يقول الصحافي البريطاني روبرت فيسك في مقال له في صحيفة "إندبندنت" إنه تم التأكد من صحة ما جاء في المحادثات التي جرت قبل عامين، وإنها تقدم دليلا على أن الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين مرسي، قد تمت الإطاحة به بطريقة غير دستورية عام 2011، وهي حقيقة يحاول الحكام الجدد إنكارها.
ويضيف الكاتب أن الأشرطة تقدم قراءة واضحة، حيث ناقش الجنرالات والمسؤولين الكبار في الحكومة، العاملين تحت إمرة المارشال عبد الفتاح السيسي، الحاجة لبناء جناح كامل إلى جانب السجن العسكري، الذي يحتجز فيه مرسي، تحرسه شرطة مدنية، ووضع علامات على الباب والواجهة تؤكد أنه سجن مدني؛ لخداع القضاة والمحامين.
ويتابع فيسك: "لقد تم احتجاز مرسي بعد الإطاحة به بطريقة غير قانونية في قاعدة أبو قير البحرية، ولعدة شهور، بحسب ما يقوله محامو الرئيس السابق، وذلك قبل نقله إلى سجن مدني. وفي جزء من الشريط (المسرب) طلب رجل تم التعرف عليه، وهو الجنرال ممدوح شاهين، مساعد السيسي للشؤون القانونية والدستورية، من مسؤول تغيير تاريخ سجن مرسي وتبكيره عن الوقت الحقيقي، مضيفا (أحتاج لذكر البناية، ولكن لن نذكر أنها داخل وحدة عسكرية)".
ويفيد الكاتب بأن المسؤولين "ناقشوا طويلا الحاجة لبناء سجن مزيف إلى جانب القاعدة العسكرية، ولوضع عناصر شرطة بدلا من الجنود أمامه؛ من أجل إعطاء انطباع أن مرسي محتجز بطريقة قانونية".
ويعلق فيسك على الطريقة التي "شجب فيها الخليفة الرئاسي لمرسي -السيسي نفسه- واعتبرها مزيفة. ولكن المحامين، الذي يرافعون نيابة عن حزب الرئيس مرسى (المحظور الآن) حزب الحرية والعدالة، وبعض المصريين في المنفى من المتعاطفين مع الإخوان المسلمين، قاموا بإرسال نسخ من التسريبات إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، التي وقعت مصر على ميثاقها، بعد أن قام باحثون علميون بفحصها وأكدوا صحتها".
وقام مخبر علمي فرنسي بتحليل الكلام والصوتيات "جي بي أسوسييتس"، الذي حصلت "إندبندنت" على نسخة منه، وجاء فيه: "من وجهة نظرنا فالدليل يقدم دعما قويا بأن المتحدث المعني هو ممدوح شاهين". وقال الباحثون العلميون في الشركة إنهم قاموا بمقارنة صوت الرجل المعني في الشريط، وهو شاهين، بكلامه وخطابه العامة ومؤتمراته الصحافية.
ويبين التقرير أن المحامي رودني ديكسون، الذي يرافع عن أفراد في حزب مرسي، الذين فروا إلى لندن وأوروبا بعد الانقلاب، يقول إنه تم إرسال أشرطة للشرطة البريطانية؛ لأن الضباط المصريين الذين يسافرون إلى بريطانيا قد يواجهون إمكانية الاعتقال لتورطهم في التعذيب ومعاملة السجناء بطريقة سيئة.
وتنقل الصحيفة عن ديكسون قوله: "تظهر الأشرطة أن النظام القضائي (في مصر) لا يعمل بناء على أسس جيدة من العدالة والقانون الدولي". وأضاف أن "الأشخاص المتحدثين في الأشرطة يحاولون بناء حالة لا يمكن فحصها أمام المحكمة، فقد تم التلاعب بالعملية من أجل أغراض سياسية".
ويرى فيسك أن محللي الأشرطة الفرنسيين كانوا حكماء عندما لم يقدموا رأيا في مطالب رجال السيسي، التي تعبر عن الذعر والفرح في الوقت نفسه، من أجل إخفاء مكان سجن مرسي. ويسمع أحد المسؤولين وهو يقترح إقامة بناء يشبه المكان الذي يعتقل فيه الرئيس مرسي، وفي جزء من النقاش، تقترح أصوات أن " نبني سورا يفصل بين السجن والوحدة العسكرية علشان لو حد جه يصور، ونفصل الباب ونكتب عليه (وزارة الداخلية) أو شيء مثل هذا". ويسمع صوت آخر يقول: " يا رجال، يجب أن نبني البناية".
ويمضي فيسك قائلا: "المشكلة التي ظهرت هي مطالبة محامي مرسي رؤية سجنه، ويقول أحدهم (يريدون تفتيشه)، وحدث نقاش حول ما إذا كان يجب أن يكون لزنزانته مدخلان؛ واحد للشرطة وآخر للجيش. ويرد صوت (نعم أستطيع عمل هذا مثل أن يكون هناك باب لقوات الأمن المركزي، وآخر للوحدة العسكرية). ويقول صوت آخر: (أنا أفترض أسوأ السيناريوهات وهو حدوث تفتيش) أي من قبل المحامين".
ويجد الكاتب أنه لو كشف أمر كهذا فستنهار الحالة "القانونية" التي يحاول الانقلابيون بناءها. ويقول أحد المتحدثين في الشريط إن سجن مرسي منذ الانقلاب في يوليو سيكون غير قانوني لو كشف عن الأمر. وتم إرساله في مرحلة لاحقة، أي مرسي، إلى سجن طرة، حيث يواجه اتهامات بالتحريض على قتل المتظاهرين وإهانة القضاء والتجسس.
ويرى فيسك أن ما يقدمه الشريط خطير؛ لأنه يكشف عن محاولات مسؤولي الحكومة التلاعب بالنظام القضائي "لأنه لو ثبت أن احتجاز مرسي كان غير قانوني، فإنه يمكن إثبات أنه كان سجين الجيش لا النيابة المصرية العامة. وعندها لن يستطيع السيسي وزملاؤه الإنكار أمام الرؤساء الأجانب والدبلوماسيين أنهم لم يقوموا بانقلاب عسكري".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق