كان آخر الهجمات تلك التي ضربت شبه جزيرة سيناء أمس الخميس وتحديدًا على الكتيبة (101) التابعة للجيش وأسفرت عن مقتل 26 جنديًّا مصريًّا حسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة.
لقد أظهر نظام السيسي مجددًا طبيعته العنيفة خلال الأسبوع الماضي؛ حيث كانت تحتفل مصر بالذكرى الرابعة للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وقُتِل أكثر من 20 متظاهرًا من قبل قوات الشرطة، بينهم الناشطة الحقوقية الليبرالية شيماء الصباغ، والتي تم إطلاق النار عليها من الظهر بينما كانت تسير تجاه ميدان التحرير لوضع بعض الورود تحيّة لأرواح الشهداء، واتُهِم خمسة شهود عيان ممن حاولوا الإدلاء بشهادتهم حول مقتلها، بتنظيم تظاهرة غير قانونية.
وعلى الرغم من وعد السيسي بالإفراج عن الصحفيين والنشطاء الشباب في الذكرى الرابعة لثورة يناير، لم يتم الإفراج عن أي من عشرات الصحفيين المحبوسين من قبل النظام ومن بينهم الأسترالي بيتر جريست والكندي محمد فهمي.
ولم يتم أيضًا الإفراج عن أي من القادة الليبراليين لثورة 25 من يناير 2011، والمسجونين من قبل النظام السيسي لانتهاكهم قانون حظر التظاهر شديد القسوة، وحتى لم يتم الإفراج عن 176 برلمانيًّا من البرلمان السابق ظلوا مسجونين مع الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وبدلا من ذلك، أفرِج عن نجلي مبارك، الذين كانا يُحاكمان بتهم الفساد بعد الثورة، فضلا عن إسقاط تهم أخرى عن مبارك، أما السيسي نفسه فقد حذر في خطاب له المصريين بتوخي الحذر عندما المطالبة بالحقوق، مضيفًا أن أحدًا لا يقف ضد حقوق الإنسان، لكن من الواضح أنها لا تأتي ضمن أولوياته.
وللأسف، فإن وجهة نظر السيسي يتشاركها معه نظيره الأمريكي باراك أوباما، الذي يكرر دائما سياسته في إخضاع المخاوف حول حقوق الإنسان في مصر للعلاقة الأمنية لبلاده مع النظام المصري، والشهر الماضي نجحت الإدارة الأمريكية في الظفر بموافقة الكونجرس على حكم يسمح بالاستئناف الكامل للمساعدات لمصر حتى وإن لم يتخذ نظامها خطوات لاسترجاع الديمقراطية والإفراج عن السجناء السياسيين.
وفي تبريره لتوجهه الجديد مع كوبا، فإن أوباما كرر عبارة أن فشل سياسته على مدار نصف قرن يجبره على الاستغناء عنها، وعلى الرغم من ذلك فإن التاريخ الأمريكي المؤلم من دعم واشنطن للأنظمة الديكتاتورية العربية على مدار 70 عامًا، التي خلقت الكثير من الفوضى التي تجتاح المنطقة الآن، لن تردع الرئيس الأمريكي عن إعادة تبني سياسة للسيسي وملك السعودية الجديد سليمان بن عبدالعزيز.
وربما دارت مناقشات داخل البيت الأبيض عن قمع السيسي، على الرغم من تلك الأوضاع الصعبة التي تشهدها مصر على مدار عقود، فهي أفضل من الفوضى الدموية في سوريا وليبيا، لكن من خلال قتل المعارضين السلميين مثل الصباغ وإسكات وسائل الإعلام وسجن النشطاء العلمانيين المؤيدين للديمقراطية مثل أحمد ماهر ومحمد عادل، فإن النظام المصري بذلك يصنع أرضا خصبة لازدهار الجماعات المتشددة
ومن الصعب التنبؤ بمستقبل مصر في مثل تلك اللحظة المضطربة، ومع تجاهل وحشية السيسي واستمرار العلاقات الثنائية بشكل عادي مع واشنطن، فإن إدارة أوباما تضع رهانًا خاسرًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق