مصر ليست دولة هامشية بموقعها الجيوغرافي وتعدادها السكاني وطبيعتها التاريخية وبالتالي تؤثر بشدة وكذا تتأثر بمجريات الأحداث حول العالم كل العالم وبالتالي ينبغي الأخذ في الاعتبار كل مستوى من مستويات الصراع عند تحليل أي حدث في الداخل المصري وحتى لا نشعب الموضوع في المستوى العالمي الذي يحتاج لكثير من الدراسة والتحليل سأتناول حقيقة الصراع على مستوى الداخل المصري مع الإشارة أن القضية الأم هي الانعتاق من الاستعمار ومخلفاته والسعي للامتلاك الإرادة ، في الداخل المصري ليس الصراع بين إسلام وكفر وبين إخوان وعسكر وإنما حقيقة الصراع بين دولتي يوليو 1952 ويناير 2011 بين دولة عسكرية تحولت إلى مملكة الجنرالات يملكون البلد تماما كما الملوك وزرعوا لذلك تنظيما طليعيا في كل مرافق الدولة ورسخوا لبيروقراطية مقيتة تقيد الدولة وتجعلها عصية على تغير سياستها العامة الداخلية، زرعوا تنظيما طليعيا في مؤسسات القوة العسكرية والأمنية (دفاع وداخلية) وفي مؤسسات العدالة (القضاء والنيابة) وفي مؤسسات المال والأعمال (رجال الأعمال) وفي مؤسسة التسويق لدولتهم والاغتيال المعنوي للخصوم وخلق الرأي العام (الإعلام) هذا التنظيم الطليعي قائم على المصالح المالية يمنح نفوذا لكبار منتسبيها في كل أرجاء الدولة فهم السادة الأمراء أفراد الأسرة المالكة وفي المقابل يرسخ هذه الإمتيازات عل شكل قناعات لدى قواعد جماهيرية ويشكل وعيا عاما يبرر من تلقاء نفسه مفهوم السادة والعبيد فجيش عظيم دون مبرر للعظمة وشرطة باسلة وقضاء شامخ وإعلام عريق كلها دون أي مبررات والجماهير تقتنع وتغني سابقا للزعيم الخالد ثم اخترناك وأخيرا تسلم الأيادي إنها جماهير وقاعدة شعبية شئنا ذلك أم تعامينا عنه، لم يكن ثمة تنظيم مناهض للطليعي هذا قادر على التنغيص عليه من خلال قواعد شعبية سوى التيار الإسلامي وفي القلب منه الإخوان المسلمون لذا عمل التنظيم الطليعي بماكينته الجبارة على مواجهة التيار الإسلامي ليس كونه إسلاميا وإنما كونه القادر على زعزعت الطليعي، واختلفت وتيرة وأسلوب المواجهة بين فصيل وآخر وبين حقبة وأخرى، ناصر والإخوان، السادات والجماعة الإسلامية، مبارك والمواجهة التدريجية مع الجميع وخلق سقف للحرية لم تكن الظروف مواتية لرفعه أو تحطيمه حدث ذلك حتى ثورة الياسمين التونسية والتي تأثرت بها مصر فكانت ثورة يناير الهادفة لبناء دولة يناير 2011 والقضاء على دولة يوليو 1952 وبدأ الصراع الماثل أمامنا اليوم والذي أصبح صفريا بين الدولتين، هذا الصراع كان حتميا وكاد أن يكون في أي وقت سابق عن انقلاب الثالث من يوليو لكنها أولا أقدار الله ثم تدابير دولة يوليو المخابراتية لتوقيت المواجهة حيث التوقيت الأصعب عل التيار الإسلامي وفي القلب منه الجماعة ثم عجز دولة يناير عن إدارة المشهد واشعال المواجهة في توقيتات أفضل بكثير وكان الأسلوب الإصلاحي لجماعة الإخوان هو السبب في ذلك والذي استغلته دولة 1952 جيدا، واقع المواجهة الآن أن الصراع محتدم للغاية والأطراف الخارجية تترقب وتذكي الصراع باتجاه عدم الانعتاق من الاستعمار وإمتلاك الإرادة أظن أن الواقع لن يكفيه بضعة أسطر لتوصيفه ويحتاج لمقالات أخرى وهنا فقط حقيقة الصراع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق