الطغاة يحترفون صناعة الانتظار لأجل أمل لا يأتي أبدًا.. فهم ينتعشون في فترات الانتظار ويختبئون لحظة تفجر الأمل الحقيقي كاختبائهم في 25 يناير.
ولكي تنشغل الشعوب عنهم، يُلقون إليهم بدمية من البلاستيك يسمونها أمل... يتغير لونها مع كل ضوء جديد لنهار يبدأ بمآسٍ وينتهي بمعاناة.. حتى تظنّ ان الأصل في الحياة هو المعاناة والانتظار لأجل أمل لا يأتي أبدا.. وتمضي وقتك في التلهي بالأمل البلاستيك..
ففي عصرهم عليك أن تفوّض جنرالا لا يعرف إلا القتل ليرتكب مزيدا من القتل منتظرا أن يأتي من وراء ذلك الأمل.. فإذا لم يأت القتل بأمل.. عليك أن تنتظر أن يتحول نفس الجنرال إلى رئيس دولة ليُرسي الأمن ويجلب الرخاء.. فإذا لم يأت بخير عليك أن تنتظر دعم الخليج لنفس الجنرال.. حتى إذا تبدد الدعم وتبخرت المليارات..عليك أن تنتظر المؤتمر الاقتصادي الذي يدعو إليه الجنرال..
فإذا فشل فإن الفرج سيأتي مع مجلس النواب المُعلب والمرصع برجال من جواهر عصر مبارك.. فإذا جاء بنقمٍ وكوارث جديدة، عليك أن تنتظر تعديلا دستوريا يجريه نفس الجنرال ليمد فترة حكمه لأن 4 سنوات غير كافية لعبقري مثله لإنجاز مشروعه التاريخي.. فإذا مد فترة رئاسته عليك أن تنتظر أن يبدأ مسيرة إصلاح للبنية التحتية التي لا تراها من المهد إلى اللحد إلا منهارة.. حتى إذا انتهى منها بكوارث تحتية وفوقية.. عليك أن تنتظر حلول حاشيته المبتكرة والتي ربما تكون بيع الأجواء والهواء والبحار والممرات المائية بعد أن باع هو وسلفه مبارك كل مصنع وكل شركة فيها الرمق، وكل قطعة أرض جرى تسقيعها؛ بل وباع ماء وجه مصر للتسول باسمها وبددد ما تسوّله فيما لا تعرف ولن تعرف..
ثم ربما يدفعك اليأس.. أو ربما التعود إلى الاكتفاء بالامل البلاستيك..
لا تستمع أبدا لأمل كاذب يرسل به طاغية لا يسمح لك بأن تعرف أو تراقب أو تتكلم.. وإنما يسمح لك فقط بأن تسمع وتبتلع وتصدق ما تسمعه بلا مراجعة.. وإلا فإنك عدو يمكن قتلك في مظاهرة أو في إضراب أو في ملعب كرة قدم أو بمرض لم يعد يقتل إلا في بلاد الجنرالات.. أو في غربتك بحثا عن مصدر رزق أو في محاولتك عبور البحر للشمال الغني الديموقراطي محب الحرية داخل حدوده والمدافع عن حكم الجنرالات خارجها..ليس لك إلا ثورتك أن تستمر فيها لتغير المعادلة.. فأنت السيد.. فكيف تقبل أن تكون عبدا..؟!
وأنت أساس الدولة.. فكيف ترضى أن تكون حطبا في أفران غاز يتغذى عليها جبروت طاغية..؟!
وأنت من يصنع الأمل في الشوارع والميادين.. فكيف تقبل بأن يخدعوك بأمل كاذب وأنت جالس خلف شاشات تلفزيون مملوك لأحد أذرع الطاغية..؟!
الأمل الأصلي من الذهب والمرمر ودماء الشهداء.. أنت صنعته في 25 يناير.. ويمكن أن تستعيده بإسقاط من يجاول سرقته.. لا تفرط فيه.. فما زالت موازين المعادلة لصالحك فلا يخدعنك برسائل إحباطه ولا بدميته المزيفة..
السؤال..من يكتفي بالأمل البلاستيك؟!
ومن ينضم للمتمسكين بالأمل الذهب؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق