لم يلمس المواطن المصري أثرًا في تحسين أحواله المعيشية، رغم ما أعلِن عنه من دعم خليجي بعد الانقلاب العسكري في يوليو2013.
وجاءت بيانات الحساب الختامي لوزارة المالية المصرية لعام 2013/2014 لتفضح إخفاء بيانات تخص التصرف في أموال الدعم الخليجي، لكن الباحثين والسياسيين لم يعيروا هذا الأمر الاهتمام اللازم.
التسريب الأخير الذي نشر الحديث الدائر بين قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي ومدير مكتبه، كشف أن الدعم الخليجي بلغ 30 مليار دولار نقدًا، بالإضافة لبعض المبالغ الصغيرة لصالح البنك المركزي المصري.
الخبراء يبينون بالأرقام أن ما تضمنته الموازنة العامة للدولة من أموال الدعم الخليجي، وفي ضوء ما تضمنه من رقم 30 مليار دولار، لم تستفد منه الموازنة العامة إلا بثلاثة مليارات دولار فقط.
وهذا الأمر يفتح الباب لكثير من التساؤلات حول مصير هذه الأموال، وخاصة أن الجيش المصري حظي بسيطرة أكبر على مقدرات الاقتصاد المصري بعد الانقلاب العسكري، من سيطرته على بعض الموانئ، وتخصيص الكثير من الأراضي لأغراض اقتصادية، واستحواذه على تنفيذ الكثير من المشروعات الحكومية، فضلا عن زيادة اعتماداته بالموازنة العامة للدولة للعام المالي 2014/2015.
تغول الجيش اقتصاديا
المهندس أشرف بدر الدين -وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان سابقا- صرح بأن الجيش المصري أصبح دولة داخل الدولة، وأصبح تغوله الاقتصادي باديا للعيان. ولم يعد يعير أي مؤسسة مالية أو غيرها أي اهتمام، وهو ما دل عليه التسريب الأخير.
ويضيف بدر الدين أن بيانات الحساب الختامي للعام المالي 2013/2014 تبين أن إجمالي المساعدات والمعونات الخارجية بلغ 74 مليار جنيه مصري، منها 53 مليار جنيه مساعدات في صورة مشتقات بترولية، و21 مليار جنيه مساعدات نقدية.
ويفسر بدر الدين قيمة المساعدات النقدية، بأنها أقل من ثلاثة مليارات دولار حسب السعر الرسمي للدولار خلال عام 2013/2014، أي أن حجم المساعدات النقدية بالموازنة لم تتعد 10% من إجمالي المساعدات النقدية للخليج والبالغة حسب ما جاء في التسريب الأخير 30 مليار دولار.
ويوضح بدر الدين أنه في ظل هذا الدعم الخليجي كان يفترض إنعاش الحياة الاقتصادية للمواطنين. لكن ما حدث عكس ذلك، حيث تم تخفيض بند الدعم في الموازنة بـ41 مليار جنيه مصري، وتم زيادة أسعار الوقود، وما تبعها من ارتفاع معدلات التضخم.
ويطالب بدر الدين بمحاكمة من قاموا بإخفاء هذه الأموال عن الشعب، وضرورة مطالبتهم ببيان صرف هذه الأموال، وغيرها من الأموال التي تم إنفاقها في الموازنة العامة، مثل معونة الخليج الأولى الخاصة بعام 1992، والمقدرة بعشرة مليارات دولار.
فقدان المصداقية
أما الخبير الاقتصادي محمود عبد الله فصرح بأن ما حدث مؤخرًا من ذكر للأرقام الحقيقية للدعم النقدي الخليجي لمصر بعد الانقلاب العسكري، يجعل الباحث والمعني بالشأن الاقتصادي المصري يفقد المصداقية في أي بيانات حكومية تخص الاقتصاد المصري.
وأضاف أن السيسي صرح إبان حملته الانتخابية بأن مساعدات الخليج زادت عن 22 مليار دولار، "لكننا اعتبرنا أن المساعدات النفطية جزء من هذه المساعدات، إلا أن التسريب يظهر عكس ذلك، حيث قدر التسريب المساعدات النقدية فقط بـ30 مليار دولار".
وبسؤال عبد الله عن أوجه صرف هذه المساعدات من قبل الجيش، أجاب بأن الجيش في مصر يتمتع بخصوصية عدم مناقشة موازنته. وتأتي موازنة الجيش في إطار ما يعرف بـ"موازنة السطر الواحد"، أي أن ما تتضمنه الموازنة عن أمور الجيش المالية مجرد رقم إجمالي دون أية تفاصيل، وبالتالي سيكون مصير أموال دعم الخليج لمصر بعد الانقلاب مبهمًا، ولن يعرف أحد مصيرها سوى من استلموها وقاموا بالتصرف فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق