مشكلة الطبقة التي تتصدر المشهد الثقافي في مصر، وتحركها أجهزةُ الأمن والمخابرات أن إحساسها بعقدة النقص العلمي والمعرفي يدفعها لبيع كل ما كانت تتشدق به من كلام عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتبارك حكم العسكر، وتمجد البيادة وسلوكها المشين في قتل الأبرياء، وتكميم الأفواه، وإلغاء إرادة الشعب الذي يطعم لابسي البيادة ويكسوهم ويمنحهم من الامتيازات أضعاف ما يناله العلماء والباحثون.
يعتمد كتاب البيادة على ما يمكن تسميته بالكذب المسلح أو الكذب الذي تحميه البيادة، وهو كذب يتحول من الادعاء على الخصوم إلى الادعاء على الأنصار الذين يخرجون عن الخط الإجرامي لحكم الطغيان والاستبداد والفرعنة المجنونة، وسوف أكتفي بعرض بعض النماذج لأحدهم وهو يدافع عن سادته في قضايا خاسرة على المستويين الدولي والمحلي. وحين تكون القضية خاسرة على المستوى الدولي فإن الدفاع عنها بالباطل والأكاذيب والتجريح يحول كاتب البيادة إلى بوق رخيص شديد الوضاعة والبؤس والانحطاط..
عرض أحد الأشخاص قبل أيام ما قيل إنه جهاز لاكتشاف وعلاج للإيدز وفيروس سي والفيروسات الأخرى وظهر "مخترع" الجهاز مرتديا رتبة لواء في الجيش، وفي مداخلة هاتفية عبر قناة "الحياة" رفض خلالها التشكيك في مدى فعالية جهازه في علاج المرض، مضيفا أنه لن يقدم على بيع الجهاز للخارج وسيقتصر العلاج على المصريين.
وعرضت قناة "الشرق" تقريرا مصورا حول القضية، أظهرت فيه فيديوهات قديمة تظهر أن مخترع الجهاز هو في الواقع "مجرد معالج بالطب البديل، وباحث بالإعجاز العلمي للقرآن" وسبق له الظهور على قنوات دينية وقد حصل على رتبة لواء بشكل شرفي ولم يدرس في الكليات العسكرية.
وانضم إلى المشككين في الاختراع المطروح مستشار علمي للرئيس الانقلابي اسمه عصام حجي عدَّ الاختراع "فضيحة علمية لمصر". وقال إن الاختراع "غير مقنع وليس له أي أساس علمي واضح" إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر في أي دوريات علمية مرموقة"، وحذر من استغلال الإعلان في "الإساءة لصورة مصر دولياً"، وأكد أنه بعد عودته من الولايات المتحدة التي يزورها، سيلتقي بالمسئولين "لمناقشة ما حدث بشكل علمي".
هذا الكلام لم يعجب كاتب البيادة البائس فاستخرج أقبح ما في قاموسه البذيء ليهين المستشار الخائف على سمعة بلادة، ويسيء إلى أحمد زويل الذي أيد المستشار العلمي في موقفه، وعلى طريقة الردح في الحواري إياها كال للرجلين "من المنقّي خيار" كما يقال!
لقد وصفه بالعامل بوكالة ناسا – وكأنه فراش في مدرسة – وألصق به جريمة مهاجمة الجيش وشكك في اختياره من قبل سلطة الانقلاب ورأى أنه بخبرته وتخصصه لا يرقى إلى مستوى أن يكون مستشارا علميا لرئيس مصر. ثم انبرى كاتب البيادة ليصب شتائمه على الدكتور زويل مع التقليل من شأنه – لاحظ أن كاتب البيادة لا يحمل غير الإعدادية الصناعية وكان عامل نسيج قبل أن يلتقطه شيوعي راحل وينقله إلى حضرة صاحبة الجلالة – بالإضافة إلى أن زويل ليس متخصصا في الفيروسات ولم يقدم لمصر ذرة من العلم أو الدعم، وسطا على جامعة أسسها الدكتور أحمد نظيف!. ثم يوجه كاتب البيادة أوامره إلى المقام الرئاسي – حلوة المقام الرئاسي هذه! - لمحاسبة المستشار العلمي واختيار المستشارين وفقا لمنطق جديد!
البائس لم يناقش ما قيل بحجة أو دليل أو رأي علمي يرد به على من رأوا في كلام الرجل المنسوب إلى الجيش فضيحة علمية بكل المقاييس، وإلهاء للشعب التعيس عن واقعه المجلل بالدماء البريئة والسواد الذي صنعه العسكر!
تجلٍّ آخر يقدمه البائس من خلال رحلة إلى باريس لتسويق أحد كتبه الرديئة، تظهر نرجسيته متضخمة وفاقعة كأنه يعوض ما يستشعره في داخله من دونية وهوان، ويعنيني فيما قاله دفاعه الرخيص عن الانقلاب الدموي الفاشي الذي قام به العسكر وأزهقوا بسببه - ومازالوا – آلاف الأرواح البريئة الرافضة له، فحين يُسأل عن دعمه للجيش وقائد الانقلاب، يقول عابد البيادة البائس: "إنني لا أدعم الجيش أو المشير قائده العام بل عكس الوضع الذي يتصوره السائل، الجيش يدعمني كمواطن كما يدعم سائر المواطنين، وكما دعم الشعب عندما ثار علي الحكم الإخواني". وهنا نسأل: هل دعم الجيش له ولتنظيمه الذي قفز إلى السلطة على جنازير الدبابات يعد دعما لسائر المواطنين الذين سالت دماء الآلاف منهم برصاص الجيش والشرطة وقصف الطائرات وتم إحراق جثثهم بأحدث المواد الحارقة؟ هل يؤمن البائس بإبادة المواطنين الذين يرفضون الانقلاب؟ لنفترض أنه كان هناك ما يسمى بالحكم الإخواني فهل إسالة الدماء وحرق الجثث هي الوسيلة إلى القضاء على هذا الحكم؟ ألا يتناقض هذا مع قيم أهل باريس الذين يستضيفون أمثاله من أتباعهم والموالين لهم؟
البائس الذي كان شيوعيا وصار ناصريا يزعم أنه لم يمض وقت طويل حتى أقدم الإخوان على أمرين لا يمكن للأحوال ان تستقيم معهما، الاعتداء على ثقافة المصريين العميقة، اضطهاد المخالف دينا وعقيدة خاصة الأقباط الذين تعرضوا لظروف بالغة الصعوبة منها إحراق تسعين كنيسة ومقتل عدد منهم ومن معتنقي المذهب الشيعي، الثاني الاعتداء على المكونات الرئيسية للدولة، مثل المؤسسات السياسية وإنشاء كيانات بديلة تمهيدا لتدمير البنية الأساسية!
عابد البيادة البائس يتحول إلى كذاب جهول يردد ما يملى عليه وعلى أمثاله من عسكر الانقلاب وينسى أبسط الحقائق وأولها أن الشعب المصري مسلم منذ فجر التاريخ، وأن سيده الأرحل أعني جمال عبد الناصر حاول إخراج المصريين من الإسلام فلم يستطع، وما ثورة يناير إلا استرداد الشعب المصري لدينه وتحرير الإسلام من قبضة الأشرار، أما بقية الأكاذيب فلا تحتاج إلى عناء الرد لأنها مكشوفة ومفضوحة.
ومن التجليات البائسة لعبد البيادة أنه يشير للاحتفال بمولد الحسين ويرى أن الاحتفال هذا العام مختلف لأن الإخوان الذين يجهلون ثقافة المصريين العريقة اختفوا من المشهد! يا لك من بائس يبحث عن أي شيء يتقرب به إلى البيادة، ويؤكد خدمته للاستبداد والطغيان وإهراق الدماء، لدرجة أن يمتدح المحاكمات الظالمة الجائرة للرئيس المظلوم والقفص الزجاجي الذي وضع فيه!
ويا كتاب البيادة لا تفرحوا كثيرا بقربكم من الانقلاب الدموي، فالحرية آتية قريبا إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق