هأرتس
بقلم عاموس هرئيل
إن الحرب التي حدثت في الصيف في قطاع غزة مستمرة في تأثيرها على العلاقات بين اسرائيل وبين المعسكرين الفلسطينيين بعد شهرين من اعلان وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس. ولكن القدس لم تهدأ بعد كما تبين من أحداث الايام الاخيرة، والوضع في غزة بدأ يتصاعد من جديد. في كلتا الحالتين فان التوتر ينبع من العلاقات المعقدة بين اسرائيل، السلطة الفلسطينية وحماس (حيث لمصر والاردن دور في هذه العلاقات)، التي تمتد جذورها الى أحداث الصيف.
الشرطة أعلنت أمس عن ترويض الانتفاضة المدينية التي تدور في القدس منذ قتل الفتى محمد أبو خضير في تموز، على خلفية الهدوء النسبي الذي كان في نهاية الاسبوع. يمكن اعتبار سبب الهدوء هو حالة الطقس التي أبعدت المتظاهرين عن الشوارع وايضا التواجد الكبير للشرطة في العاصمة. كل من زار شرقي المدينة في الايام الاخيرة أخذ انطباعا بأنها موجودة تحت احتلال عسكري قمعي. فالشرطة وحرس الحدود موجودون في كل زاوية وكذلك السيارات العسكرية المصفحة في الشوارع ومنطادات المراقبة في الجو.
ستضطر قيادة الشرطة آجلا أو عاجلا الى اعادة معظم رجال الشرطة الى اماكن عملهم. ونظرا للاسباب التي أدت الى اندلاع الاحداث – عشرات السنين من الاهمال في شرقي المدينة، زيادة الاستيطان، التوتر القومي والديني المستمر – فمن الصعب أن نرى كيف سيتحقق الهدوء الكامل ولفترة من الزمن.
قيادة السلطة الفلسطينية تريد استمرار المقاومة الشعبية في القدس، التي هي مقبولة على اغلبية الجمهور الفلسطيني في الضفة، والعالم لا ينظر اليها على أنها ارهاب. ما أعلنه بنيامين نتنياهو أمس عن عدم تغيير الوضع الراهن في الحرم كان أمرا صائبا، لكن الفلسطينيين ومعهم الاردن لا يسمعون نتنياهو فقط بل ايضا الوزير اوري اريئيل الذي وعد أمس في مقابلة للراديو أن الهيكل سيُبنى من جديد. اذا كانت وجهة رئيس الحكومة الى الانتخابات فمن الصعب أن يقوم بخطوات حقيقية لكبح اليمين في الائتلاف. ويمكن الافتراض أن اعلانات خطط البناء الجديدة في المدينة لم تنته بعد.
في نفس الوقت ازداد الوضع سوءاً في غزة، وحكومة نتنياهو التي تعرضت للانتقادات بسبب ضبط النفس تجاه الصواريخ قبل الحرب الاخيرة معنية باظهار تصميم أكبر. بعد اطلاق الصاروخ على النقب الغربي في يوم الجمعة تم اغلاق المعابر في كرم أبو سالم وإيرز ردا على ذلك. وجاءت هذه الخطوة بعد اجراءات عقابية شديدة قامت بها مصر في أعقاب قتل 33 جندي في الشهر الماضي، حيث أغلقت مصر معبر رفح وقررت تطبيق خطة اقامة منطقة عازلة بين الجزء الفلسطيني والجزء المصري من رفح.
جرافات الرئيس السيسي تهدم مئات البيوت في الجانب المصري وتخلق منطقة «مطهرة» على مسافة مئات الامتار.
صحيح أن حماس حاولت أكثر من مرة العمل ضد السلطات المصرية إلا أن اتهامها بقتل الجنود المصريين من قبل الجهاد المتطرف، «أنصار بيت المقدس»،مدحوض. الصحافة المصرية تطلق على زعماء حماس ألقاب مثل «كلاب»، وتهدد بتصعيد الاجراءات ضدهم.
تحاول حماس الآن التصالح مع المصريين ونقل رسائل الى اسرائيل من خلال مصر بأنها لم تطلق الصاروخ على النقب وأن المنظمة ما تزال ملتزمة باتفاق وقف اطلاق النار الذي تم بوساطة مصرية. اجهزة الامن التابعة لحماس اعتقلت في يوم السبت خمسة مواطنين من القطاع للاشتباه بعلاقتهم باطلاق الصاروخ، ولم يتضح بعد من هذه المنظمة الفلسطينية التي ينتمون اليها. لكن النتيجة الفعلية للتطورات المختلفة هي واحدة – تشديد الخناق على غزة يزداد شيئا فشيئا وعملية اعادة الاعمار توقفت تقريبا. ليس فقط مواد البناء تتأخر، فحتى الآن لا يوجد تقدم حول فتح المعابر من جديد. مصر والسلطة الفلسطينية تطالبان بتواجد أوسع للحرس الرئاسي لمحمود عباس في المعابر وعلى طول منطقة فيلادلفيا في رفح التي تم حفر الانفاق تحتها. قد تكون حماس مستعدة لاستيعاب وجود موظفين من رام الله في المعابر، لكن شرطة مسلحة هو أمر آخر. بشكل أو بآخر، فان هذه الاحداث تُذكر بالطريقة التي حدث فيها التصعيد قبيل الحرب في الصيف، حتى وإن كان الجميع لا يريدون جولة عنيفة اخرى، إلا أن حماس تشعر بأن الخناق يضيق أكثر فأكثر، والطريق من هنا الى اندلاع جديد للمواجهة مع اسرائيل قد تكون أقصر مما هو متوقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق