قال لى والآسي يعتصر قلبه: لماذا يحقد عليَّ ويكرهني إلى هذا الحد لقد أعطاه الله ما لم يعطني؟ رغم كل ما تراه لدي من أموال فقد وقفت بجواره وأنقذته من الموت مرات كثيرة وأنفقت عليه ببذخ شديد وأخرجته من أزمات شديدة هل تتصور أن أخاك ابن أمك وأبيك يحاول قتلك ، نعم لقد أحضر سكين حادة وأراد أن يقطع رقبتي لولا أنني انحنيت لألتقط عصا من الأرض أدافع بها عن نفسي فمزقت السكين قميصي وجرحت كتفي ، ثم تنهد متحسراً وسألته لماذا تفعل بي هذا ؟؟؟
أجاب إن الله قد أعطاك ما لم يعطني ،،ولمحت دمعة تتدحرج من عينيه وقال ، وأخي لا يعلم أن الله قد أعطاه أكثر مما أعطاني ، فقد منحه الله أسرة كبيرة وبارك له في أولاده رغم أنه من مدمني الخمر وبارك له في أمواله الحرام التي يتقاضاها من الرشوة فلا يتعب في المال كما أشقى أنا ، أما أنا فرغم أنني تمتعت بالنساء وتزوجت كثيراً لا أشعر بالاستقرار الأسري مثله وأولادي متفرقون في الأرض بعيداً عني ، ولم يبارك الله لي في تعليم أولادي ولا في حياتهم الأسرية كما بارك لأولاده فمن منا الرابح والخاسر ؟؟
هل تتصور أنه أغرى ابني الأكبر ليقتلني ليدخله السجن ويحرم من الميراث ، ويطمع أن يتزوج امرأتي بعد قتلي ليسيطر على كل الأموال وبهذا تهدأ نيران قلبه ، قلت له أخوك من يدبر لكل هذا؟
قال نعم وأكثر ، دعني بالله عليك فإنني لو تحدثت فلن أملك نفسي ، ومع هذا فقد ضحك عليَّ وظل يلح علىِّ أن أبيعه شقتين في عمارتي الجديدة وأخذ يتوسل ويتشفع إليِّ أربعة أشهر إلى أن وافقت وعندما دخل العمارة قال لي لن ترتاح فيها يوماً ، إنني تذللت لك حتى انتقم منك إنك سبب شقائي في هذه الأرض ، ثم أخذ يعدد لي كثيراً من مآسي حياته ووقفنا نتحدث ، وفجأة توقفت في الناحية الثانية من الرصيف فتاة في منتصف العشرينيات وبيدها طفلة صغيرة وأخذت تنظر إلينا وكأنها تسترجع ذكرى قديمة مؤلمة ثم بعد تفكير بدا على وجهها عبرت الطريق بطفلتها الصغيرة ،وهمست على استحياء: أبي ماذا جاء بك إلى هذا الحي ؟حرك ذراعيه واحتضنها في حزن شديد ابنتي وبدا في وجهه التأثر إلى أين أنت ذاهبة الآن؟
قالت لشراء الدواء لابنتي الصغيرة ، مد يده في جيبه ليعطيها بعض المال لطفلتها ، كانت قد ابتعدت عنه بمسافة كبيرة قالت لا أريد منك مالآ ، الحمد لله أنك بخير ومضت , قال : هي واحدة من بناتي خرجت عن طوعي وتركت كليتها لتتزوج من صاحب مصنع كانت تحبه ، ولو صبرت لزوجتها أحسن زيجة تتخيلها لكنها هي من اختارت ؟؟؟؟
ثم مضى ، ذكرني حاله بقصة رواها لي صديق :أن رجلا يكره جاره في العمل فسلط على هذا الرجل أخاه ليقتله لأنه يكره الأخوين والغريب أن الأخ هم بقتل أخيه بعدما مناه القاتل أنه سيعطيه مبلغا زهيداً من المال ... القصص كثيرة عن هذا السفه الذي أصبحنا عليه إلا من رحم ربي ولكن لم صرنا هكذا؟ يريد الأخ أن يقتل أخاه ، والابن لا يتورع عن هذا الخطل ذكرني حالهم بقول أستاذي أحمد مطر " وجوهكم أقنعة بالغة المرونة، طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة، صفق إبليس لها مندهشا، وباعكم فنونه .
وقال : إني راحل، ما عاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه " أفيقوا يرحمكم الله الطوفان قد بدأ بالفوران ،ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ، والناجي فينا من اعتصم بحبل الله صدقاً فنجا ، والهالك من اتبع هواه وتمنى على الله الأماني ، ويشهد الله أنني ما ذكرت هاتين القصتين إلا لنفيق ونقف مع أنفسنا وأهلينا فمراجعة النفس اليوم خير من الندم في الغد حيث لا ينفع الندم ، فهل تحبون أن ترون أولادكم أو أهليكم كمن ذكرت ، ومن منا يتمنى البوار والخسران لأهله ولكن هؤلاء الأخوة وإن كنت أحب أحدهم ما هم إلا غرس قد أعوج منذ الصغر فاتقوا الله في أولادكم وراجعوا أنفسكم
a.elhamed29@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق