John Rees
ترجمة اسلام ديلي
ترجمة موقع إسلام ديلييلقي الكاتب والناشط "جون ريس" نظرة على الأسباب الكامنة وراء الحملة الدعاية لترويج الحقائق حول الإرهاب.
"أسبوع التوعية لمكافحة الإرهاب" الذي نظمته الحكومة قد انتهى. وقالت أنه إعلن عن مجموعة من القوانين الجديدة لحمايتنا من الهجمات الإرهابية كما شجعت المؤسسات والأفراد لتبليغ الشرطة عن أي شخص يعتقدون أنه ربما يكون متورطاً في الإرهاب.
هذه ليست سوى أحدث جولة من هذه التدابير، وهي جزء من محاولة مستمرة لإجبار الناس على رؤية العالم بالطريقة التي تنظر من خلالها الحكومة.
بيد أن هناك مشكلة رئيسية. فالرواية التي تسوقها الحكومة لا تتناسب مع الحقائق التي أرض الواقع. وإليكم الأسباب مع الرسوم البيانية التوضيحية :
1 السياسات الخارجية للحكومة، سياسات غبيه.
هذا الرسم البياني (الشكل 1) يبين تصاعد الإرهاب في جميع أنحاء العالم في أعقاب غزو أفغانستان عام 2002م ، والعراق في عام 2003م، كما ذكرت دام اليزا مانينجهام بولر، الرئيسة السابقة لجهاز الإستخبارات البريطانية MI5، للجنة التحقيق حول الحرب على العراق؛ أن الأجهزة الأمنية حذرت توني بلير من أن الحرب على الإرهاب من شأنها أن تزيد من خطر الإرهاب.
وقد حدث هذا بالفعل. لا يمكن القضاء على خطر الإرهاب ما لم يتم القضاء على العوامل المحركة تاريخياً للإرهاب في إطار الأزمة القائمة في الشرق الأوسط، والحل يكمن في تغيير السياسة فقط.
2- غالبية الأعمال الإرهابية لا تقع في الغرب.
الناس الأكثر عرضة لخطر الإرهاب ليسوا في الغرب، ولكنهم في الغالب الأعم في المناطق التي يخوض فيها الغرب الحرب ضد تلك المجتمعات، إما أصالة أو بالوكالة. أمريكا الشمالية وأوروبا تعاني من مستويات أقل من خطر الإرهاب كما في (الشكل 2) أعلاه .
فقط فرنسا، البلد الذي لديه ماض استعماري طويل (ومن الدول الأكثر نشاطا وصخبا حول الصراعات الحالية) ، ومع ذلك تعاني من مستوى متوسط من خطر الإرهاب. وهناك ست دول تعتبر الأكثر عرضة لخطر الإرهاب وهي الصومال وباكستان والعراق وأفغانستان والسودان واليمن، وهي ايضا المسارح التي تدور فيها الحروب الغربية، وحروب الطائرات بدون طيار أو الحروب بالوكالة.
أعداد القتلى في الحرب على الإرهاب أكثر بكثير من تك التي لقيت حتفها بسبب الأعمال الإرهابية.
إذاً العلاج هو أكثر فتكا من المرض. سوف تمر بخاطرنا لحظة تأمل، نقول فيها لماذا؟
نشر القوة العسكرية الغربية، الأكثر تطورا من الناحية التكنولوجية والأكثر تدميرا في العالم، دائما ما تنتهي بقتل أعداد من المدنيين أكثر بكثير ممن يموتون في هجوم انتحاري بحزام ناسف - أو حتى بمفجرين كما حدث في 9/11 في الطائرات المختطفة. وكما يبين هذا المخطط الدائري التالي (الشكل 3)، فإن وفيات المدنيين في أفغانستان وحدها أكبر بكثير من تلك التي تسببتها هجمات 9/11. وإذا أضفنا أعداد القتلى المدنيين نتيجة للحرب في العراق والإرهاب الذي ولدته أثناء فترة الاحتلال، فيجب اعتبار هذا المشروع من أكثر المشاريع التي حققت نتائج عكسية في التاريخ العسكري.
4- نطاق التهديد الإرهابي
الهجمات الإرهابية غالبا ما تكون غير فعالة، وخصوصا عندما يتم تنفيذها بواسطة متطرف "منفرد" بدلا من منظمات عسكرية مثل الجيش الجمهوري الايرلندي. فأكثر من نصف الهجمات الإرهابية لا تسبب أي حالة وفاة، ولو نظرنا إلى الفترة التي كان فيها الجيش الجمهوري الايرلندي متورطا في التفجيرات وعلى مستوى العالم كما في الرسم البياني التالي (الشكل 4) ، فمعظم الهجمات الإرهابية لم يُقتل فيها أحدا. وهذا ليس للتقليل من الخسائر في الأرواح التي أزهقت، ولكن لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
لقد مر إلى الآن ما يقرب من عشر سنوات على تفجير حافلة في لندن في7/7، وفي ذلك العقد كان هناك حالة قتل إضافية واحدة في المملكة المتحدة نتيجة الإرهاب "الإسلامي"، وهو الطبال لي ريجبي، وهو ما يرفع عدد القتلى خلال السنوات العشر إلى 57 شخصا. أما العام الماضي وحده فعدد الاشخاص الذين قتلوا في عمليات القتل «العادية» في المملكة المتحدة بلغت 500 حالة، وقد كان ذلك من أقل الأرقام على مدى عقود.
لا مجال للمقارنة بطبيعة الحال بين مستوى حملة الجيش الجمهوري الايرلندي و"التطرف الإسلامي" في هذه الأيام، فقد قام الجيش الجمهوري الايرلندي، بتفجير أحد كبار المحافظين داخل مجلسي البرلمان، وقتل أحد أفراد العائلة المالكة في يخته قبالة سواحل أيرلندا، وفجر الفندق الذي كان يقام فيه مؤتمر حزب المحافظين وأطلقوا قذيفة هاون في الحديقة الخلفية لـ10 داوننغ ستريت. وهذه على سبيل المثال لا الحصر مجرد عدد قليل من الهجمات غير العادية للجيش الجمهوري الإيرلندي.
وحتى في الفترة منذ عام 2000م نفذت هجمات فعلياً أكثر(في مقابل الهجمات المخطط لها) من قبل الجيش الجمهوري الايرلندي، والطالب الأوكراني "بافلو لابشين" الذي يعاني من رهاب الإسلام، والذي ارتكب جريمة قتل ونفذ سلسلة من الهجمات على المساجد في وست ميدلاندز، كانت أكثر من تلك التي نفذها المتطرفين الإسلاميين.
شخصيا أرجو أن لا تكتفي بما أقوله لك، واقرأ ما نشرته مجلة السياسة الخارجية، مجلة النخبة الدبلوماسية الأميركية، في 2010، حيث نشرت مقالا بعنوان "إنه الإحتلال، أيها الغبي!":
"كل شهر، هناك المزيد من الإرهابيين الانتحاريين يحاولون قتل الأمريكان وحلفائهم في أفغانستان والعراق وغيرها من بلاد المسلمين، أكثر مما كان عليه في جميع السنوات قبل عام 2001م مجتمعة. فخلال الفترة من عام 1980م إلى عام 2003م، كان هناك 343 هجوم انتحاري في جميع أنحاء العالم، وكانت 10 في المئة منها على الأكثر تنطلق من مناهضة الولايات المتحدة. لكن منذ عام 2004، كان هناك أكثر من 2000 هجوم انتحاري، وأكثر من 91٪ منها كانت ضد الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها في أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان.
وقد خلصت دراسة أجرتها مؤسسة راند إلى ما يلي:
"في دراسة شاملة قامت بتحليل 648 من الجماعات الإرهابية التي كانت موجودة بين عامي 1968م و 2006م، بناء على قاعدة بيانات الإرهاب التي تحتفظ بها مؤسسة راند والمعهد التذكاري لمنع الإرهاب، فإن الطريقة الأكثر شيوعاً التي تنتهي إليها الجماعات الإرهابية هي 43٪ ... كانت من خلال التحول إلى العملية السياسية ... فالقوة العسكرية كانت فعالة في 7٪ فقط من الحالات التي تم فحصها".
الدرس المستفاد من كل هذا واضح لا لبس فيه: وهو أن الحرب على الإرهاب تنتج الإرهاب، والحكومة تبالغ في التهديدات من أجل تحقيق القبول لسياسة لا تحظى بالشعبية، لذلك يتم تشويه صورة مجتمعات بأكملها تضمن تشكيل أقلية لها حافز إضافي لارتكاب هجمات إرهابية. هذا هو التعريف الدقيق للقرارات السياسة ذات النتائج العكسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق