بقلم: جورج مونبيوت / صحيفة "الغارديان"
2014-10-1 | خدمة العصر
الحجج الإنسانية، إذا ما طبقت على الدوام، يمكن استخدامها لسحق منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
دعونا نفجر العالم الإسلامي - كله - لإنقاذ حياة شعوبه. بالتأكيد هذا هو المسار الأخلاقي الوحيد الملائم؟ لماذا التوقف عند الدولة الإسلامية، ألم يقتل ويعذب النظام السوري الكثيرين؟ وقد كان هذا هو الواجب أخلاقي في العام الماضي، فما الذي تغير؟
ماذا عن تفجير الميليشيات الشيعية في العراق؟ واحدة منها قبضت على 40 شخصا في شوارع بغداد خلال يونيو الماضي وقتلتهم لكونهم سنة. وذبحت أخرى 68 شخصا في مسجد في أغسطس. وهم الآن يتحدثون بصراحة عن "التطهير" و"المحو" بعد هزيمة داعش، حتى إن سياسي شيعي بارز حذر قائلا: "نحن بصدد عملية إنشاء تنظيم قاعدة شيعي مشابه في تطرفه لتنظيم القاعدة السني".
ما المبدأ الإنساني الذي أرشدك للتوقف عند داعش؟ في غزة هذا العام، ذُبح 2100 من الفلسطينيين، بمن في ذلك الأشخاص الذين اتخذوا من المدارس والمستشفيات مأوى هربا من قصف إسرائيل. بالتأكيد هذه الفظائع تتطلب حربا جوية ضد إسرائيل؟ وما هو الأساس الأخلاقي لرفض تصفية إيران؟
أُعدم محسن أمير أصلاني هناك في الأسبوع الماضي لـ"ابتداعه في الدين" (حيث أشار إلى أن قصة نبي الله يونس في القرآن). بالتأكيد يجب أن يكون هذا التصرف (وفقا للقيم الغربية) ملهما لتدخل إنساني من فوق؟ باكستان تصرخ طلبا لقنابل دية: رجل مسن بريطاني من أصل باكستاني، محمد اصغر، الذي يعاني من مرض فصام الشخصية وجنون العظمة، هو، مثل غيره من المجدفين، ينتظر تنفيذ حكم الإعدام هناك بعد أن ادعى النبوة، وقد أطلق أحد حراس السجن النار وأصابه في ظهره.
(ويواصل الكاتب بأسلوبه الساخر التهكمي) أليس هناك واجب عاجل لتفجير المملكة العربية السعودية، وقد قطعت رأس 59 شخصا حتى الآن هذا العام على الجرائم التي تشمل الزنا والسحر والشعوذة؟
وقد قُدمت (أي السعودية) منذ وقت طويل على أنها تشكل تهديدا أكبر بكثير على الغرب مما تمثله داعش اليوم. ففي عام 2009 حذرت هيلاري كلينتون في مذكرة سرية من أن "المملكة العربية السعودية لا تزال قاعدة دعم مالية حساسة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان ... وغيرها من الجماعات الإرهابية".
وفي يوليو الماضي، كشف الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية الخارجية، السير ريتشارد ديرلوف، أن الأمير بندر بن سلطان، شغل إلى وقت قريب رئيس المخابرات السعودية، قال له: "إن الوقت ليس بعيدا في الشرق الأوسط، ريتشارد، عندما نردد حرفيا "كان الله في عون الشيعة". فأكثر من مليار سني لديهم ما يكفي منهم".
ويتهم الدعم السعودي، واسع النطاق، للميليشيات السنية المتطرفة في سوريا خلال فترة بندر بأنه وراء الصعود السريع لداعش، فلماذا ضرب الفرع دون المقر الرئيس؟
الحجج الإنسانية التي سيقت في البرلمان (البريطاني) الأسبوع الماضي، إذا ما طبقت بشكل مستمر، يمكن أن تستخدم لتدمير كامل الشرق الأوسط وغرب آسيا، وهذا يعني أنك يمكن أن تنتهي كل المعاناة البشرية بتحرير شعوب هذه المناطق من أنهار الدمور التي يغرقون فيها.
ربما هذه هي الخطة: باراك أوباما قصف إلى الآن سبع دول إسلامية كبيرة، وفي كل حالة يتحجج بالواجب الأخلاقي. النتيجة، كما ترون في ليبيا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال وسوريا، فهل قضى على الجماعات الجهادية والصراع والفوضى والقتل والقمع والتعذيب...؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق