■ إذا فليبق الفلسطينيون تحت الاحتلال ولتذهب إلى الجحيم مفاهيم الحرية والاستقلال والخلاص والديمقراطية، ولتنتحر حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. فالخلاص والحرية وقلب الأنظمة وتدمير الدول بحجة الديمقراطية، لن يكون إلا لخدمة إسرائيل التي تتوقف عند أبوابها كل المفاهيم التي يتغنى بها من يسمون أنفسهم عالماً حراً.
بل يذهب العالم «الحر» إلى الضغط على دولٍ مسلمة ودولٍ وقفت لعقودٍ طويلة إلى جانب الشعب الفلسطيني بمعاناته وجراحه لتصوت ضد فلسطين. فأمريكا التي انتفض من أجلها العالم الحر الحقيقي لصالح الرئيس المرشح الذي حمل شعار «نعم نستطيع» ووقف بعد فوزه في جامعة القاهرة ليلقي خطاباً تاريخياً انتصاراً لحقوق الفلسطينيين ودعماً لوقف الاستيطان، عاد وعادت معه أمريكا ليصبحا عرابين للتصويت ضد فلسطين، أو الامتناع عن التصويت لإفشال قرارها في مجلس الأمن.
ليس هناك حقيقة ما يبرر ولا يفسر ولا يعلل بأي حالٍ كان، أو موقفٍ ما أو تعليلٍ معين أن يصوت من صوتوا في مجلس الأمن ضد القرار، بغض النظر عن صياغاته التي تغيرت مراراً وتكراراً استرضاءً لصالح دولٍ عدة.
ولا يعقل أن يقال في مشروع قرار يدعو لحل الدولتين والتعايش وحسن الجوار والأمن المشترك، بأنه «غير مفيد» و «يعقد الأمور» ولا «يتناسب مع المرحلة»، بل يقال نعم لحروب العراق والبلقان والصومال والربيع العربي المنكوب، التي جرت في مجملها كوارث الدنيا.
وتسألون اليوم لماذا ولدت «القاعدة» و»داعش» وغيرهما، ولماذا بدأ التطرف بالازدهار؟ وتتسارعون لعلاج تبعات المرض لا جذوره ومسبباته.
إن التصويت ضد مشروع القرار الفلسطيني والامتناع عنه إنما هو تصويت ضد الشعب الفلسطيني وكل البرلمانات التي قالت نعم لفلسطين، ولا للاحتلال الصهيوني وهو بمثابة مباركة للاحتلال والمصادقة على بقائه واستدامته، لكن التصويت ضد القرار على إيلامه ومرارته، إنما يفتح الباب أمام الفلسطينيين لتوسيع دائرة خياراتهم والوقوف عند الذات ومراجعة حساباتهم والتركيز على إنهاء الانقسام ومحكمة الجنايات الدولية وتفعيل سلاح المقاطعة.
اليوم انكفأت فلسطين في مجلس الأمن وهي التي اعتادت النهوض من تحت الركام. لذا فإن ركاماً آخر اليوم ينتظرنا جميعاً للنهوض من تحته حتى نموت واقفين ولن نركع، عندها سيكون الفيتو الفلسطيني جاهزاً.
٭ كاتب فلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق