30 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: ليت اسرائيل تعي الدرس

لو كنت مكان قادة اسرائيل لاستخلصت العبر الكافية من مواقف الجماهير العربية تجاههم وتجاه إعلامييهم في مونديال قطر، ولشرعت على الفور بالهرولة -بأقصى سرعة- نحو حل سياسي سلمي يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة عام 1967، والتوقف عن ممارسات استعداء الشعب العربي التي تجريها عبر صناعة ودعم ديكتاتورياته، وزرع الفتن والمؤامرات بينه.

فبحسابات المكاسب الآنية ستكون اسرائيل بذلك قد سكبت الماء على النار المتقدة في صدور مئات الملايين العرب وملياري مسلم تجاهها، بدلا من السكب المستمر للبنزين عليها الذي عملت عليه منذ نشأة كيانها عبر الاغتيالات، والهجمات الجوية الوحشية على بيوت الآمنين في المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، مخلفة قوافل شهداء تعج بهم مدن غزة والضفة الغربية يوميا، وبيوت مهدمة، وأمهات ثكالى، وحصار خانق..

فضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها يمكن للجميع الحديث عن القواسم المشتركة بين العرب والعبرانيين، والمسلمين واليهود في التاريخ، بلا خجل ولا تخوين.

خاصة أن اليهود لم يكونوا هم الأعداء الأصليين للمسلمين في أي حقبة من حقب التاريخ سوى بعد إنشاء هذا الكيان، بل إنهم حينما تعرضوا للمظلومية في الأندلس وحتى في روسيا القيصرية وأوربا والعديد من بقاع العالم مثلهم مثل المسلمين، كان العالم الاسلامي هو الملاذ الآمن لهم، وكان المسلمون هم المدافعون عنهم.

ناهيك عن أننا حينئذ سيحلو لنا الكلام عن التشابه الكبير في الحدود والفقه بين اليهودية والإسلام، وعن الانتماء لسيدنا إبراهيم الأب لإسماعيل وإسحاق.

قصر نظر

لكن إسرائيل كما عودتنا دائما، لا تعير بالا لا بالحسابات الآنية ولا البعيدة سوى بما تملكه من وسائل الرعب، والمثل يقول “الطمع قلّ مما جمع”، فالسياسة الاسرائيلية الدائمة قائمة على نهب ما يمكن نهبه، وقتل ما يمكن قتله، وتخريب ما يمكن تخريبه، وهو الأمر الذي حتما ستدفع ثمنه مهما طال الزمن.

ولم تدرك بعد أنه قد تهاوت -مع تطور وسائل الإعلام الحر- ادعاءات المظلومية التي تقوتت عليها طيلة تاريخها، وظهر للرفيق والغريب نهم قادتها للدم.

ولم يأت في حسبانها أن المقاومة الفلسطينية تكسب مزيدا من التعاطف الشعبي العالمي كل يوم، وتتضخم رقعة الالتفاف حولها في الداخل بوصفها طوق النجاة الذي يحمي ما تبقى من مقدرات الشعب الفلسطيني.

ولعله من العقل أن تدرك أن تجاربها السابقة طيلة 74 عاما من القمع والوحشية لم تستطع خلالها ردع المقاومة الفلسطينية، ولا حتى إخافتها، لا بالطائرات، ولا بالمسيرات، ولا بالمفخخات، ولا بكل مقومات القوة الإسرائيلية بما فيها الأسلحة النووية.

وعليها أن تصدق أن من لم يخشاها ذات يوم حينما كان شبه أعزل يملك أسلحة بدائية وعزيمة لا تلين، يمكن أن يتم ردعه وهزيمته وقد امتلك هو الآخر وسائل الردع الكافية، وصار يملك أيضا الصواريخ والمسيرات؟ وصار يؤلم الغاصبين ويرد لهم الصاع بالصاع؟

إذن عليها أن تبقى على يقين أن الوضع القائم قد يكون نافعا في حقبة معينة من التاريخ، كالتي نعيشها نحن العرب الآن، حيث نظم رسمية تعيش هوانا غير مسبوق، ويتم التحكم بها كعرائس الماريونيت من قبل أمريكا والقوى الغربية وأحيانا من تل أبيب نفسها، وحيث تتلقى إسرائيل دعما غربيا غير محدود.

لكن لو قرأوا التاريخ جيدا لاكتشفوا أن التغيير قد يأتي فجأة، وأن موازين القوى قد تتغير أيضا فجأة، وبالتالي ستنهار كل العوامل التي تسببت في بقاء إسرائيل طيلة العقود الماضية، وسيعرفون وقتها أنها كانت مجرد غفوة بمقاييس التاريخ، وأن هذا الواقع المرير آخذ في الإدبار.

الفخ الإسرائيلي

هناك نفر من اليهود يعارضون قيام دولة إسرائيل، ويرون أن تعاليم موسى عليه السلام تنهى عن وجود كيان خاص لهم، وأن إنشاء هذه الدولة أضر بسمعة اليهودية كدين، ومن أبرز هؤلاء الناس منتسبو حركة ناتوري كارتا الذين يزيد عددهم عن 20 ألف شخص، وبالمناسبة هذا عدد له حسابه بالنسبة للعدد الإجمالي لليهود في العالم.

لكن البعض يزيد عليهم القول إن من ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل، لم ينشئوها إلا تخلصا من أذى اليهود في أوربا، ومن أجل إبقائها شوكة في خاصرة المسلمين والعرب.

وأضيف إلى ذلك أن هناك من يقول إنهم أنشئوها لتوفير الأجواء اللازمة لتحقق نبوءات دينية خاصة بهم، تعنى بتجميع الأعداء جميعا “اليهود والمسلمين” في هذه المنطقة المقدسة حتى يتسنى للمخلص الخلاص منهم جميعا، وبدء الألفية السعيدة.

والملاحظ أنه في كل التفسيرات حتى الكهنوتية منها كان إنشاء هذه الدولة خلاصا من اليهود وليس دعما لهم، وبالتالي فإذا غيّر الداعم الغربي خطته في أي لحظة، أو حتى اختلت موازين القوى لديه، فلن يكون الأمر خيرا أبدا لهذا الكيان.

كل ذلك يجب أن يحفز اسرائيل على الاحتماء بالسلام الحقيقي، وليس ذلك السلام القائم على لي الذراع والإجبار على الابتسام المصطنع، والتطبيع غير الطبيعي، والضغط على الحكومات وشرائها.

السلام القائم على احترام حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته دون أي قيود، وعلى تخليها عن سياسة نفث سمومها في البلدان العربية، حتى لا تكون عاقبة ذلك تكرار ما حدث بعد فشل غزوة الخندق.

مع ملاحظة أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيفنون، وأنهم فقط ينحنون للريح ولا يسقطون.

اقرأ المقال هنا على موقع قناة الجزيرة مباشر  

أو هنــــــــاللمزيد| https://ajm.me/a4ykwe

20 ديسمبر 2022

محمد سيف الدولة يكتب: فلسطين بين حب الشعوب وغدر القصور



((ان اسرائيل عاجزة عن التعامل مع الشعوب العربية التى تكرهها وتعاديها، فلقد اعتادت منذ عقود طويلة على التعامل مع القصور العربية)) تصريح شهير لأحد قادة الصهاينة بعد ثورة يناير 2011 وقيام شباب الثورة بحصار السفارة الاسرائيلية وتسلق العمارة القائمة بها، لنزع العلم الاسرائيلى مما ادى لاغلاقها لاول مرة منذ 1979، قبل ان يتم اعادة فتحها مرة اخرى فى 2015.

***
· لم يكشف مونديال قطر جديدا حين اظهر عمق مشاعر الحب العربية تجاه فلسطين ومدى الكراهية والعداء التى تكنها الشعوب لإسرائيل، فهى حقيقة ساطعة وثابتة ومتأصلة ومعروفة للجميع منذ عشرات السنين.
· وساحات النضال العربى شاهدة على آلاف الانشطة والفاعليات السياسية والشعبية على امتداد عشرات السنوات لدعم فلسطين وقضيتها من احزاب وتنظيمات ولجان ومؤتمرات وتظاهرات وبيانات وتبرعات وقوافل اغاثة وكتب وكتابات وموسوعات ومقالات وتغريدات وتدوينات وكاريكاتيرات واغانى وقصائد واشعار .. الخ، ناهيك عن محاولات الشباب العربى للالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية فى ميادين القتال منذ 1948 حتى يومنا هذا.
· ففلسطين هى ايقونة القرن فى معارك الكرامة والاستقلال والتحرر الوطنى والعربى بلا منازع.
***
· ولكن الحقيقة الفعلية التى كشفتها كاميرات المونديال هى مشهد الشعوب العربية حين تكون على حريتها وسجيتها بعيدا عن استبداد انظمة الحكم العربية وقبضتها الباطشة.
· وربما يكون السؤال البديهى الأول الذى قد يتبادر الى ذهن اى متابع هو: لماذا لا نرى مثل هذه المشاهد فى عديد من الدول العربية؟
· وقد يقوم البعض بعقد مقارنة بينها وبين المشهد الشهير بتوقيف شاب مصرى حين قام برفع رفعه علم فلسطين فى احدى المباريات.
· ولكن السؤال القديم والأكثر عمقا وايلاما هو لماذا لا تزال فلسطين محتلة، رغم كل هذا الزخم الشعبى العربى من المحيط الى الخليج؟ ولماذا عجزنا على امتداد عقود طويلة عن ترجمته وتحويله الى حركات ومؤسسات شعبية تشارك فى معارك التحرير من خارج فلسطين؟
· فالحقيقة ان الحاضر الغائب فى مشهد الاحتفاء الشعبى العربى بفلسطين، وفى المشهد العربى بشكل عام، هو ذلك السجن الكبير الذي نصبته عدد من انظمة الحكم العربية لكبح جماح شعوبها ومنعها من تقديم اى دعم للشعب الفلسطيني ولحركات المقاومة، بدءا بحصارها وتقييد حركتها، ووصولا الى وأدها التام للحريات مع حظر وتجريم أى نشاط سياسى يخص فلسطين او اى قضية اخرى.
· وأتصور أن هذا الدور تحديدا هو أحد الوظائف الاساسية التى تستمد غالبية الانظمة العربية منها شرعية بقائها ووجودها من الخارج الامريكى والدولى.
· والتى يتم تحديد قيمة ووزن ومكانة اى حاكم عربى ودرجة الدعم الدولى التى يستحقها نظامه، بمدى قدرته على السيطرة والكبح واجهاض واسكات اى عداء لاسرائيل او للولايات المتحدة ولمشروعهما الاستعمارى فى المنطقة.
***
· ان هناك مأثورة عربية شهيرة وقديمة عن ((اسرائيل ومن يقف وراء اسرائيل)) فى تعبير عن الوعى بحقيقة الدور الامريكى والغربى فى تأسيس المشروع الصهيونى ومواصلة تسليحه ودعمه للحفاظ على وجوده ولتمكينه من الانتصار على العرب مجتمعين والاستيلاء على اوطانهم او كسر ارادتهم واخضاعهم والحاقهم بحظيرة التبعية لامريكا والغرب.
· ولكن هناك مأثورة اخرى أكثر خطورة ودلالة وان كانت اقل شهرة وهى ((اسرائيل ومن يقف امام اسرائيل))؛ والمقصود بها تلك الدول والحدود العربية التى تقف حاجزا صلبا ورادعا عنيفا أمام التحام واشتباك الملايين من الشباب من كل الأقطار العربية فى معارك المقاومة والتحرير فى فلسطين.
· لقد تأسست دولة الاحتلال وترعرعت فى حماية هذه الدول العربية التى كانت ولا تزال لها الفضل الاول فى حماية وجود (اسرائيل) وامنها.
· وهذا واحد من أهم الأسباب التى تفسر لنا لماذا تقف امة عريقة من 450 مليون عربى متراجعة ومهزومة وضعيفة وخائفة امام كيان وافد وغريب ومصطنع لا يتعدى سبعة ملايين وافد محتل.
· وأى مشروع مستقبلى جاد يستهدف تحقيق حلم التحرير الذى فشلت فيه اربعة اجيال عربية متعاقبة، عليه ان يقدم حلا ومخرجا تاريخيا من معضلة الدولة العربية الوظيفية الحاجزة الكابحة لجماح شعوبها الحامية لاسرائيل.
*****
القاهرة فى 20 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: انتخابات قيس سعيّد.. تتحدث عنه

 

رفع الشعب التونسي صوته عاليا، وقال كلمته في مسار 25 يوليو الذي سلكه الرئيس التونسي قيس سعيّد دون وجود أي حاجة إليه، فقاطع الانتخابات التشريعية التي قاطعتها معه أيضا غالبية الأحزاب التونسية، حتى تلك التي كانت تدعم المسار السياسي الإقصائي للرئيس.

وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كاشفة لكونها لا تزيد على 8.8% بواقع 803 آلاف شخص، وفقا لما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نسبة المشاركة الأدنى على الاطلاق بعد ثورة الياسمين، وربما في كل الانتخابات في تاريخ هذا البلد بعد الاستقلال.

والمقارنة الفاضحة في هذه النسبة أنها جاءت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 والتي كانت نسبة المشاركة فيها 41.3%، ومع ذلك اتهمتها المعارضة آنذاك -التي تحالفت بعد ذلك مع قيس سعيّد- بأن البرلمان الناجم عنها لا يعبّر عن الشعب، وذلك في إطار المكايدة لكتلة الأغلبية التي تتزعمها حركة النهضة.

ولعل هذه النتيجة هي في حد ذاتها تحمل استفتاء على شعبية قيس سعيّد وعلى مساراته التي سلكها منذ أن جاء إلى الحكم، وبالقطع سيكون لها تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة مستقبلا عليه وعلى حكومته، لعل أقربها تصعيب موافقة صندوق النقد الدولي على طلبه قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.

خلط للأوراق

وعلى الفور بعد اعلان هذه النسبة، خرجت الأحزاب والأبواق المدافعة عن مسار قيس سعيّد الإقصائي، وتلك التي كانت تسايره لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب التخبط الشديد الذي يعتري مساره، لتمارس عملية تشويش وخلط للأوراق في محاولة بائسة للدفاع عنه ورفع الحرج البالغ الذي أصابه وأصاب أنصاره.

منها قولها إن الشعب لم يقاطع الانتخابات، ولم يستجب لدعوة المعارضة بمقاطعتها، ولكنه فقط “عزف” عنها بعد الفشل الذي لحق بالبلاد طيلة العشرية الماضية، التي أفسحت المجال لمشاركة حركة النهضة في الحكم.

ثم قامت تلك الأبواق بتوجيه الإهانة إلى الشعب التونسي بأكمله، بقولها إن ضعف المشاركة يعود إلى غياب المال السياسي والرشى التي كان يوزعها بعض السياسيين على الشعب لحثهم على المشاركة، وهو الاتهام الذي يعني أن غالبية من صوتوا في كل العمليات الانتخابية السابقة -وهم يمثلون نصف الشعب التونسي- كانوا مجرد مأجورين.

ولك مثلا أن تتخيل أننا لو صدّقنا بحسن نية أو حتى بسذاجة هذا الزعم، فهل يجعلنا ذلك نقول بأن 90% ممن شاركوا في انتخابات 2014 البرلمانية “التي كانت 69%” كانوا من المأجورين.

كما راحت بعض الأصوات تردد أن حماسة الناس للعمل السياسي قلت تدريجيا عما كان عليه الأمر بعد الثورة، مع أن الواقع العملي يكذّب ذلك الادعاء أيضا، فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية في ظل المناخ الثوري عام 2011 نحو 54%، وبعد ذلك بثلاث سنوات عام 2014 قفزت إلى 69%، وحتى إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جاءت بقايد السبسي المحسوب على نظام بن علي تجاوزت 64%.

والواقع أن التونسيين لم يعرفوا نسبة المشاركة الضئيلة إلا في تلك الانتخابات التي يدعو إليها قيس سعيّد، سواء البرلمانية محل الحديث، أو في استفتائه الدستوري الذي لم يشارك فيه إلا 27% من الناخبين، مما يعني أنه دستور لا يمثل كل الشعب، وهو ما تقوله المعارضة.

تبادل الأدوار

الغريب في أمر المشهد التونسي أن مفهوم المعارضة يشوبه الكثير من الالتباس، فالمعارضة التونسية الآن هي في الواقع القوى الشعبية المنتخبة التي تم إقصاؤها من البرلمان ومن الحكومة بقرارات غير دستورية للرئيس قيس سعيّد، ليحل محلها قوى أخرى غير منتخبة شعبيا، وتصير الممثلة للحكومة وللدولة، وهو الوضع الذي تتوافر فيه كل صفات الانقلاب.

وبدلا من أن ينصاع الرئيس للدستور الذي وقف حائلا دون تنفيذه مساره “غير المفهوم” و”غير المهم”، راح الرجل يغيّر الدستور بما يوافق هواه، فقاطعه الشعب وصوّت عليه ربع من يحق لهم التصويت فقط.

وبدلا من أن يهتم بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد كما وعد، وصلت الأحوال في عهده إلى حالة مزرية، ووجدناه يتفرغ بشكل شبه كامل لإدارة المعارك مع الجميع.

فتارة يخوض معركة من أجل رغبته في تنصيب هشام المشيشي المحسوب على نظام بن على رئيسا للوزراء، ولما استقر له الأمر ونجح في تعيينه وجدناه يعود ليخوض معركة أخرى من أجل إقالته بالمخالفة للدستور.

وتارة أخرى يهاجم الاستعمار الفرنسي لبلاده، ولما استقر له الأمر وجدناه يشيد به ويعتبره تحالفا بين بلاده وفرنسا.

بخلاف معاركه الأساسية مع حركة النهضة والبرلمان والقضاء واتحاد الشغل والحركات الثورية ومع الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي وغيرهم.

وجدناه في كل شيء يفعل الشيء ونقيضه، ولو تحقق له ما يريده اليوم لربما وجدناه غدا يخوض معركة من أجل الخلاص منه.

لا أحد يعرف ماذا يريد قيس سعيّد، ولو كان قيس سعيّد نفسه!

لتخطي الحجب | https://ajm.me/0ifzbm
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/33ta5i

زهير كمال يكتب: الحرب في أوكرانيا .... دروس وعبر

تاريخياً، وإلى حد ما، تشبه العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، العلاقة بين العراق وسوريا، فالعراقيون والسوريون شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة، كذلك الروس والأوكرانيون، هما شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة.

ومثلما كانت دمشق عاصمة للدولة الإسلامية، كانت كييف عاصمة للدولة الروسية، بعدها أصبحت بغداد هي العاصمة، كذلك أصبحت موسكو.

الخارطة المرفقة تبين توسيع مساحة أوكرانيا عبر العصور، ولعل أهم توسيع كان بعد انتصار الثورة البلشفية ولغايات تنظيم الإتحاد السوفييتي الجديد، وكما نلاحظ أن بعض المناطق المضافة مثل لوغانسك ودونيتسك يقطنها مواطنون روس ( تم ضمها مؤخراً لروسيا أو من وجهة النظر الروسية إرجاعها الى أرض الوطن)، تم توسيع أوكرانيا ثانية، في اتجاه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، هذا التوسع تم على حساب أراضي بولندا. وفي عام 1954  ضمت شبه جزيرة القرم إليها. (استعادتها روسيا قبل 8 سنوات).

في مقاييس الثوار البلاشفة ضم مناطق تعتبر صغيرة إلى أوكرانيا يعتبر أمراً طبيعياً فمساحة أراضي الاتحاد السوفييتي البالغة 8.65 مليون ميل مربع هو رقم ضخم فعلاً. بطبيعة الحال لم يفكر هؤلاء القادة عندما نظموا دولتهم أنه من الممكن انهيارها بعد 73 عاماً.

لاستكمال هذه المقدمة الضرورية ولفهم طبيعة الصراع الحالي، لابد من الإشارة الى القادة الذين تولوا زمام الأمور في الاتحاد السوفييتي السابق، فبعد لينين مباشرة تولى السلطة مواطن من جمهورية جورجيا هو جوزيف ستالين ثم تبعه مواطن أوكراني هو نيكيتا خروتشوف الذي تولى السلطة عام 1953 وحتى عام 1964.

كانت حصة أوكرانيا وما حولها في قيادة الاتحاد السوفييتي هي حصة الأسد، وبعد خروتشوف تولى مواطن أوكراني السلطة هو ليونيد بريجينيف وكان آخر من تولى السلطة ميخائيل جورباتشوف ويمكن اعتباره مواطن أوكراني كذلك، فقد ولد في إحدى القرى القريبة منها. وإذا علمنا أن مجمل هذه القيادات هو ثمانية زعماء منذ لينين وحتى الانهيار، ربما تبين لماذا يشعر الكثير من الروس بخيبة الأمل والإحباط من أشقائهم الأوكران.

ما سبق نبذة قصيرة توضح بعض حقائق التاريخ والجغرافيا في العلاقة بين الشعبين.

عام 1962 كان العالم على مشارف حرب نووية، فقد اكتشف الأمريكان أن الاتحاد السوفييتي بقيادة خروتشوف الأوكراني وضع صواريخ نووية في كوبا التي تبعد 90 ميلاً عن شواطئ الولايات المتحدة، فكان موقف الرئيس الأمريكي جون كنيدي حازماً في رفض هذا الوضع المخل بتوازن الردع بين القوتين العظميين. توازن الردع يعني أن يكون لدى أي طرف الوقت الكافي للرد النووي في حال تفكير الطرف المقابل إطلاق صواريخه لتدميره .

تم سحب الصواريخ السوفياتية، وفي نفس الوقت لم تتدخل الولايات المتحدة في كوبا منذ ستين عاماً.

كان رفض أوكرانيا بقيادة فولودومير زيلنسكي الطلب الروسي بإبقاء أوكرانيا على الحياد وعدم التفكير بالانضمام الى الناتو، وما يتبع ذلك الانضمام من إمكانية نشر صواريخ نووية أمريكية في أراضيها، هو السبب الأساسي المباشر في الحرب الحالية.

وزيلنسكي هو أحد رجلين، إما أنه جاهل على درجة كبيرة من الغباء لا يعرف حقائق التاريخ والجغرافية وأهمها أن أوكرانيا جار محاذ لدولة نووية كبيرة وعليه أن يأخذ في اعتباره مصالحها، ويشبه ذلك وضع المكسيك أو كندا تجاه الولايات المتحدة، وإما أن ولاءه المزدوج أعماه ومنعه من اتخاذ قرار لصالح وطنه الأم، فجنسيته الإسرائيلية هو وعدد من كبار المسؤولين الأوكران تجعل ولاءهم الخالص لوطنهم محل تساؤل ومشكوك فيه، وهذا ما تظهره الأحداث، فأوكرانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي تسمح قوانينه بمثل هذه الازدواجية على قمة هرم السلطة.

وسيذكر التاريخ أن زيلنسكي ورفاقه كانوا السبب المباشر في تدمير بلدهم وتشريد سكانه، وربما سيكون السبب أيضاً في اندلاع الحرب العالمية الثالثة.

بدأت الحرب في 24 فبراير 2022 بوصول الجيش الروسي الى مشارف كييف والجنوب الأوكراني في  جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك، وفجأة تم سحب القوات من جبهة كييف وتم التركيز على الجنوب، وكانت هذه غلطة العمر بالنسبة لفلاديمير بوتين والقيادة الروسية.

ويخطر على البال سؤال استراتيجي عما يريده بوتين من هذه الحرب، وعندما أقول بوتين وذلك لأن القيادة الروسية مركزية الى حد كبير، فمعظم القيادات السياسية والعسكرية ما زالت في مراكزها منذ فترة طويلة، على سبيل المثال، وزير الدفاع سيرجي شويجو، عينه بوتين في هذا المنصب عام 2012، ولا يزال يشغل هذا المنصب، فما الذي يفعله مهندس معماري في وقت الحرب؟ في الأزمات الكبرى لا يصلح وجود رجال من نوع yes man  في المراكز العليا للدولة. لكن السؤال الأساسي : ماذا يريد صاحب القرار في روسيا من هذه الحرب؟ هل يريد تحييد أوكرانيا وإبعاد شبح التهديد النووي عن بلاده؟ أم استرجاع مناطق الجنوب في حوض الدونباس؟  لان هذا ما حدث فعلاً.

في الخيار الأول: كان المفترض احتلال كييف والقبض على القيادات السياسية والعسكرية الأوكرانية، وفائدة هذا الخيار لو كان حدث أنه سيقصر مدة هذه الحرب المستمرة حتى الآن بدون حسم.

ضرب بوتين بعرض الحائط بأهم قانون وضعه سون تزو في كتابه الشهير فن الحرب:

(ليكن الهم الأول في الحرب هو تحقيق النصر، لا إطالة أمد الحملات العسكرية، إذ لا توجد سابقة تاريخية تذكر أن بلداً ما قد استفاد من دخوله حروباً طويلة).

كانت تصريحات بوتين متناقضة، فهو يلوم قادة الاتحاد السوفييتي على تسليم المناطق الجنوبية إلى أوكرانيا وفي نفس الوقت كان يعتبر الشعب الأوكراني شعباً شقيقاً لا يرغب في تعريضه للمعاناة.

لو تم احتلال كييف في بداية الحرب، لانتهت الحرب بسرعة، فغالبية الشعب الأوكراني ستعتبر أن هذه حرب بين القيادات لا تعنيهم في شيء .

ولكن ما حدث أن تغيير اتجاه سير المعارك عمل على تدمير العلاقة الحميمة المتناهية في القدم بين الشعبين، وقد لاحظنا أن القوى الغربية عملت على تسريع هذا العمل بعد أن فتحت حدود دول الناتو التي تقع غرب أوكرانيا.

وفي العادة، يصل كره أي حكومة الى حد مقاومة لجوء مواطنين من دول أخرى إلى درجة استعمال العنف، ونحن نرى ذلك كل يوم على مستوى العالم، بين المكسيك والولايات المتحدة، وفي قوارب اللجوء إلى أوروبا عبر البحر وغير ذلك.

ولكننا لاحظنا ترحيباً غير مسبوق باللاجئين الأوكران من قبل دول الناتو إليها، وإذا كان للفنادق تصنيف حسب فخامتها، فان هذا اللجوء يعتبر خمسة نجوم، من الترحيب على الحدود الى مجانية المواصلات الى تأمين سكن وغير ذلك مما لانعرفه. استثنت هذه المعاملة المقيمين الأجانب في أوكرانيا ، كأن الحرب تفرق بين المواطن والمقيم.

والتفسير المعقول لما حدث أن الأوامر صدرت لهذه الدول بتشجيع الأوكران على مغادرة بلادهم وذلك بغرض فصم العلاقة بين الشعبين الشقيقين، فكانت النتيجة لجوء 10 الى 12 مليون أوكراني الى الدول المجاورة، واللجوء مهما كان ميسراً ، إلا أنه يترك مرارة وأسى لا ينسى في نفس اللاجئ.

وقد أثبت تغيّر اتجاه المعارك أن بوتين لا يتمتع بوضوح الرؤيا، فقد كان عليه قبول حقائق العصر واعتبار أوكرانيا مثل كازاخستان، ففيها يعيش 30% من الروس ولكن لا يخطر على باله ضم المناطق التي يعيش فيها الروس الى الاتحاد الروسي. وسيذكر التاريخ أن بوتين هو الذي دق إسفيناً في العلاقة بين شعبين شقيقين وأنهى العلاقة الحميمة بينهما ووضع أسس استقلال أوكرانيا النهائي، ربما ستكون أوكرانيا بحدود مختلفة، لكن ما جرى هو عكس اتجاه المستقبل.

الرابح والخاسر في الحرب الحالية:

كانت الضحية الكبرى في الحرب هي الشعب الأوكراني الذي تجري المعارك على أراضيه، يلي ذلك الشعب الروسي الذي تستنزف موارده بشكل يومي، ثم باقي شعوب العالم في ارتفاع أسعار المواد الأولية وارتفاع نسبة التضخم بشكل حاد في كثير من الدول، ثم دافع الضرائب الأمريكي الذي يموّل حرباً فرضتها الدولة العميقة في الولايات المتحدة الممثلة في الشركات الرأسمالية الكبرى وخاصة في صناعة الأسلحة التي هي الرابح الوحيد من هذه الحرب.

آفاق الحرب ومآلاتها: خطورة هذه الحرب هي إمكانية تحولها إلى حرب نووية، والخوف من وقوع حرب كهذه عام 1962 منع الزعامات العاقلة في أمريكا والاتحاد السوفييتي من التصعيد فقاموا بعمل تنازلات تعتبر مؤلمة في ذلك الوقت. ولكن هذه المرة لا يبدو أن الطرفين مستعدان لعمل تسوية مناسبة لوقف التصعيد، صحيح أن كل طرف يعرف الحدود التي يتوقف عندها مثل تصريح بوتين بأن لا يكون البادئ باستعمال الأسلحة النووية، والتزام بايدن بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية، ولكن ماذا لو طورت القيادة الأوكرانية الصواريخ الموجودة لديها وهاجمت موسكو وسانت بطرسبيرج؟ وماذا لو هاجمت الصواريخ الروسية وقتلت طواقم الباتريوت الأمريكية المزمع انشاؤها؟

سياسة القيادة الأمريكية منذ بدء الحرب هو مثل السير على حافة الهاوية بغرض استنزاف روسيا، ولا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك. وربما كانت تصريحات الثعلب العجوز هنري كيسنجر في بدايات الحرب عن التنازل لروسيا عن أراضي الدونباس هي الحل الوحيد الذي ينهي الحرب، فالروس لن يقبلوا بأقل من ذلك مهما طالت الحرب.

18 ديسمبر 2022

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: الفائزون الأربعة في مونديال قطر 2022


انتهى المونديال وأسدل الستار على مبارياته، وأغلقت ملاعب قطر الكبرى أبوابها وأطفأت أنوارها، وخسرت فرنسا كأسها وتسلمته الأرجنتين وفريقها، ورحل المشجعون وغادر الرياضيون بغير الوجه الذي دخلوا فيه، فبعضهم غادرها سعيداً مبتهجاً وقد فاز فريقه، وبعضهم تركها حزيناً مبتئساً وقد خاب فريقه، لكنهم جميعاً غادروها وهم يشعرون بالنشوة والفرح والبهجة والسعادة، وقد خلفوا وراءهم في دوحة قطر قصصاً وحكاياتٍ، واحتفظوا برواياتٍ وذكرياتٍ، وسجلت عيونهم وعدسات هواتفهم مشاهد لن ينسوها، وصوراً لم يعهدوها، فقد هالتهم قطر ودوحتها، وفاجأتهم دولتها وحكومتها، ولفت أنظارهم ترتيبها وتنظيمها، ونظافة شوارعها وتنسيق مبانيها، ودماثة خلق أهلها وبشاشة وجه سكانها، وسرهم رحابة صدرهم والابتسامة على وجوههم، واستجلب استحسانهم جودهم وسخاؤهم، وكريم استقبالهم وحسن وفادتهم.

إلا أن الحديث عن مونديال قطر لن يتوقف بانتهاء المونديال، ولن تنتهي فصوله بخلو شوارعها من المشجعين وإغلاق ملاعبها أمام الرياضيين، بل سيبقى مونديال قطر 2022 الذي ملأ الدنيا صخباً وضجيجاً، وأشغل العالم متابعةً واهتماماً، علامةً فارقةً في تاريخ كرة القدم ومسيرة كأس العالم، وحديث العامة والخاصة، ومحل إعجاب المنظمين وإشادة المراقبين، وسيفرض نفسه على مدى العقود القادمة والدورات التالية، مثالاً يحتذى ونموذجاً للمقارنة، وسيتعب من بعدهم، وسيرهق من سيحاول أن يقلدهم أو أن ينظم مثلهم.

فقد أثبتت قطر أنها على قدر التحدي وأنها تستحق الاستضافة بجدارةٍ، وأن دوحتها الأصيلة لا تقل قدرةً وكفاءةً عن العواصم الكبرى التي سبق لها استضافة المونديال، بل بزتها وتجاوزتها، وتفوقت عليها وسبقتها، وتركت بصماتها المميزة وعلاماتها الفارقة، التي يصعب على الزمان مهما طال أن يشطبها أو يبهتها.

تلك كانت قطر، أول الفائزين الأربعة وأكثرهم سعادةً بالفوز وابتهاجاً بالنجاح، فقد تحدت العالم كله، ووقفت في وجه المتشككين، وأثبتت أنها تستطيع أن تقوم بأكثر مما قام به السابقون، وفضلاً عن النجاح الباهر الذي شهد به المحبون والشانئون، والمؤيدون والمنافسون، فقد نجحت في فرض الهوية العربية والثقافة الإسلامية على مونديالها، وأظهرت وجه العرب الأصيل وحضارة الإسلام العظيم، وسلطت الضوء على العادات العربية المميزة والمفاهيم الإسلامية المتنورة.
رفع العرب رؤوسهم عاليةً بقطر العروبة، واختال المسلمون فرحاً بالحضارة الإسلامية، وازدانوا أمام الضيوف والوافدين بدينهم وثقافتهم، وبلغتهم وهويتهم، واستعرضوا أمامهم أزياءهم وطعامهم، واختالوا بنظافتهم وباهوا بتنظيمهم، حتى غدا فوز قطر فوزاً عربياً إسلامياً نفخر به ونعتز.
أما الفيفا فقد كانت الفائز الثاني في مونديال قطر 2022، ولها ينسب الفضل في جوانب كثيرة تميز فيها المونديال وأبدع، فقد نجحت بالتعاون مع القطريين في تنظيم أول مونديالٍ في المنطقة العربية، وأثبتت أنها كانت على حق عندما صادقت على عقد المونديال في قطر، رغم حملات التشكيك والاتهامات التي تعرض لها مسؤولوها، إلا أن النتائج المبهرة التي رأوها، والتنظيم المهول الذي شهدوه، أثلج صدورهم وأسعدهم، وعوضهم عن مراحل القلق وشبهات الانحياز والاتهام.
أما الأرجنتين التي استعادت كأس العالم بعد ست وثلاثين سنة من آخر فوزٍ حققته عام 1986، فقد كانت ثالثة الفائزين وأول الكاسبين، وأكثر الفرق الرياضية فرحاً باستعادة اللقب وتحقيق النصر الذي عملوا كثيراً على تحقيقه، وتدربوا طويلاً على استحقاقه، وحق لهم أن يفوزوا ويفرحوا، وأن يحتفلوا ويخرجوا، فقد لعبوا بجدارةٍ، وقدموا صوراً في المباراة رائعة، وانتزعوا نصراً سريعاً وأظهروا تفوقاً لافتاً، وسجلوا في شباك الخصم أهدافاً مبكرة، وعندما هاجمهم الفريق الفرنسي وعدل النتيجة معهم، صمد اللاعبون الأرجنتينيون وقاوموا، وأصروا على الفوز ولو في الأشواط الإضافية أو الضربات الترجيحية، فتحقق لهم ما أرادوا، فاستحقوا الفوز والفرح والكأس.
أما الفائز الرابع الأكبر والمنتصر الأول فقد كانت فلسطين وقضيتها، وشعبها وأهلها، والمؤمنون بها والمؤيدون لها، والموالون لها والعاملون معها، فقد تميزت فلسطين في المونديال وسطعت في سماء الدنيا شمسها، وسما في ليالي الدوحة نجمها، ورفرف علمها، وانتشرت في شوارع الدوحة صور أبطالها ورموز مقاومتها، وعجز المناؤون لها والمعادون لشعبها في إسكات الصوت العربي الهادر، والتضامن الإسلامي الصادق، والتأييد الدولي اللافت.
ولعل ما حققته القضية الفلسطينية في ميادين الدوحة وملاعب المونديال يرقى إلى مصاف المقاومة ومدارج النضال، وهو ما أغاض العدو وأحزن حلفاءه، إذ ساءهم ما شاهدوا، وأغضبهم ما رأوا في شوارع الدوحة وملاعبها، والأعلام التي رفعت والكلمات التي صدحت، والمواقف التي عبر عنها اللاعبون والمشجعون، والمنظمون والمستضيفون.
ربما الفائزون في مونديال قطر 2022 أكثر مما ذكرت، وأشمل بكثيرٍ مما استعرضت، لكن الأربعة الذين سبقوا كانوا هم المتربعين على كأس العالم، وكانت القضية الفلسطينية شريك الفائزين والقاسم المشترك في يوميات المونديال، فهي الفائز الأول الذي صبغ المونديال بهويتها، وفرض مظلوميتها، ورفع مقام المؤمنين بها، وأخزى وجوه المعادين لها والظالمين لأهلها.
بيروت في 19/12/2022