18 مارس 2014

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب : من أنتم ؟

الذين شمتوا فى العدوان الصهيونى الأخير على غزة أو الذين التزموا الصمت، أو الذين أدانوه ولكن بتحفظ، و الذين يشيطنون الفلسطينيين كل يوم، والذين يحرضون ضدهم . من أنتم ؟ وعن من تعبرون ؟
فحتى عندما كانت الأنظمة الحاكمة ترتمى تماما فى احضان الامريكان والصهاينة، كان الموقف الشعبى فى مصر مناصرا على الدوام للمقاومة الفلسطينية، ومناهضا للعدو الصهيونى.
تذكروا مواقفنا فى صابرا وشاتيلا وانتفاضة الحجارة 1987 وانتفاضة الاقصى 2000 وحرب لبنان 2006 و الرصاص المصبوب 2008 وعامود السحاب 2012...الخ
***
ثم أين ذهب كل الذين تحالفوا مع اسرائيل و باعوا فلسطين، أين ذهب الملك عبد الله والملك حسين والسادات و مبارك و جماعة كوبنهاجن.
وأين هم من أحمد عبد العزيز و عبد المنعم رياض و ابراهيم الرفاعى وسليمان خاطر وعز الدين القسام وابو جهاد وابو اياد وابو عمار واحمد ياسين و الرنتيسى وفتحى الشقاقى وسناء محيدلى ودلال المغربى وآيات الأخرس والآلاف غيرهم.
***
كما ان اى مقاومة للعدو الصهيونى لا يمكن ان تمثل تهديدا لمصر، بل هى خط الدفاع الاول عن امنها القومى وامن الامة العربية كلها، بحسابات الصراع وموازين القوى و المصلحة و التاريخ و الجغرافيا والانتماء والهوية،
الا اذا كنا ننظر للمصلحة المصرية بنظارة كامب ديفيد! وفى هذه الحالة، فان المعاهدة وقيودها هى التى تمثل التهديد الفعلى للأمن القومى المصرى.
و مقارنة بسيطة بين موقف اسرائيل التى ترفض نشر اى قوات مصرية فى سيناء، الا بالقطارة وبالتنسيق معها وتحت رقابتها، وبين موقف الفلسطينيين بكافة فصائلهم الذين يدعون الله ليل نهار، لعودة الجيش المصرى بكامل قواته وسلاحه الى جوارهم وعلى الحدود معهم،
نقول ان أي مقارنة من هذا النوع تؤكد للمشككين والمضلِلِين من هو العدو ومن هو الصديق. 
كما انه من ناحية أخرى، لا يحق لأحد أن يحدثنا عن أمننا القومى وهو يصالح اسرائيل ويعترف بها وينسق معها ويقيد سيناء حماية لأمنها، ناهيك عن الانسحاب من مواجهة مشروعها .
***
لقد مر اكثر من قرن من الزمان على بداية المشروع الصهيوني وأكثر من 60 عاما منذ اغتصاب فلسطين، سقطت فيه انظمة كثيرة، بل اختفت دول وظهرت دول ودويلات جديدة، ومر علينا حكام وطنيون وآخرون خونة، وعشنا عصور الاستعمار والاستقلال و التبعية، وشاهدنا ثلاث حقب دولية؛ بين الحربين العالميتين ثم الحرب الباردة ثم الانفراد الامريكى بالعالم...
مائة عام تبدلت فيها المبادئ والقيم والمواقف وموازين القوى، ولكن بقيت المقاومة الفلسطينية ثابتة على الدوام، تنتقل رايتها من جيل الى جيل، ومن تيار الى آخر، فلم تستسلم فلسطين أبدا ولم تكف لحظة عن توليد المناضلين و تقديم الشهداء، وكلما كنا نتصور انها تلقت الضربة القاضية، كانت تفاجئنا وتبهرنا بصمودها وبإحياء ذاتها، و بميلاد جيل جديد من مقاوميها .
ولذا يتوجب علينا دائما أن نرتقى لمستواها، وأن نحذو حذوها، وأن نحرر دعمنا لها من حسابات اللحظة، وصراعات المرحلة، اى مرحلة....!
ان فلسطين لا تزال مغتصبة، ولا يزال المزيد من اراضيها يغتصب كل يوم، ولا يزال الكيان الصهيونى منتصرا و متقدما، ولا تزال الأولوية فلسطينيا ومصريا وعربيا، هى مقاومته ومواجهته وتعويقه وهزيمته.
فالأرض والقضية والمقاومة، أبقى من كل الانظمة و الحكام، ومن كل الثورات و الإنقلابات، ومن كل الدساتير والسلطات و الاحزاب والانتخابات، و أبقى من فتح و حماس و الاخوان، ومن الحزب الوطنى وكمل جميلك .
فنحن نصارع بعضنا بعضا اليوم، وسنتصالح غدا، لنعاود الصراع بعد غد، هكذا هو حالنا على مر العصور
وعلينا دائما وفى كل المراحل و الأحوال، الا نفقد البوصلة الصحيحة فى قضايانا المصيرية
وقضيتنا المركزية منذ مائة عام هى الحيلولة دون بقاء و استقرار القاعدة الاستعمارية الغربية المسماة بالكيان الصهيونى، على الارض العربية، حاجزا بين جناحيها، ومهددا لجبهتنا الشرقية .
وما يرتبط بذلك فى هذه المرحلة، ومنذ ان انسحبت و استسلمت كافة الانظمة العربية، من حتمية دعم وحماية اى مقاومة داخل الأرض المحتلة ترفض الاعتراف بإسرائيل وتتمسك بكامل التراب الفلسطينى وترفض القاء سلاحها، مهما اختلفنا مع أيديولوجياتها او مرجعيتها الفكرية. والعمل على تحريرها من كافة انواع الضغوط وكسر الإرادة مثل الحصار والعدوان والقتل والإبادة والتجويع والتركيع والتشويه.
*****
القاهرة فى 16 مارس 2014

ليست هناك تعليقات: