غريب أمر حمدين صباحى المرشح الرئاسى السابق ، فهو يريد الان ان يصل الى الرئاسة بالصندوق الانتخابى بعد ان صار كارتا محروقا وفى انتخابات لم يعد له فيها هو وكل رموز ثورة يناير "ناقة ولاجمل "، حتى ولو كانت شفافة ونزيهة ، فما بالك انها لن تكون ابدا كذلك.
ووجه الغرابة هنا ان الرجل رفض الصندوق الانتخابى فى صراعه مع مرسى والاخوان وهو الصراع الذى اعطى هو من خلاله للسيسى ورفاقه ولفلول دولة مبارك الغطاء السياسى الذى اعاد تلك الدولة المباركية القمعية من جديد وبشكل اكثر بشاعة في ما يعرف الان بـ "الدولة السيسية " .
يبدو ان حمدين لايدرك حقائق عالمه وهى حالة يمر بها الزعيم السياسى عندما تتبدل الامور من حوله ولا يقبل بحقائق الامر الواقع خاصة اذا كان سياسيا مصابا بالنرجسية ، وهو ما ينطبق على عمرو موسى الذى يمكن ان يترشح بمجرد اتصال تليفونى من "سيد البيت اليونياوى" .
لو ان هناك انتخابات فيها السيسى او احمد شفيق او جمال مبارك او حسنى مبارك او احمد عز او حتى وزير الخارجية الاسبق احمد ابو الغيط مع اخترامنا له ، وخاضها حمدين فى ظل هذه الظروف الراهنة فانه لن يأخذ اكثر من 400 الف صوت ، فالقوميون واليساريون فى مصر متواجدون فى الفضائيات والندوات اكثر بكثير من تواجدهم فى الشارع ، وبالتالى تأثيرهم الانتخابى محدود ، فضلا عن ان ثورة 25 يناير قد سقطت بالفعل من أذهان كثير من المصريين ، وساعد على سقوطها انحسار نخبة يناير عن الفضائيات و انتشار الفلول فى كل القنوات وربطهم بين يناير والمؤامرة الامريكية المتمثلة فى الشرق الاوسط الكبير، وكلها أراء تعطيك بتحليل مضمونها ان 25 يناير مؤامرة وليست ثورة!
حمدين صباحى من الرموز السياسى التى اقدرها فى وقت لم يعد فيه رموز اقدرها ، ولكن لا يمنعنى تقديرى له و رغبتى فى الفوز ان ترشح لها ، لا يمنعنى ان اصارحه بالحقيقة ، فنحن فى الشارع ونلتقى بمن انتخبوه من الفئات البسيطة ونسألهم فيردون جميعا " هى البلد دى ما ينفعش ليها الا سيسى " ، هكذا سينجح السيسى باصوات محبيه ومؤيديه وباصوات من لا يحبونه ومن لايؤيدونه ولكن من منطلق انه احسن الوحشين هكذا كما حدث مع مرسى ، واحسن الوحشين هنا المقصود بها " ان تجربة الرئيس المدنى فشلت وانتهت " .
نفس الشىء سيكون واقعا حيا ومعاشا حال ترشح شفيق او حسنى مبارك او جمال مبارك او احمد عز ، وقد يكون احدهم فى ظل ثورة مضادة عائدة بجنون للسيطرة والهيمنة على مقاليد الحكم وموارد البلد رهانا اقوى وافضل من السيسى عند كثيرين ، خاصة وان احدهم هذا حصل فى وهج ثورة يناير على 1و49 % فى انتخابات الرئاسة الماضية ، فما بالك بعد ان اصبحت الاغلبية فى حقيقة الامر باستثناء من هم فى السجون الان وهم اما ارهابيون واما طابور خامس حتى بمنظور صباحى لانه لم يعترض على مثل هذه الاوصاف بل ايدها دون ان يدرى ان يخدم السيسى ، هكذا على غرار ما قاله لمحمود سعد " امرك يا سيسى .. امرك ياسيدى" .
كيف يفكر حمدين بهذا المنطق الساذج ؟ السيسى لن يترشح وستكون الفرصة متاحة لى ، دون ان يدرى انه حتى ولو حدث ذلك فان انتخابات يقاطعها الاسلاميون ويقاطعها شباب 6 ابريل ويقاطعها مؤيدون للشرعية وليسوا اسلاميين ويلعب فيها اسلاميو حزب النور دور عنتر بن شداد ، لن يكون له فيها ادنى فرصة ، لان هؤلاء ومحبى الجيش والشرطة وعشاق الكاب والشبكة العنكبوتية للحزب الوطنى المنحل والموجود على ارض الواقع هم الذين اعطوا للفريق احمد شفيق ما يتجاوز الـ 12 مليون صوت بكثير .
ربما يغضب كلامى ناسا تعشق حمدين وتهواه وتراه الرهان الافضل ، لكن لا مجال هنا للغضب ، ولا مجال فى السياسة للامنيات ، فالسياسة تعنى فى احد اخطر معانيها " التخصيص السلطوى للقيم " ، فانظر الى ثورة يناير ومشهد 11 فبراير 2011 المعروف بالتنحى وانظر الى قيمة احمد ماهر واحمد دومة ومحمد عادل وانظر الى قيمة مرسى وبديع والعريان وابو الفتوح ، وانظر الى وضعهم الآن انهم سجناء رأى ونضال ولكن ماذا يفيد ذلك فى دولة اغلبيتها لا تفرق بين السجين السياسى والسجين الجنائى ، وفى دولة اعتبر حمدين صباحى نفسه الاخوانى وغيره من مؤيدى الشرعية سجين جنائى .
كم اتمنى انا ان ينجح حمدين صباحى او اى مرشح مدنى فانا ارى فى فوز مرشح عسكرى خراب للبلد اكثر من الخراب الذى لحق بالبلد وجعلنا جميعا بسبب العشوائية والامراض القاتلة و تبعات بيئة فساد اشلاء بشر وهياكل تتحرك على الارض ، ولكن لا انسى فى الوقت نفسه امير الشعراء احمد شوقى عندما قال " وما نيل المطالب بالتمنى .. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا"
وحقيقة الامر انه لكى يفوز مرشحا مدنيا او مرشحا له علاقة بثورة 25 يناير كقيم ومبادىء فلابد من حدوث "المفاجأة" .. وللحديث بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق