أعلنت رئيسة الأرجنتين "ريستينا فرنانديز دي كيرشنر" عن خطط لحل جهاز الاستخبارات في بلادها.
"دي كيرشنر"، لم تنتظر كثيرًا، وكانت من السرعة بحيث ظهرت على التليفزيون خصيصًا، لتقول إنها "بصدد طرح مشروع قانون يستبدل وكالة الاستخبارات في البلاد بجهاز آخر"، مضيفة: "أود مناقشة هذا الاقتراح في جلسة طارئة في الكونجرس".
وأوضحت أن الاقتراح يتضمن "أن تحل الوكالة الفيدرالية للاستخبارات محل جهاز الاستخبارات الحالي"، مضيفة أن قادة الجهاز الجدد سيتم تعيينهم من قبل الحكومة والبرلمان.
قرار الرئيسة الأرجنتينية، جاء بعد أن اكتشفت أن الجهاز الحالي، جزء من الدولة العميقة، ولا يزال قادته ينتمون إلى نظام الحكم العسكري الذي أسقطه الأرجنتينيون منذ عام 1983.
يقول موقع الـ بي بي سي، إن تلك الخطوة تأتي بعد مقتل المحقق "البرتو نيسمان" قبل ساعات من موعد الإدلاء بشهادته ضد مسؤولين حكوميين.
كان "نيسمان" ـ 51 عاماً ـ اتهم عناصر حكومية مرموقة، بالتورط في عرقلة التحقيق بشأن مزاعم دور إيران في تفجير مركز يهودي في العاصمة الأرجنتينية.
المدهش في الأمر أن من بين "المتهمين" بعرقلة التحقيق، هي الرئيسة الأرجنتينية "دي كيرشنر".. ومع ذلك سارعت بوضع قانون لحل المخابرات ـ أداة الدولة العميقة ـ لشبهة تورطها في قتل المحقق "نيسمان".
الأذرع الإعلامية والأمنية التي ما زالت مرتبطة بالحكومة العسكرية القديمة، حاولت التشكيك وزعمت بأن "نيسمان" ربما قد يكون انتحر أو على الأقل أجبر على الانتحار.. غير أن "دي كيرشنر" ـ التي ورد اسمها في قائمة الاتهام التي أعدها "نيسمان" قالت في حديثها المتلفز إنها "مقتنعة بأن نيسمان لم ينتحر".
الدرس الأرجنتيني بالغ الأهمية، فهي ـ كدولة مدنية ديمقراطية ـ لا تعرف بدعة "الأجهزة السيادية".. هذا المصطلح الذي اخترع لردع أي محاولة لمحاسبة تلك الأجهزة أو إصلاحها، أو إعادة هيكلتها.. أو تطهيرها من العناصر التي يثبت فسادها.. والتأكد من أن ولاءها للوطن، وليس للأنظمة أو للمصالح والنفوذ والسطوة والعزوة المهنية والسلطوية.. وأن يخضع أداؤها لصاحب السيادة الحقيقية "الشعب".. فالشعب هو "السيد" والأجهزة تعمل لخدمته.
ولاحظ هنا أن مشروع القانون الذي وعدت به "دي كيرشنر"، نزع سلطة تعيين قادة المخابرات من أي جهة تنفيذية، وأحالها إلى المجالس المنتخبة "البرلمان ـ الشعب": وهو الذي يختار الجنرالات ويحاسبهم.
ويوم أمس 27/1/2015، اعتقلت الشرطة التركية 26 ضابطًا للاشتباه في ضلوعهم في التنصت بشكل غير قانوني على سياسيين وموظفين ورجال أعمال.. وذلك في إطار تطهير ما تبقى من أذرع أمنية للدولة العميقة بتركيا.
وأي دولة تشهد تحولات سياسية كبيرة ومفصلية والانتقال من نظم الحكم العسكرية إلى نظم حكم مدنية منتخبة، تجري مثل هذه المراجعات الجسورة، بوصفها جراحة لا بد منها لتنتقل من "الإنعاش" إلى "الإفاقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق