لماذا يحاكمون مرسي ؟ لماذا يطلب فرعون من الملأ التفويض لقتل موسى عليه السلام؟!
منفتاح اسم فرعون موسى وعبفتاح فرعون مرسي
لابد من استدعاء قصة موسى عليه السلام وفرعون عند الحديث عن أي مواجهة بين الدعوة والإصلاح من جهة وبين الطغيان والاستكبار من جهة أخرى ، إلا أن ما يجري في مصر الآن بين "السيسي" وجنوده وبين الرئيس محمد مرسي وأنصاره يدعو إلى الربط بين القصتين من جوانب عدة.
من التقنيات التي يتكأ عليها في الربط بين قصتين التشابه أسماء الشخوص أو تقاربها بحيث يسهل استحضار الشخصيات الأصلية ، مما يحقق قدرا من الترابط والاندماج بين الطرفين، وتدخل هذه التقنية في ظاهرة أكبر تدعى في الدرس الأدبي والنقدي "التناص" .
ولا يخفى هنا ما بين "موسى" و"مرسي" و بين "منفتاح بن رمسيس الثاني"ـ وهو كما ذكر الدكتور سيد طنطاوي في ستة مواضع من تفسيره "التفسير الوسيط" ، اسم فرعون موسى ـ وبين "عبد الفتاح السيسي" من تناغم .
والمتأمل في خطاب عبفتاح السيسي يجد من الواضح فيه مزاعم حرصه على الوطن والدين والاستقرار والسلم الاجتماعي ، فإزاحته للرئيس المنتخب كانت ضرورة لتحقيق ذلك كله، وهذا نفسه ما سعى إليه منفتاح فرعون موسى ( إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) .
مرسي يحاكم محاكمة هزلية لأنه لم يكن فاسداً ولأنه قال كلمات من ذهب :
البنات أمهات المستقبل اللى بيعلموا اولادهم ان اباؤهم و اجدادهم كانوا رجال لايقبلون الضيم ولا ينزلون أبدا على راى الفسدةولا يعطون الدنية أبدا من وطنهم اوشرعيتهم او من دينهم إذا كان الحفاظ على الشرعية ثمنه دمى انا . . فأنا مستعد ان ابذل ذلك رخيصاً فى سبيل هذا الوطن و استقراره حسبة لله سبحانه وتعالى ..اوعى حد يضحك عليكوا ..اوعوا تقعوا فى الفخ . . أوعوا تفرطوا في الشرعية . .
والله غالب على أمره و لكن اكثر الناس لا يعلمون التوقيت مع بداية شهر محرم وصيام عاشوراء حيث نجا الله موسى من فرعون . . فصيام يوم عاشوراء سنة يستحب صيامه، صامه النبي صلى الله عليه وسلم وصامه الصحابة، وصامه موسى قبل ذلك شكراً لله عز وجل . . ولأنه يوم نجَّى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه موسى وبنو إسرائيل شكراً لله ، ثم صامه النبي –صلى الله عليه وسلم- شكراً لله ، وتأسياً بنـبي الله موسى، وأخبر أن صيامه يكفِّر اللهُ به السنةَ التي قبله.
كانت دعوة سيدنا موسى عليه السلام دعوة سلمية ، لا يريد أهلها أكثر من السماح للناس باتباع ما رأوه حقا وعدم مصادرة آرائهم أو تعذيبهم (أن أرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى) وكان منطق فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سواء السبيل) (ما علمت لكم من إله غيري) .
ومن جانب الرئيس مرسي وأنصاره مؤيدي الشرعية فإن غاية مطالبهم أن تحترم إرادة المصريين ويتاح لمن ولوه أمرهم في انتخابات حرة ونزيهة أن يكمل مأموريته ، ويمنح الشعب بعد ذلك ثقته لمن شاء.
من وجهة نظر السيسي الفاشي هذا عبث لا طائل من ورائه ، فهو من يعزل ويولّي وشعوره بالمسؤولية وحرصه على الأمة جعله يضع لهم خارطة التيه لا محيد لهم عنها ولا يرى لهم غيرها " ومن سولت له نفسه إمكان الرجوع عنها فهو واهم".
دعا فرعون إلى حشد الناس وجمعهم ليروا لمن تكون الغلبة (وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) فهذا كما يقول الطاهر بن عاشور "استحثاث للناس على الاجتماع ، فالاستفهام مستعمل في طلب الإسراع بالاجتماع" و في الآية الأخرى (فأرسل فرعون في المدائن حاشرين) (وابعث في المدائن حاشرين) ، و لا يخفى اعتماد السيسي من أول أمره على حشد الحشود متعهدا أن يوفر لها الأمن والغذاء ،وهو قبل ذلك يثني عليها أجمل الثناء ، فهم المواطنون الشرفاء، أما من سواهم فهم (شرذمة قليلون)، ولن نقابلهم إلا بالرصاص حتى ولو كانوا سجدا ، أو صبية ونساء عزلا.
طلب فرعون التفويض ليقتل موسى وأنصاره (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)وللاستغراب متى كان فرعون يطلب تفويضاً أو يستمع إلى أحد !! لكن السيسي طلب من الجماهير التفويض لمحاربة ما أسماه العنف والإرهاب ، ولا يخفى على أحد من يريد وما يريد ، لكن متى كان السيسي يطلب تفويضاً ؟! وهل طلب تفويضاً عندما عزل مرسي الرئيس المنتخب وعطّل العمل بالدستور وحل مجلس الشورى المنتخب ؟!
لاشك أن السيسي وجنوده ومرتزقته هم اليوم مصدر العنف والإرهاب .
إن شعور السيسي بضغط الشارع المتواصل الذي لا تزيده الأيام إلا اشتدادا ، ولا عنف وإرهاب السيسي إلا صموداً و إصرارا، هو ما جعله يستنجد بملئه ويستغيث بغوغائه ، وكأن لسان حاله يقول "ذروني أقتل مرسي".
إن الرئيس مرسي أراد أن يحرر مصر من التبعية لأمريكا ، وأراد أن تمتلك مصر الغذاء والدواء والسلاح، وأراد الحفاظ على مكتسبات ثورة يناير ولو كلفه ذلك حياته . . يحاكم مرسي لأنه لم يكن خائناً . . لذا يحاكم مرسي .
انزلوا . . احشدوا . . شاركوا . . لإغراق فرعون واسقاط الانقلاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق