تابع العالم المسيرة الدولية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس اليوم الأحد، تضامنا مع ضحايا الأحداث الإجرامية التي تعرضت لها الصحيفة الساخرة "شارلي إيبدو" والهلع النفسي التي أصاب الفرنسيين جراء تلك الأعمال المنبوذة.
نعم فرنسا تعرضت لهذا الحادث المأسوي، وتعرضت قبلها دول أخرى لأعمال أشد فضاعة، وتتعرض دول لمجازر يومية أشد وقعا على الإنسانية، فلماذا لم يتحرك العالم لإدانة ذلك الإرهاب الذي اغتصب طفولة أبناء فلسطين وحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه كاملة كما ترعاها الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ ألم يرى أولئك القادة وتلك المنظمات الحقوقية المشاركة المسيرة الوضع اللا إنساني الذي يعيشه الشعب السوري شأنه في ذلك شأن ما يعيشه المغاربة الصحراويون المحتجزين في مخيمات تنذوف فوق التراب الجزائري؟
مسيرة فرنسا لإدانة الإرهاب أكدت للعالم، وجود غرب يسهر على حماية مواطنيه ويضمن لهم جميع حقوقهم دون تجزئ، غرب يدعوا لحقوق الإنسان ويخرقها في نفس الوقت، غرب حضاري بعقلية استعمارية تستمد شرعيتها من تاريخ سياسي مغلوط.
مسيرة فرنسا لإدانة الإرهاب أكدت أن المصالح السياسية والاقتصادية، قد تؤدي بزعماء بعض الدول إلى قبول مس معتقداتهم الدينية، ومن قبل بذلك فقد يقبل بوضع أمن شعبه وحقوق مواطنيه في المزاد العلني السياسي الدولي، وهذا مؤشر على صعوبة الوحدة لتشيد عالم مبني على السلم والأمن والتعايش الاجتماعي المستدام.
ولنسلم بكون بعض المتشددين من دعاة الدين الإسلامي يحرضون على أعمال تخريبية بحجة محاربة الفساد بالشكل الذي يرونه، فلا يمكن أن تكون الإساءة لمعتقداتهم الدينية سوى شحنة إضافية لتأجيج نيرانهم السوداوية، والغرب مطالب بفهم هذه المعادلة والحرص عليها في تدبير الشؤون الأمنية والسياسية.
مسيرة فرنسا لإدانة الإرهاب لم تكن ناجحة بقدر ما فتح مجالات واسعة للحرب على الإسلام، وهذا مُبرر بسماح الأمن الفرنسي الذي أطر المسيرة برفع رسوم الإساءة للدين الإسلامي ورسوله.
الطاهر أنسي
رئيس المركز الوطني للتنمية والوحدة الترابية المغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق