استمرارا لمؤامرة التصعيد ضد حماس التى تشنها حاليا سلطات الإنقلاب فى مصر والتى بدأت مع بداية حكم الدكتور محمد مرسى ولازالت أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكما ( بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية / حماس فى مصر مؤقتا والتحفظ على مقراتها أو أي من ممتلكاتها بالقاهرة والمحافظات) بناء على دعوى من محام استنادا على أن (حماس نشأت كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين، غير أنها تحولت لمنظمة إرهابية بعدما اعتنقت فكر جماعة الإخوان المسلمين وتأسيسا على أن الحكومة المصرية قد أصدرت منتصف ديسمبر الماضي، قرارا باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية) فقد أجلت المحكمة النطق بالحكم ثلاث مرات لذلك وجب عليها أن تصدر حكمها فى الجلسة الأخيرة لأنها ملزمة بإصدار حكمها اليوم لأن القانون المصري لا يسمح لهيئة المحكمة بمد أجل النطق بالحكم إلا ثلاث مرات فقط . وقد قال المدعى شارحا دعواه ( أنه من المعروف للجميع أن حركة حماس نشأت كحركة مقاومة إسلامية في فلسطين، ولكنها تركت كل ذلك وأصبحت منظمة إرهابية، وأدرجتها العديد من الدول ضمن المنظمات الإرهابية”؛ مشيرا إلى أنه: “من المعلوم ارتباطها بعلاقات وطيدة بالإخوان الإرهابيين، وترجع نشأة العلاقة إلى انتساب حماس إلى الجذور الإخوانية في فلسطين، وفي بيانها رقم 6 الصادر فى 11 شباط/ فبراير 1988، أكدت أن حركة المقاومة الإسلامية تعتبر الساعد القوي لجماعة الإخوان). وقد أثار الحكم ردود فعل غاضبة إلا من بعض مؤيدى الإنقلاب العسكرى ورجال الحكم السابق الفاسد ومن جانبها أدانت حركة حماس حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر نشاطها والتحفظ على مقراتها فى مصر وقال المتحدث باسم الحركة ان (الحكم يستهدف القضية الفلسطينية أن الحكم يضر بصورة مصر ودورها تجاه القضية الفلسطينية ويعكس موقفًا مناهضًا للمقاومة الفلسطينية، على حد تعبيره) وسوف نبين فى هذا المقال بطلان الحكم مع إيضاح الأسباب التى دفعت المحكمة للإصدار هذا الحكم. بداية من الناحية القانونية يتبين أن الحكم صادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة صادر من محكمة غير مختصة لأن محكمة الأمور المستعجلة تقضى فى الامور المستعجلة وهى منع خطر حال يستحيل تداركه بعد التنفيذ وهذا غير متوافر فى حالة حركة حماس إذن حالة الاستعجال والضرورة غير متوافرة كما أن هذه المحكمة تحكم من ظاهر الأوراق ولا تنظر فى موضوع الدعوى والحكم باعتبار حركة حماس جماعة إرهابية يتطلب النظر فى موضوع الدعوى ولا يمكن الحكم عليها من ظاهر الأوراق. واعتقد أن هذا الحكم صدر فى محاولة من سلطات الإنقلاب لتسول أدلة أدانة وقرائن فى القضيتين المتهم فيهما الرئيس الشرعى ومرافقيه قضية الهروب من سجن وادى النطرون والتخابر مع حماس حيث يصور هذا الحكم لسلطات الإنقلاب أن هذا الحكم يمكن أن يثبت ارتكاب حماس جرائم إرهابية فى مصر مما يؤكد عزمهم بالأتهام الباطل للرئيس ومرافقيه بالتجسس والقيام بأعمال أرهابية فى مصر بالتعاون مع حركة حماس خاصة وأن أوراق القضيتين تخلو من أى دليل أو قرينة للاتهام فهم يتحايلون لصناعة أدلة. كما أن الدعوى مرفوعة من غير ذى صفة وغير مختص فليس من حق رافع الدعوى رفعها لأن حق رفعها محصور فى الأجهزة السيادية التى تسطيع الحكم على أفعال وتصرفات وتحركات حركة حماس فى مصر أن وجدت فضلا عن ضرورة وجود تقارير من الأجهزة السيادية تؤكد بالأدلة القاطعة على أرتكاب حركة حماس على الأراضى المصرية ما يهدد أمنها قومها وسيادتها وأرتكاب ما يعد أعمالا إراهابية طبقا للاتفاقيات الدولة التى تناولت تعريف الإرهاب وتحديد الأفعال التى تعد كذلك ومنها الاتفاقية العربية الخاضة بالإرهاب وهناك اتفاقيات وشروط لوصف أى منظمة بالإرهاب منها الإتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب عام 2001 وهناك إدارة خاصة بتصنيف المنظمات الإرهابية بالأمم المتحدة وفقا للإتفاقيات الدولية. كما أن مصر موقعة على إتفاقية دولية فى هذا الصدد مع 17 دولة عربية. كما أن هذا الحكم يخالف المبادئ العامة والقواعد الآمرة فى النظرية العامة للدساتير أى مخالفة القانون الدستورى والدستور المصرى السابق لعام 1971م فى المادة (151) وفى دستور عام 2012م المادة (154) والتى نصتا على مبدأ مستقر فى القانون الدستور باعتبار المعاهدات الدولية بعد التصديق عليها قانون وطنى تلتزم به الدولة بكافة مؤسساتها ومنها القضاء والمحاكم بكافة درجاتها وقد وقعت مصر على العديد من مواثيق وإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان التى تنص على أن حق المقاومة لأى عدوان ثابت ومن الحقوق الطبيعية للأشخاص والدول. طبقا للقانون الإنسانى الدولى تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطنى ومن الحركات التى تتمتع بحق أستخدام القوة المسلحة لصد العدوان وتحرير أرضها من قوات الاحتلال ويؤكد ذلك أن العدو الصهيونى تبادل معها الأسرى كما طالب أكثر من مرة بالمفاوضات وقد كانت مفاوضات إطلاق الأسرى تتم تحت أشراف المخابرات الحربية المصرية حتى فى عهد النظام السابق ويؤكد ذلك أيضا أن قوات الاحتلال الاسرائيلية عقدت مع حركة حماس هدنة لمدنة ستة أشهر وطبقا لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الاضافيين لعام 1977م تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطنى، فضلا عن أن حركة حماس قد فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعى عام 2006م فهى منتخبة من قبل أغلبية الشعب الفلسطينى وحال تطبيق هذا الحكم الباطل عليها يكون كل من انتخب حماس أرهابى وشريك فى جرائمها الإرهابية وهذا يناقض العقل والمنطق ومن قبل القانون الوطنى والدولى. وقد اعتبرت الأمم المتحدة فى العديد من قراراتها كافة حركات المقاومة الفلسطينية ومنها حماس حركات تحرر وطنى منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3379/xxx) وأصدرت أيضا القرار رقم (2105/xx) بضرورة تقديم المساعدات والدعم المادى والمعنوى لحركات التحرر الوطنى ومنذ مطلع سبعينات القرن الماضى صدرت عدة قرارات تؤكد على حق حركات التحرر الوطنى باستخدام جميع الوسائل الضرورية من أجل الاستقلال منها القرار رقم (2621/xxv ) والقرار رقم (3163/xxv111) وحقها فى الكفاح المسلح فى القرار رقم (3070/xxv111). وترتيبا على ما سبق تعتبر حركة حماس حركة تحرر وطنى وليست حركة إرهابية ويعتبر القانون الدولى هو صاحب الأختصاص الأصيل فى إصباغ التكييف القانونى على حركة حماس طبقا لمدونة المسئولية الدولية الصادرة عن لجنة القانون الدولى بالأمم المتحدة التى نصت فى مادتها الثالثة على ( إن وصف فعل تقوم به دولة على أنه فعل غير مشروع أمر يحكمه القانون الدولى، وأن مثل هذا الوصف سوف لا يتأثر بأنه فعل غير مشروع فى القانون الوطنى) مفاد هذه المادة أن القانون الدولى هو المرجع والأساس فى تحديد مشروعية وعدم مشروعية الأفعال الدولية من عدمه ولا دخل ولا تأثير للقانون الوطنى فى التكييف القانونى للفعل أو التصرف الدولى وتطبيقا لهذه المادة يحكم القانون الواجب التطبيق على أفعال حركة حماس هو القانون الدولى وليس القانون المصرى و حركة حماس فى القانون الدولى هى مشروعة وتعتبر حركة تحرر وطنى لذلك لا يترتب على هذا الحكم أى آثار قانونية ومازالت حركة حماس حرة تحرر وطنى ويؤكد ذلك نص المادة (32) من ذات المدونة التى نصت على ( إن مسئولية الدولة ( عن الفعل غير المشروع ) لا تستطيع الاعتماد على قانونها الوطنى لإخلالها بالالتزام بموجب هذا الفصل (الالتزامات…..). ويخالف حكم المحكمة مبدا حق تقرير المصير وحق الدفاع الشرعى فضلا عن مخالفة هذا الحكم للإعلان حقوق وواجبات الدول رقم (375/4) لعام 1949م الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد على نص على ضرورة مساعدة حركات التحرر الوطنى من جميع دول العالم بكافة أنواع المساعدات ومنها الساعدات العسكرية ولا يعد ذلك مخالفة لمبدا حظر استخدام القوة الوارد فى المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة. ويخالف حكم المحكمة ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق المنظمات الدولية الإقليمية ومنها ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الاتحاد الإفريقى وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامى ومنظمة الدول الأمريكية وجميعا نصوا على حق تقرير المصير وحق الدفاع الشرعى وكلاهما من المبادئ العامة والقواعد الآمرة فى القانون الدولى العام التى لا يجوز مخالفتها ولا حتى الاتفاق على مخالفتها من قبل الأطراف ويقع أى اتفاق باطل بطلانا مطلقا اى منعدما يقف عنده ولا يترتب عليه اى آثار قانونية لذلك هذا الحكم هو والعدم سواء. ومن الناحية السياسية يؤكد هذا الحكم أن القضاء فى مصر لازال مصرا على أن يكون أهم ,اخطر آليات الثورة المضادة تستخدمه سلطات الانقلاب كآلية لتأديب الخصوم والتنكيل بهم وهذا الحكم ليس أول الأحكام فى ذلك وليس أخرها لذلك فقد القضاء فى مصر أى مصدقية أو أحترام بعد أن قام بدور خطيرا جدا مؤثر للغاية فى الإنقلاب العسكرى الذى يعتبر سطو مسلح على إرادة الشعب المصرى مخالفة بأبجديات القانون الدستورى فضلا عن كونه جرائم جنائية يجب معاقبة كل المشاركين فى الإنقلاب طبقا لقانون العقوبات المصرى. ويعتبر هذا الحكم رسالة قوية للكيان الصهيونى ومحاولة لاسترضاء هذا الكيان حتى يظل على دعمه لقادة الإنقلاب ومساعدتهم فى الإفلات من الحصار الدولى الذى فرضه المجتمع الدولى على مصر بعد الإنقلاب على الشرعية وخطف الرئيس المنتخب لأنهم يدركون تماما أنه يمتلك تأثير قوى على الرأى العام العالمى حيث يسيطر يهود على أكبر وأهم وأشهر وسائل الإعلام المقرؤ والمسموع والمرئى فلم يعترف بالإنقلاب سوى أربع دول عربية وهى الداعمة ماليا لهم ومعهم الكيان الصهيونى كما أن منظمة الاتحاد الافريقى جمدت عضوية مصر منذ الإنقلاب الذى حدث فى 3/7/2013م فهى لم تعترف حتى تاريخه بهم كممثلين للشعب المصرى فالغرض الرئيس من هذا الحكم سياسى أكثر منه قانونى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق