29 سبتمبر 2017

سيد أمين يكتب: الطرق الغربية في إدارة المستعمرات العربية

الجمعة 29 سبتمبر 2017 20:05
للسياسة الأمريكية والغربية عامة في وطننا العربي خطوط شبه موحدة لكنها دائمة وراسخة، تتمركز حول هدف استراتيجي واحد هو إقصاء إرادة الشعوب من المشاركة السياسية ووأد أي نشاط يقود إلى مشاركتهم في تقرير مصير أوطانها، وذلك عبر صناعة نخب وقوى ومراكز تحكم تابعة، ولا مانع أيضا من قليل من الوجود الاستعماري الفعلي المباشر، ولا من صناعة بدائل لها مزيفة.

العلمنة والصهينة مقابل الحكم
واتبعت تلك القوى أنماطا ذات خطوط عريضة في سبيل تحقيق هذه الاستراتيجية تبرز أيا منها حساب طبيعة تطورات الحاجة في ميدان المعركة.
ولعل مسألة الدعوة إلى إقصاء الدين من حياة المسلمين العرب أو الثورة الدينية وتجديد الخطاب الديني التي كثر حديث السيسي حولها، تأتى كرد فعل غربي سريع على رغبة الشعوب العربية في الحكم وتقرير المصير عبر حراك الربيع العربي الذي تم وأده، ثم تلاه إرسال الغرب رسائله الضمنية للشعوب العربية التي تتضمن نقاط معيارية واضحة مفادها "العلمنة مقابل المشاركة في الحكم".
ثم أضيف إلى ذلك بند آخر يتضمن إنشاء قوة ردع لضمان تنفيذ البند الأول وعدم النكوص عنه وهو "ريادة إسرائيل على كل المنطقة العربية" وهو ما يفسر انطلاق دعاوى السلام الدافئ وصفقة القرن والهرولة الجماعية لنظم التبعية العربية تجاه تل أبيب.
لكن هذه الرؤية أيضا ما زالت ناقصة، لأنها تسبغ على بعض الحكام جانبا من الوطنية لا يستحقونه مهما كان ضئيلا وبعضا من الإرادة مهما كانت هشة، على خلاف الحقيقة، لأن الحقيقة أن المشاركة السياسية التي قد تسمح بها النظم الغربية للشعوب العربية تلافيا لطول مقاومة شعوبها، تقتصر فقط على منحهم سلطة الوزارات غير السيادية والتي لا تضيف السيطرة عليها أي رصيد للحراك الوطني المقاوم.
ويعني ذلك ضمن أكثر ما يعني أهمية، أن أمتنا العربية ما زالت رهن الاحتلال الأجنبي، وأن ما جري في منتصف القرن الفائت من انقلابات أو "ثورات" - سمها ما شئت – وحركات تحرر واستقلال وطني كانت هي الأخرى مجرد نتائج لتطوير في الحيل الاستعمارية تم من خلاله استبدال الاستعمار المباشر بالاستعمار بالوكالة.

حظر الكتلة
من أهم مسلمات السياسة الغربية والأمريكية في وطننا العربي هو أنها تحظر وبشكل صارم على التيار الإسلامي بكافة تنوعاته الوصول للسلطة بأي شكل، وفي مرتبة أقل قليلا من الصرامة يمتد الحظر ليشمل التيار القومي المنادي بالوحدة العربية، وذلك لكون الغرب يدرك أن العروبة هي التربة الخصبة التي تغذت عليها شجرة الإسلام، ثم في درجة أخيرة يصل الحظر ليطال التيار الاشتراكي الثوري لكونه يتضامن مع الفقراء ويقف مع حقوق الشعوب المظلومة كالشعب الفلسطيني في الاستقلال.
ويأتي الحظر المفروض على الكتل الثلاث في إطار سياسة أوسع من سياسة "حظر الكتلة“، فبقدر اتساع الكتلة السياسية لأية فئة وكثرة عدد أنصارها تزداد قبضة الحظر السياسي عليها صرامة.
ومعنى ذلك أن الغرب يعتبر أن العربي أو المسلم المثالي هو ذلك الذي لا يعبر إلا عن نفسه ولا تعنيه إلا ذاته المفردة، وهو أيضا ذلك الكائن الذي نزعت منه روح العقل الجمعي والإحساس بدور الجماعة، وذلك لأسباب كثيرة جدا أهمها الاعتقاد بأن سبب صمود مجتمعاتنا ضد الذوبان سابقا يعود لتلك الروح الجماعية، وأن الإسلام سيندثر في النفوس لو بقي دينا فرديا.

منظومة زائفة متكاملة
ومن تلك المسلمات أيضا أن أمريكا تقلد الحكومات العربية الحكم، وتنصب معها أيضا معارضتها، وإن لم يقتنع الناس بهذه الثنائية، وفي حالة تنامي حالة التذمر والسخط الشعبي وقبل أن تتمكن قوى المعارضة الحقيقية من الانتصار والوصول للحكم، تتدخل القوى الغربية لتنصب المعارضة العميلة بديلا عن المعارضة الوطنية صاحبة الحق كحكام جدد، مع أنها في الغالب تتدخل لنصرة النظام القديم إن كان هناك متسع لإخماد غضبة الشعب.
ولعل هذه الاستراتيجية رغم أنها تجعل أمريكا وأوربا المستفيد الوحيد من أية نتيجة للصراع في الحكم، فإنها أيضا تعود عليها بمزيد من المكاسب بسبب تنافس المتنافسين لنيل رضاها عما إذا ناصرت طرفا واحدا من أطراف الصراع.
فضلا عن أن ذلك يخلق عملية ديمقراطية قد تخدع الشعوبيين العرب البسطاء، رغم أنها عملية ديكورية وتحت السيطرة الأمريكية.
وتكشف التحذيرات التي يرددها من حين لآخر أقطاب في دوائر حكم عربية عن عمق خشيتهم من هذه الاستراتيجية والتي تلخصها مقولتهم "المتغطي بأمريكا عريان"، مع أن تلك النظم في الأساس هي صنائع أمريكية وليس لها بدائل سوي ما تمنحه لها أمريكا من غطاء قد تسحبه منها متى شاءت.
هذه مجرد خطوط عريضة لبعض السياسات الغربية في وطننا العربي التي تبدت للعيان مؤخرا، ضمن سلة واسعة من السياسات شديدة العمق والاحتراز، جعلت من هذا الوطن لقمة سائغة في فم أعدائه، وجعلته هو ذاته ميدانا لمعركة، المنتصر والمهزوم فيها عربي.
ولكن لا ننسى أن الربيع العربي وحده يعود له الفضل في كشف تلك السياسات.

لقراءة الموضوع كاملا اضغط هـــــــــــنا

لكسر الحجب اتبع الروابط التاليــــــــــــــة

26 سبتمبر 2017

محمد سيف الدولة ينشر: الوثيقة الصهيونية لتفتيت الأمة العربية

قمت بنشر هذه الوثيقة لأول مرة بعد أن كتبت لها التقديم التالى فى 22 مارس 2003، اثناء الغزو الأمريكى للعراق، ومنذ ذلك الحين أعدت، طبعها ونشرها عشرات المرات، وأعيد نشرها اليوم فى ظل التطورات الدائرة اليوم من محاولات سلخ وانفصال كردستان عن العراق وعن العالم العربى، بمباركة ورعاية صهيونية.
***
التقديم :
1ـ فى عام 1982 نشرت مجلة " كيفونيم " التى تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية ، وثيقة بعنوان " استراتيجية اسرائيلية للثمانينات ". ولقد نشرت الوثيقة باللغة العبرية ، وتم ترجمتها الى اللغة العربية ، وقدمها الدكتور / عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين فى قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988 .
2ـ ولقد رأيت اهمية اعادة نشر هذه الوثيقة الآن للأسباب الآتية :
· ان تقسيم العراق كأحد اهداف العدوان الامريكى على العراق هو أحد الافكار الرئيسية الواردة فى الوثيقة المذكورة .
· ان الخطط الحالية الساعية لفصل جنوب السودان وتقسيمه ، هى ايضا ضمن الافكار الواردة فى الوثيقة .
· ان الاعتراف الرسمى بالامازيغية كلغة ثانية ، بجوار اللغة العربية فى الجزائر هى خطوة لا تبتعد عن التصور الصهيونى عن المغرب العربى
· ان مخطط تقسيم لبنان الى عدد من الدويلات الطائفية ، الذى حاولت الدولة الصهيونية تنفيذه فى السبعينات والثمانينات من القرن الماضى ، وفشلت في تحقيقه ، هو تطبيق عملى لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان .
· ان الحديث الدائر الآن فى الاوساط الصهيونية حول تهجير الفلسطينيين الى الاردن ، والتخوفات العربية من استغلال اجواء احتلال العراق لتنفيذ ذلك ، هو من اساسيات الافكار المطروحة فى الوثيقة
· واخيرا وليس آخرا ، ان الاخطار التى تتعرض لها مصر ، واردة بالتفصيل فى الوثيقة الصهيونية .
3 ـ والحديث عن وثيقة من هذا النوع ، ليس حديثا ثانويا يمكن تجاهله ، فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم فى مزيد من التفتيت لامتنا العربية والاسلامية . كما أن تاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة ، بدأت افكارا ، وتحولت الى اتفاقات ووثائق ، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن :
· فمعاهدة لندن 1840 سلخت مصر منذئذ وحتى تاريخه عن الامة العربية . فسمحت لمحمد على واسرته بحكم مصر فقط ، وحرمت عليه أى نشاط خارجها . ولذلك نسمى هذه الاتفاقية " اتفاقية كامب ديفيد الأولى ".
· واتفاقية سايكس بيكو 1916 قسمت الوطن العربى ، هذا التقسيم البائس الذى نعيش فيه حتى الآن ،والذى جعلنا مجموعة من العاجزين ، المحبوسين داخل حدودا مصطنعة ، محرومين من الدفاع عن باقى شعبنا وباقى ارضنا فى فلسطين او فى العراق او فى السودان .
· ووعد بلفور 1917 كان المقدمة التى ادت الى اغتصاب فلسطين فيما بعد .
· تم تلاه وقام على اساسه ، صك الانتداب البريطانى على فلسطين فى 29 سبتمبر 1922 ، الذى اعترف فى مادته الرابعة بالوكالة اليهودية من أجل انشاء وطن قومى لليهود . فأعطوا بذلك الضوء الأخضر للهجرة اليهودية الى فلسطين .
· فلما قوى شأن العصابات الصهيونية فى فلسطين ، أصدرت لهم الامم المتحدة ، قرارا بتقسيم فلسطين فى 29 نوفمبر 1947 ، وهو القرار الذى اعطى مشروعية للاغتصاب الصهيونى . وانشأت بموجبه دولة اسرائيل . وهو القرار الذى رفضته الدول العربية فى البداية . وظلت ترفضه عشرون عاما
· لتعود وتعترف به بموجب القرار رقم 242 الصادر من الامم المتحدة فى 1967 ، الذى ينص على حق اسرائيل فى الوجود ، و حقها أن تعيش فى أمان على أرض فلسطين المغتصبة .
· وعلى اساس هذا القرار أبرمت معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة فى 26 /3 / 1979 ، والتى بموجبها خرجت مصر من الصراع العربى ضد المشروع الصهيونى ، واعترفت باسرائيل وتنازلت لها عن 78 % من فلسطين .
· لتلحق بها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 ثم الاردن 1994 واخيرا جامعة الدول العربية عام 2002 .
· كل ذلك وغيره الكثير ، بدأ افكارا ، واهدافا استعمارية ، وتحول فيما بعد الى حقائق .
· وبالتالى ليس من المستبعد أبدا ان تتحول الافكار ، التى وردت فى الوثيقة الصهيونية المذكورة ، الى امر واقع ولو بعد حين . خاصة الآن بعد الاحتلال الامريكى للعراق ، ومخاطر التقسيم التى تخدم ذات التصور الصهيونى عن المنطقة .
4- والوثيقة الصهيونية منشورة فى الصفحات التالية بنص كلماتها و فقراتها ، مع فرق واحد ، هو اننى أخذت ما جاء متفرقا بالوثيقة بخصوص كل قطر ، و قد قمت بتجميعه فى فقرة واحدة ،وحاولت ترقيمه وتبنيده ، لتسهل متابعته .
5- وأخيرا فان الهدف الذى رجوته من نشر هذه الوثيقة ، هو أن ننظر الى العدوان علينا فى مساره التاريخى . وأن نراه على حقيقته كمخطط ، موحد ، منتظم ، متسلسل ، ممتد . وأن نحرر أنفسنا من منطق التناول المجزأ لتاريخنا ، الذى يقسمه الى حوادث منفصلة عن بعضها البعض .
آملا فى النهاية ألا تقتصر حياتنا على مجموعة من الانفعالات وردود الفعل اللحظية المؤقتة ، التى تعلو وقت الشدة ، وتخبو فى الاوقات الاخرى . فتاريخنا كله ومنذ زمن بعيد ، ولزمن طويل آت ، هو وقت شدة .
محمد سيف الدولة
***
انتهى التقديم وفيما يلى نص الوثيقة بعد المعالجة.
نص الوثيقة الصهيونية
اولا : نظرة عامة على العالم العربى والاسلامى :
1) ان العالم العربى الاسلامى هو بمثابة برج من الورق أقامه الاجانب ( فرنسا وبريطانيا فى العشرينيات ) ، دون أن توضع فى الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم .
2) لقد قسم هذا العالم الى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة ، والتى تعادى كل منهما الأخرى وعليه فان كل دولة عربية اسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقى والاجتماعى فى الداخل الى حد الحرب الداخلية كما هو الحال فى بعض هذه الدول .
3) واذا ما اضفنا الى ذلك الوضع الاقتصادى يتبين لنا كيف أن المنطقة كلها ، فى الواقع ، بناء مصطنع كبرج الورق ، لايمكنه التصدى للمشكلات الخطيرة التى تواجهه.
4) فى هذا العالم الضخم والمشتت ، توجد جماعات قليلة من واسعى الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء . ان معظم العرب متوسط دخلهم السنوى حوالى 300 دولار فى العام .
5) ان هذه الصورة قائمة وعاصفة جدا للوضع من حول اسرائيل ، وتشكل بالنسبة لاسرائيل تحديات ومشكلات واخطار ، ولكنها تشكل أيضا فرصا عظيمة ….
***
ثانيا – مصر
1) فى مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية فى مصر العليا ، حوالى 8 مليون نسمة . وكان السادات قد اعرب فى خطابه فى مايو من عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة أى دولة لبنانية مسيحية جديدة فى مصر ..
2) والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن فى ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكانى فى العالم .
3) وبخلاف الجيش فليس هناك أى قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية
4) والدولة فى حالة دائمة من الافلاس بدون المساعدات الخارجية الامريكية التى خصصت لها بعد اتفاقية السلام .
5) ان استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطى يجب اذن أن يكون هدفا أساسيا من الدرجة الاولى اليوم…. ان المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد اعادة سيناء ، وسوف يفعلون كل مافى وسعهم لكى يعودوا الى احضان العالم العربى ، وسوف نضطر الى العمل لاعادة الاوضاع فى سيناء الى ماكانت عليه ….
6) ان مصر لاتشكل خطرا عسكريا استراتيجيا على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلى ، ومن الممكن اعادتها الى الوضع الذى كانت عليه بعد حرب يونية 1967 بطرق عديدة .
7) ان اسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت فى عام 1956 وتأكد زوالها فى عام 1967 .
8) ان مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هى بمثابة جثة هامدة فعلا بعد سقوطها ، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتى سوف تزداد حدتها فى المستقبل . ان تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف اسرائيل السياسى فى الثمانينات على جبهتها الغربية .
9) ان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة ، على عكس ماهى عليه الآن ، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة ، وهذا الامر هو اليوم متناول ايدينا .
10) ان دول مثل ليبيا والسودان والدول الا بعد منها سوف لايكون لها وجود بصورتها الحالية ، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التى ستتعرض لها مصر . فاذا ماتفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخر . ان فكرة انشاء دولة قبطية مسيحية فى مصر العليا الى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التى تتمتع بالسيادة الاقليمية فى مصرـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هى وسيلتنا لاحداث هذا التطور التاريخى .
***
ثالثا - ليبيا
ان القذافى يشن حروبه المدمرة ضد العرب انفسهم انطلاقة من دولة تكاد تخلو من وجود سكان يمكن أن يشكلوا قومية قوية وذات نفوذ . ومن هنا جاءت محاولاته لعقد اتفاقيات باتحاد مع دولة حقيقية كما حدث فى الماضى مع مصر ويحدث اليوم مع سوريا .
* * *
رابعا – السودان:
وأما السودان أكثر دول العالم العربى الاسلامى تفككا فانها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى ، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية افريقية الى وثنيين الى مسيحيين .
***
خامسا – سوريا
1) ان سوريا لاتختلف اختلافا جوهريا عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكرى القوى الذى يحكمها . ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان ، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية .
2) ان تفكك سوريا والعراق فى وقت لاحق الى اقاليم ذات طابع قومى ودينى مستقل ، كما هو الحال فى لبنان ، هو هدف اسرائيل الاسمى فى الجبهة الشرقية على المدى القصير ، فسوف تتفتت سوريا تبعا لتركيبها العرقى والطائفى الى دويلات عدة كما هو الحال الآن فى لبنان .
3) وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دويلة علوية
4) وفى منطقة حلب دويلة سنية
5) وفى منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التى فى الشمال
6) وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة فى الجولان التى نسيطر عليها
7) وكذلك فى حوران وشمال الاردن وسوف يكون ذلك ضمانا للامن والسلام فى المنطقة بكاملها على المدى القريب . وهذا الامر هو اليوم فى متناول ايدينا .
***
سادسا – العراق
1) ان العراق لاتختلف كثيرا عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والاقلية من السنة ، ان 65% من السكان ليس لهم أى تأثير على الدولة التى تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% الى جانب الأقلية الكردية الكبيرة فى الشمال
2) ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول ، لما كان بالامكان ان يختلف مستقبل العراق عن ماضى لبنان وحاضر سوريا .
3) ان بشائر الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم ، خاصة بعد تولى الخمينى الحكم ، والذى يعتبر فى نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقى وليس صدام حسين .
4) ان العراق الغنية بالبترول والتى تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلى هى المرشح التالى لتحقيق أهداف اسرائيل .
5) ان تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا
6) ان فى قوة العراق خطورة على اسرائيل فى المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى .
7) وسوف يصبح بالامكان تقسيم العراق الى مقاطعات اقليمية طائفية كما حدث فى سوريا فى العصر العثمانى
8) وبذلك يمكن اقامة ثلاث دويلات ( أو أكثر ) حول المدن العراقية
9) دولة فى البصرة ، ودولة فى بغداد ، ودولة فى الموصل ، بينما تنفصل المناطق الشيعية فى الجنوب عن الشمال السنى الكردى فى معظمه .
***
سابعا- لبنان :
أما لبنان فانها مقسمة ومنهارة اقتصاديا لكونها ليس بها سلطة موحدة ، بل خمس سلطات سيادية ( مسيحية فى الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها اسرة فرنجيه ، وفى الشرق منطقة احتلال سورى مباشر ، وفى الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب ، والى الجنوب منها وحتى نهر الليطانى دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هى فى معظمها من الفلسطينيين ، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالى نصف مليون من الشيعة ) .
ان تفتت لبنان الى خمس مقاطعات اقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربى بما فى ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية .
***
ثامنا- السعودية والخليج
1) ان جميع امارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول .
2) وفى البحرين يشكل الشيعة أقلية السكان ولكن لانفوذ لهم .
3) وفى دولة الامارات العربية المتحدة يشكل الشيعة أغلبية السكان
4) وكذلك الحال فى عمان
5) وفى اليمن الشمالية وكذلك فى جنوب اليمن .. توجد اقلية شيعية كبيرة .
6) وفى السعودية نصف السكان من الاجانب المصريين واليمنيين وغيرهم بينما القوى الحاكمة هى اقلية من السعوديين .
7) واما فى الكويت فان الكويتين يشكلون ربع السكان فقط
8) ان دول الخليج والسعودية وليبيا تعد أكبر مستودع فى العالم للبترول والمال ولكن المستفيد بكل هذه الثروة هى أقليات محدودة لاتستند الى قاعدة عريضة وأمن داخلى ، وحتى الجيش ليس باستطاعته أن يضمن لها البقاء .
9) وان الجيش السعودى بكل مالديه من عتاد لايستطيع تأمين الحكم ضد الاخطار الفعلية من الداخل والخارج . وماحدث فى مكة عام 1980 ليس سوى مثال لما قد يحدث .
10) ان شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن أن تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج وهذا الامر فى مجمله ليس بمستحيل على الأخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادى المترتب على البترول أو قل فى المدى القريب . ان الفوضى والأنهيار الداخلى هى أمور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير اساس 
***
تاسعا – المغرب العربى :
1- ففى الجزائر هناك حرب أهلية فى المناطق الجبلية بين الشعبين الذين يكونان سكان هذا البلد
2- كما أن المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الاسبانية بالاضافة الى الصراعات الداخلية التى تعانى منها كل منهما
3- كما أن التطرف الاسلامى يهدد وحدة تونس
***
عاشرا ـ ايران وتركيا وباكستان وافغانستان :
1- فايران تتكون من النصف المتحدث بالفارسية والنصف الآخر تركى من الناحية العرقية واللغوية ، وفى طباعه أيضا .
2- واما تركيا منقسمة الى النصف من المسلمين السنية أتراك الاصل واللغة ، والنصف الثانى أقليات كبيرة من 12 مليون شيعى علوى و6 مليون كردى سنى .
3- وفى افغانستان خمسة ملايين من الشيعة يشكلون حوالى ثلث عدد السكان .
4- وفى باكستان السنية حوالى 15 مليون شيعى يهددون كيان هذه الدولة .
***
الاردن وفلسطين :
1) والأردن هى فى الواقع فلسطينية حيث الأقلية البدوية من الأردنيين هى المسيطرة ، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الادارى . وفى الواقع تعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس
2) وهى هدف استراتيجى وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك أنها لن تشكل أى تهديد حقيقى على المدى البعيد بعد تفتيتها
3) ومن غير الممكن أن يبقى الأردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة . أن سياسة اسرائيل – اما بالحرب أو بالسلم – يجب أن تؤدى الى تصفية الحكم الأردنى الحالى ونقل السلطة الى الاغلبية الفلسطينية
4) ان تغيير السلطة شرقى نهر الاردن سوف يؤدى أيضا الى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربى النهر سواء بالحرب أو فى ظروف السلم .
5) ان زيادة معدلات الهجرة من المناطق وتجميد النمو الاقتصادى والسكانى فيها هو الضمان لأحدث التغير المنتظر على ضفتى نهر الاردن
6) ويجب أيضا عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتى أو أى تسوية أو تقسيم للمناطق …
7) وانه لم يعد بالامكان العيش فى هذه البلاد فى الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب فى الاردن واليهود فى المناطق الواقعة غربى النهر .
8) ان التعايش والسلام الحقيقى سوف يسودان البلاد فقط اذا فهم العرب بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليمبوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر الى البحر ، وأن امنهم وكيانهم سوف يكونان فى الاردن فقط .
9) ان التميز فى دولة اسرائيل بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له أى مغزى
10) وفى أى وضع سياسى أو عسكرى مستقبلى يجب أن يكون واضحا بأن حل مشكلة عرب اسرائيل سوف يأتى فقط عن طريق قبولهم لوجود اسرائيل ضمن حدود آمنة حتى نهر الاردن ومابعده
11) تبعا لمتطلبات وجودنا فى العصر الصعب (العصر الذرى الذى ينتظرنا قريبا)
12) فليس بالامكان الاستمرار فى وجود ثلاثة ارباع السكان اليهود على الشريط الساحلى الضيق والمكتظ بالسكان فى العصر الذرى .
13) ان اعادة توزيع السكان هو اذن هدف استراتيجى داخلى من الدرجة الأولى ، وبدون ذلك فسوف لانستطيع البقاء فى المستقبل فى اطار أى نوع من الحدود ، ان مناطق يهودا والسامرة والجليل هى الضمان الوحيد لبقاء الدولة .
14) واذا لم نشكل أغلبية فى المنطقة الجبلية فاننا لن نستطيع السيطرة على البلاد . وسوف نصبح مثل الصليبيينالذين فقدوا هذه البلاد التى لم تكن ملكا لهم فى الاصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية .
15) ان اعادة التوزان السكانى الاستراتيجى والاقتصادى لسكان البلاد هو الهدف الرئيسى والاسمى لاسرائيل اليوم .
16) ان السيطرة على المصادر المائية من بئر سبع وحتى الجليل الاعلى ، هى بمثابة الهدف القومى المنبثق من الهدف الاستراتيجى الاساسى ، والذى يقضى باستيطان المناطق الجبلية التى تخلو من اليهود اليوم .
*****
انتهت الوثيقة

20 سبتمبر 2017

محمد سيف الدولة يكتب : السيسى يشيد بنتنياهو ويشوه الفلسطينيين

Seif_eldawla@hotmail.com
فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ١٩/٩/٢٠١٧ وجه عبد الفتاح السيسى رسالتين: الاولى الى الفلسطينيين والثانية الى ما اسماه بالشعب الاسرائيلى، كان الهدف منهما هو تشويه الفلسطينيين والإشادة بنتنياهو.
ففى الاولى ناشد الفلسطينيين ان يتعلموا التعايش مع الآخر وكأن الشعب الفلسطينى شعبا متطرفا يرفض التعايش مع الإسرائيليين لعنصريته او طائفيته او معاداته للسامية، وليسا شعبا يعيش تحت ويلات الاحتلال.
كيف يمكن ان يتعايش اى شعب حر او أى انسان سوى مع الاحتلال، مع من سرقوا وطنه، وطردوه وشردوه، وارتكبوا ضده كل أنواع المذابح على امتداد ما يزيد عن سبعين عاما، ولم يتوقفوا يوما عن القتل وحروب الابادة والتصفية والاغتيال والتوقيف والأسر، وهدم المنازل وبناء المستوطنات، وسرقة وتهويد المقدسات، وعن الملاحقة واقامة الحواجز والحصار والتجويع وحجز جثامين الشهداء، ومع من يضرب عرض الحائط بكل المواثيق والقرارات الدولية وكل الاتفاقيات الثنائية رغم ما فيها من تنازلات غير وطنية وغير مقبولة. كيف يمكن ان يتعايش أى شعب حر أو انسان سوى مع أكثر احتلال ارهابى وعنصرى عرفه التاريخ.
***
أما رسالته الى ما اسماه "بالشعب" الاسرائيلى فلقد دعاهم فيها ان يتوحدوا خلف قيادتهم، وكأن نتنياهو رجل سلام يرغب فيه ويحاول الوصول اليه لولا المعارضة الشعبية الاسرائيلية. وهو تضليل وتزييف بَيّن ومفضوح، فنتنياهو لا يترك مناسبة الا ويعمل ويصرح فيها بوضوح وحزم بانه لن تكون هناك دولة فلسطينية أو انسحاب من اى ارض محتلة، ولا تنازل عن دولة لليهود فقط او عن بناء المستوطنات ولا تنازل عن القدس الموحدة و لا عن ما يسميه بحقهم التاريخي فى الارض والمقدسات والمسجد الاقصى. انه لص وارهابى ومجرم حرب من الطراز الاول، لم يترك جريمة من جرائم الحروب والابادة الواردة فى المواثيق الدولية لم يرتكبها هو وعصابته من اليهود الصهاينة.
***
لماذا إذن قال السيسى هذا الكلام، رغم انه يدرك جيدا أن الجميع بلا استثناء من الفلسطينيين والمصريين والعرب وحتى الإسرائيليين أنفسهم يعلمون ان هذا الكلام يندرج تحت بند الهراء؟
السبب واضح وهو انه دائما ما ينتهز مثل هذه المنابر الدولية للترويج لنفسه أمريكيا ودوليا واسرائيليا، خاصة وقد قرر منذ بداية توليه السلطة، ان اسرائيل هى بوابته الرئيسية لنيل الرضا والقبول والاعتراف والدعم الامريكى والدولى، وهو ما لم تستطع ان تخفيه "الصورة العار" الملتقطة له فى لقائه مع نتنياهو وهو يقهقه بملء شدقيه، تعبيرا عن عمق شعوره بالألفة والحميمية والأمان مع حليفه الاقليمى الأول فى المنطقة، الذى قدم هو الآخر فاصل من الغزل فى عبد الفتاح السيسى فى خطابه امام الجمعية العامة، هذا الخطاب الكريه الحافل بالأكاذيب والعنصرية والغرور والغطرسة.
انها بالفعل علاقات خاصة ودافئة جدا، تلك التى ظهرت أيضا فى تلعثم السيسى الواضح حين قال فى خطابه المذكور: انه يستهدف أمن وسلامة المواطن "الاسرائيلى" جنبا الى جنب مع أمن وسلامة المواطن "الاسرائيلى". (أيضا)
 لا شك انها كانت زلة لسان، ولكنها على الأغلب لم تكن زلة فى القلب والهوى. فرصيده منذ أن تولى السلطة حتى يومنا هذا زاخر بالتقارب والتنسيق والتحالف مع (اسرائيل) بشكل غير مسبوق لم يجرؤ عليه أى من قادة كامب ديفيد السابقين، حتى السادات ومبارك لم يصلا أبدا الى هذه الحد، وهو ما بُحت أصواتنا فى كشفه وتوضيحه والتحذير منه فى عشرات المقالات السابقة.
*****
القاهرة فى 20 سبتمبر 2017

17 سبتمبر 2017

عبد الناصر سلامة يكتب: بـلاغ إلى النائـب العـام

تنتظر دولة الإمارات العربية حدثاً مهماً يوم الحادي عشر من نوفمبر المقبل، وهو الافتتاح الرسمي لمتحف "اللوفر أبوظبي" بجزيرة السعديات هناك، كامتداد لمتحف "اللوفر باريس"، بالتعاون مع الحكومة الفرنسية بموجب عقد اتفاق، المفاجأة هي أن هذا المتحف يضم العديد من الآثار الفرعونية المصرية، كما ظهر من الصور التي التقطت خلال زيارة تفقدية للمتحف قام بها الأحد الماضي، كل من الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات على قدر كبير من الأهمية، متى خرجت هذه القطع الأثرية من مصر، ومن بينها توابيت كاملة كبيرة الحجم، ومن هو صاحب القرار في هذا الشأن، وإذا كان مصدرها ليس مصر مباشرةً، بمعنى أنها جاءت من لوفر باريس، فهل وافق الجانب المصري على ذلك؟. 
أذكر قبل نحو ٩ سنوات، وتحديداً في عام ٢٠٠٨، قاد الدكتور زاهي حواس، أمين عام المجلس الأعلى للآثار حينذاك، حملة واسعة استهدفت وقف مشروع متحف أبوظبي، بعد ورود معلومات أنه سوف يعرض آثاراً مصرية قائلاً: إن المصالح مع بلدان العالم المختلفة لا تبرر نهب الآثار المصرية وتحويلها إلى بضاعة تباع وتشترى في مشروعات متحفية تقام في دول أخرى، مثلما يحدث الآن بين باريس وأبوظبي، مشيراً إلى أن المجلس لن يتعامل مع الإمارات في هذا الصدد إلا في حدود ضيقة، لأن الكُرة في الملعب الفرنسي، وإنه سوف يرسل خطابا إلى الحكومة الفرنسية، لمنع سفر اثارنا المصرية الموجودة بملكية متحف اللوفر إلى الإمارات، خوفاً عليها من التعرض للتلف وأضرار النقل.
الأكثر أهمية، أنه أشار إلى "اجتماع عقده مع أعضاء اللجنة المشكلة خصيصا من أجل استرجاع الآثار المصرية التي بحوزة متحف اللوفر في باريس، وقال: تم إعداد ملف يتضمن كل الأوراق القانونية والأثرية التي تفند بالوقائع والتوقيتات مراحل خروج اللوحات الفرعونية التي ينوي متحف اللوفر عرضها في أبو ظبي"، وهو الإجراء الذي لم تتضح توابعه، ذلك أنه لم تتواتر أي أنباء بشأنه فيما بعد، ومن المعلوم أن متحف "اللوفر" في العاصمة الفرنسية باريس، يضم خمسة آلاف قطعة أثرية مصرية، بخلاف مائة ألف قطعة أخرى بالمخازن، سُرقت جميعها أثناء الحملات الصليبية، وبصفة خاصة حملة نابليون على مصر. 
المهم أن حملة زاهي حواس وتصريحاته أثارت حينذاك، غضب الجانب الإماراتي الذي نفى بشدة، وقال رئيس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث: ليس هناك بالمتحف قسم خاص بالآثار الفرعونية في الوقت الحالي (لاحظ في الوقت الحالي)، مشيراً إلى أن هناك سوء فهم لطبيعة المشروع أدى إلى خلق انطباع لدى بعض الأوساط الثقافية والأثرية بأن المتحف سيقوم بعرض آثار فرعونية، وهو أمر خاطئ من الأساس، ذلك أن تصريحات حواس في ذلك التوقيت أثارت قلق الجانبين الفرنسي والإماراتي على السواء، وخاصة أن عقد اتفاق إنشاء المتحف الموقع بين كل من أبوظبي وباريس ينص على أنه يضم آثاراً فنية من أنحاء العالم. 
عقب جولة بن راشد وبن زايد في المتحف، ذكرت الأنباء الرسمية الإماراتية، إنهما اطلعا على عدد من الأعمال الفنية التي وضعت في الآونة الأخيرة في المتحف، (لاحظ وضعت في الآونة الأخيرة)، منها مجموعة جنائزية للملكة دوات حتحور حنوت تاوي، وأحد التماثيل القديمة "لأبو الهول" الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد، وغيرها من التماثيل والأعمال الفنية، بما يؤكد أن المعلومات المصرية حينذاك كانت دقيقة، بينما كان النفي الإماراتي للاستهلاك فقط، وذكرت الأنباء أيضاً، أن المتحف سيعرض ٣٠٠ عمل فني مُعار من ١٣ مؤسسة ثقافية فرنسية وأخرى عالمية، تحت سقف ٢٣ قاعة عرض دائمة.
المعلومات تشير أيضاً إلى أن المتحف المشار إليه تتجاوز تكلفة إنشاءه ١٠٠ مليون يورو، بينما تصل قيمة الإتفاقية بين كل من الإمارات وفرنسا، والتي تم توقيعها عام ٢٠٠٧ مبلغ ١،٣ مليار دولار، وستكون جارية لمدة ثلاثين عاماً، وقد منعت الاتفاقية أيضاً استخدام اسم اللوفر في تحقيق مشاريع مماثلة في عدد من الدول هي ، مصر، والسعودية، والكويت، وعمان، والبحرين، وقطر، والأردن، وسوريا، ولبنان، وإيران، والعراق.
على أي حال، الدكتور زاهي حواس على قيد الحياة، وتوجد في مصر الآن وزارة خاصة بالآثار كان يجب عليها أن تتبنى هذه القضية، في الوقت نفسه فقد أصبح الرئيس عبدالفتاح السيسي (في الآونة الأخيرة)، تحديداً منذ شهر يونيو الماضي، رئيساً لمجلس أمناء المتحف المصري الكبير، وهو ما يجعلنا أمام قضية بالغة الأهمية والدلالة في الوقت نفسه، نضعها بكامل تفاصيلها أمام السيد المستشار نبيل صادق النائب العام، أملاً في إطلاع الرأي العام على تفاصيلها من ناحية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو الجهة التي قامت بالتصرف من ناحية أخرى، سواء كانت مصرية أو فرنسية، أو هما معاً.

15 سبتمبر 2017

د. إبراهيم حمّامي: عن مؤتمر المعارضة القطرية المفترض

 الهيل عنصر مأجور بين داعميه الصهاينة

14/09/2017
قبل أسابيع قليلة ظهر موقع تخصص في الدعوة لمؤتمر أسماه "قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي" لم يحدد الموقع مكان المؤتمر ولا جدول أعماله حتىاللحظات الأخيرة، لكنه حدد يوم 14 أيلول/سبتمبر موعداً له
الإعلان جاء فيه: "المؤتمر الأول من نوعه الذي يجمع بين صانعي القرار والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين والقطريين فيي الخارج للتباحث بخصوص أوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام ومكافحة الإرهاب في قطر"
جدول الأعمال الذي تم نشره قبل المؤتمر بساعات تحدث عن 3 محاور تهاجم جميعها قطر هي: "رعاية قطر للجماعات المصنفة إرهابية لزيادة نفوذها في المنطقة"، "انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية داخل قطر"، وأخيراً "دور الجزيرة والقوى الناعمة الأخرى لتحقيق تلك الأهداف"
حضور المؤتمر كان فقط عبر التسجيل المسبق، مع شرط واضح بحق المنظمين "المجهولين" برفض مشاركة اي شخص حسب ما يرونه
في اللحظات الأخيرة تم الإعلان عن مكان المؤتمر بفندق انتركونينتال بالعاصمة البريطانية لندن، وبحسب التقارير فإن الفندق الذي أقيم فيه المؤتمر تم حجزه بالكامل لغايات عقد المؤتمر، ولم يقتصر الأمر على القاعة المستأجرة، فيما قال أحد العاملين فيه إن حجز الفندق كاملاً تم بهدف عدم السماح لغير المدعوين بالدخول يوم انعقاد المؤتمر.
رغم ذلك تم اختراق المؤتمر وإرسال التقارير من داخل قاعاته
الحضور في المؤتمر لم يتجاوز 50 شخصاً منهم قطري واحد مؤكد هو خالد الهيل وآخر عربي لم يعرف من هو، ولذلك لم تكن هناك أي كلمات باللغة العربية
خالد الهيل هذا وبحسب المعلومات التي جمعتها "عربي21" عن خالد الهيل فهو مواطن قطري كان يعمل في إحدى الشركات وتم فصله من عمله، وبعد مغادرته قطر ظهر في مؤتمر صحافي بمقر نقابة الصحفيين المصريين وسط القاهرة، معلنا تدشين ما وصف بـ"أول حركة قطرية معارضة" تحت مسمى "الحركة الشبابية لإنقاذ قطر". ولاحقا أطل الهيل على جمهوره في تسجيل أفاد فيه بأنه تعرض لضغوطات مورست عليه من قبل المخابرات الإماراتية والمصرية لتشكيل ما يعرف بالمعارضة المزعومة، كاشفا أنه هُدد من قبل الدولتين بعد أن تم احتجازه في سجون أمن الدولة في مصر حيث تعرض للتعذيب الذي لا يمكن تحمله، على حد وصفه، وبناء على ذلك استجاب لمطالبهم، وترجى الهيل في الفيديو أمير دولة قطر بالعفو والصفح عنه، معتذرا للشعب القطري عما بدر منه. لكن الهيل عاد مجددا بعد تأجج الأزمة القطرية الخليجية في ما يعرف بمؤتمر المعارضة القطرية في لندن.
بحسب موقع عربي 21 الذي استطاع مندوبه دخول المؤتمر فقد شهد المؤتمر العديد من الكلمات والمداخلات والمناقشات التي كانت جميعها بالإنجليزية، وألقى اللورد بادي آشتون كلمة وجه فيها انتقادا لاذعا للسعودية، وداعيا إلى الكشف عن التقرير الذي أخفته الحكومة البريطانية لأنه تضمن ما يدين السعودية بخصوص دعمها وتمويلها للإرهاب.
المؤتمرأيضاً ندوة خاصة عن السياسة الخارجية لقطر وإيران ومصادر الاستقرار في المنطقة، حيث تحدث في الندوة كل من: دوف زاخيم، وباريا آلمودين، وتورغوت أوغلو. 
طغى على المؤتمر وبحسب مركز لندن للعلاقات العامة حضور ومشاركة أشخاص ومتحدثين اسرائيليين أو مؤيدين ل"إسرائيل" أو معادين للاسلام منهم:
دوف زاخيم: أمريكي/اسرائيلي خدم تحتادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بين عامي 2001-20014 وهو حاخام من اليهود الأرثوذكس، وكان له دور في قطاع الصناعة الحربية الاسرائيلية
الان مندوزا: مؤسس والمدير التنفيذي لجمعية هنري جاكسون، وهي جمعية معروفة بعدائها للاسلام خاصة في أوروبا والمملكة المتحدة، وتدار من قبل مؤيدين ل"إسرائيل" ومحافظين جدد، وآلان مندوزا نفسه كان ضيفاً متحدثاً في مؤتمر "إيباك" المعروف
بيل ريتشاردسون: من المحافظين الجدد ويفاخر بتأييده ل"إسرائيل"
الجنرال شارلز والد: مساعد آمر القوات الأمريكية في أوروبا، ومؤيد قوي لإسرائيل
جيمس روبين: مساعد سابق للخارجية الأمريكية خلال فترة الرئيس كلينتون، معروف بتأييده ل"إسرائيل" وله عدة تصريحات معادية للفلسطينيين
اللواء شلومو بروم: ضابط اسرائيلي خدم في سلاح الجو وتبوأ مناصب رفيعة في قوات الاحتلال وعضو في مؤسسات مرتبطة بوزارة الحرب الاسرائيلية
مركز لندن للعلاقات العامة اتهم الامارات العربية المتحدة عبر سفارتها بتنظيم هذا المؤتمر في رسالة لرئيسة الوزراء البريطانية طالبها فيها ب " طرد السفير الإماراتي سليمان حامد المزروعي من المملكة المتحدة، والتحقيق معه نظرا لمخالفته قواعد الدبلوماسية على خلفية انعقاد مؤتمر يسيء للعلاقات البريطانية القطرية، مشيراً "للانتهاكات الصارخة للمعايير والبروتوكولات الدبلوماسية البارزة التي ارتكبتها السفارة الإماراتية في لندن"
الرسالة جاء فيها أيضاً" أن سفارة الإمارات العربية المتحدة في لندن قد جندت الأفراد والشركات ودفعت لهم من أجل تحقيق هذا الهدف". ومن الواضح أن هذه الإجراءات تقع خارج نطاق ولاية السفارة وواجباتها.، وقالت الرسالة إن سلوك الإمارات العربية المتحدة يعد نفاقا وغير أخلاقي بشكل كبير، وذلك بينما يزج بالشخصيات الحزبية وشخصيات المعارضة في الإمارات العربية المتحدة نفسها في السجون ويتعرضون فيها للتعذيب.، وتضيف الرسالة أن "الإمارات تحظر القيام بأنشطة المجتمع المدني، لكنها تحاول الزعم بأن هذه الحقوق غير موجودة في قطر".
المؤتمركان بإمتياز مؤتمراً إماراتياً شارك فيه داعمون ل"إسرائيل" ومعادون للإسلام وقضايا الأمة بشكل رئيسي بهدف تشويه دولة قطر ضمن الحرب المفتوحة التي تخوضها دول الحصار عليها...
لكنه بالتأكيد لم يحقق إلا مزيداً من كشف الصورة البشعة لحكّام الإمارات وعمالهم حول العالم...
والأهم أنه فشل وبإمتياز لأن يكون مؤتمراً للمعارضة القطرية كما ادعوا...
ترى لو أرادت قطر أن تنظم مؤتمراً للمعارضة الاماراتية أو السعودية، ليس في الدوحة لكن في لندن نفسها التي يقيم فيها الكثيرون منهم، فما هو موقفهم حينها؟

07 سبتمبر 2017

حسن الشامي يكتب : صورة العرب والمسلمين علي الإنترنت

لا أحد ينكر أهمية تبادل المعلومات عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة (وفي مقدمتها الإنترنت)  في حياتنا .. خاصة وأنها تجعل العالم بين أيدينا في دقائق لتعرفنا بكل جديد في جوانب حياتنا سواء الاجتماعية أو الثقافية أو العلمية حتى تستفيد بها الأسرة والشباب .. فهي تقدم أحدث ما أنتج في العالم في نفس الوقت .. ولا أحد ينكر مخاطر هذه الوسائل واستغلال الكثير من الجهات المجهولة لبث الأفكار المتطرفة البعيدة عن عاداتنا و تقاليدنا (مثل : بث روح العنف لدى الأطفال في أمريكا .. ومافيا المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض ..الخ ).
وكانت صحيفة ( دى تسايت ) قد عقدت ندوة في ألمانيا بعنوان : الإسلام .. هل هو خطر علي العالم؟ شارك فيها عدد من الخبراء والأكاديميين ورجال دين وكتاب صحفيون ودبلوماسيون منهم المستشار السابق هيلموت شميث و تيوزومر ومحمد أركون  (كاتب جزائري وأستاذ العلوم الإسلامية في باريس) وراينهارد شلاجنتيفايت (الرئيس السابق للإدارة السياسية بالخارجية الألمانية) .. وتناولت الندوة الصحوة الإسلامية وتزايد الاتجاهات المتطرفة الإسلامية ونظرة الغرب القاصرة عن الإسلام والمسلمين وعدم استيعابه للمسلمين المقيمين في أوروبا وما يقال عن الحاجة إلي عدو جديد بعد انهيار الشيوعية. 
ويقول علي عزت بيجوفيتش (رئيس جمهورية البوسنة والهرسك السابق) في ‍‍‍كتابه الشرق والغرب : "ينظر العالم إلي أصل الإنسان كنتيجة لعملية طويلة من التطور ابتداء من أدنى أشكال الحياة حيث لا يوجد تمييز واضح بين الإنسان والحيوان .. بينما الدين يتحدث عن خلق الإنسان .. والخلق ليس شيئا مستمرا وإنما فعل مفاجئ .. وسواء كان الإنسان نتاج التطور أو كان مخلوقا فإن السؤال يظل قائما : من هو الإنسان ؟ وهل الإنسان جزء من العالم أم شئ مختلف عنه ؟ فإذا كان الإنسان يجدع أنفه وأذنه وأصابعه بناءا علي معتقدات خرافية فالحيوان لا يفعل شيئا من هذا .. وإذا كانت الفلسفة المادية تفكك الإنسان إلي مكونات أجزائه ثم يتلاشى في النهاية .. لقد أخذ داروين هذا الإنسان اللاشخصي بين يديه ووصف تقلبه خلال عملية الاختيار الطبيعي حتى أصبح إنسانا قادرا علي الكلام وصناعة الأدوات يمشي منتصبا .. فيأتي علم البيولوجيا ليستكمل الصورة علي أساس أنها عملية طبيعية كيميائية .. لعب بالجزيئات .. أما الحياة والضمير والروح فلا وجود لها وبالتالي ليس هناك جوهر إنساني ذلك هو النموذج العلماني .. أي أن الإنسان لا يعيش كابن للطبيعة بل هو مختلف ومغترب عنها وشعوره الأساسي الخوف .. وخلافا لداروين : الخير والشر والشعور بالمصيبة والصراع الدائم بين المصلحة والضمير والتساؤل عن وجودنا كل هذا بدون تفسير عقلاني".

الدخول إلي القرن العشرين أولا : 
إن المطلوب هو الاهتمام بأن يصبح العلم أساسا متينا للمجتمع الحضاري المأمول .. ولكن السؤال هو أين البنية العلمية الأساسية لذلك المجتمع الذي نتطلع إليه ؟ أين البناء العلمي الاجتماعي الذي يمكن أن يستوعب ويتفاعل مع كل ما يبذل لدفع الإنسان العربي في طريق الدول المتحضرة ؟ .. إن المطلوب هو الاهتمام بالتربية العلمية وهي ليست عملية سهلة لأنها تحتاج وقتا طويلا لنشر الثقافة العلمية والاهتمام بالتعليم الفني وزيادة النشر العلمي للباحثين والعلماء وبث الوعي العلمي علي أوسع نطاق .. أي أننا نحتاج إلي العودة إلي علوم القرن العشرين أولا. 

الموجة الثالثة ( ثورة المعلومات) :
التي يمر بها العالم الآن بعد أن مر من قبل بالثورة الزراعية (الموجة الأولى) ثم الثورة الصناعية (الموجة الثانية) .. ولكن هل سيحدث انتقال تلقائي من مجتمعات تعيش في الموجة الثانية (مجتمعات صناعية) إلي مجتمعات تعيش الموجة الثالثة (مجتمع معلومات) كنتيجة حتمية للثورة العلمية والتكنولوجية ؟ في رأيي أن هذا الانتقال لن يتم تلقائيا لأن العلم الذي يعد أحد قوى الإنتاج الرئيسية فيه لا تملكه إلا الدول المتقدمة خصوصا بعدما أصبح إنتاج المعلومات وسرعة تداولها إحدى السمات المميزة لهذه المجتمعات .. أي إن الانتقال من المجتمع الصناعي إلي مجتمع المعلومات لن يكون سهلا أو تلقائيا لأنه سيكون نتيجة ثورة الاتصالات (وتعني البث المباشر عن طريق الأقمار الصناعية بالإضافة إلي شبكة الإنترنت التي فتحت أمام البشر مجالات غير مسبوقة للاتصال الإنساني والمعرفة بكل فروعها والفكر بكل آفاقه) وهذا ما يعرف بطريق المعلومات السريع.  


الانتقال يحتاج إلي رؤية استراتيجية : 
لا ينبغي أن يقر في الأذهان أن الانتقال من المجتمع الصناعي إلي مجتمع المعلومات عملية تلقائية تحدث بشكل طبيعي ومتدرج بل إنها في الواقع ثورة كبري في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة تحتاج إلي سياسات مترابطة تستند في صياغتها إلي رؤية استراتيجية بصيرة بآفاق التطور الإنساني .. وقبل ذلك فهي في حاجة إلي إرادة سياسية حاسمة تصمم علي عبور الجسر بين مجتمع الصناعة إلي مجتمع المعلومات. وإذا كان نقل المعرفة من الشمال إلي الجنوب عملية ضرورية لتحقيق التوازن ومساعدة دول الجنوب لكي تدخل بعمق في مجال التنمية البشرية إلا أن ذلك يستدعي من الدول العربية جهود مخططة حتى تؤتي ثمارها خصوصا تأسيس البني التحتية وإعداد الكوادر والخبراء اللازمين لعملية نقل المعرفة وتداولها ونشرها.

ما هي الإنترنت ؟ 
الإنترنت ما هي إلا سطح ثقافي (زبد ثقافي وليست خضما ثقافيا) ولاشك أن ما يكتب عن العرب والمسلمين في الإنترنت إنما يستمد أصوله من خلفية مرجعية في كل شعب من شعوب العالم الذين يشتركون في الإنترنت (كأفراد أو كمؤسسات أو مراكز أبحاث) . ولو قرأنا ما يكتب في الغرب (أوروبا وأمريكا) عن العرب والمسلمين أو الإسلام لوجدنا أن التراث السابق للثقافة الأوربية ووجهة نظر الكنيسة الغربية عن العرب والمسلمين ذات تأثير فعال تضرب بجذورها في جميع مناحي الحياة والثقافة وبالتالي في وسائل التعبير العميقة (الكتب والدوريات) ووسائل الإعلام السطحية (كالإذاعة والتليفزيون ووكالات الأنباء والإنترنت). ولو نظرنا في مادة البنية التحتية لوجدناها تعبر عما يكنه رجال الفكر وصانعو السياسات وقائدو المجموعات في المجتمعات الغربية.

كيف ينظرون للعربي ؟ 
ينظرون للعربي على أنه جلف، خائن للوعد، جبان، مخادع، قذر، شهواني، مغتصب، دموي، مادي، ينظر تحت قدميه. أما العرب عندهم فهم متنازعون، بدو ليسوا متحضرين (غير متمدينين)، أغبياء. والعقل العربي في رأيهم عقل متخلف، منحط، سطحي، قبلي، عنصري، ضيق المدى، جزئي. والإسلام في كتاباتهم هو إرهاب السيف، استعباد المرأة, امتهان الأطفال، احتقار الآخرين، كراهية الغرباء. وينظرون للمسلمين على إنهم يعيشون علي وهم الماضي ولا يستندون في أحلامهم للواقع أو القدرة علي تغييره. والثقافة الإسلامية تبدو في كتاباتهم كثقافة مادية، معادية للحرية، منغلقة، متخلفة يغلفها الخرافة، يغذيها التعصب والكراهية لكل جديد، معادية للعلم وللتحرر العقلي. والمساواة (حقوق الإنسان وحقوق المرأة) فهي غير موجودة بأية صورة في المجتمعات العربية والإسلامية، ولا يطبقونها إلا بالإكراه أو الضغط أو التلويح باستخدام القوة أو الممالئة للعالم الخارجي. ومفاهيم الحرية والديمقراطية غير مطبقة في مجتمعات العرب والمسلمين التي يحكمها قادة مسيطرون، تتحكم الديكتاتورية في كل شئونهم، قمع بشع للرأي الآخر، كبت للحريات خصوصا حرية الاعتقاد، نفي للمعارضين، اعتداء علي الخصوصية الفردية، تدخل مشين في المعتقدات. والإرهاب جزء أصيل من الفكر الإسلامي ، طبيعة غريزية في العرب من تاريخهم وتراثهم ، الأصوليون منهم إما مضطهدون ويجب حمايتهم من البطش للتعبير عن آرائهم أو استخدامهم في الضغط علي قادتهم الديكتاتوريين. والمجتمع المدني عند العرب والمسلمين لا يعرفون عنه شيئا، يقيمون في طريقه العقبات، يلاحقون قادته، يضيقون علي أنشطته، لا يحترمون مبادئه ولا يعتنقون أفكاره.

الانفتاح العلمي رغم المخاطر : 
إن الانفتاح علي العالم كله صار أمر ضروريا لا يمكن التردد فيه وإن الوقاية من المخاطر والأضرار إنما تكون بالتعاون والتكتل والوحدة يصدق ذلك بالنسبة للمشكلات ذات الطابع الاقتصادي والتجاري والعلمي والثقافي وكذلك بالنسبة للمشكلات ذات الطابع السياسي.. ولا شك أن هذه المشكلات والمخاطر وما تؤدي إليه من تحديات سوف تستمر في القرن المقبل .. والطريق إلي مواجهتها ليس صعبا .. وهو ما تحاول كثير من البحوث والدراسات للوصول إليه.


إمكانيات العرب المهدرة : 
أصبح للعرب عدد من شبكات الإرسال التليفزيوني مثل الأوربيت والشوتايم وال إم بي سي وغيرها ولكنها جميعا لا تخدم المصالح القومية العربية ولا تشرح قضايانا وإنما تهتم بالترفيه .. وكل أفلامها وحلقاتها أمريكية .. هل يمكن أن تستغل لشرح المفهوم الصحيح للإسلام ليعرف العالم أنه دين حق وسلام .. وأن المسلمين ليسوا إرهابيين ؟.. بل إن الدين الإسلامي علي مر القرون كان يرعى المسيحيين واليهود .. ولم يسعد اليهود بحياة سلام واستقرار إلا في كنف الإسلام والمسلمين ! هل يمكن أن تستغل في شرح القضايا العربية وتفهيم العالم أن العرب أمة وحضارة وأن العربي ليس إرهابيا .. كما تصوره وسائل الإعلام التي يسيطر عليها اليهود ؟ . 
إن شبكة الإنترنت التي أصبحت تغطي العالم يستغلها اليهود بذكاء للإساءة للإسلام وللعرب .. لماذا لا نستغلها نحن لشرح قضايانا وشرح الإسلام وإزالة آثار الدعاية المغرضة ضد العرب وضد الإسلام؟  .. هل سنفعل ؟ .. أتمنى ذلك ‍‍!

كيف نغير الصورة ؟ 
إذا كان العالم المعاصر يدعو للحرية ويدعو للمساواة ويدعو لتحرير المرأة وكرامة الإنسان فإن هذا هو الدور المطلوب من المفكرين والباحثين ومراكز البحوث العربية والإسلامية لتوضيح الصورة الصحيحة للإسلام والمفاهيم التي وردت في القرآن الكريم. ورغم أنه تنتشر الآن دعوة للحوار بين الإسلام والغرب وتنشأ جمعيات وتعقد ندوات لذلك إلا أننا نرى أن هذه الدعوة يجب أن تبدأ أولا بين المسلمين أنفسهم قبل أن تتجه للغرب وتحاوره .. كذلك إذا كانت هناك دعوات للصراع بين الحضارات أو تصادم بينها كما يبدو في كتابات مفكرين في الغرب .. إلا أننا نرى أن الإسلام الحق لم يعرفه أحد بعد .. وأن القرآن الكريم لم يقرأ  قراءة صحيحة (بعد الرسول عليه السلام وعدد قليل من الصحابة) .. ومازال أمامنا شوط كبير لفهم القرآن فهما صحيحا نابعا من نصه ومضمونه ومفسرا بمصطلحاته وألفاظه .. وتلك مهمة شاقة وهدف لو تعلمون عظيم !

مواقع جديدة علي الإنترنت :
ضرورة إنشاء مواقع حوار علي الإنترنت مع جميع المشتركين فيها والمتعاملين معها بكافة لغات العالم حول القضايا الهامة التي توضح الصورة الحقيقية والمفاهيم الصحيحة التي نتمنى أن يعرفها العالم عنا .. وإدارة أوسع حوار حول قضايا المستقبل ومفاهيم السلام والتسامح والشفافية ونزع بؤر التوتر والكراهية من النفوس وإشاعة روح المحبة بين البشر.