27 يوليو 2022

محمد سيف الدولة يكتب: ماذا تدبر (اسرائيل) لمصر؟(تقرير موثق)

Seif_eldawla@hotmail.com

فى الاسابيع القليلة الماضية قام عدد من الكتاب الاسرائيليين والامريكيين بكتابة ونشر عدد من المقالات والدراسات التى تحرض ضد مصر، وبالتحديد ضد انشطتها العسكرية فى سيناء، وتدعو الى ضرورة انذار الادارة المصرية بضرورة التوقف عما تقوم به من زيادة وجودها العسكرى فى سيناء، والى التراجع عما قامت به حتى الآن بالمخالفة للترتيبات والقيود الامنية المفروضة على مصر فى اتفاقيات كامب ديفيد، وان يتم إبلاغها بان وضع القوات المصرية وانتشارها وتحصيناتها وتسليحها القائم الآن بموافقة (اسرائيل) أو بدونها، يجب أن يعود الى ما كان عليه بعد القضاء على الارهاب.

وسأعرض فيما يلى ما ورد فى اربعة من المصادر الامريكية والاسرائيلية، أخطرها هو المصدر الوارد تحت البند رابعا، والذى يتضمن فيديو اسرائيلى تحليلى يكشف الرؤية والادعاءات الاسرائيلية "الوقحة" بتنامى الوجود العسكرى المصرى فى ارض سيناء "المصرية"!

***

أولا ـ مقال "ديفيد شينكر" (1) المنشور فى موقع معهد دراسات الشرق الأدنى بتاريخ 3 يونيو 2022، بعنوان "إعادة عسكرة سيناء في مصر قد تُفجّر الوضع في المستقبل" (2) وكان مما ورد فيه ما يلى:

· من الضروري أن تسمع القاهرة من إسرائيل والولايات المتحدة و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين" أن انتهاكاتها الأمنية تقوّض السلام بين مصر وإسرائيل.

·فعلى مدى 45 عاماً تقريباً، أدت القيود التي فرضتها المعاهدة على الوجود العسكري المصرى في سيناء(3) إلى تعزيز السلام. وإذا لم يتم التراجع عن الانتهاكات المصرية فقد تهدد الأحكام الأساسية في الاتفاقية وتعرّض سلامة المعاهدة للخطر مع مرور الوقت.

·  لقد حققت البنود الأمنية هدفها المحدد وهو: إبقاء جيشَيْ الطرفين بعيدَين عن بعضهما البعض، وتوفير إسرائيل بالعمق الاستراتيجي والإنذار المبكر.

· وعلى الرغم من أن العسكرة الحالية لسيناء تأتي في وقتٍ تسود فيه علاقات ممتازة بين مصر وإسرائيل، إلّا أن التاريخ يشير إلى أن ذلك قد يتغير بسرعة.

·  لقد كان الغرض من الملحق الأمني في معاهدة السلام هو توفير جدار حماية ضد أي تحوّل سلبي غير متوقع مثلما حدث في الثورة المصرية المعادية لإسرائيل.

· تنشر مصر اليوم في سيناء وبموافقة اسرائيل، ضعف عدد القوات المسموح به في معاهدة السلام على الأقل، ويعمل نصف هؤلاء في مناطق محظورة. وهؤلاء الجنود مجهزون بالمدفعية والمركبات التي لا تسمح بها المعاهدة.

·ومع ذلك، هناك سبب وجيه يدفع إلى الحيلولة دون تحوّل التعاون القائم اليوم إلى أمرٍ سيتسبب غداً بالمشاكل. فكلما طالت مدة بقاء القوات المصرية الإضافية في سيناء، ستزداد صعوبة العودة إلى القيود التي فرضتها المعاهدة.

·أن هناك تطورات أخرى مثيرة للقلق وأبرزها هو ما فعلته مصر من دون موافقة إسرائيل، بما في ذلك بناء قواعد ومطارات عسكرية.

· ان مصر تفرض على الأرض في سيناء حقائق سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إبطالها.

· من الضروري أن تسمع مصر من إسرائيل والولايات المتحدة و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين" أن انتهاكاتها الأمنية تقوّض اتفاقية السلام، وانه يتوجب عليها الكف عن بناء قواعد إضافية تنتهك المعاهدة.

· كما ان على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تحثّا مصر على تقليص وجود قواتها في سيناء لتبلغ المستويات التي تتماشى مع المعاهدة. 

***

ثانيا ـ ولقد عاد ذات الكاتب لتكرار تحريضه فى مقال آخر بتاريخ 7 يوليو 2022 فى موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، بعنوان "التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية بشأن تيران وصنافير"(4) كان مما ورد فيه ما يلى:

·على الإدارة الأمريكية أن تحرص على ضمان محافظة أي اتفاق مع الرياض على الترتيبات الأمنية البالغة الأهمية في المنطقة المنصوص عليها في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

· ويناقش المسؤولون في مصر وإسرائيل وواشنطن و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" والرياض أفضل السبل لنقل الجزيرتين إلى عهدة السعودية دون المساس بالضمانات الأمنية لإسرائيل المنصوص عليها في اتفاقيات كامب ديفيد.

· على واشنطن أن تطلب من مصر تزويد "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" بالتصاريح وأشكال الدعم اللوجستي الضرورية لإقامة نقطة مراقبة في جنوب سيناء تطل عبر المضيق باتجاه السعودية.

·  ان المجتمع الدولي لا يزال يشعر بأنه ملزم بمراقبة نزع السلاح في سيناء وحرية الملاحة عبر المضيق. ووفقاً لذلك، تمركزت عناصر عسكرية ومدنية من 12 دولة في كل من شبه الجزيرة وتيران تحت رعاية "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"

· ويمثل الوضع الراهن المتغير فرصة أيضاً لتجديد التزام الولايات المتحدة بـ "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"، التي عززت الثقة في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لأكثر من أربعة عقود.

·لم تكن العلاقات بين القاهرة والقدس أفضل من أي وقت مضى، لكن بإمكان تقويض البنود الأمنية للمعاهدة في المستقبل بسبب تزايد عسكرة مصر لسيناء، من بينها تواجد قوات ومعدات وأنشطة البناء العسكرية التي تنتهك الملحق الأمني لـ "اتفاقيات كامب ديفيد".

·وتهدف هذه الجهود إلى محاربة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" لكن مع زيادة فعالية مصر في احتواء تهديد الإرهاب في سيناء، على واشنطن أن تحث القاهرة على إعادة نشر القوات والمعدات الزائدة غرب قناة السويس

فمنذ ما لا يزيد عن عقد من الزمن، تعرضت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل للاختبار عندما أدى "الربيع العربي" إلى انقسامات دبلوماسية خطيرة بين البلدين.

***

ثالثا ـ وفى ذات الاتجاه كتب "اسحاق ليفانون" السفير الإسرائيلى الأسبق في القاهرة من نوفمبر 2009 حتى ديسمبر 2011، مقالا بجريدة معاريف الاسرائيلية بتاريخ 18 يونيو 2022 بعنوان "سيناء أولًا: هكذا تقضم مصر اتفاق السلام مع إسرائيل" (5)، كان مما ورد فيه ما يلى:

· على الرغم من التعاون الممتاز بين إسرائيل ومصر، فإن الواقع العسكري الذي نشأ اليوم في شبه جزيرة سيناء بهدف مكافحة الإرهاب هناك، يتعارض مع تفاصيل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين.

· العلاقات الجيدة جدًا القائمة اليوم بين إسرائيل ومصر تُّغيب عن أعين الجمهور الانشطة العسكرية التي تقوم بها القاهرة في شبه جزيرة سيناء. يتم تنفيذ هذه الانشطة بموافقة إسرائيل وأيضًا بدون موافقتها. حقائق جديدة خلقت على الأرض، ويعتقد الكثيرين أنه لا يمكن العودة عنها.

·في اتفاق السلام بين البلدين، وضع الملحق العسكري للاتفاق قيودا على حجم القوات على الحدود بالقرب من إسرائيل واقتصر الانتشار على وجود قوة شرطية محدودة التسليح. بعد الثورة المصرية عام 2011 وانتشار تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، طلبت مصر تعزيز القوات العسكرية لمحاربة الإرهاب. واسرائيل وافقت.

· بحسب رئيس الأركان المصري (6)، فإن قرابة 24 ألف جندي يحاربون الإرهاب في شمال شرق سيناء. ولكن هناك 20 ألف آخرين منتشرين في جميع أنحاء شبه الجزيرة. منذ أن طلبت مصر الحصول على موافقة إسرائيل على إرسال قوات إلى سيناء لمحاربة الإرهاب، قبل أكثر من عقد من الزمان، بدأت الطلبات تتضاعف. وافقت اسرائيل على جميع هذه الطلبات لأنها تريد الهدوء على حدودها الجنوبية وعلى حدود غزة.

·لقد تم انتهاك الملحق العسكري لاتفاقية السلام لعام 1978 فعليا بموافقة اسرائيلية ولكن من دون فتحه واعادة التفاوض حوله.

·وينبع عدم رغبة إسرائيل في فتح الملحق، من موقف واضح بأنه لا يزال قائما وملزما وساري المفعول.

· عندما يسمح واقع الحرب على الإرهاب الإسلامي، سنعود إلى تطبيق الملحق.

· إن مصر تعزز من قواتها. والسؤال هو ما إذا كان هذا الوضع الذي نشأ على الأرض قابل للعودة عنه؟

·  صحيح أن مصر حرصت على الحصول على موافقة إسرائيل على هذه الإجراءات، لكن هناك اجراءات لم تطلب الإذن الإسرائيلي من أجلها.

·  وبحسب الملحق، يُسمح لمصر ببناء مطارات مدنية، لكن مصر قامت ببناء ثلاثة مطارات عسكرية تخدم سلاحها الجوي في سيناء بالإضافة إلى قواعد عسكرية. إذا أضفنا إلى هذا حجم القوات الذي أشار إليه رئيس الأركان المصري، الدبابات والطائرات المقاتلة، نحصل على صورة بعيدة كل البعد عن مضمون وروح الملحق العسكري.

· كما ذكرنا، فإن العلاقات بين البلدين هي في أفضل حالاتها على الإطلاق، والتقارب الاستراتيجي بينهما يمكن رؤيته بسهولة، لكن ذلك غير مضمون للابد.

·عندما طلبت مصر إرسال قوات لمحاربة الإرهاب، ووافقت إسرائيل، كان من الواضح للجانبين أننا في نهاية المهمة سنعود إلى الوضع الذي كان قائما من قبل. والآن بعد أن نجحت مصر جزئياً في استئصال الإرهاب، عليها أن تفكر في تقليص قواتها من اجل الحفاظ على الملحق العسكري. وينطبق نفس الحكم ينطبق على أنواع الأسلحة والمطارات والقواعد العسكرية.

· إذا تطلب الامر مرة اخرى اعادة تعزيز القوات المصرية في سيناء بسبب الإرهاب، فستستطيع القاهرة دائمًا اللجوء إلى إسرائيل، وفي ظل العلاقات المفتوحة والعميقة بينهما، فإن إسرائيل ستوافق على طلب مصر كما هو الحال حاليا. لذلك من المهم التوضيح أن العمليات العسكرية المصرية في سيناء مسالة قابلة للعودة عنها دائمًا، بطبيعة الحال.

·على الرغم من التعاون الممتاز بين البلدين، الا انه يقوض فعليا اتفاق السلام شيئا فشيئا والذي له قيمة مهمة للغاية في حد ذاته.

***

رابعا ـ وأخطر ما قمت بالاطلاع عليه فى ذات الاتجاه من المصادر الصهيونية، كان الفيديو التحليلى الذى اعده المقدم الاسرائيلى المتقاعد "ايلى ديكل" تحت عنوان "هل تهدد مصر اسرائيل؟ لماذا يتكثف الجيش المصرى؟" والذى يناقش فيه ما اذا كان الحشد العسكرى المصرى يشكل تهديدا لاسرائيل. ورابط الفيديو منشور فى هوامش المقال (7)، وانصح كل المعنيين والمهتمين بمشاهدته. وفى الوصف المرفق بالفيديو جاء ما يلى:

((خدم ديكل في فرع المخابرات في الجيش الإسرائيلي لمدة 20 عامًا، وتخصص في الاستخبارات الجغرافية، التي تبحث في أنظمة البنية التحتية العسكرية والمدنية وتحلل أهمية تطوير البنية التحتية المتزامنة من حيث حالة الأمة. في المناقشة التالية، يرسم "ديكل" صورة عامة للجيش المصري، مستعرضًا التعزيزات العسكرية وتطوير البنية التحتية منذ عام 2007، مع التركيز بشكل خاص على صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2013. يحلل "ديكل" من بين أمور أخرى، أنظمة البنية التحتية التالية: تسريع تطوير الجسور والأنفاق في منطقة قناة السويس. إنشاء شبكة طرق سريعة في سيناء. توسع كبير في الإطار اللوجستي في سيناء؛ إنشاء احتياطيات وقود للطوارئ، ولا سيما في منطقة قناة السويس؛ توسيع المطارات والموانئ العسكرية والأنفاق المحفورة لتخزين أنظمة الأسلحة الاستراتيجية على طول قناة السويس.

يقود تحليل الحشود العسكرية وتطوير أنظمة البنية التحتية في سيناء وجبهة القناة "ديكل" إلى استنتاج مفاده أن تركيز الجيش المصري ينصب على إعداد مسرح حرب ضد إسرائيل في سيناء. على النقيض من ذلك، فإن الجيش المصري بالكاد منخرط في الاستعداد لتهديدات محتملة من جهات فاعلة مثل ليبيا وإثيوبيا، تركيا وإيران.

يشرح "ديكل" في ندوته الأسباب الكامنة وراء استعدادات مصر للصراع العسكري مع إسرائيل، ويناقش القدرات التي طورتها في أعقاب موجة شراء العتاد العسكري وتطوير أنظمة البنية التحتية العسكرية.))

***

تساؤلات وملاحظات:

· انهم جميعا يعزفون ذات اللحن، ويقرأون من ذات الكتاب، ويكررون ذات الحجج ويستخدمون ذات المفردات!

· فماذا تدبر (اسرائيل) لمصر، والى ماذا تمهد؟ ولماذا الآن؟

·خاصة ان العلاقات بين القاهرة وتل ابيب فى أفضل حالاتها منذ توقيع المعاهدة (8) باجماع كافة القيادات والمحليين الاسرائيليين.

· هل لذلك علاقة بالمشروع الامريكى لتأسيس ناتو عربى اسرائيلى ومحاولة الضغط على الدولة المصرية واجبارها على التجاوب معه والانخراط فيه، مقابل التساهل الاسرائيلى مع ما يجرى فى سيناء؟

· وهل التسريب "المقصود" لخبر المحرقة الصهيونية التى تمت للجنود المصريين عام 1967، جاء بهدف ممارسة الضغط على الادارة المصرية واحراجها امام الراى العام المصرى، كنوع من انواع التلويح والتمهيد للضغط فى هذا الاتجاه، من خلال التهديد بامكانية نشر مزيد من الاسرار المماثلة المحجوبة من الصندوق الاسود للعلاقات المصرية الاسرائيلية؟

· أم ماذا؟

·لا نعلم على وجه اليقين، فكلها تكهنات وافتراضات لا امكانية لتأكيدها أو نفيها.

· خاصة وأن ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية وكواليسه محجوب تماما عن الرأى العام المصرى منذ توقيع الاتفاقيات 1978ـ 1979.

· على العكس تماما من الاوضاع داخل دولة الاحتلال، حيث يتم اطلاع الراى العام (الاسرائيلى) بكل المستجدات أولا بأول.

·والتى غالبا يكون ما يتسرب منها الينا هو مصدرنا الوحيد للمعلومات.

***

·   على العموم وأيا كانت الخلفيات والنوايا والمخططات الاسرائيلية التى لا تتوقف فان سيناء كامب ديفيد ستظل هى نقطة الضعف الرئيسية فى الأمن القومى المصرى، والأداة الأقوى فى محاولات كسر واخضاع الارادة المصرية على امتداد الـ 45 عاما الماضية.

·  وهى ليست أداة ضغط (اسرائيلية) فحسب، بل هى بالاساس أداة ضغط أمريكية.

· وهناك عشرات وربما مئات الاثباتات والوقائع والتصريحات عن حقيقة وتاريخ استخدام وتوظيف أمريكا و(اسرائيل) لـ "ورقة سيناء" فى الضغط على الدولة المصرية، والتى وصفها "آفى ديختر" وزير الامن الداخلى الاسرائيلى الاسبق عام 2008 بقوله ((لقد انسحبنا من سيناء بضمانات أمريكية للعودة اليها مرة أخرى اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل، وان هذه الضمانات هى نزع سلاح ثلثى سيناء بالاضافة الى تولى الولايات المتحدة بنفسها مهمة مراقبة القوات المصرية فى سيناء)).

· وقبل ذلك كانت مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تضمنت تهديدا امريكيا صريحا بالتدخل العسكرى الامريكى ضد مصر ان هى قامت بأى انتهاك للاتفاقية.

·ومنها ايضا التهديدات الامريكية الدائمة على امتداد اربعة عقود بقطع المعونة الامريكية، اذا لم تقم مصر بدورها فى تأمين الحدود مع (اسرائيل)، وردم الانفاق، وضبط المعابر ومنع تهريب السلاح للفلسطينيين.

· حتى انه قد قيل فى ربيع عام 2012 أن السبب الذى دفع المجلس العسكرى للافراج عن المتهمين الامريكان فى قضية المعهد الجمهورى والتمويل الاجنبى لجمعيات اهلية مصرية، كان هو التهديد الأمريكى بعمليات عسكرية اسرائيلية فى سيناء! (الى هذه الدرجة والى هذا المستوى المتدنى من المشاكل والاحداث، يتم توظيف جروح سيناء وقيودها فى الضغط على الارادة المصرية الرسمية)

· والامثلة كثيرة.

***

· فى ختام هذا السطور تجدر الاشارة انه اذا صح ما تناولته هذه المصادر الاسرائيلية من جهود ومحاولات مصرية حثيثة على تحسين شروط كامب ديفيد وتدعيم اوضاعنا العسكرية فى سيناء، فانها تستحق كل التثمين والتقدير، وتضفى بعض الطمأنينة على قلوبنا، التى أُرهقت كثيرا وطويلا من هذا الاختلال العسكرى الهائل والظالم الذى فرضته علينا اتفاقيات كامب ديفيد.

· ولكننا نعيد التأكيد والتذكير بأن المبدأ او الثابت او الهدف الوطنى والأمنى الرئيسى كان هو على الدوام تامين مصر من التهديدات الاسرائيلية المحتملة والكامنة ومن الاطماع الاستيطانية العدوانية التى هى صفة لصيقة بهذا الكيان المسمى باسرائيل القابع على حدودنا الشرقية.

·  وهو ما لا يمكن ان يتحقق بدون استرداد السيادة الكاملة وحق الانتشار والتسليح الكامل الحر للقوات المسلحة المصرية فى سيناء والتحرر التام من اى شروط او قيود او موافقات اسرائيلية فرضتها علينا المعاهدة.

·   وهى معركة طويلة ومصيرية، تحتاج لتضافر كل الجهود وتوظيف كل الامكانيات وكشف كل الحقائق للرأى العام المصرى من أجل اشراكه فى هذه المعركة، لأنه السلاح الأمضى والأكثر تأثيرا وفاعلية فى مواجهة أى ضغوط خارجية مهما بلعت شدتها.

*****

القاهرة فى 27 يوليو 2022


الهوامش:

(1)"ديفيد شينكر" هو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى خلال إدارة ترامب.

(2) رابط مقال إعادة عسكرة سيناء في مصر قد تُفجّر الوضع في المستقبل

(3)السيادة المجروحة فى سيناء ـ ارقام وحقائق

(4) رابط مقال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية بشأن "تيران وصنافير"

(5)  رابط مقال "سيناء أولًا: هكذا تقضم مصر اتفاق السلام مع إسرائيل"

(6) التصريح المنسوب لرئيس الاركان المصرى عام 2018

(7)رابط فيديو  "ايلى ديكل".

(8) العلاقات المصرية الاسرائيلية 2021

24 يوليو 2022

محمد سيف الدولة يكتب: تأبين شهداء المحرقة الصهيونية فى 1967

Seif_eldawla@hotmail.com

هذه دعوة الى اقامة تأبين شعبى ورسمى واسع لجنودنا المصريين البواسل الذين اعلنت وسائل اعلام (اسرائيلية) عن تعرضهم لمحرقة على ايدى قوات الاحتلال عام ١٩٦٧ ودفنهم فى مقبرة جماعية غرب مدينة القدس اصبحت اليوم موقفا للسيارات.

هو تأبين ورسالة للعدو ووقفة مع النفس ومع العالم، ولكن قبل ذلك وبعده هو مراجعة وكشف حساب لمسيرة السلام المصرى الرسمى مع (اسرائيل) على امتداد الـ 45 عاما الماضية.

كما أنه اقل واجب وأضعف الايمان لتكريم هؤلاء الشهداء وكل الشهداء المصريين والفلسطينيين والعرب الذى ارتقوا فى معارك المقاومة والدفاع عن الارض وتحريرها.

***

مصر لا يجب أن تُهان:

لقد كان من اهم أسس وقواعد الصراع التى أدركها واتفق عليها كل الفرقاء بعد حرب 1973، الاشرار منهم قبل الاخيار، ان مصر لا يجب ان تهان بأى حال من الأحوال، حيث ثبت بالتجارب العملية والتاريخية والعسكرية ان اى اهانة لها لن تمر مرور الكرام ولو بعد حين.

وانا هنا لا أضع مصر، لا سمح الله، فى مرتبة أعلى من باقى الدول العربية الشقيقة، ولكن أشير الى الحقيقية التاريخية والديموغرافية والجيوسياسية التى أدركها العالم الغربى وأدركتها الأمة العربية منذ الحروب الصليبية، وهى مكانة مصر ومركزيتها وقوتها كعاصمة الامة وقلبها وموطن ما يزيد عن ربع سكانها.

وهو ما تأكد للجميع مجددا بعد العدوان الصهيونى عام 1967، فبعد أن قام العدو بتدمير قدرات الجيش المصرى فى ستة أيام، وتصور الجميع ان مصر لن تقوم لها قائمة فى المدى القريب، فاذا بهم يفاجأون ويصدمون من ردة فعل الشعب المصرى الذى رفض الهزيمة والاستسلام وانكفأ للاعداد لمعركة التحرير على امتداد ست سنوات كاملة، استطاع بعدها ان يحقق انجازا عسكريا غير مسبوق كان من الممكن ان يغير مصير (اسرائيل) للابد لولا تدخل الامريكان وانكسار ارادة القيادة السياسية.

***

واليوم تشعر مصر كلها باهانة كبرى:

ليس فقط بسبب المحرقة الاجرامية لجنودنا التى سربت القيادات (الاسرائيلية) انباءها الى الاعلام العبرى لاسباب لم تظهر للعيان بعد، ولكن أيضا:

·بسبب ما وراءها من تجرؤ وتبجح (اسرائيلى) بالاعلان والتفاخر بهذه المحرقة بما فيه من استخفاف وقح بمشاعر المصريين،

·ومن احراج غادر للسلطات المصرية التى لا تألو جهدا لتوثيق وتعميق العلاقات مع الدولة العبرية،

·ومن استقواء واستعلاء مهين يقوم على تصور (اسرائيلي) مستقر منذ كامب ديفيد، بعجز الدولة المصرية المكبلة بقيود المعاهدة وبالهيمنة الامريكية وبمليارات الديون وبالمشاكل الاقتصادية المزمنة، عن اتخاذ اى موقف أو رد فعل يضر باسرائيل وامنها ومصالحها.

***

ولذلك علي مصر ان تبلغهم رسالة واضحة بانها قادرة على الرد، والرد بقسوة اذا لزم الأمر.

والف باء فى اى ردود مصرية، هو ان يعلن المصريون فى صوت واحد ان كل شئ يمكن ان يتغير فى لحظة واحدة وان مصر يمكن ان تعود للانخراط بقوة مرة اخرى فى مواجهة ومناهضة المشروع الصهيونى فى المنطقة.

والخطوات الأولية لاعلان مثل هذا الغضب لا يجب ان يقتصر على المباحثات والردود الرسمية بين السفراء والمسئولين، وانما على السلطات المصرية ان تقوم فورا باطلاق سراح المارد الغاضب المكبوت فى نفوس كل المصريين تجاه عدوهم الوجودى والتاريخى والعدوانى المسمى باسرائيل.

***

وعلى القوى الوطنية ومن بوابة تأبين شهداء هذه المحرقة، ان تنظم وتطلق حملة شعبية وسياسية واسعة:

· لفتح ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية 1977-2022 لتقييمها وعمل كشف حساب لها.

·مع التركيز على ما طرأ عليها من تطورات فى السنوات الاخيرة.

· جنبا الى جنب مع ملف التطبيع العربى الاسرائيلى الجارى على قدم وساق.

·وما طرأ من ردة وتراجع كبيرين للقضية الفلسطينية على اجندات كل الدول والقوى الفاعلة دوليا واقليميا.

·مع استعراض الاوراق التى تملكها مصر اليوم للضغط على (اسرائيل) رغم ظروفها الخاصة وعلى رأسها قيود كامب ديفيد والضغوط والشروط الامريكية.

·ومن ضمنها بند التعويضات عن الاضرار المدمرة والكارثية التى لحقت بمصر نتيجة سنوات الاحتلال 1967-1981،

·وكذلك التعويضات عن الأضرار التى لا تقل جسامة جراء القيود الامنية المفروضة عليها فى سيناء 1981-2022 بموجب المادة الرابعة من المعاهدة وملحقها الامنى، وما أدت اليه من تفشى الفوضى والاختراق والتجسس والارهاب والاعتداء على جنودنا وارتقاء مئات الشهداء، بالاضافة الى جرائم التهريب والاتجار فى البشر والمخدرات وغيره الكثير.

على ان تنطلق كل هذه الملفات والمحاور فى اتجاه وسياق بناء وبلورة استراتيجية وخريطة طريق واضحة لاسترداد مصر لموقعها المركزى فى مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى، وفى مواجهة النفوذ الاقليمى المتزايد والمتنامي لاسرائيل فى المنطقة.

***

وعلى نقابات مصر وجامعاتها وكل مؤسساتها؛ ان تفتح ابوابها لاستقبال واستضافة هذه الفاعلية الوطنية الجامعة.

ولتتوجه كل الصحف ووسائل الاعلام لعرض القضية والعودة لاستضافة كل مناهضى (اسرائيل) وداعمى فلسطين المحظورين من الادلاء بآرائهم فى السنوات الأخيرة.

***

الاحتذاء بالعدو:

ولننظر الى طبيعة وتاريخ وسياسات هذا العدو الظالم فى مطاردة كل اعدائه وتصفيتهم والثأر منهم على امتداد هذا القرن، من اول منظمات جاوتنسكى ومناحم بيجين الارهابية قبل 1948، مرورا بملاحقة الضباط النازيين واختطافهم ومحاكمتهم وادانتهم على ما يسمى بالهولوكوست، الى آخر المئات من عمليات التصفية والاغتيال للعلماء المصريين والعرب ولقادة المقاومة العربية والفلسطينية.

حتى رفات جنودها فان دولة الاحتلال لا تفرط فيها أبدا، وتصر على استلامها فى صفقات للتبادل بعشرات الاسرى الفلسطينيين واللبنانيين.

وهو ما حدث مع مصر ايضا عام 1980، حين لبت السلطات المصرية الطلب الاسرائيلى فى استرداد رفات 36 جندى (اسرائيلى) مدفونين فى سيناء.

***

اننا لا ندعوكم الى ما طاقة لكم به، وانما ندعوكم فقط "فى هذه المرحلة" لفتح اوسع نافذة ممكنة لترى منها (اسرائيل) والمجتمع الدولى وكل العالم الغضب الشعبى والكراهية المصرية لهذا الكيان المجرم الذي يعتدى علينا ويحتل اراضينا ويقتل شعوبنا ويحرق جنودنا البواسل.

***

ماذا كسبنا؟

ثم ما هى الفوائد والمكاسب التى عادت على السلطات المصرية من اسكات اى صوت معارض لاسرائيل فى السنوات الماضية؟

لا شئ على الاطلاق، سوى مزيد من التجبر والاستقواء والعربدة والضغوط الاسرائيلية التى وصلت مؤخرا الى القيام بتحريض الولايات المتحدة الامريكية للضغط على مصر ودول عربية اخرى للانخراط فى حلف عسكرى مع (اسرائيل) وتحت قيادتها.

***

لقد كان السادات ومبارك من اشد الملتزمين بالمعاهدة مع (اسرائيل) الى الدرجة التى أطلقوا فيها على مبارك وصف "الكنز الاستراتيجى لاسرائيل".

ولكن فى سنوات حكمهما كانت الابواب مفتوحة على مصراعيها للفاعليات الشعبية الداعمة لفلسطين والمناهضة لاسرائيل؛ من تظاهرات ووقفات ومؤتمرات وقوافل اغاثة ولجان لدعم الانتفاضة وغيرها الكثير.

فالدول الحكيمة لا تتخلى ابدا عن دور المعارضة والراى العام الشعبى لمواجهة اى ضغوط دولية، وما اكثرها، التى تمس مصالحها العليا وامنها القومى وكرامتها الوطنية.

***

على الدولة المصرية ان تبلغ (اسرائيل) ان للصبر حدود.

أما الشعب المصرى فعليه ان يعلن ما قد لا تجرؤ السلطة المكبلة باتفاقيات كامب ديفيد على اعلانه، من انه لن يسامح ولن يصالح ولن يسالم وان جرائم الاحتلال السابقة واللاحقة لم تمر ولو بعد حين.

*****

القاهرة فى 24 يوليو 2022

20 يوليو 2022

سيد امين يكتب: العدالة الغربية كما نتوقعها.. شيرين أبو عاقلة نموذجا

ليس من المستغرب أبدا أن ينتهي فريق التحقيق الأمريكي إلى النتائج التي توصل إليها في واقعة اغتيال الجيش الإسرائيلي لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في شهر مايو/ أيار الماضي، وإعلانه عن وجود أضرار بالغة في المقذوف الناري الذي اغتيلت به الصحفية البارزة حالت دون التوصل إلى نتيجة واضحة بشأنه، وهو الإعلان الذي يعني ما يشبه قيد الجريمة ضد مجهول.
حاول المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس شراء الخواطر العربية بالإشارة إلى احتمال تورط الجيش الإسرائيلي في الجريمة، لكن دون أن يدينه حينما قال إن “المنسق الأمني لم يجد أي سبب للاعتقاد بأن هذا كان مقصودًا، بل نتيجة ظروف مأساوية خلال عملية عسكرية بقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي ضد فصائل الجهاد الإسلامي الفلسطينية في 11 مايو/ أيار 2022 في جنين، أعقبت سلسلة من العمليات الإرهابية في إسرائيل”.
ولم يقل برايس ما هو السبب وراء قيام الفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وهو أنهم يطالبون بجلائها عما تبقى من أراضيهم التي تحتلها منذ 1967، مع فك الحصار الخانق المفروض عليهم برا وجوا وبحرا.
طرف في الجريمة
عموما عدم الاندهاش من تلك النتائج يعود في الأساس إلى عدم حياد من أوكل إليه التحقيق، حيث وجدنا أن من يرعى القاتل هو نفسه من يقوم بدور القاضي، فضلا عن أن كل تاريخ هذا القاضي معنا وفي كل الوقائع الأخرى المماثلة كان دائما انحيازا فاضحا للآخر.
وقد جاءت الطامة حينما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف أنه تم إخضاع الرصاصة لاختبار باليستي في مختبر الطب الشرعي الإسرائيلي من قبل هيئات مهنية إسرائيلية حضرها ممثلون محترفون من USSC، من أجل تحديد السلاح الذي أطلقت منه.
وبثير هذا التصريح الكثير من السخرية؛ فرغم أن إسرائيل هي المتهمة الوحيدة في الجريمة فإن اللجنة الأمريكية سلمتها الرصاصة التي اغتيلت بها شيرين أبو عاقلة لتجري تحقيقات حولها.
ولأنهم أعطوا القط مفتاح الكرار، خرج المتحدث ليقول إنه في ضوء حالة الرصاصة ونوعية العلامات الموجودة عليها فقد تبين أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانت قد أطلقت من السلاح الذي تم اختباره أم لا!!
ويبقى السؤال الأخطر وهو أنه طالما أن المقذوف وقع تحت يد جيش إسرائيل فما المانع من تبديله أو تزييفه أو الإمعان في طمس معالمه، تحرّزًا من وصوله إلى جهات تحقيق دولية؟ ولماذا كانت أمريكا تضغط على السلطة لتسلّمه منها؟ ولماذا استجابت السلطة؟ وهل هناك شيء تحت الطاولة؟
جهات مختصة
وهناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن هناك جهة اختصاص تمتلك الشرعية الكاملة لإجراء التحقيقات في مثل هذه القضايا وهي النيابة العامة التابعة للسلطة الفلسطينية التي وقعت الجريمة في الأراضي الخاضعة لها، وبما أن حكومات العالم بما فيه أمريكا تعتد نتائج التحقيقات النيابية في أي بلد في العالم، فإنه ينبغي لها أيضا الاعتداد بنتائج التحقيقات التي تقرها النيابة الفلسطينية.
وها هي النيابة العامة الفلسطينية ترد على التقرير الأمريكي بقولها إن “أحد عناصر القوات الإسرائيلية أطلق عيارا ناريا أصاب شيرين، بشكل مباشر في الرأس، أثناء محاولتها الهرب، مما أدى إلى تهتك الدماغ، والتقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم”.
وجاء في تقريرها الفني أن الطلقة من عيار 5.56 ملم، وله علامة وخصائص تطابق سلاح قنص نصف ناري يستخدمه الجيش الإسرائيلي من ماركة “مني فورتي روجر”، وأنها تحتوي على “جزء حديدي خارق للدروع”، وقد اخترقت ذراع خوذة القتيلة، واصطدمت بالجمجمة، وأن إطلاق النار جاء من نقطة ثابتة بشكل مباشر من الناحية الجنوبية، حيث تمركزت القوات الإسرائيلية، ولم تكن هناك أي مواجهات مسلحة في مكان الحدث.
وأضافت أنها هي السلطة المختصة بإجراء التحقيق، وأن أي تحقيقات تجريها أي جهات أخرى ليست ملزمة لها قانونًا، وستلجأ للجنائية الدولية.
هذه هي نتائج التحقيقات الفلسطينية، ويجب على الجهات الأمريكية والغربية التعامل معها بالجدية الواجبة، حتى لا ترسب العدالة الغربية مجددا في الامتحانات الفلسطينية المتكررة، وتهدر قيمها الديمقراطية التي تتباهى بها على حسابات السياسة الدولية والمصالح الخاصة.
...
على العموم فالنتيجة التي قررت أمريكا أن تنهي بها المشهد كانت متوقعة منذ البداية، وكل فلسطيني يعلم تماما أن حق أي شهيد فلسطيني لن تعيده محاكم دولية.
تابع المقال كاملا هنا 

17 يوليو 2022

ردا على قمة بايدن..الموقف الشعبى من الولايات المتحدة

بقلم : محمد سيف الدولة 
Seif_eldawla@hotmail.com
فى الوقت الذى تتسابق غالبية الانظمة العربية لنيل الرضا والقبول والحماية الامريكية، فان مواقف الشعوب العربية تختلف ١٨٠ درجة عن موقف من يحكمونها، فهى تعلم علم اليقين من واقع تجاربها وخبراتها التاريخية الطويلة أن الولايات المتحدة هى عدوها الاول:
·فهى التى حرضت (اسرائيل) وخططت معها لعدوان ١٩٦٧ لاحتلال سيناء والجولان وباقى فلسطين، بهدف كسر واخضاع مصر وسوريا وكل الامة.
·وهى التى رفضت بعد العدوان اصدار قرار من مجلس الامن بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضى التى احتلتها بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة.
·وهى التى تدخلت فى حرب ١٩٧٣ لانقاذ (اسرائيل) من هزيمة محققة وامدتها بجسر جوى من السلاح والعتاد وخططت معها لعملية الثغرة، التى غيرت مسار الحرب ونتائجها.
· ثم قامت بسرقة ما تحقق من نصر، بالضغط والتهديد لدفع السادات فى مفاوضات فض الاشتباك الاول 18/1/1974 الى اصدار قرار بسحب الغالبية العظمى من القوات المصرية التى عبرت وعودتها مرة اخرى الى غرب القنال مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الثغرة.
·ثم استقطبته للتوقيع على معاهدة سلام بالاكراه مع (اسرائيل) تنحاز للامن القومى الاسرائيلى على حساب الامن القومى لمصر من خلال فرض سلسلة من القيود على وجود وتسليح قواتنا فى سيناء.
·وامريكا هى التى جلبت قواتها الى سيناء لمراقبة قواتنا هناك بدلا من قوات الامم المتحدة، منذ عام 1981 حتى اليوم.
·وهى امريكا التى قال عنها "آفى ديختر" وزير الامن الداخلى الاسرائيلى الاسبق انها اعطتهم ضمانات للعودة الى سيناء اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح (اسرائيل).

·وهى امريكا التى ارسلت للدولة المصرية تهديدا صريحا ومكتوبا، يوم ٢٥ مارس ١٩٧٩ قبل توقيع المعاهدة بيوم واحد، تهددنا فيه بضربنا عسكريا اذا انتهكنا اتفاقية السلام فيما عرف "بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية".
***
·وهى امريكا التى ادارت مع حلفائها منذ ١٩٧٤ عملية تفكيك مصر التى انتصرت فى حرب ١٩٧٣ صامولة صامولة ومسمار ومسمار، وبناء مصر اخرى تابعة، على مقاس مصالح امريكا وامن (اسرائيل)، وهو ما كتبت عنه بالتفصيل تحت عنوان "الكتالوج الامريكى لحكم مصر".
·وهناك كتالوج مماثل لكل بلد عربى.
·وهى التى تقود هذا النظام الراسمالي العالمى بشركاته عابرة القومية التى اخترقت اسواقنا ودمرت صناعتنا الوطنية واغلقت مصانعنا ونهبت ثرواتنا. ومؤسسات الاقراض الدولى التى افقدتنا استقلالنا وفككت اقتصادنا الوطنى وسيطرت عليه والحقتنا بأسواق المستهلكين وأفقرت شعوبنا ودمرت عملتنا، واغرقتنا فى مليارات الدولارات من القروض والديون.
·وهى التى قامت من خلال اموال المعونة الامريكية الاقتصادية ومشروعتها (بدأت بـ850 مليون دولار سنويا) بتاسيس وصناعة طبقة تابعة من رجال الاعمال المصريين، اصبحت اليوم بمثابة طابور خامس ومخلب قط وراس حربة لرؤوس الاموال العالمية، تقدم لهم التسهيلات والتشهيلات، وتشاركهم نهب اموالنا ومواردنا وتصفية صناعاتنا الوطنية، من خلال آلاف التوكيلات للشركات والمنتجات الأجنبية.
·وامريكا هى التى وضعت أسس نظام الحكم فى مصر وحددت مواصفات الحكام، وعلى رأسها الالتزام بالسلام مع (اسرائيل) وبالحفاظ على امنها، وهو ما عبر عنه الدكتور/ مصطفى الفقى عام 2009/2010 بقوله ان اى رئيس مصرى يجب ان توافق عليه الولايات المتحدة وتقبله (اسرائيل).
·وهى التى اسست الكتائب الاستخبارية الاجنبية وجندت مثيلتها المحلية لضرب وتفكيك اى مقومات فكرية وعقائدية تناهض التبعية وتتمسك بالتحرر والمقاومة والاستقلال، لا فرق لديها بين تيار وطنى أو قومى أو اسلامى أو اشتراكى.
***
وقبل ذلك كانت امريكا هى التى رفضت تسليح مصر بعد أن قامت (اسرائيل) بالاعتداء علينا فى غزة ١٩٥٥ وقتل عشرات من جنودنا وضباطنا.
·وحرضت البنك الدولى على عدم تمويل بناء السد العالى.
·وقامت بحصارنا ووضعتنا على القائمة السوداء لرفضنا الانخراط فى احلافها العسكرية ولرفضنا الاعتراف (باسرائيل) والسلام معها فى الخمسينات والستينات.
·ثم تآمرت وخططت لافشال الوحدة المصرية السورية عام ١٩٦١.
·الى ان عقدت النية والعزم على ضرب التجربة كلها فى 1967.
·وغيره الكثير.
***
·وامريكا هى التى تقود منذ الحرب العالمية الثانية العملية "القيصرية الاجرامية" لزراعة وتأسيس دولة (اسرائيل).
·مع بناء قبة فولاذية من الحماية الامريكية والغربية، بدءا بإصدارها البيان الثلاثي عام ١٩٥٠ مع بريطانيا وفرنسا، الذي يتوعد الدول العربية بعدم الاقتراب من حدود الدولة العبرية او امنها، وصولا لمئات الاتفاقيات والاستراتيجيات والتفاهمات الامريكية التي تعتبر امن (اسرائيل) هو قدس الاقداس.
·وعلى النقيض، تعطيها الضوء الاخضر وكل اشكال الدعم والتسليح والتمويل لشن عشرات الحروب والاعتداءات واعمال القتل والابادة والاقتلاع ضد اهالينا فى فلسطين، وحق العربدة والاجتياح والعدوان والتأديب والقصف لأى بلد عربى كما حدث مع لبنان وسوريا والعراق وتونس والسودان، مع الحيلولة دون صدور او تنفيذ اى قرارات دولية ضدها.
·بينما تقوم بحظر وتجريم اى مقاومة فلسطينية او عربية وتصنفها كمنظمات ارهابية.
·وهى التى وهبت (اسرائيل) القدس والجولان وحق الاستيطان الكامل فى الضفة الغربية، واقتحام المسجد الاقصى ومحاولات تقسيمه كمقدمة للاستيلاء عليه وتهويده.  
·والكونجرس الامريكى هو الذى اصدر قانونا يحظر تصدير اى سلاح لاى دولة عربية يخل بالتفوق العسكرى الاسرائيلى على الدول العربية مجتمعة.
·وهى التى تحظر صناعة وامتلاك السلاح النووى على كل دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل).
·واليوم ياتى رئيسها لحث وتحريض حكامنا على اجتثاث فلسطين من بيننا ودمج (اسرائيل) بدلا منها.
––
·وهى امريكا التى دنست الارض الطيبة مهبط الاسلام ومنشأ الرسول ﷺ فهيمنت على الجزيرة العربية ونفطها وثرواتها وودائعها، وحولت ممالكها واماراتها الى محميات وقواعد عسكرية امريكية.
·ونشرت قواتها فى الخليج منذ ١٩٩٠ بذريعة تحرير الكويت.
·وحاصرت العراق لعشر سنوات قبل ان تقوم بغزوه وتدميره وانهاء وجوده كدولة عربية مستقلة وقوية ووطنية.
·وهى التى أفسدت مع حلفائها، الثورات العربية بالاختراق والاحتواء والعسكرة.
·وهى التى تدعى كذبا دعمها لحقوق الانسان، بينما تتبنى حماية كل انظمة الحكم الفاسدة التى تستبد بشعوبها وتعصف بحقوقهم وحرياتهم، طالما انخرطت فى حظيرتها وقامت بالتطبيع والتحالف مع (اسرائيل).
***
·كانت هذه عينة صغيرة من حكايتنا وتاريخ معانتنا مع الاحتلال والاطماع والاعتداءات الامريكية ومن قبلها الاوروبية على امتداد ما يزيد عن قرنين من الزمان.
·ولكل بلدان العالم الثالث قصة مشابهة أو أشد قسوة.
·ان الولايات المتحدة ومعسكرها الغربى الاستعمارى هى العدو الاول للبشرية، فهى تضع نفسها ومصالحها فوق الجميع، وتستخدم كل ادوات الضغط والحرب والعدوان من اول قنبلة هيروشيما مرورا بحرب فيتنام الى آخر احتلال افغانستان وغزو العراق، وتدبير الانقلابات وفرض العقوبات وحصار وتجويع واستعباد الشعوب، وتفجير الحروب الاهلية والحروب بالوكالة واسقاط الانظمة المعادية وتنصيب ودعم انظمة موالية واستقطاب واخضاع الحكام والحكومات وتجنيد الجواسيس واختراق المجتمعات والمؤسسات والنخب، واستهداف وقصف كل الهويات الوطنية والقومية والحضارية لباقى الامم والشعوب من خارج عالم الرجل الابيض.
·وهى تمارس ذلك بالقوة والاكراه والاذعان فى حماية النظام الدولى والمالى الذى قامت بتاسيسه والركوب عليه وتوظيفه منذ الحرب العالمية الثانية لفرض هيمنتها المطلقة على العالم.
·مستهينة فى ذلك بكل البشر وكل شعوب العالم وكل العقائد والحضارات الاخرى، وتتعامل معنا جميعا بذات العنصرية والارهاب التى تعاملت بهما مع الهنود الحمر وكما يتعامل الصهاينة اليوم مع الشعب الفلسطينى.
***
لكل ذلك وأكثر بكثير، فاننا نعادى الولايات المتحدة الامريكية كما تعادينا، ولا نخشى بأسها، وسنظل نناهض ونناضل بقوة ضد كل اشكال الخضوع والتبعية لها، وضد الالتحاق باحلافها، وضد الهرولة العربية الرسمية لنيل رضاها والانضواء تحت حمايتها.
*****
القاهرة فى 17 يوليو 2022

13 يوليو 2022

ردا على زيارة الرئيس الأمريكى لن ندمج (اسرائيلكم) بيننا

بقلم: محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

ردا على سؤال صحفى بشان زيارته للسعودية فى شهر يوليو الجارى .. وفيما اذا كان سيطلب منهم زيادة انتاج النفط وكيف سيوازن ذلك مع رغبته فى محاسبتهم لانتهاكاتهم فى ملف حقوق الانسان؟

قال الرئيس بايدن ((اولا ليس هذا هو الغرض من الزيارة .. انا ابدا الزيارة من اسرائيل .. والاسرائيليون يعتقدون ان من المهم القيام بهذه الجولة .. بالاضافة الى ذلك فان ما نحاول القيام به هو اجتماع دول مجلس التعاون الخليجى + 3 دول اخرى فى السعودية وليس عن السعودية .. وليس هناك التزام بمقابلة الملك او ولى العهد وانما هو جزء من اجتماع اكبر .. وقبل ذلك ساذهب الى اسرائيل لمقابلة القادة الاسرائيليين للتأكيد على الرابط المتين بين الولايات المتحدة واسرائيل .. وجزء من الغرض من زيارة الشرق الاوسط هو التعميق من دمج اسرائيل بالمنطقة واعتقد سنكون قادرين على ذلك وهذا جيد للسلام ولامن اسرائيل ولهذا يدعم القادة الاسرائيليون زيارتى للسعودية بقوة.))

***

· لن ندمج اسرائيلكم فى المنطقة.

·لا لدمجها فى الامة العربية أو الشرق الاوسط.

·لا مكان شاغر لدينا من أجل هؤلاء المغتصبين من المهاجرين والمستوطنين الصهاينة.

·فهذه الارض الطيبة هى فلسطين وليست (اسرائيل).

·وهى عامرة منذ قدم التاريخ بشعبها وبأهلها وبمقدساتها الاسلامية والمسيحية.

·لا مكان هنا لقتلة الشعوب ومغتصبى الاوطان وهادمى المنازل ولصوص المقدسات.

·لا مكان بيننا لمن احتلوا سيناء والجولان بعد فلسطين وقتلوا جنودنا فى 1967، حتى لو عقد معهم حكامنا معاهدات سلام او استسلام.

·لا لهذا الكيان الذى يمثل اكبر قاعدة عسكرية واستراتيجية للامبريالية الغربية فى بلادنا.

·لا لشرطى التأديب الصهيونى المجرم، الذى يعربد فى المنطقة يضرب ويهدد ويؤدب كل من يتمرد على الهيمنة الغربية والامريكية.

·لا اعتراف به ولا شرعية له ولا صلح معه أو استسلام.

·لا لاتفاقيات الصلح والسلام والتطبيع والتنسيق الامنى والتحالف العسكرى بين العرب و(اسرائيل).

·لا لكامب ديفيد واوسلو ووادى عربة ومبادرة السلام العربية وصفقة القرن وما يسمى بالسلام الابراهيمى.

· ولا لنشر منظومة رادارات (اسرائيلية) فى الامارات والبحرين.

· لا للناتو العربى الاسرائيلى ونعم لاحياء اتفاقية الدفاع العربى المشترك فى مواجهة العدو الصهيونى

·لا للسلاح النووى الاسرائيلى، ونعم للسلاح النووى العربى.

·لا للاجتماعات العربية/الاسرائيلية فى النقب وشرم الشيخ والمنامة.

·لا للتفريط فى تيران وصنافير لتحويلهما الى بوابة تطبيع بين السعودية و(اسرائيل).

·لا للحظيرة الامريكية كائنا من كان سائسها؛ ترامب او بايدن.

·لا لاهانة الشعوب العربية باستدعاء وحشد حكامهم بالجملة، لتقديم فروض الولاء والطاعة للسيد الامريكى فى زيارته لمملكة آل سعود.

·لا لانتهاك كل الثوابت الوطنية والعقائدية وتزييف الحقائق التاريخية واهدار الكرامة الوطنية، من اجل الفوز بالرضا الامريكى والصهيونى.

·لا لهذا الخوف العربى الرسمى الذى أضاع الأمة والأرض والكرامة.

·لا للمحميات الامريكية وألف لا للمحميات الاسرائيلية.

·لا لعودة عصور الاحتلال والاستعمار والعبودية.

·ولا لهذا النظام العربى الرسمى الذى انتهت صلاحيته منذ غزو العراق.

·لا للاستبداد وتكميم الافواه وحصار كل من يعارض ويقاوم اسقاط أوطاننا فى براثن أمريكا و(اسرائيل) والصهيونية.

*****

13 يوليو 2022

12 يوليو 2022

مصطفى منيغ يكتب: ما أَصْبَرَه حفظَهُ الله ونَصَرَه

تقديس الوطن تربية وأخلاق ترعرعنا على فضائلها مذ كان الوطن وطناً ، فما عسانا تسجيله عمَّن انحازوا لجعله وعاء انتعاشٍ لطموحاتهم غير المشروعة هدفاً (حسب نفاقهم السياسي) وازِناً ، غير ما يَحْياهُ في كآبةٍ طالَ أمدها وقد تشتَّتت تلك القيم بين مواسم تبكي زمناً ، كان المغرب فيه منارة خُلقٍ حميد ومنبع رأيٍ سديد ومدافع عن كرامته ببأس شديد لا مكان فيه لمن اتخذَ الجِّد بُهتاناً ، ولا حَكَمَ بالبراءة على مَن اغتصبَ أو قام بجُرم الزنا ، ولا مَن ضربَ صارخا بالحق عن رأي حر لتحويل صاحبه شيئاً عديم القيمة مُهاناً.

اليوم تآكلت تلك القدسية لُتقاس أخرى على مِقياس أشخاصٍ لا يهمهم مثل التخريف (كما يدَّعون) بل لا يقيمون لمصدره وَزناً ، تربعوا باسم القداسة على أحسن ما في المغرب أرضاً كانت أو ثغور بحرين أو أجزاء ضفتي نهر أو ما تحويه خزانات مِمَّا صداه رَنَّاناً ، يلمع كالماس فَاقِع اصفراره كالذهب المُغلّف (للتمويه) بالنحاس عند تهريبه ولا أحد غيرهم في الساحات العمومية الرسمية أو الخاصة له مَكاناً .

الكل فقد طبيعته لا الشوارع منظمة ولا الحدائق بنجوم الأرض مفعمة ولا أسوار واقية غير مُكسَّرة حتى الأشجار هرب عنها اخضرارها فبدت كالسائل عَوْناً ، والمقصودة مدينة "فاس" عاصمة العلم في المغرب وكما يزيدون عليها أم الحضارة اعترافا لها ولمقامها عِرفاناً ، ضاع كل ذلك لتعود أسوأ مما بدأت حينما كانت ترى في جارتها "صفرو" المدينة الراقية قوماً ومَسكَناً. ... فَسُدَت "فاس" لتلتحقَ بتهميش ما هو شائع فيها كالصناعة التقليدية وعدم القدرة على تخطيط نماء متدرّج نحو الأفضل بتنسيقٍ مع وجود جامعة مبدعة تساير كفاءة طاقاتها البشرية ولا تنساق خلف السياسة التعليمية الحكومية المُتَجهة نحو الفلاس المبين شكلاً ومضمونا.

... "فاس" تُتَّخذ الآن مدخلا لانحطاط عصر يسرِي مفعوله على باقي المدن ابتداء من "وجدة" لغاية "طنجة" لأسباب قابلة للنشر بما تتطلَّبه من توضيحات مسهبة لا شك في مصداقيتها نَبعاً وبيانا ، إذا رأينا " فاس" من علو سمائها تعَجَّبنا ، من هول حقائق منها تلك الأراضي وما تكوِّنه من مساحات مُستغلَّة من طرف أصحاب النفوذ العليا منصباً ومكاناً ، وأيضا ما تنتجه المُشاهَدُ بوفرةٍ في دكاكين وأسواق المدينة أصنافا لها في ضيعات قريبة مقراً وعنوناً ، معرجين على "صفرو" لنقف وما شُيّدَ من أجله سد "علال الفاسي" لتيقنا ، أن المحصول المادي يُصرفُ خارج "فاس" ولا يُترك منه قيد أنملة بل يرحل مستوراً مُصاناً، حتى مسبح "عين الله" المُغطَّى التابع لجماعة "سَبْعْ رْوَاضِي" القروية أُنجِز بقرض لا زالت الجماعة منهمكة في رده لسنوات طوال ضغطا وامتحانا ، قس على ذلك ما أسِّست عمالة " إقليم (محافظة) مولاي يعقوب (الكائن مقرها بمدينة "فاس" ذاتها) ، لتكون مصارف أي تشييد أو إصلاح أو صيانة من ميزانيات هذه المؤسسة التنفيذية بجماعاتها القروية والحضرية التابعة لوزارة الداخلية .

الحاصل في "فاس" يبقى النَّموذج المهم لما ينطبق على العديد من المدن الكبرى بل وما يُطبَّق عليها من مص واضح لخيرات وُضعت في قائمة المنفعة الخاصة لنفس ذوي النفوذ البالغة ثروتهم ما يكفي ويزيد بكثير عن حاجيات المملكة المغربية من أموال تغطى مديونتها الخارجية بالكامل ، وتوفر لكل تلك المدن ما تتطلبه من استثمارات تُلحقها بأرقى المدن العالمية ، بل وتقضي على البطالة القضاء المبرم وفي كل التخصصات ، وتشييد من الجامعات العمومية ما يغطي الطلب عليها من أبناء الشعب المغربي قاطبة ، وتوفير المستشفيات العاملة على تمثيل أجهزة الاستشفاء ذات القيم المعتبرة والمقاييس المطلوبة في كل الحواضر والقرى النموذجية ستكون بمثل الوضعية ، وهكذا نضع اليد على من يؤخر المغرب ويقدم نفسه ، بل من يولِّد الفقر والمآسي الاجتماعية الخطيرة ، ومن يزكِّي غِناه المُهول . طبعا العالم من حول المغرب يعلم بذلك ويقدِّر صبر الشعب المغربي العظيم ، ولن يسكت متى آن الأوان لوضع كل في الموقع الذي يستحقه ، إذ عصر استرجاع الشعوب حقها في حكم نفسها بنفسها أصبح ضرورة تلوِّح بفرض وجودها قريبا . فما اصبر هذا الشعب المغربي حفظه الله ونصره وأيد الباري الحي القيوم ذو الجلال والإكرام كل خطوة يرقى بها سلم تحقيق ما يطمح اليه داخل وطن ، الركوع للبشر يُحرَّم بواسطة دستور مُعدّ من طرف حكماء الشعب وليس من بعض زعماء حُكامِ هذا الشعب .

مدينة سبتة : 

12/07/2022

mounirhcanada@gmail.com

04 يوليو 2022

سيد أمين يكتب: مأساة العربية في موطنها

 

هناك العديد من الأخطار التي تواجه اللغة العربية في داخل أقطارها، وتشكل تهديدا جوهريا لها، ورغم ذلك لا وجود لأي ردّ جادّ ومناسب من قبل الجهات المختصة بحماية الثقافة والتراث والهوية تجاهها، خاصة أن اللغة تشكل في الواقع هوية البلاد، وبالانتساب إليها أطلق علينا “البلاد العربية”.

وما يزيد الطين بلة، أن الإعلام بكافة أنواعه الرسمي والخاص، يتصدر قائمة أكثر الوسائل مساهمة في تسارع وتيرة هذا الانهيار، مع ملاحظة أن هذا الإعلام في البلدان العربية -بكل أنواعه أيضا- يخضع لرقابة الدولة الصارمة، ولا يمكن أن يمرّ أي توجه فيه دون رغبة السلطة.

ومن جانب آخر، أضفت مسألة العولمة، والتفوق التكنولوجي الغربي، وتدفق الإعلام من شمال العالم إلى جنوبه حيث تقبع أمتنا العربية، والإعلام الإلكتروني، ولغته، وأدواته، وطبيعة مستخدميه، تعقيدا كبيرا للأزمة، مسّ بضرّ جميع لغات العالم تقريبا، وفي مقدمتها العربية.

ومصدر فداحة الضرر الواقع على اللغة العربية هنا يعود إلى ما تمتلكه من رصانة وبلاغة لا تتناسب مع تعجل ومحدودية ثقافة ووعي الكثير من مستخدمي تلك التقنيات والتطبيقات.

وفي المقابل جاء الأمر ذاته بفائدة كبيرة للغات المسيطرة على الإنترنت في العالم كالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والصينية.

 اللهجات العامية

وتأتي مشكلة اللهجات “العامية” أو “الدارجة”، لتضرب اللغة العربية في مقتل، نظرا لأن الطعنة هنا تأتيها من الناطقين بها، وممن يفترض فيهم حمايتها.

فالعامية لم تكتف بابتذال الكلمات والمصطلحات وتسطيحها، بل إنها اختلقت كلمات ومصطلحات ومعاني لتشكل قواميس خاصة بها، وجرى الترويج لها تحت شعارات خادعة، كالشبابية، والعصرية، وخفة الدم.. إلخ.

هذا الابتذال أضر خارجيا باللغة العربية حيث كان سببا في وقف بعض الجامعات العالمية إيفاد طلابها لدراسة العربية في بيئتها الأصلية، لأنهم كانوا يعودون ولم يتعلموا العربية، ولكنهم تعلموا لهجات البلاد التي أوفدوا إليها.

والأنكى من ذلك أنه تم “تغريب” ونبذ من يتحدث العربية الفصحى في الشارع ووسائل الإعلام، والسخرية منه، باعتباره يعاني من إعاقة ذهنية، مع أنهم هم -وليس هو- الأحق بتلك السخرية.

وهناك من دلل على أن انتشار اللهجات العامية في البلدان العربية تم بقصد استعماري، حيث ذكرت الدكتورة نفوسة زكريا سعيد في كتابها “تاريخ الدعوة إلى العامية في مصر”، أن هذه الدعوة بدأت في منتصف القرن التاسع عشر على يد كتاب ومستشرقين أجانب، ونجح الأمر بعد دعوات “التمصير” التي حدثت بعد ذلك، فخرجت “العامية المصرية”.

وغني عن البيان أن الاستعمار البريطاني حينما عجز عن فرض لغته في البلاد بسبب تفشي الفقر والأمية، عمل على فصل مصر من محيطها العربي تحت دعاوى “تمصير” لغتها العربية.

ولكن من بوارق الأمل، أن العامية العربية واجهت أيضا معضلات في طريقها لتحل محل العربية الفصيحة، أهمها أن كل قطر أو إقليم عربي صارت له لهجته الخاصة، مما تعذر معه انتشار لهجة عامية موحدة، ورجح انتشار اللهجات العربية المسيطرة بسبب السينما والإعلام ووسائل التواصل، كالمصرية والسورية، فقلل ذلك من حدة تشظي اللهجات.

كما زكى شعور الانتماء العربي حالة التفاعل بين اللهجات المحلية والتقريب بينها، خاصة أن العربي من الخليج إلى المحيط مهتم بطبيعته بما يحدث في باقي الأقطار العربية، وبالتالي فهو مضطر لفهم لهجاتها والتواصل مع سكانها، وهو ما ساعد على تقريب الألسنة.

كما أن الكثير من اللهجات الدارجة في مناطق البادية لا تزال تستخدم الألفاظ والمصطلحات التي امتازت بها العربية الرصينة.

 اللغات الأجنبية

ومن الأخطار التي تحيق بلغتنا القومية، ذلك السيل الجارف من المدارس الأجنبية التي تفشى إنشاؤها في جميع البلدان العربية، يرافقه طوفان من مدارس اللغات الخاصة والحكومية، بما لا يتناسب في الكم والكيف مع المدارس المعنية بتدريس العربية.

وخذ مثلا مصر؛ فقد كشفت دراسة بجامعة جنوب الوادي تحت عنوان “نشأة وتطور مدارس اللغات التجريبية الرسمية في مصر وبداية انتشارها” للباحث صبري الأنصاري إبراهيم وآخرين أن “مصر انفردت عن باقي الدول العربية والإسلامية في نهاية السبعينيات بإنشاء مدارس لغات رسمية، ثم صدر بعد ذلك القرار الوزاري رقم 94 لسنة 1985لتنظيمها”.

وغني عن البيان أنه جرى في ذات التوقيت، توقيع اتفاقية كامب ديفد التي أحدثت تطبيقات شروطها السرية التي تتكشف بين الحين والآخر تغييرات سلبية كبيرة في المجتمع المصري، ومن غير المستبعد أن يكون تغيير طبيعة التعليم بينها.

ولقد كانت هناك اعتراضات كبيرة من قبل التربويين والمهتمين بالتعليم على تلك المدارس لما تؤدي إليه من تشتيت الهوية الوطنية والإضرار باللغة العربية، لكن الأمر استقر لهذه المدارس وبدأت تتوسع حتى وصل عددها طبقا لإحصائية حديثة لوزارة التربية والتعليم المصرية إلى 2397 مدرسة.

هذا في حين تتردد معلومات بين التربويين -لا نستطيع التحقق منها- بأنه منذ عام 1990 لم يتم بناء مدارس حكومية عربية جديدة.

يقابل ذلك تقزيم لدور المدارس الأزهرية، سواء في الكليات التي يمكن الالتحاق بها، أو في توظيف خريجيها، مع كثافة المناهج، وعجز هائل في المعلمين، وزيادة نسب التسرب التعليمي، كل ذلك غيبها من أولويات الطلاب وأولياء الأمور، وأخرجها من المنافسة.

كما يظهر الإعلام شريكا في الجريمة مرة أخرى، حيث تظهر الأعمال الدرامية والفنية أن من لا يدخل في حديثه الكلمات الأجنبية هو الأقل تعليما ووعيا وثقافة مقارنة بغيره.

……

لذلك يجب على الحكومات العربية أن توقن بأنه لا يمكن أن يستقر انتماء في نفوس طلاب لا يتعلمون لغتهم، ولا يدرسون ثقافتهم، وأن من يزرع الشوك يجني الجراح.

لتخطي الحجب | https://ajm.me/y963da
لقراءة المقال كاملا ◀️ |https://ajm.me/w8753t

02 يوليو 2022

محمد سيف الدولة يكتب: أُم الهزائم


من أعمال الفنانة ريم أمين

Seif_eldawla@hotmail.com

اذا نجح الامريكان فى تأسيس وتمرير مشروع التحالف العسكرى بين العرب و(اسرائيل)، فانه سيكون من اخطر الاعتداءات التى تعرضنا لها فى الـ 75 عاما الماضية ومن اشد الهزائم التى لحقت بنا، من حيث هو ليس فقط تخليا عن الثوابت الوطنية والقومية والعقائدية وتبنى لرواية العدو الصهيونى، بل هو فوق ذلك تسليم قيادة المنطقة الى هذا العدو، وتوظيف الامكانيات العسكرية العربية لحماية امنه الذى تقوم فلسفته الاساسية على القضاء على الوجود العربى وتجريده من كل عناصر القوة والامن والقدرة على الدفاع عن النفس.

انها هزيمة اخطر من كل هزائمنا الكبرى فى 1948 و1967 وكامب ديفيد واوسلو والغزو الامريكى للعراق، انها أم الهزائم:

 ففى 1948 كانت النكبة والهزيمة التى لحقت بستة جيوش عربية واحتلال 78 % من ارض فلسطين، هى النتيجة الطبيعية لأمة تقبع تحت الاحتلال الاوروبى منذ عقود طويلة. وكان وقتها العالم بعد الحرب العالمية الثانية على شفا تغيرات كبرى تتبدل فيه مراكز القوى العالمية وتسلم القوى القديمة الراية الى القوى الجديدة التى برزت بعد الحرب، وكان مخاض ثورات وحركات التحرر الوطنى فى العالم العربى وكل بلدان العالم الثالث يختمر للخروج من قبضة الهيمنة الاوروبية. أى أن الظروف الدولية والاقليمية والداخلية كانت كلها مهيئة ومبشرة وواعدة بالخروج من عصر الهزيمة والاستعمار واعادة بناء النفس وترميم ما انكسر وهو ما حدث بالفعل فى السنوات من 1956 الى 1973.

· اما بعد 1967 ورغم الهزيمة القاسية والمهينة واحتلال ما تبقى من فلسطين بالاضافة الى سيناء وهضبة الجولان، فلقد رفض العرب شعوبا وحكاما الهزيمة والتوقيع على وثيقة وشروط الاستسلام وتمسكوا وأكدوا على الثوابت العربية والفلسطينية فى مواجهة الادعاءات الصهيونية والاملاءات والضغوط الامريكية، وأصدروا بيانهم الشهير فى مؤتمر الخرطوم وشرعوا على الفور فى التضامن والاعداد لمعركة تحرير الارض وازالة اثار العدوان التى كانت حرب 1973 هى ذروتها.


·وحتى جريمة توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر و (اسرائيل) وما وجهته من طعنة فى الظهر الى فلسطين والامة العربية وامنها القومى، بعد انسحاب مصر من الصراع والاخلال الرهيب بميزان القوى والتنازل المصرى الرسمى عن فلسطين 1948 للعدو والاعتراف بشرعية دولة الاحتلال، فلم تكن رغم قسوتها هى نهاية المطاف، فلقد اجتمع الجميع انظمة وشعوب وفى القلب منهم الشعب المصرى على رفض المعاهدة والتمسك بالثوابت العربية من تحرير كامل التراب الفلسطينى ومناهضة الصهيونية و(اسرائيل)، وتأسست مئات الحركات واللجان الشعبية لدعم فلسطين ومقاطعة (اسرائيل) ومقاومة التطبيع، واعلن النظام العربى الرسمى حينذاك، صدقا او نفاقا، رفضه اى سلام "منفرد" مع (اسرائيل) الى حين.

 ·وايضا بعد توقيع م.ت.ف على اتفاقيات اوسلو وانكسار ارادتها بعد ان اخرجها الاجتياح الاسرائيلى من لبنان، وقيامها بالاعتراف باسرائيل والتنازل عن فلسطين 1948 وعن الحق فى المقاومة، سرعان ما تكونت اجيال جديدة من المقاومة التى استطاعت ان تطرد الاحتلال عام 2000 من لبنان وتصد عدوانه 2006. وفى الارض المحتلة تصاعدت العمليات الاستشهادية وحاول ابو عمار الانعتاق من قيود اوسلو خاصة بعد اجتياح شارون للمسجد الاقصى وتفجر انتفاضة 2000 العظمى التى هزت المنطقة وكل العالم، والتى استطاعت فرض مطالبها واجندتها على عديد من الدول العربية بما فيها مصر كامب ديفيد، التى اطلقت قيادتها السياسية حينذاك ايدى الاعلام والمعارضة السياسية لدعم فلسطين وتنظيم اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة..الخ، ليتعمق مجددا العداء العربى  (لاسرائيل) شعبيا ورسميا.

· اما الاحتلال الامريكى للعراق فى 2003 بعد 10 سنوات من الحصار، فى اول عدوان عسكرى غربى على بلادنا منذ الحرب العالمية الاولى، والذى كشف وفضح انتهاء صلاحية النظام العربى الرسمى وسقوط شرعيته الى الابد، فانه رغم قسوته قام باطلاق طاقات الغضب العربى الشعبى والسياسى فى العالم العربى من محيطه الى خليجه، والذى كان هو المقدمة الرئيسية التى أدت بعد ثمان سنوات الى تفجر انتفاضات وثورات الربيع العربى فى 2011، والتى كانت نقطة فارقة فى تاريخ العلاقة بين الشعوب وانظمة الحكم، رغم انها لم يكتب لها النجاح والاستمرار.

· الخلاصة انه رغم مرور الوطن العربى وتعرضه لعديد من الاعتداءات والهزائم منذ الحرب العالمية الثانية، الا انها لم تصل ابدا الى ما وصلنا اليه اليوم من انتقال النظام العربى الرسمى بغالبية دوله وانظمة الحكم فيه الى معسكر العدو الصهيونى تحت القيادة الامريكية، للتحالف معه ضد فلسطين وضد الامة وامنها القومى الوجودى وضد مصالحها العليا ومستقبل اجيالها القادمة، فى ظل قبضة فولاذية من الاستبداد تكمم الافواه وتصادر الحريات وتطيح باى معارضة او راى آخر، بحيث لم يبق فى المشهد ولأول مرة، سوى الشعب الفلسطينى بمقاومته الشعبية والمسلحة.

***

· والمفارقة الكبرى هنا ان انظمة الحكم العربية التى قامت بالانقضاض على الثورات العربية واجهضتها وعصفت بكل من شارك فيها، فعلتها بذريعة انها لم تكن سوى مؤامرات خارجية تستهدف اسقاط الدولة الوطنية، وانه يتوجب القضاء على هذه الثورات/المؤامرات لانقاذ الدولة والحفظ عليها، فاذا بالخطوة الاولى التى تتخذها تحت شعار انقاذ دولها الوطنية هى الارتماء فى احضان مايسترو المؤامرات الأكبر، الولايات المتحدة الامريكية، والانخراط فى احلافه الاقليمية تحت قيادة (اسرائيل).

***

·ان أى مقارنة بين قوة وحيوية وثورية وفاعلية ردود الفعل الشعبية بعد 1967 أو بعد غزو العراق على سبيل المثال، وبين حالة الصمت المخزى التى ضربت الغالبية العظمى من قوى وحركات المعارضة العربية اليوم، تكشف عمق الأزمة التى تمر بها بلادنا. وضخامة الجهود المطلوبة للخروج منها والنجاة مما يمكن ان يترتب عليها من عواقب كارثية لسنوات وعقود طويلة قادمة.

***

هذه دعوة لسرعة التداعى والتلاقى والحوار والفعل لانقاذ ما يمكن انقاذه.

*****

القاهرة فى 2 يوليو 2022