بقلم: دوري غولد
اسرائيل اليوم 18/1/2015
ترجمة رأى اليوم
عضو في موقع للانترنت مؤيد لداعش قدم تفسيرا مهما لماذا كانت فرنسا هدفا للجهاد الاسلامي. كما هي العادة في عالم الجهاد، الذي يهتم باعادة الاسلام الى سابق عهده، فان التاريخ يلعب دورا مهما في عقيدتهم: “فرنسا كانت جزءً من الاراضي الاسلامية، وهي ستعود لتصبح اسلامية”. ماذا يقصد. طوال سنين فان منظمات الجهاد العالمي نشرت دعوة لتحرير الاندلس، وهو الاسم العربي لاسبانيا. وأجزاء من شبه جزيرة ايبيريا، التي كانت تحكم الحكم الاسلامي من سنة 711 حتى 1492. هذه الرسالة كانت تشكل أساسا لفيلم فيديو عن داعش.
لقد نسي الكثيرون أنه بعد احتلال فرنسا فان الجيش الاسلامي اخترق جبال الفرنائين واحتل مناطق، هي اليوم جزءً من فرنسا. الجيش الاسلامي الذي احتل بوردو هُزم في 732 على يد جيش تشارلز مارتل في الحرب على طور، ولكنه نجح في الوصول الى ليون وهدد باحتلال كل المقاطعة. مناطق فرنسية بقيت تحت الحكم الاسلامي حتى سنة 759 عندما في النهاية وقعت القاعدة الاساسية للجيش الاسلامي الغازي في أيدي الفرنسيين.
إن السعي الى تحرير مناطق كانت في الماضي تحت الحكم الاسلامي يقود منظمات الجهاد العالمي. وقد كتب حسن البنا، مؤسس حركة الاخوان المسلمين العالمية: “إن الاندلس وصقلية والبلقان وجنوب ايطاليا وجزر البحر الابيض المتوسط كانت مناطق اسلامية، ويجب أن تعود الى أيدي دولة الاسلام. يجب أن يكون البحر الاحمر جزءً من الامبراطورية الاسلامية كما كان في الماضي”. إن كتابات البنا التي هي محل تقدير معظم الحركات الاسلامية الراديكالية موجودة في الانترنت، بالعربية والانجليزية.
هذه العقيدة الايديولوجية وجدت تعبيرها من قبل الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبر من قبل الكثيرين مرجعا روحانيا أعلى للاخوان المسلمين، قال في مقابلة مع تلفزيون قطر في 2007: “في تقديري فان الاسلام سيحتل اوروبا بدون استخدام السيف أو الحرب، ولكن باستخدام الدعوة والفكر”. ولدى حديثه عن المناطق الجغرافية للامتداد الاسلامي في اوروبا، قال القرضاوي: “إن احتلال روما، وايطاليا واوروبا، معناه أن الاسلام سيعود الى اوروبا”.
لقد ظهر القرضاوي على مدى سنوات اسبوعيا في قناة “الجزيرة”، وأعطى مباركته لمؤسسة الاخوان المسلمين الى درجة ما في فرنسا والتي تم استخدامها من قبل الاسلاميون لاعداد أئمة اوروبا. إن آلاف الشباب المسلمين تم احضارهم الى هذه المؤسسة. وفي النهاية فان المسيرة الفكرية للقرضاوي وجدت تعبيرها في منابر كثيرة من اجل نشرها على الملأ.
روما أولا
يوجد تنظيمات أخرى طورت روية القرضاوي، كبار رجال حماس، الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين، أسمعوا أقوالاً مشابهة. الشيخ يونس الأسطل سنة والذي شغل منصباً قيادياً في الهيئة الدينية العليا لحماس قال في موعظة بثها تلفزيون حماس سنة 2008: “قريباً جداً و بإذن الله، سيتم احتلال روما كما احتُلت القسطنطينية (اسطنبول) وأضاف إن “الفتوحات الاسلامية” طبقاً لنبوءة النبي محمد سينتشر في شتى أرجاء اوروبا كلها.
مسألة احتلال روما ذكر في المجلة الرسمية في الدولة الإسلامية (داعش) “دابق”. على الصفحة الاولى، للمجلة نشرت صورة لميدان القديس بطرس في روما، وعلى المسلّة الذي في مركزها أضيف بالرسم العلم الأسود لداعش. لقد اقتبست المجلة ما قاله مؤسس القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي مصعب الزرقاوي حين قال: “نحن نقاتل هنا وهدفنا هو روما ” وقبل أن يقود العمليات الجهادية في العراق ضد الولايات المتحدة وحلفاؤها فإن الزرقاوي أقام شبكة إرهاب في أوروبا .
تركيا تحت حكم رجب طيب اردوغان وحزب العدالة و التنمية (AKB) هي لاعب سياسي إقليمي أخر يتعامل مع نفس الموضوع.
شخص رسمي في وزارة الخارجية الأمريكية أرسل في سنة 2004 تقريراً لواشنطن، قال فيه بأنه في الوقت الذي أخذ فيه ال(AKB) على شارك في جلسة لطاقم التفكير الاستراتيجي المركزي ال(AKB) فقد سمع موظفاً حكومياً تركياً كبيراً يقول أن هدف ومقصد تركيا هو نشر الاسلام في اوروبا و”الانتقام للهزيمة التي لحقت بها في حصارها لفيَنّا سنة1683. هذا التقرير نشر في ويكيليكس.
يحاولون إخفاء
القادة المسلمون الراديكاليون يرون في أنفسهم بهذا أنهم يديرون حرباً ضد الحضارة الغربية.
هنالك أناس غير معنيين بعرض الصراع بهذه الطريقة ومن ضمنهم أوساط في الغرب والذين لأسباب تتعلق بالسياسة الصائبة يرفضون البحث بتهديد الاسلام المتطرف. بل إن هؤلاء يتمسكون بالعقيدة الخاطئة والتي تقول ان الإخوان المسلمين انقلبوا إلى حليف في الصراع ضد القاعدة وفروعها .
رسائل بريد الكتروني لمخرج في قناة الجزيرة، نشرت في المجلة الامريكية (national review) أظهرت محاولته للتقليل من أهمية الهجوم الارهابي الذي حلّ بباريس. “حيث أن دوافع المهاجمين غير معروفة”، حسب أقواله، ولا يجري الحديث عن هجوم ضد القيم الاوروبية بل بالعكس فقد اعتبر أن هذا رد على التدخل العسكري لفرنسا ضد داعش، في ليبيا ومالي.
وبكلمات أخرى فإن المخرج في قناة الجزيرة لم يرغب أن تعترف قناته بأن جذور العمليات مغروسة بايديولوجية أسلامية متطرفة .وعوضا عن ذلك فقد فضّل أن يوجه الاتهامات للدول الغربية التي لو كانت حقيقية لكان بإمكانها بشلّ قادة الغرب والاضرار بثقتهم الذاتية للقيام بعملية فعالة ضد الإسلام المتطرف. هذه الأقوال ليست مستغربة و لكن الجزيرة منذ منشئها اعتُبرت بوقاً للإخوان المسلمين .
ومقابل مخرج الجزيرة، فإن غسان شربل المحرر الرئيسي للجريدة العربية واسعة الانتشار”الحياة” رفض التقليل من أهمية العمليات في فرنسا أو أن يرى فيها حادثاً منفرداً: “لا يستطيع أحد بعد اليوم أن يتجاهل حجم المشكلة والتهديد” وبصورة جريئة قال الحقيقة “إن العمليات في فرنسا هي بصورة واضحة، الطلقة الاولى للحرب العالمية للمتطرفين الاسلاميين ضد الغرب وباقي العالم”.
طالما أن العالم لا يتفهم ويستبطن مغزى هذا التحذير فإن احتمال إحباط عمليات مستقبلية في اوروبا ليس كبيرا. يجب على العالم وأن يستوعب هذا التحذير بكل تداعياته من أجل أن يتصدى للتوجه الذي يرتسم مشيرا الى عمليات أخرى في اوروبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق