نزل النطق بالحكم ببراءة المخلوع حسني مبارك وولديه وشريكه حسين سالم وأركان داخليته حبيب العادلي ومعاونوه نزول الصاعقة على أسر الشهداء والجرحى وعلى كل من له قلب وعقل من ثوار 25 يناير التي قتلوها نهاراً جهاراً بفعل الثورة المضادة والانقلاب العسكري.
ومثّل الحكم نزول الغيث على أركان نظام المخلوع الذي قاد الثورة المضادة والانقلاب وتولى الأمور في البلاد بعد انقلاب 3 يوليو.
لقد خطط رجال المخلوع "اللهو الخفي" منذ ثورة 25 يناير كيف يقضون على هذه الثورة فكانت الأحكام الصورية للمد في استهلاك وقت الثوار قبل قتل ثورتهم.
من الذي كان يمثل السواد الأعظم في هذه الثورة؟
الإسلاميون هم السواد الأعظم، فكان يجب الانقضاض عليهم بطريقة "خطوة خطوة" حتى تنتهي ثورة 25 يناير ولا يعودوا إلى المشهد مرة أخرى.
ترك المجلس العسكري الحبل على الغارب وفتح ذراعيه للإسلاميين بعدما تخلص من الشباب الثوريين في محمد محمود. فكانت انتخابات البرلمان بغرفتيه "الشعب" و "الشورى" والتي سيطر عليهما بنسبة شبه كاملة الإسلاميون، وجاءت انتخابات الرئاسة وفاز الرئيس محمد مرسي كمرشح إسلامي ممثلا لجماعة الإخوان، وشكل الوزارة وعين النواب والمساعدين، وظننا وظن معنا الناس أن الدنيا قد سادت، وأنها دانت وأن الملك قد عظم!!
ولكنها المؤامرة..
كانت المؤامرة تحاك بليلٍ، وامتنعت كافة الأجهزة السيادية وغير السيادية عن التعاون، بل وتشكلت جبهة "الإنقاذ" و"تمرد"، ليبدأ تسخين الشارع، والإسلاميون لا يبالون ولا يقدرون حجم المؤامرة .. "تمرد" يشكلها جهاز سيادي، ويمولها رجل أعمال "نصراني"، والرئاسة ترفض كل التقارير التي تقول أن هناك حشدا يوم 30 يونيه – الحشد تمثل في: غضب شعبي استغلته الثورة المضادة – فوقع المحظور والمخطط له، فكان انقلاب 3 يوليو.
وبدأت المواجهة..
عمت المظاهرات أنحاء البلاد، وكان اعتصامي "رابعة" و "النهضة"، والانقلاب يرتب أوراقه للأسوأ.
وكانت المجازر..
الحرس الجمهوري، وما تلاها حتى وصل الانقلاب إلى المجزرة الأكبر في "رابعة" و"النهضة" وبحور دماء لن تغفر لمرتكبيها أو مؤيديها أبدا أمام ربها يوم الموقف العظيم.. ومن يومها والثوار في الشوارع والميادين والأزقة والقرى رغم الإرهاب الأمني والقتل والاعتقال والتعذيب.
مرت سنوات منذ 25 يناير والقتلة و"الفلول" في الجحور، وغاب عن المشهد كل من لطخت يداه بأوساخ الاستبداد، وكانت راية الثورة خفاقة، وبدأنا نشعر أن منظومة الاستبداد والفساد قد سقط رأسها، ولكن القراءة الثورية كانت ضعيفة، واجتهادات الحكم المنتخب شابها الضعف وتآمرت عليه كل قوى الثورة المضادة.
جماهير الشعب جعلت آمالها في "الثُّريّا" فوجدت نفسها مغروسة في "الثَّرى".
هل تستغربون أن يحصل المخلوع على البراءة، وأن يحل موكبه على أرض خضبت بدماء الثوار؟
ماذا بقي من الحياء لم يدنس؟
ألا أيها الخجل أين حمرتك؟
لن يفيدنا شئ إلا باسترجاع المسار الثوري بكل جدية وإخلاص وتجرد، بعيدا عن تلهفات الحكم وشهوته وحساباته المقيتة.وإن لم نفعل فلنحثوا التراب على الرؤوس ولنؤذن في مالطا كما يقولون، ولن نجد إلا الصدى ليجيبنا.
يحكى أن الإمام مالك بن دينار وعظ الناس في خطبة له فأبلغ في وعظه حتى بكى الناس من الخشوع والتأثر، ولما فرغ من صلاته بحث عن مصحفه فلم يجده فقال: ويحكم.. كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟
ترى من منا سرق مصحف مالك بن دينار؟
ألسنا نحن البكائين على ثورتنا؟
فمن سرق الثورة؟
ومن قتل الثوار؟
أرجو أن تبلغوني من سرق المصحف، ومن سرق ثورة 25 يناير وقتل ثوارها ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق