بقلم : د.شكري الهزَّيل
لو كنت رسام كاريكاتور سياسي لرسمت العربي مسلح بفضائيه او وسيله اعلاميه وذخيرته اخبار في اخبار فيما يحمل على ظهره وخسره حزام مليئ بالخبراء والمختصون الذين من المفروض ان يرسموا لجمهور المشاهدين والقراء والمستمعين خارطة طريق فهم الاحداث وتفسيرها في محاولة مساعدة هؤلاء " الغلابه" على فهم ما يدور حولهم وبالاضافه للمختصين نشأت شريحه من الاعلاميين من انشأوا لهم مواقع الكترونيه في الوطن او المهجر وجمعوا حولهم جيش من المعقبين على كتاباتهم الى حد ان اكثرية هؤلاء المعقبين لايقراون فحوى مقالة " فارس الكلمه" ويمطرونه بالمديح في ظل غياب الراي الاخر بالكامل بمعنى ان الراي الاخر ان وُجد لا يُنشر رايه حتى لا يؤثر على قدسية مصداقية هذا الكاتب المغترب او ذاك في وسيلة الاعلام هذه او تلك وهذه المصداقيه لا علاقه لها بالموضوعيه ولا ببناء وعي الانسان العربي لابل لها علاقه بزيادة رصيد هذا الكاتب من المعقبين والقراء اوزيادة عدد المشاهدين لهذه الفضائيه او تلك وبالتالي المراقب لمزاج القراء والمتابعين والمشاهدين الغلابه يلحظ ان ثقافة مديح الحاكم والبلاط امتدت الى جميع وسائل الاعلام العربيه وتجلت في مديح هذا الكاتب او الشخص التي صنعته فضائيات السلاطين واخرجته للعامه كخبير ومختص بهذا الشان او ذاك رغم انه ليس ذلك وفي اكثر الاحيان يكون سليل ثقافة هذا النظام العربي او ذاك او سليل هذه المؤسسه او تلك في منظومة الانظمه العربيه الفاسده..معنا من بيروت ومعنا من لندن ومعنا من الرياض ومعنا من عمان الخ الخبير فلان او علان سمفونيه تعود عليها المشاهدين للفضائيات العربيه وهذه السمفونيه خلقت جمهورها ووجدانها الخاص حين تطرح او تعرض الفضائيات او وسائل الاعلام الاخرى هذا الشخص او ذاك كخبير دون التطرق لخلفيته السياسيه او موقعه في هذا النظام الدكتاتوري العربي او ذاك ليقوم الاخير بدوره تمرير فكر الفساد والتضليل الاعلامي على مراى من جمهور عريض من الشعوب العربيه واللافت للنظر ان بعض المغتربون العرب الذين يزعمون " الفهم والوطنيه" يكتبون لجمهورهم: اكتب اليكم من هذه العاصمه العربيه او من بنت خالتها من عواصم عربيه اخرى وهذا الفهمان التضليلي لا ينشر في موقعه ولو مقال واحد ناقد لانظمة الهلاك والفساد العربي ويترك فقط المواضيع العائمه على شبر ثقافه زائفه تمر وتذهب للنشر لابل كما هو حال مدرسة الفساد الاعلامي العربي هذا " الفهمان الدونكيشوتي" يترك اصدقاءه يعتلون قائمة المقالات والكتابات لعدة ايام على الصفحه الاولى بينما يضع الاخرون في اسفل القائمه فيما هم في الحقيقه افضل كتابيا وموضوعيا من الصديق المفضل لهذا الناشر البهلوان..؟
...ناشر يستهتر بعقول القراء من جهه وبالقاب الكُتاب من جهه ويفضل عليهم صديقه من جهه ثانيه وبالتالي هذه ظاهره ثقافيه دونيه منتشره في المواقع الالكترونيه لبعض الصحف والصحف الالكترونيه التي تصدر من لندن وغيرها من عواصم الحكام العرب..صحف ومواقع الاغتراب العربي تحولت الى اذرعه لنشر ثقافة البلاط العربي ونشر البطولات" الدونكشوتيه" لهذا المحرر او الناشر الذي يفتخر بعلاقته مع الانظمه ويسرد الامر كبطوله والمهم ان يكون جيش المعقبين بخير والبطل اللتي خلقته فضائيات البترول بخير...بطل الى حدود نقد هذا النظام العربي او ذاك...هنا تنتهي البطولات ويقوم البطل المزعوم بالتهميش والتعتيم على المقالات الناقده مثلا للنظام السعودي وتبعيته للسياسه الامريكيه.. لا ينشرها خوف من سيده واسياده الذين يضمنون له تكرار زيارة العواصم العربيه والكتابه لجمهوره:اكتب اليكم من عمان او الرياض او القاهره...ياحيف.. لا فلسطين حررنا ولا ثقافه وطنيه صنعنا ورقاب الشعوب العربيه ما زالت تعيش في ظل المقاصل والسيوف الحاده في حين يقوم جيش من الاعلاميين الفاسدين والخبراء والمختصون المزعومين بحرث العقل العربي وحرفه عن مسار الوعي نحو تبجيل الحكام والفاسدين و الاشخاص و الكُتاب والخبراء المزعومون التي تستضيفهم وسائل الاعلام العربيه سواء المرئيه منها او المكتوبه او المسموعه.. هنالك ظاهرة تهميش وتعتيم على كثير من الكُتاب والمختصين الوطنيين الحقيقيين في العالم العربي بينما يظهر الاعلام العربي وعلى راسه فضائيات السلاطين صناعاته من كُتاب ومختصين يلائمون مساره الاعلامي البلاطي ليصبحون نجوم الاعلام ونجوم المرحله.. خليط من الكتاب الاسلامويون والعلمانيون والفرانكفونيون انضموا لفضائيات السلاطين وساهموا ويساهموا في تضليل الراي العام العربي بما يتعلق بمصير الشعوب العربيه الى حد تبرير وتمرير التدخل والعدوان الغربي على الاوطان العربيه...هؤلاء هم دواعش اعلام البلاط العربي...سبحان الله..داعش البعبع صنع تحالف عالمي ضخم مضاد له بينما لم يجد اطفال غزه احدا يتحالف معهم او ينصرهم حين قطَّعت القنابل الامريكيه الاسرائيليه اجسادهم اربا اربا...اطفال ونساء العراق وسوريا يُذبحون ويُسلخون منذعقد من الزمن والمجرمون طليقون واحرار ويتحالفون مجددا فيما بينهم لقتل وتشريد ما تبقى من عرب سوريين وعراقيين..!!
الاستبداد والفساد توأمان ولدا تاريخيا من رحم واحد لكن الاخطر من خطير ان يصبح الفساد والاستبداد ظاهره ثقافيه اعلاميه دورها الحفاظ على كينونة الجهل والتضليل بهدف تبجيل الانظمه الفاسده والخائنه ومشتقاتها من فاسدون يتقمصون دور الخبراء والمختصون ويبجلون افعال الانظمه في وسائل الاعلام المختلفه لابل يعيدون تاهيل قصة" لورانس العرب" من جديد بحجة " داعش" وعرب لورانس الجدد هم نسخه طبق الاصل من عرب لورانس القدامى ولورانس يعيد قصته كامله من خلال تحويل الغرب العرب والاكراد الى جنود مرتزقه يحاربون في صفوف تحالف غربي هدفه النهائي بالتأكيد ليس داعش وحرب الثلاثون عاما القادمه لابل هدفه تقسيم العالم العربي من جديد وإطالة عمر حكم طال عمره في الجزيره العربيه والخليج العربي...الفاسدون اللذين يتقمصون دور الخبراء والمحللين والمختصون في الشؤون الدوليه والعربيه يسوقون التحالف الغربي والعربي الرجعي كضروره ضد " داعش" ولا يتطرقون لمساهمة انظمة الدواعش العربيه في خلق تنظيم داعش ولا حتى لهذا التحالف الامريكي الغربي الذي هو اصل كل المصائب والمأسي في المشرق والمغرب العربي.. الامانه الاعلاميه اصبحت اكبر خيانه في العالم العربي حين يحارب الاعلام اصحاب الاقلام والضمائر الحره والنظيفه واصحاب المبادئ ويترك الملوثون يلوثون العقول العربيه ويبررون خيانة الحاكم العربي الذي يعيش داخل المحميات الامريكيه في الوطن العربي..الفضائيات العربيه وعلى وجه الخصوص الخليجيه خلقت نجومها وخبراءها ومختصونها المزعومون بمقومات ومعطيات تناسب الخط الاعلامي التخديري والتضليلي اللتي تنتهجه هذه الفضائيات ولُب هذا النهج عدم نقد الحكام والتعرض لهم في الاعلام والامر نفسه يجري على المواقع الالكترونيه التابعه لهذه الفضائيات او التابعه لمشتقات هذه الفضائيات كالمواقع العربيه التغريبيه الصادره في لندن..عطيوه الصحفي"الكومي" وبشيره المفكر " العريبي"هم قصة كذاب لندن وكذاب الدوحه ومثال على ارتزاق المرتزقه بمرتزقه تتطرق لكل شئ ماعدى جلالة الملك وسمو الامير وفخامة الرئيس..نسيوا فلسطينهم في هيعة الشهره والمجد!...فاسدون يضللون الشعوب لا يتعرضون للحكام الخونه لا من قريب ولا من بعيد...خبراء عسكريون مزعومون خريجي مدارس جيوش الهزائم العربيه يخرجون بإخراج خاص للمشاهد العربي.. ومعنا من بيروت او عمان الخبير العميد المتقاعد ابو هزيمه... وظيفتهم تحليل الاهداف والمناطق العربيه المرشحه للقصف الامريكي والغربي..قصف وقتل وتشريد ملايين العرب مش مهم..صار امر عادي والمهم والاهم هو تحييد ونترلة العقل والوعي العربي الى حد قبوله قسريا بشرعنة ذبح فلسطين وشعبها من جهه وقبول وتقبل العدوان الغربي على سيادة الاراضي العربيه من جهه ثانيه وتحضرني في هذه الاثناء هذه المفارقه الهزليه وهي ان الجيش اليمني وبدلا من تحرير صنعاء قام بإلباس الحوثيين الزي العسكري اليمني حتى يبدو كجنود يمنيون في شوارع صنعاء؟...غدا سيجلبون للمشاهدين العرب خبراء عسكريون من هكذا جيش؟؟
نحن لا نعتقد ان تسلل وتغلغل الانتهازيون والبلاطيون والجهله الى دوائر وصفوف ما يسمى بالخبراء والمختصين دون حملهم المؤهلات اللازمه لهذا الدور كان محض صدفه لابل ان الامر مدبر ومفبرك بفبركه مشتركه بين وسائل الاعلام العربيه وهؤلاء الفاسدون سليلي وخريجي مدارس البلاط المناط بهم دور تحييد الشعوب العربيه وترويضها وترسيخ شيم الجبن والخنوع الى حد القبول بالعدوان الخارجي عليها بمؤازره من الحكام والطغاه العرب..هؤلاء الخبراء المخبرون يقدمون للمشاهدين والمستمعين العرب كخبراء وهم في الحقيقه نماذج سيئة الذكر وعاشت في ظل انظمه فاسده وكجزء لا يتجزأ من منظومة الفساد والديكتاتوريه ...خبراء في صفوف الثورات الرجعيه المضاده كانوا اصلا معارضين لثقافة الديموقراطيه يأخذون دور الخبير والمختص والملم في الامور اللذي يتكلم للشعوب العربيه عبر الفضائيات ونشرات الاخبار والبرامج الحواريه.. الصنف الاخر هم الخبراء العرب المغتربون ويعيشون في الغرب الذين يبحثون عن موطأ قدم في الوطن العربي عبر الفضائيات وهؤلاء يعيشون البحبوحه والحريه في الغرب وينظرون ويروجون لعكسها في فضائيات السلاطين..الصنف الاخطر من خطير هو صنف ما يسمى بالخبراء والمختصين الامريكيون والغربيون بشكل عام فهم سفراء الامبرياليه الغربيه في الاعلام العربي ودورهم مكمل لاصدقاءهم" العرب" في عملية تضليل وتخدير عقول ووعي الشعوب العربيه...هؤلاء يتحدثون للشعوب العربيه وكأنهم قطيع غنم ؟..بمعنى انهم يتحدثون عن المعارضه الرشيده والحكم الرشيد وعن ضرورة تصدي الاكراد والعرب لداعش على الارض وكأن امريكا والغرب لاعلاقه لهم لا بعيد ولا من قريب بالجاري وما حدث.. ببساطه خبراء ومختصون فضائيات العرب يعفون الغرب وامريكا من اي مسؤوليه ويجعلون منهم مصححي مسار ومقدمي نصائح في كيفية محاربة " الارهاب" الذي هو بطبيعة الحال من انتاج العرب والمسلمين ولا علاقه لامريكا والغرب بهذه الظاهره..!
واخيرا وليس اخرا واذاكانت داعش تقطع رؤوس البشر وامريكا وحلفاءها من عرب الرده يذبحون ويشردون ملايين العرب لكن في نفس المسار والمنوال يقوم الاعلام العربي بقطع رأس الحقائق ومعها قطع راس الوعي والوجدان العربي... الاعلام العربي : فاسدين يتقمصون دور خبراء ومختصون بهدف قطع راس الحقائق وتشويه وعي العرب حول ما هو جاري قي العالم العربي ؟؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق