هل أعجبتك مرافعة الدكتور محمد مرسي، أمس، أمام المحكمة، وهو يشن هجوماً نارياً على قائد أكبر عملية سطو مسلّح على السلطة في مصر؟هل أحبطك الرئيس المنتخب، لأنه يكشف المستور بعد فوات الأوان؟
بالنسبة لي، لم تقدم لي المرافعة جديداً، فقط أضافت بعض العلقم على مرارات تجرّعتها الثورة، وأعادتني إلى أيام كان فيها الرئيس يبدو مطمئناً، بينما النار تحاصر الجميع.
السطور القادمة ليست ادعاءً للحكمة بأثر رجعي، هي مجموعة من رسائل كلها منشورة في حينها، وجّهتها إلى الرئيس محمد مرسي، في مناسبات مختلفة، أحذره فيها من مصير بائس ينتظره، وينتظر الثورة المصرية، إن استمرت أوضاع الحكم بهذه الطريقة.
2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012
لا أحد يدري ما إذا كان الرئيس يتابع بنفسه ما يدور من جدل في المجتمع، أم أنهم أقاموا جداراً عازلاً، مبكراً جداً، بينه وبين الجماهير، يجعله يرى الصورة وردية، على غير حقيقتها؟
إن الرئيس يبدو مستسلماً لحضن الدولة القديمة، على نحو يحجب عنه رؤية الواقع كما هو.. وهنا مكمن الخطر، ليس على الرئيس فقط، وإنما على الدولة كما حلمت بها الثورة كلها.
13 نوفمبر 2012
لقد تحدث الدكتور مرسي أخيراً عمّا سماها "مؤامرة"، لنسف هذه المرحلة بكل ما فيها، ملمحاً إلى الحاجة لثورة أخرى. ويبقى أن عليه أن يقدم على خطوات جادة وجديدة، لوأد هذه المؤامرة في أوكارها بالداخل والخارج. وهذا لن يتحقق إلا بمصارحة الشعب بما يجري، وهو كثير وخطير، ومن المفترض أن تكون سيناريوهاته قد وصلت إلى مَن يهمّه الأمر.
انتبهوا، أيها السادة، قبل أن يكون 25 يناير المقبل مأتماً للثورة، بدلاً من أن يكون عيداً ثالثاً لها.
22 نوفمبر 2012
وما دامت الإجراءات الثورية غائبة أو مغيّبة، وما دام المنهج المتبع هو التلفيق والتوفيق والتهجين بين جديد ما بعد الثورة وقديم ما قبلها وأدى لاندلاعها، فإن دماء كثيرة سوف تسفك، ونزيفاً في مصداقية النظام سوف يستمر.
24 نوفمبر 2012
لقد كان الأفضل للرئيس أن يخرج على الجماهير التي انتخبته، ببيان واضح شفاف، يعلن فيه حجم المخاطر ومصادرها، احتراماً للناس ولثورتهم، بدلاً من أن يصب على رؤوسهم زخات من القرارات التي تجعله ديكتاتوراً، ولو بشكل مؤقت، كما قال شُرّاح الإعلان الدستوري الصادم، غير أنه تصرف بالطريقة القديمة ذاتها، طريقة القائد الملهم المعلّم الذي يعتبر المصريين مجموعة من الأطفال في حضانة الثورة، وهو الوحيد القادر على حمايتهم وتأمينها.
لكن الذي حدث أن فالقاً مخيفاً أصاب جدار الحضانة، وها هو يوشك أن ينقض على الجميع.
5 فبراير/ شباط 2013
لقد كان حرياً بالسلطة ألا تستسلم لوهم قسمة مصر على اثنين، قسم لها، والآخر لجبهة أولئك الذين استنفدوا عدد مرات الرسوب، وكان جديراً بها أن تصل إلى جمهور الثورة الحقيقي، وتتواصل معه مباشرة، من دون حاجة إلى وسطاء وسماسرة، والطريق سهل وواضح: تغيير حقيقي وتطهير جاد وموضوعي لتراث الاستبداد.
قبل الانقلاب بأسبوع:
لكن، قبل توجيه اللوم إلى ملوك الطوائف وأمراء الحرائق والخرائب، ينبغي أن يوجّه اللوم إلى الرئيس الساكن الساكت الذي يكتفي بمشاهدة ألسنة النار تعلو وتمسك بملابسه، وتحرق وطناً دون أن يحرّك ساكناً، أو يطبّق قانوناً أو دستوراً على صنّاع الموت؟
عفواً دكتور مرسي: لقد تأخرت كثيراً حتى تمكَّن الأوغاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق