هذا كان الحدث البارز، بنفس القدر. اصطف في صف مُشرّف ومثير للإعجاب الكثير من زعماء العالم في المسيرة التي شارك فيها الملايين والتي جابت شوارع باريس حتى لم يتوفر أي مكان، ليقولوا لا للإرهاب.
ولكن رغم أهمية الحدث، في هذا الصباح في إسرائيل يتداول الجميع الحديث عن شيء واحد – تقدُم رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من الصف الثاني إلى مركز الصف الأول. أحرج تصرف نتنياهو هذا الكثير من الإسرائيليين.
بدأ الأمر بأنه لم تتم دعوة نتنياهو إلى المسيرة الكبيرة أبدًا – وإنما على العكس، طُلِب منه عدم الحضور. في البداية خرج خبر رسمي بأن نتنياهو لن يشارك في المسيرة، ولكن بعد أن تم الإعلان عن نية حضور كبار رؤساء اليمين (مثل نفتالي بينيت ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، المتنافسَين على أصوات المنتخبين اليمينيين في إسرائيل)، أعدل رئيس الحكومة عن رأيه وقرر أن يشارك بشكل مُفاجئ في باريس.
وليس فقط ظهر، وإنما طلب أن ينضم إلى الباص الذي ينقل زعماء العالم (بالرغم من أنه لم يُحجَز له مقعد)، وكما هو مفروض، اللحظة الأكثر إحراجًا – كيف أنه عن طريق سلام يد "عفوي"، من المُفترَض، مع رئيس جمهورية مالي المُتواجد في الصف الأول، رافقته محادثة قصيرة جدًا عن الأحوال، نجح نتنياهو بالانزلاق إلى الصف الأول، وليس هذا فحسب، إنما انضّم إلى الخماسية الأولى التي تقود المسيرة، إلى جانب الرئيس الفرنسي هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وبعد عدة دقائق من المسيرة وهو في المُقدمة، ويبتسم للكاميرات، بدأ نتنياهو أيضًا بالتلويح للجماهير التي على جانبي الطريق وكأنه ملكة إنجلترا بحق، وكأن المسيرة هي موكب نصر، وليس حدث مأساوي مُحترم.
بالمناسبة، فمن من المُحتمل جدًا أن ما دفع نتنياهو للاندفاع إلى الأمام، من مكانه في الصف الثاني، هو الرغبة بمكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس- الذي تواجد في مقدمة الصف الأول. إن المكان الذي حصل عليه عباس من الفرنسيين هو جزء من استقباله الحار والمرحب، مقابل البرود المُهذّب تجاه بيبي.
بعد ذلك، لم يكتفِ نتنياهو بهذا، وإنما وقف على أرض فرنسا المُضيفة، وناشد كل يهود فرنسا أن يتركوها ويهاجروا إلى أرض إسرائيل، "بيتهم الحقيقي". هل يوجد تصرف أكثر وقاحة من هذا؟ على ما يبدو، كلّا.
على أي حال، خطوة نتنياهو التي تُسمى "أنيقة"، كشفت عن حقيقته على الملأ. بُثّت لحظة الانزلاق إلى الأمام مرارًا وتكرارًا على القنوات الإسرائيلية، وتحوّل إلى نكتة ساخنة في الشبكة تسخر من غطرسة رئيس الحكومة وتفاخره. هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك وأضاف إلى مقطع الفيديو بحركة سريعة نغمة "لوني تيونز"، الذي حوّل بيبي إلى شخصية مثيرة للسخرية من أفلام الكرتون المُصوّرة، وأيضًا لم تتأخر النكات والسخرية عن القدوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق