام العالمى ينطلق دائما من ان ما تفعله (اسرائيل) ينخرط تحت بند الدفاع الشرعى عن الوجود وعن النفس وعن امن شعبها فى مواجهة شعوب وجماعات ارهابية لا تعترف بها ولا بشرعية وجودها وتريد ان تزيلها من الوجود.
وهو بالضبط ما قالته المندوبة الامريكية فى مجلس الامن منذ يومين حين وجهت خطابها للدول الأعضاء متسائلة "من منكم يمكن ان يسمح باحتشاد الآلاف على حدوده هادفين الى اختراقها وتهديد وانتهاك سيادة أوطانكم واراضيكم؟"
وهو نفس ما قاله "بيريز" فى مؤتمر ديفوس عام ٢٠٠٩ لتبرير مذبحة "الرصاص المصبوب" التى راح ضحيتها ١٥٠٠ شهيد فلسطينى، حين قال "من فى دول العالم يقبل أن تطلق عليه الصواريخ من جماعات لا تعترف بوجوده وتريد ان تقضى عليه مثل التى أطلقها الإرهابيين الفلسطينيين على ارض (اسرائيل) وشعبها؟"
انهم يرددون هذا الكلام ليلا نهارا منذ عقود طويلة...
ويزيدون عليه فى تبريرهم لرفض الانسحاب من الضفة الغربية، ((بأن كل الاراضى التى انسحبوا منها من قبل فى لبنان عام 2000 وفى غزة عام 2005، تحولت الى قواعد للارهابيين الذين يهددون اسرائيل ويريدون القضاء عليها... فكيف تريدون منا ان ننسحب من الضفة الغربية التى تتداخل مع اراضينا ونقبل ان تتحول هى الاخرى الى قواعد عسكرية ارهابية مناهضة لنا ولوجودنا؟))
***
·وبالفعل اذا كانت اسرائيل دولة مشروعة (وهى ليست كذلك) فان المقاومة الفلسطينية تستحق وصف الارهاب، بل وكل الشعوب العربية التى ترفض الاعتراف باسرائيل وتطالب بتحرير كامل التراب الفلسطينى من النهر الى البحر.
·وكذلك سيكون قبول اسرائيل بعودة اللاجئين الفلسطينيين هو بمثابة انتحار بالنسبة لها، فكيف تقبل بعودة ملايين المحتلين العرب الى ارضها مرة اخرى بعد ان نجحت فى تحريرها وطردهم منها عام ١٩٤٨.
· ثم اذا كانت هذه ارض (اسرائيل) التاريخية بالفعل (وهى ليست كذلك)، فان التفرقة بين ارض ١٩٤٨ وأرض ١٩٦٧ ليس سوى هُراء من منظور العقيدة الصهيونية، ففى اساطيرهم القديمة الزائفة: حين اختص الشعب اليهودى بالأرض التى وهبها الله لابراهيم ونسله، لم يكن هناك حدود بين ما يسمى اليوم بالضفة الغربية وبين باقى ارض (اسرائيل).
· ليس ذلك فحسب، بل يكون تمسكهم بيهودية القدس، هو حق وطنى وديني وتاريخى مقدس بالنسبة إليهم، فالأرض ارضهم والفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم ليسوا سوى احتلال قديم دام لقرون طويلة. وقد عمل هذا الاحتلال على طمس هوية ومقدسات اصحاب الارض الحقيقيين من اليهود، فشيد مقدساته على أنقاض مقدساتهم؛ وبنى المسلمون المسجد الاقصى على أنقاض هيكل سليمان.
·واليوم بعد أن تحررت الارض المحتلة من الاحتلال العربى الفلسطينى (كما يدعون)، فانه قد آن الاوان لتحرير المقدسات من هذا العدوان العربى، اسلاميا كان أو مسيحيا، علي المقدسات اليهودية.
· وهلم جرا وهكذا دواليك.
***
ان الاعتراف الفلسطينى و العربى بشرعية دولة (اسرائيل)، هو بمثابة عملية انتحارية، تترتب عليها عواقب مدمرة وآثارا كارثية لا تنتهى.
فالاحتلال الصهيونى لفلسطين ١٩٤٨ و١٩٦٧ ورفض الانسحاب من الضفة الغربية، وبناء المستوطنات والمذابح والقتل والطرد ورفض العودة الفلسطينية مع فتح ابواب الهجرات اليهودية الى الارض المحتلة، وتدمير القدرات العسكرية العربية، ونزع سلاح الاراضى المجاورة فى دول الطوق واحتكار السلاح النووى وتحريمه على العرب، والاعتداءات المتكررة على السماوات والاراضى العربية، وضمان التفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة الى أبد الآبدين ... الخ
كل ذلك وأكثر ليس سوى سياسات مبررة ومشروعة لو كانت (اسرائيل) دولة طبيعية وليست كيانا استيطانيا احلاليا باطلا.
ولذلك فان المطلب والشرط الصهيوني والأمريكي الأول في أى معاهدات أو مفاوضات أو مباحثات أو تصريحات، هو الاعتراف بشرعية دولتهم، لأنهم يدركون جيدا ان الاعتراف سيضفي الشرعية على كل ما عدا ذلك من احتلال واستيطان ومذابح وجرائم حرب. 
***
ان الخطوة الاولى والحتمية فى معركة تحرير فلسطين، يجب ان تبدأ بسحب الاعتراف الفلسطينى والعربى بدولة الصهاينة وكيانهم، والا فلا أمل لنا فى تحرير شبر واحد منها.
وكل من يعترف بها إنما هو يتبنى النظرية الصهيونية ويدعم الاحتلال ومشروعه وينحاز اليه ويخدم فى صفوفه ويدعم خططه واستراتيجياته حتى لو حمل هوية عربية او فلسطينية وحتى لو احتل المراكز العليا فى دوائر حكم أى دولة عربية.
كما أن كل من يصر على أن يشتبك مع العدو الصهيونى فى الملفات والقضايا الفرعية بدون ان ينطلق من مبدأ "عدم الاعتراف" انما يضيع جهوده هباء، ويضلل الرأى العام العربى والفلسطينى.
ان معارك مثل المقاطعة ومناهضة التطبيع وحق العودة ومناهضة الاستيطان والدفاع عن المقدسات والمسجد الاقصى وفك الحصار وفتح المعبر وتدويل القضية واللجوء الى الامم المتحدة والمنظمات الدولية ...الى آخره يجب ان تنطلق من هذا المبدأ الرئيسى وهو بطلان هذا الكيان المسمى بدولة اسرائيل، بالاضافة الى بطلان كل القرارات والوعود التى صدرت لصالحه وكذلك كل الآثار التى ترتبت على وجوده بدءا من وعد بلفور حتى قرار ترامب بنقل السفارة.
***
هذا هو المنطلق المبدئى والعلمى الصحيح، اذا تمسكنا به وانطلقنا منه، فستكون المهمة التالية هى وضع الاستراتيجيات والخطط التى تستطيع أن تحوله الى معارك ومواقف ممكنة وواقعية على الارض. وهناك اجتهادات وابداعات كثيرة فى هذا المضمار، ولكنه حديث آخر.
*****
القاهرة فى 19/5/2018

17 مايو 2018

سيد أمين يكتب : المقاومة بـ" الناطوري كارتا" وأخواتها

الخميس 17 مايو 2018 20:17
 من نوافل القول أن وراء الجرأة الامريكية في الاصرار على إعلان نقل سفارتها للقدس منتصف هذا الشهر تواطؤ عربي، يدعم في السر وتوقف حتى عن أن يشجب في العلن، ومما لا شك فيه أن العدو الاستراتيجي الكبير والوحيد لكل الشعب العربي هو الكيان الصهيوني وهو من يتحمل بسيل مؤامراته علينا كشعب عربي جل رزايانا بدءا من تنصيبه طغاة وعملاء له حكاما علينا، انتهاء برعاية هؤلاء العملاء للفساد رسميا في مؤسساتنا مما جعل الانحطاط الاخلاقي والسلوكي والانحدار الفكري والمعرفي منهج حياة متكامل اتسمت به حياتنا.
 ولقد تم ذلك عبر استخدام طرق عدة، ففي مصر مثلا كانت اتفاقية كامب ديفيد هى في الواقع اتفاقية سيطرة صهيونية على كل مصر،  وهو ما تم عبر ما يسميه الباحث القومي محمد سيف الدولة "الكتالوج الأمريكي الذي يحكم مصر" والذي نتج عنه أن صارت سيناء بأكملها رهينة  لإسرائيل وتم بسببها تدمير القطاع العام عنوة لمنعه من تمويل المجهود الحربي للجيش في أي حرب لاحقة والاستعاضة عن الأموال التي كان يوفرها بالمعونة الامريكية، مع خلق مناخ عام اقتصادي مؤاتٍ  للفاسدين والعملاء عبر المعونة التجارية التي قدمتها أمريكا آنداك أيضا ومنحتها لأشخاص بعينهم هى من اختارتهم لتكون لهم نواة لبدء السيطرة الكاملة على الاقتصاد المصري وبالطبع تضخمت حصيلة تلك الاموال جراء عمليات تسقيع الأراضي وكافة عمليات الفساد.     
ثم يأتي بعد ذلك صناعة مناخ سياسي مؤاتٍ لإسرائيل عبر صناعة أحزاب سياسية - تفتقر للشعبية بالطبع- تؤمن بإسرائيل وتضع الصراع معها في غير اهتماماتها السياسية أساسا وذلك بقصد الإيحاء بأن اسرائيل صارت واقعا لابد من التعامل معه والانفتاح عليه.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة عزل مصر عن أمتها العربية عبر تعميق دعوات الدولة الأمة ومصر الفرعونية، وفي تقديري أن تلك المرحلة فشلت فعليا ولفظها الشعب المصري فتم الاستعاضة عنها بدعوات الشعّوبية وتقديس حدود سايكس بيكو.
ناطوري كارتا
إسرائيل لا تعدم الوسيلة التي تزيد فيها من تعاسة شعوبنا وتعمق بها تخلف بلداننا وانقسامنا الجغرافي والمذهبي والطبقي ومع ذلك هناك إصرار عجيب لدى نظم الحكم العربية على الوقوف منها موقف المدافع ، بل وممارستها الضغط على المقاومة من أجل الاستسلام لهذا الواقع المخزي، تارة بوصمها بالإرهاب وأخري بحصارها بل والتواطؤ مع العدو للقضاء عليها ، رغم أننا نحن الضحايا لا أحد غيرنا ، وكان يجب علينا أن نرد عليها المؤامرات بالمؤامرات والصاع بالصاع أيضا ، لأن المنطق يقول أن من يبادر بالهجوم قد تزداد فرصه في كسب المعركة بأقل الخسائر.
وهناك أساليب سلمية كثيرة للمقاومة منها مثلا وجوب دعم واحتضان حركات مناهضة للصهيونية مثل "ناطوري كارتا" وهي الحركة اليهودية الحقة التي تأسست عام 1935ترفض الصهيونية بكل أشكالها وتعارض وجود دولة إسرائيل وتؤمن بحق إقامة دولة فلسطين على كامل أراضيها العربية، ويتواجد أعضاؤها في العديد من دول العالم أهمها القدس ولندن ونيويورك، وتعاني اضطهادا كبيرا في كل المدن التي يوجدون فيها من قبل النظم الداعمة لإسرائيل.
وقد تنبهت دول عربية وإسلامية قليلة وشخصيات عامة إلى أهمية استخدام تلك الورقة لدعم المقاومة العربية في فلسطين فراح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يقوم بتعيين أحد المنتمين لتك الحركة ويدعى" موشيه هيرش" وزيرًا للشؤون اليهودية، فيما التقى المفكر الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في 2008 ثلاثة حاخامات من هذه المنظمة، كما حضر وفد من تلك الحركة مؤتمرًا نظمته إيران حول الهولوكوست.
وزار وفد من تلك الحركة نقابة الصحفيين المصريين بالقاهرة عام 2010 لكن الاحتفاء بهم ظل غير رسمي سواء أكان الأمر على مستوى النقابة أو على مستوى الدولة وقد يفهم ذلك ربما بأنه إرضاء للكيان الصهيوني.
منظمات أخري
ولم تكن حركة الناطوري كارتا وحدها كحركة يهودية ترفض الكيان الصهيوني ولكن هناك العديد من تلك الحركات ومنها حركة “JVP” أو "صوت يهودي للسلام" وهي حركة يهودية تعمل على فضح عنصرية إسرائيل أمام العالم وتدعو لفرض حصار عليها، وشاركت الحركة في أسطول الحرية لكسر حصار غزة 2011.
وهناك أيضا جمعية"زوخروت" اليهودية الهادفة لتعميق الوعي لدى اليهود في إسرائيل بالأزمة الفلسطينية، والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بالشعب الفلسطيني وتدعو اليهود لاحترام حقوق الإنسان.
وأصدرت الحركة خارطة بأسماء المدن والبلدات الفلسطينية التي تم إزالتها من قبل الكيان الصهيوني داعية الى عودة الحق الفلسطيني.
وكذلك هناك الطائفة الحريدية التي تأسست عام 1921 وهي تعبر عن يهود متدينين يعارضون النزعة الصهيونية ويدعون للعودة لليهودية الصحيحة المتدينة كما يرونها، وترفض كل قيم العلمانية وترفض الكلام باللغة العبرية بوصفها لغة صهيونية وترفض دولة اسرائيل ودولة فلسطين معا، وتحفل تلك الحركة بزخم كبير في الوسط اليهودي وتضم من هم أشبه بالتيار السلفي لدى المسلمين.
وأيضا هناك حركات علمانية تقترب من الحق العربي منها مثلا حركة "ترابط" وهي حركة ترفض النزعة الاستعمارية لإسرائيل وتدعو لتقارب إنساني بين إسرائيل والدول العربية وترفض المستوطنات وتهويد الأراضي العربية، وتدعو للتعايش العربي الاسرائيلي المشترك.
وكذلك حركة "فوضويون" وهى حركة تأسست للتعبير عن رفض الجدار العازل الإسرائيلي وهى ضد حصار غزة والبلدات الفلسطينية ولها مظاهرات شبه أسبوعية رفضا للحصار وتظهر فيها جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

لقراءة المقال على الجزيرة مباشر انقر هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــا

16 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: الى عدونا الصهيونى وضيوفه الأشرار .. ما زلنا هنا

* على هامش المقال يجدر التنويه الى أن أحد الصحف المستقلة الكبرى قد رفضت نشره، متذرعة بذرائع متهافتة، بينما كان السبب الحقيقى لرفضه فى تصورى هو هذه الفقرة الملونة بالازرق، التى تتناقض على طول الخط مع ما صرح به عبد الفتاح السيسى، من أن السلام الان أصبح فى وجدان المصريين!

تهافت كل اشرار العالم هذه الايام على الارض المحتلة التى يسمونها زورا وبهتانا بـ (اسرائيل)، للمشاركة فى الاحتفال بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين. الى مثل هؤلاء، أوجه الرسالة الآتية:
على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان، فشلتم وفشل كيانكم الصهيونى فى تصفية فلسطين وقضيتها ومقاومتها:
· تحالفت اقوى دول العالم لزراعة وبناء ودعم هذا الكيان.
· فدعمته عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، والامم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
· قامت برعايته وحمايته بريطانيا العظمى ثم الولايات المتحدة الامريكية.
· اعترفت به الدول الخمس الكبار فى مجلس الامن.
· تلقى أنهارا من الأموال وتلالا من الأسلحة.
· بنوا له سلاحه النووى وحظروه على باقى شعوب المنطقة.
· وضمنوا له التفوق العسكرى على كافة الدول العربية مجتمعة.
· وحتى حين قاتله العرب بقيادة مصر فى 1973 وكادوا ان يوقعوا به هزيمة قاسية، دعموه بجسور جوية من العتاد العسكرى، وأنقذوه من هزيمة محققة، بل حولوا الهزيمة العسكرية الى نصر سياسى، باتفاقيات كامب ديفيد.
· نزعوا سلاح مساحات هائلة من أراضي دول الجوار العربي لحمايته، مساحات تعادل مساحة الكيان نفسه عدة مرات.
· ودعموه بقباب فولاذية، وشبكات رادار ناتوية، واتفاقيات عسكرية استراتيجية، ومنظومات أمن اقليمية.
· أسقطوا أنظمة عربية وأقاموا غيرها وأعادوا تشكيل المنطقة على مقاس أمنه ووجوده.
· أكرهوا عديد من الدول العربية على الاعتراف به والسلام والتطبيع معه.
· ودفعوا النظام الرسمى العربى كله الى التنازل عن فلسطين 1948 التى تساوى 78% من الارض المحتلة، فيما أسموه بمبادرة السلام العربية، فجردوا فلسطين وشعبها ومقاومتها من ظهيرها العربى التاريخى.
· باركوا كل مذابحه، التى سقط فيها آلاف مؤلفة من الفلسطينيين والعرب.
· فرغوا له الأرض؛ فتآمروا معه لطرد وتهجير 800 ألف فلسطينى، وحرموهم من العودة الى أوطانهم رغم صدور قرار حق العودة 194.
· وضغطوا على كافة دول العالم، وعلى رأسها الاتحاد السوفيتى القديم، للسماح بهجرة يهود العالم الى فلسطين وملئ واستيطان الارض المغتصبة، وفقا لقانون العودة الصهيونى العنصرى. (هاجر ما يزيد عن مليون يهودى سوفيتى للارض المحتلة منذ عام 1989).
· أصدروا له عشرات القرارات الدولية، وأنقذوه من مئات قرارات الإدانة، بألف فيتو وفيتو.
· وأعطوه الغطاء السياسى والدولى ودعموه بأقذر حيل وفنون المراوغات الدبلوماسية، حتى يتمكن من اغتصاب واستيطان مزيد من الارض الفلسطينية بالضفة الغربية.
· أطلقوا يده فى قمع وإبادة الشعب الفلسطينى، من احتلال واستيطان وطرد ومذابح واغتيالات وحصار وتجويع وهدم منازل ونزع هويات وجدار عازل وحواجز طرق واعتقال وأسر (جملة من أسرتهم اسرائيل من1967 بلغ ما يزيد عن 800 ألف فلسطينى).
· شجعوه على تهديد وتهويد المقدسات الدينية، اسلامية ومسيحية فى القدس وخارجها، وباركوا اقتحاماته اليومية للمسجد الاقصى.
· وضغطوا على الأنظمة العربية لحظر السلاح للفلسطينيين، وهدم الأنفاق وإغلاق المعابر، والمشاركة فى الحصار.
· وتركوه يمارس أبشع جرائم الحرب والعنصرية والإرهاب.
· وجرموا كل من يقاتله أو يقاومه، ولو كان دفاعا عن النفس، وصنفوه ارهابيا.
***
· مائة عام من الاحتلال والاستيطان والطرد والقتل والإبادة والعربدة العسكرية فى الأراضي والسماوات الفلسطينية والعربية.
· مائة عام اجتمع للكيان المسمى (اسرائيل) كل ما تحلم به الدول من عناصر القوة العسكرية والدعم الدولى.
· ورغم كل ذلك لم ينجح فى تصفية فلسطين ولا الشعب الفلسطينى ولا القضية الفلسطينية.
· و70عاما منذ النكبة وبناء الكيان الصهيونى، لم ينجح فى تثبيت شرعية وجوده فى فلسطين وسط شعوب الامة العربية، التى تتحين الظروف للمشاركة فى تحرير الأرض المحتلة.
· و40 عاما من اتفاقيات السلام المصرية الاسرائيلية، لم تنجح فى إنهاء العداء الشعبى المصرى العميق للعدو الصهيونى. *
· و25عاما من أوسلو لم تنجح فى إتمام وتمرير صفقة بيع فلسطين واستسلام المقاومة.
· و10 سنوات من الحصار والعدوان على غزة، لم تؤد الا الى زيادة مناعة المقاومة وصلابتها ونضوجها وانتصاراتها، والتفاف الشعوب العربية حولها.
***
كلما ضربتم جيلا من المقاومة، خرج لكم جيل أشد بأسا:
أتتذكرون حين طردتم المقاومة من لبنان 1982 وذبحتم أهاليهم فى صابرا وشاتيلا، ما هى الا سنوات وتفجرت انتفاضة الحجارة فى 1987.
وحين وأدتموها باتفاقيات أوسلو 1993، تفجرت العمليات الاستشهادية ثم انتفاضة الاقصى 2000.
وحين بنيتم الجدران العازل ونصبتم الأسلاك الشائكة، قذفوكم بالصواريخ.
وحين انشأتم قبتكم الفولاذية، حفروا الأنفاق.
وحين حاصرتم غزة واعتديتم عليها فى ثلاثة حروب متتالية أوقعتم فيها ما يزيد عن 4000 شهيد، أصابتكم ضربات موجعة غير مسبوقة فى عدوانكم الأخير عام 2014.
وحين تقتلوهم بالطائرات بدون طيار وبالقناصة على الحدود، يقذفونكم بالطائرات الورقية الحارقة من وراء سواتر من دخان الكاوتشوك.
واليوم:ـ تهدمون الأنفاق، سيحفروها مجددا. تقصفون المنازل، سيعيدون بناءها. تحظرون السلاح، سيصنعوه بأيديهم. تقتلون الآباء، سيقاتلكم الأبناء والأحفاد.
ماذا يمكنكم ان تفعلوا أكثر مما فعلتم؟ لم تعد لكم حيلة ولم يعد فى جعبتكم جديد، فلقد استنفذتم كل أدواتكم.
قرن من الزمان ملكتم فيه كل أنواع القوة وأصنافها، وارتكبتم فيه كل أنواع القتل والإبادة والجرائم، ورغم ذلك فشلتم.
فالأمة تلفظكم، والأرض والشعب.
قرن من العدوان، ولا يزال وجودكم مهددا وأمنكم على المحك.
أما نحن فما زلنا هنا نقاومكم، ولن نرحل أبدا. وسننتصر عليكم ولو بعد حين باذن الله، وسنحرر أرضنا المحتلة، كما حررناها أول مرة.
*****
القاهرة فى 15 مايو 2018

12 مايو 2018

زهير كمال يكتب: قراءة في الانتخابات اللبنانية

شهد لبنان في 6 آيار / مايو انتخابات نيابية بعد فترة طويلة من الجمود قاربت تسع سنوات كان المجلس القديم يجدد فيها لنفسه ، ولهذا لم يكن بمقدور أحد معرفة التغيرات التي تحدث في موازين القوى ولا معرفة رأي الجمهور في المستجدات التي حدثت وتحدث في المنطقة العربية وهي أحداث ضخمة في حياة شعوب المنطقة ككل.
ميزة الانتخابات اللبنانية هي الشفافية  إذ لا يستطيع أحد تزوير إرادة الناخبين أو اللعب في صناديق الانتخاب وهذا ناتج عن الوضع الخاص بلبنان ، وفي هذه الانتخابات بالذات كان واضحاً هيمنة القوى والأحزاب السياسية على التقسيم الطائفي المعتاد.
ورغم العيوب الكثيرة للقانون الانتخابي المبني على أسس طائفية إلا أنه كان واضحاً وجود خطين متنافسين، كان لقوى المقاومة مرشحون في كل طائفة وكان لتيار المستقبل وحلفائه مرشحون منافسون لهم.
ورغم أن الهم الداخلي كان أحد مقاييس الناخب اللبناني بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها لكن الانتخابات كانت استفتاءً على خيارات سياسية في المنطقة.
كما انها تعتبر مؤشراً ونموذجاً للمزاج العام في المنطقة العربية ككل فالهم العربي واحد والمواطن العربي في الشرق الأوسط ككل يرى نفس الأخبار ويتأثر بالإعلام  الموجه له سلباً أو إيجابا ويحدد رأيه في الأحداث الجسام التي تتعرض لها المنطقة ككل.
وما يؤسف له أن انتخابات شفافة تعطي تلميحاً لتغير المزاج العربي، وتغير توجهاته السياسية لا نراها في كل الدول العربية ، فعلى سبيل المثال كانت انتخابات مجلس النواب الأردني ذات طبيعة محلية بحتة تغلبت فيها العشائرية نظراً لضعف الأحزاب السياسية فيه .
اما انتخابات الرئاسة المصرية فقد انتهت قبل أن تبدأ ، ففي العادة لا يحب الفرعون القابع على كرسي الحكم المنافسة على ما يعتبره حقاً شرعياً له .
وبهذا لا يكون أمامنا سوى انتخابات لبنان.
أكدت الجماهير أن حزب الله حزب سياسي ضمن التركيبة اللبنانية وقد دحضت بذلك الأنظمة العربية التي وصمته بالإرهاب، فمن نصدق رأي الجماهير أم رأي الأنظمة العربية؟
بل إن نجاح تيار المقاومة وحلفائه أثبت أن الشعب العربي لم تعد تنطلي عليه دعاية المد الشيعي المخيف الذي سيلتهم المنطقة بما فيها ، دعاية تم صرف المليارات من أجل تثبيتها في أذهان الشعوب . فقد شاهدوا ويشاهدون على أرض الواقع ماذا فعل المد الوهابي ومدى الدمار والتخريب الذي أحدثه في المنطقة ، ولمسوا ويلمسون التخلف المريع عندما سيطرت الفصائل الوهابية على بعض المناطق ومدى معاناة الناس من عقلية القرون الوسطى.
شاهدوا المستشفيات الإسرائيلية وهي تعالج جرحاهم لتدفعهم للقتل والتخريب ثانية.
وسيظل الموقف من إسرائيل هو البوصلة التي تحدد من يقف مع المستقبل المبني على المصلحة الحقيقية لشعوب المنطقة. وهذه الشعوب تدرك هذه المصلحة مهما حاول الإعلام غسل أدمغتها .
إضافة الى كون هذه الانتخابات  بين تيارين ، فإنه يمكن تلخيصها بأنها بين رجلين هما حسن نصر الله وسعد الحريري.
دفع حسن نصر الله بجنود المقاومة لتحرير لبنان من الإمارات الوهابية الصغيرة في جرود عرسال  وغيرها ، وأهدى النصر للجيش كي يكمل ما بدأه ، كانت عينه على مصلحة لبنان العليا ، وحدته وطابعه الفريد في المنطقة.
بينما قام رئيس وزراء لبنان السيد سعد الحريري بالاستقالة من خارج لبنان لزعزعة استقراره وتدمير تركيبة الفسيفساء التي تشكله.
لم يعرف تاريخ الشعوب منذ وجود منصب رئيس وزراء استقالة بدون سبب من خارج بلاده. ورئيس الوزراء خاصة في النظام البرلماني كما في لبنان ليس موظفاً عند الحاكم فهو يمثل البلد كله، ويجب أن يتمتع بشعور عال بالمسؤولية أي أنه يجب أن لا يخضع للإملاءات الخارجية مهما كان حجمها وقسوتها.
ولولا الموقف المسؤول والمشرف من رئيس الجمهورية ومن حسن نصرالله لما تم تحريره من معتقليه ، هؤلاء المعتقِلين (بكسر القاف) أنفسهم الذين كانوا يدعمون الإمارات الصغيرة في الجرود وهو نفسه الذي يشعر بالولاء لهم أكثر من ولائه لبلده لبنان. والغريب في أمر القوانين اللبنانية أن رئيس الوزراء يستطيع الاحتفاظ بجنسية بلد آخر، وربما يكون من المناسب الآن تغيير هذا القانون.
عاقب الناخبون سعد الحريري وتيار المستقبل عقاباً شديداً وانخفض وجودهم في البرلمان بنسبة لا يستهان بها.
وقد أشبع كثير من المحللين نتائج هذه الانتخابات وخطاب حسن نصر الله تحليلا ، ولكنهم لم يعلقوا على خطاب الحريري بهذه المناسبة.
في خطابه تعليقاً على الانتخابات قال الحريري : لقد واجهنا منافسينا باللحم الحي !!
احترت كثيراً في تفسير هذه العبارة الفخمة ، بالطبع يميل كتبة الخطابات ، خصوصاً اذا لم يكن هناك ايدلوجيا يتحلى بها صاحب الخطاب، الى وضع عبارات منمقة تبهر المستمعين. وعندما لم أستطع فهم العبارة خلصت الى أن الرجل وبدون قصد منه اخترع اسماً جديداً للدولار الأمريكي!
وكعادة السياسيين التقليديين في المنطقة لا بد من حشر إسرائيل لتحلية الخطاب ، فقد قال الحريري إن إسرائيل تبحث عن ذرائع لضرب لبنان وأن إسرائيل تهجم على الفلسطينيين ، ولم يكن هذا تحليلاً لنتائج الانتخابات بل تحلية لها.
وأجاب قائلاً إن لبنان هو النأي بالنفس، هذه العبارة التي يحلو له ترديدها رغم خلوها من المنطق ، فالمعتدي الذي يتربص بك ويريد أي حجة لضربك لا يمكن مواجهته بإدارة ظهرك له.
وأخيراً قال الحريري إن لبنان هو الحكومة وأن لبنان هو البيان الوزاري معتقداً أنه سيحكم بنفس الطريقة القديمة وبدون استخلاص للنتائج والعبر من درس الانتخابات.
لا يا سيد حريري لبنان هو الشعب اللبناني هو الجيش اللبناني هو المقاومة اللبنانية والتي لولاها وبفضل تحقيق الردع المتبادل لكنت محمود عباس آخر!

09 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: كيف تجرأ الصهاينة على المصريين؟

Seif_eldawla@hotmail.com
·       لماذا يتمادى السيسى فى الاستخفاف بمشاعرنا الوطنية، بسياساته التى تعتدى يوميا وتتناقض جذريا مع ثوابتنا الوطنية والقومية ومع كل مبادئ ومشروعات التحرر والتغيير التى تبنتها ثورة يناير وكل الثورات المصرية؟
·       وكيف يسمح للعدو الصهيونى أن يحتفل علنا فى وسط القاهرة وبالقرب من ميدان التحرير فى فندق ريتز كارلتون، بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين، ويعيدنا الى الوراء لاكثر من ثلاثين عاما، حين تمكن الشعب المصرى من قطع أرجل (اسرائيل) من المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، مما أدى الى القضاء تماما على اى محاولات للتطبيع الشعبى منذ ذلك الحين.
·       وكيف تجرأ الصهاينة على الظهور والتواجد علانية وسط أكثر المناطق المصرية ازدحاما، وهم الذين كانوا يتحركون دائما فى الخفاء وتحت الحراسة فى حماية جحافل من العناصر الامنية؟
  وكيف تجرأ ضيوفهم والمطبعون معهم من الشخصيات ورجال الأعمال المصريين، على ممارسة التطبيع الفاضح فى الطريق العام؟
·       ومن أين يستمد عبد الفتاح السيسى ونظامه ومؤسساته كل هذه الجرأة وكل هذا الجبروت على تحدى وايذاء مشاعر الملايين من المصريين؟
***
لا يمكن ان يكمن السر فقط فى الرضا الامريكى والدعم الاسرائيلى والكفالة السعودية والخليجية، ولا فى قوة بطش اجهزة الامن وقبضتها الحديدية.
وإنما جزء كبير من المسئولية يقع علينا نحن أيضا، حين صمتنا عن توجهاته المنحازة لاسرائيل التى ظهرت للعيان بوضوح منذ عام ٢٠١٤، وحين قمنا منذ سنوات طويلة بتهميش قضية الصراع العربى الصهيونى والنضال ضد كامب ديفيد ونظامها، وتجاهلنا إعادة إنتاجها، التى تجرى اليوم على قدم وساق، تحت الشعارات الوطنية الزائفة التى خدعوا بها قطاعات واسعة من المصريين.
***
·       ان تدنيس العدو الصهيونى، لقلب القاهرة بالاحتفال بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين، ليس سوى نتيجة طبيعية ومتوقعة وامتدادا لسياسات كثيرة ومتلاحقة كانت تحدث امام اعيننا وتحت أبصارنا منذ بضعة سنوات، ولكننا صمتنا عنها، فازدادوا جرأة وتوغلا فى تأسيس علاقات وصفقات جديدة من التطبيع والتنسيق بل والتحالف:ـ
·       صمتنا على الانحياز المصرى الرسمى لاسرائيل فى عدوانها على غزة عام 2014 والذى أوقع ما يزيد عن ألفى شهيد.
·       وصمتنا عن مطالبته عام 2015 بتوسيع السلام مع (اسرائيل) من أجل مواجهة المخاطر المشتركة.
·       وصمتنا عن اخلاء الحدود الدولية لإقامة المنطقة العازلة التى هى بالأساس مطلبا اسرائيليا قديما رفضه مبارك مرارا وتكرارا.
·       وصمتنا عن اعادة فتح السفارة فى الذكرى الرابعة لإغلاقها على أيدي شباب الثورة.
·       وصمتنا عن لقاءات السيسى ونتنياهو السرية فى الاردن وفى القاهرة، التى أعلنت عنها الصحف العبرية ولم تنفها او تكذبها رئاسة الجمهورية
·       وصمتنا عن قرار السيسى بسحب قرار ادانة المستوطنات الاسرائيلية من مجلس الامن بناء على طلب ترامب.
·       وصمتنا عن الحملات الاعلامية المصرية الدائمة لتشويه وشيطنة كل ما هو فلسطينى.
·       وصمتنا عن خطاباته المتكررة عن روعة السلام مع (اسرائيل) وعن عبقرية السادات وعن الاشادة بنتنياهو ومطالبة الشعب الاسرائيلى بالالتفاف حوله، وعن شيطنته للفلسطينيين واتهامهم بأنهم العقبة امام السلام فى خطابه الاخير بالأمم المتحدة.
·       وصمتنا عن صفقة استيراد الغاز من (اسرائيل).
***
حين صمتنا عن كل ذلك وغيره الكثير، من العلامات والاشارات والسياسات والتصريحات والمواقف التى ظهرت منذ اللحظات الاولى، فاننا إنما كنّا نساعد من حيث لا ندرى على تدعيم وتثبيت وتقوية اختراقهم وتواجدهم ونفوذهم فى مصر.
فلا تلوموا السيسى وحده، فلقد كان واضحا منذ البداية، وإنما علينا ان نلوم أنفسنا ايضا، حين تركناه يفعل ما يريد حتى استفحل الامر وفاق كل الحدود.
ليس هذا تأنيبا او توبيخا لأحد لا سمح الله، وإنما هى دعوة للعودة الى برنامج "العمل الوطنى الأصلى" ولإحياء كل حركات النضال المصرية العريقة ضد الصهيونية واسرائيل وكامب ديفيد، والعمل على التصدى العاجل والمستمر للمد الصهيونى فى مصر.
*****
القاهرة فى 9/5/2018

04 مايو 2018

محمد سيف الدولة يكتب: حُماة الأمة الحقيقيون

ان المدافعين عن الامة وطنا وشعبا، من خارج مؤسسات الدولة ومن خارج سلطات الحكم، هم الأصل والأغلبية، وهم الأكثر تأثيرا فى حياتنا المعاصرة وفى تاريخنا الحديث.
فدورهم لا يقل، بل يتفوق على دور الجيوش فى الدفاع عن ارض الوطن وحماية الحدود؛
· يقف كل منهم على ثغر من ثغور الحضارة والهوية والثقافة والعلوم والفكر والوعي ومنظومة القيم والاخلاق والمبادئ والثوابت، يدافع عنه ويحميه، ليس فقط فى مواجهة الأعداء الخارجيين، بل وهو أشد خطورة، فى مواجهة سلطات الحكم ويدها الباطشة، حين تتخلف عن اداء دورها جهلا أو جبنا او عجزا او خيانة او تبعية أو تواطؤ او استبدادا … الخ
· فحينها يحمل المفكرون والمناضلون الوطنيون، أكفانهم على اياديهم، ليسدوا الثغرة التى تم تجريدها من حماية الدولة ومؤسساتها.
· والأمثلة كثيرة وعديدة تقدر بآلاف مؤلفة من المواطنين، بعضهم مشهور ومعروف ولكن الغالبية منهم مجهولة، ربما بحكم أن القضايا التي وهبوا أنفسهم للذود عنها لا تدخل فى اهتمامات الرأى العام، وربما بسبب ظروف وبيئة المعارك التى خاضوها.
· لقد استطاعوا بتصديهم ودفاعهم عن ثغور كثيرة ومتعددة، ان يسلحوا مصر وشعبها على مر العقود بمناعة وطنية صلبة، لولاها لما صمدت امام الاختلال الهائل لموازين القوى العالمية والاقليمية.
· ان مثل هؤلاء هم من يطلقون عليهم القوى الناعمة لمصر، ولكنهم فى تصورى هم قوتها الصلبة الحقيقية، لان الجيوش فى كل بلاد العالم كثيرا ما تتعرض لانتكاسات وهزائم وانحرافات كما انها غالبا ما تكون تحت قبضة الحاكم، يوظفها ويوجهها كما يشاء، لصالح الامة أو ضدها.
· اما من نتحدث عنهم، فانهم بحكم استقلالهم عن السلطة، واعتزازهم بأنفسهم، ووقوفهم على قاعدة صلبة من العلم والمعرفة والوعي والاخلاق والعزة والكرامة والشجاعة، فانهم دائما ما يبنون ويؤسسون ويراكمون فى الاتجاه الصحيح. (اللهم اجعلنا من خلفهم الصالح).
· وقائمة حراس وحماة الأمة خلال القرنين الماضيين قائمة طويلة، سأضطر بحكم ضيق المساحة أن انتقى منها عينة صغيرة جدا، من باب التأكيد على الفكرة والمعنى وكذلك للاحتفاء والتقدير، بالإضافة الى اهمية توعية والهام الاجيال الجديدة. وسأختارهم ممن لن تكن لهم اى علاقة بالسلطة او ممن لم يخشوا الخلاف والصدام معها حين كانوا على قوتها:
· محمد كُرَّيم وعمر مكرم وعبد الله النديم ومصطفى كامل ومحمد فريد.
· سليمان الحلبي وابراهيم الرفاعى وعبد المنعم رياض وسليمان خاطر ومحمود نور الدين وسعد حلاوة.
· عبد الرحمن الجبرتى ورفاعة الطهطاوي وعبد الرحمن الرافعى ومحمد شفيق غربال وحسين مؤنس ويونان لبيب رزق ورؤوف عباس.
· مصطفى صادق الرافعى ومصطفى لطفي المنفلوطى وعباس العقاد وطه حسين واحمد امين.
· محمد عبده ومحمد ابو زهرة ومحمد الغزالى وصلاح ابو اسماعيل.
· جمال حمدان وعصمت سيف الدولة وعبد الوهاب المسيرى.
· حامد ربيع وامين الخولى واحمد فؤاد الاهوانى ومصطفى سويف ولويس جريس.
· بنت الشاطئ وعزيزة حسين ونعمات أحمد فؤاد.
· مصطفى مشرفة وسميرة موسى ويحيى المشد واحمد مستجير ورشدى سعيد.
· مكرم عبيد وفتحى رضوان واحمد حسين وابراهيم شكرى وحلمى مراد وفريد عبد الكريم ومحمود القاضي وميلاد حنا.
· زكى نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي وفؤاد زكريا.
· عبد الرزاق السنهورى وممتاز نصار ويحيى الرفاعى.
· نبيل الهلالي وعبد العزيز الشوربجى ومحمد عصفور.
· محمد ابراهيم كامل.
· شهدى عطية وزكى مراد ومحمود امين العالم ومحمد يوسف الجندى.
· عبد الحكيم الجراحى واحمد عبد الله رزة وسهام صبرى.
· احمد بهاء الدين ورجاء النقاش وسلامة احمد سلامة.
· جلال عامر ومحمود السعدنى.
· سلوى حجازى وامانى ناشد وليلى رستم.
· محمد طلعت حرب واسماعيل صبرى عبد الله وفؤاد مرسى وعادل حسين ومحمود عبد الفضيل.
· نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وابراهيم عبد القادر المازنى ويحيى حقى ويوسف ادريس ورضوى عاشور واحمد خالد توفيق.
· بيرم التونسى وأمل دنقل (لا تصالح) وصلاح عبد الصبور وصلاح جاهين وفؤاد حداد ونجيب سرور وعبد الرحمن الأبنودي واحمد فؤاد نجم.
· محمود مختار ومحمود سعيد ومحمد محمود خليل، وحجازى ومحيي الدين اللباد (كاريكاتير).
· سيد درويش والشيخ امام وام كلثوم واحمد رامى.
· نجيب الريحاني وعبد الفتاح القصرى واسماعيل ياسين واستيفان روستى وعبد السلام النابلسى وصلاح أبو سيف وتوفيق صالح وفاتن حمامة ومحمود المليجى وحسين رياض واحمد زكى، يوسف شاهين واحمد مظهر وحمدى غيث فى (الناصر صلاح الدين)، ومحمود عبد العزيز فى (رأفت الهجان والكيت كات)
· اسامة انور عكاشة ومحمد صفاء عامر.
· المهندسان حسن فتحى (عمارة الفقراء) وعلى صبرى (السد العالى).
· وآلاف غيرهم.
***
· فى البداية ترددت كثيرا قبل ان اكتب أى أسماء، خشية من أن أثقل على القارئ الذي غالبا ما يفضل النصوص والمقالات القصيرة، ولكننى اخترت ان أكتبها رغم كل شئ بهدف تجسيد الفكرة، ولكي نتخيل معا كيف ستكون حياتنا فارغة وتاريخنا ضحل لو لم يكن مثل هؤلاء جزء منها، رغم ان الغالبية العظمى منهم كانوا من خارج مؤسسات الدولة ومستقلين عنها.
· هذا بالإضافة الى ان الأمم دائما ما تكرم وتحتفى وتتباهى بمبدعيها. لأننا قد لا نجد فروقا كبيرة بين كافة شعوب العالم اذا كان مجال التقييم والقياس والمقارنة يتعلق بانجازات مفكريها ومبدعيها من صناع الحضارة، ولكنها تنقسم الى دول كبرى متقدمة، ودول عالم ثالث متخلفة اذا كانت المقارنة تتعلق بقوة الدولة ومؤسساتها.
· وبقول آخر، تحتل القوى الناعمة والمدنية، نفس المكانة والمرتبة مع مثيلاتها فى الدول المتقدمة والكبرى. بعكس المؤسسات الرسمية داخل دول العالم الثالث، التى تحتل عادة المراكز الاخيرة فى غالبية المجالات، بسبب عوامل كثيرة من اهمها عصر الاحتلال الاجنبى الطويل قبل الاستقلال وعصور التبعية والاستبداد والفساد بعد الاستقلال.
وهو ما يفرض حتمية تثمين وتأمين وحماية ورعاية ودعم وتشجيع وتطوير وتوسيع قوانا الناعمة. بدلا من نبذها وحصارها وتشويهها وتقييد حريتها.
***
· لقد كانت هذه عينة ضئيلة جدا من قائمة حراس وحماة وبناة مصر الراحلين، وسنجد مثلهم لا يزالون احياء بيننا يرزقون، لم أرغب فى الاشارة إليهم حتى لا أظلم أحدا منهم. كما سنجد آلافا مثلهم فى باقى أقطار الأمة العربية نهلنا من علمهم وتأثرنا بافكارهم وأُلهِمنا بمواقفهم، ناهيك بالطبع عما تلقيناه من علم ومعارف وما خبرناه من تجارب تنتمى الى التراث الانسانى بمجمله.
· كما يستطيع كل منا أن يعد ويكتب قائمة مماثلة، يضيف اليها أو يحذف منها من يريد. ولكن المغزى من كتابة هذه السطور، هو اعادة الاعتبار لقوة مصر المدنية والناعمة المستقلة عن أروقة ومؤسسات السلطة ودوائر الحكم. خاصة فى ظل ما تتعرض له فى السنوات الاخيرة من محاولات للإنكار والطمس والتشويه والحصار والاجتثاث، واتهامها بالتخلف وعدم الجاهزية، وحظر غالبية عناصرها من الكتابة فى الصحف والمشاركة فى المنابر الاعلامية او الحياة السياسية.
· ولا أزال أتذكر ما قاله "عبد الفتاح السيسى" فى حواره مع "ياسر الرزق" عام 2014 من ان المدنيين كادوا ان يدمروا الدولة وانهم جاهلون بشئون الحكم وان عليهم ان يتدربوا خلال الـ 15 سنة القادمة "على الأقل" تحت ادارة ورعاية واشراف القوات المسلحة، حتى يتمكنوا من المشاركة فى الحكم بعد عمر طويل.
· ثم قالها مرة اخرى فى شهر يناير الماضى بمناسبة افتتاح حقل ظهر حين هاجم السياسيين واتهمهم بالجهل وبعدم صلاحيتهم للمشاركة فى صناعة القرار او حتى ابداء الرأى أو النقد، فقال: "انا مش سياسى .. وناس لا تفقه شيئا فى مفهوم الدولة ويريدون ان يتكلموا."
· ولا أظنها وجهة نظره وحده، بل هى على الأغلب تمثل قناعة راسخة ومستقرة لدى كل النافذين فى الدولة ومؤسساتها منذ زمن بعيد.
*****
القاهرة فى 4 مايو 2018