02 يونيو 2013

القذافي وإفريقيا بقلم د. شوقي عبدالحق


تمر ذكري تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية والتي أصبحت بعد ذلك الإتحاد لإفريقي في غياب الزعيم القذافي الذي قاد وهو طالب بالثانوية المظاهرات إحتجاجاً علي قتل لومومبا ..وتاييداً لنيكروما البطل .. وعندما فجر ثورته في الفاتح من سبتمبر 69 كان يدرك أهمية هذه القارة ..وبعرف أن معركة الحرية واحدة ..من طرابلس حتي كيب تاونفي جنوب إفريقيا ..فتحولت ليبيا إلي مثابة للأحرار ..وقد ساهمت ليبيا في تحرير دولاً كثيرة ..من القارة ..وساندت الحركان الثورية من منديلا حتي تشاد في شمال القارة ..ونصبت أكثر من عشرين رئيس في دول كانت مستعمرة لفرنسا ..والبرتغال .. وإسبانيا ..أو يحكمها الميز العنصري .
وفور إنضمام جنوب إفريقيا كأخر دولة تتحرر دعا الزعيم القذافي إلي قمة في مدينة سرت في ليبيا ..وقال لقد إنتهت اليوم معركة التحرير ..وعلينا أن نبدأ معركة الوحدة .. وعرض أن تتحول المنظمة إلي إتحاد إفريقي ..ونظراً للمكانة ارفيعة له في إفريقيا ..فتمت الموافقة بالإجماع علي الإقتراح ..ووضع هدف نهائي له هو قيام الولايات المتحدة الإفريقية ..وعبر سلسلة من القمم إنطلق العمل لقيام حكومة إفريقية واحدة ..وجيش أفريقي واحد ..وعملة واحدة ..وجواز سفر واحد .. ووزارة ري ..وإقتصاد ..ودفاع .. وخارجية .. وتحرك من خلال دعم شعبي من خلال الممالك .. والقبائل الإفريقية .. والتي زارها جميعاً قاطعا ً أكثر من30 ألف كم بالسيارات وسط الصحراء .. والأدغال محرضاً .. وكانت تستقبله الملايين من الأفارقة داعميين له في تحقيق هذا الحلم .. فملك قلوبهم فنصبوه ملكاً علي ملوكهم في مؤتمرهم الذي عقد في بنغازي .. وقد كان يوماً تاريخياً .. حيث تم إنشاء هذا التجمع الشعبي .. وقد أعلن في ذلك اليوم أكثر من عشر ملوك إسلامهم أمامه ..و علي الملاء .. وهؤلاء لهم اتباع يعدون بالملايين الذين أسلموا بالتبعية في اليوم التالي .. إن قيادة القذافي للقارة عززت عليه حقداً كبيراً .. من دول الغرب ..التي تحركت لتدافع عن مصالحها .. ودينها فكانوا في سباق مع الزمن ..حيث إذا أعلنت الحكومة الأفريقية سوف يتم التحكم في كافة موارد القارة الغنية ..وهي المخزون المتبقي في العالم ..وسيتم إيقاف النهب المنظم للقارة ..والتحكم في الأسعار ..وتتحول القارة إلي قوة تفاوضية .. وتثق في نفسها .. وتملك قوة تدافع بها عن مصالحها .. وأصبحت تطالب بمقعد دائم في مجلس الأمن .
فكان لابد للغرب أن يتخلص من هذا الثائر الذي حمل هذا اللواء .. فوجد ظالته في بداية مايسمي بالربيع العربي في تونس .. ومصر .. وحاولوا بواسطة مجموعة من الكومبارس العملاء أن يوقدوا ثورة علي نظام ثوري ففشلوا فشلاً ذريعاً .. فتدخل حلف أطلس تحت هذا الغطاء لينفذ هذه المهمة القذرة .. وتصدي الليبيين والليبيات ثمان شهور تحت صواريخ الناتو .. وأساطيله البحرية التي يفترض أن تواجه روسيا .ز أو الصين .. وأطلقوا ثلاثين ألف غارة علي هذا البلد الصغير في عدده الكبير في معناة ..و استخدموا كل وسائل الحرب النفسية ..وأحدث الأقمار الصناعية ..التي بلغ عددها 17قمراً ..و الصواريخ الذكية .. والدويلة العميلة قطر .. لتمول هذه الجريمة ..ولتعطي غطاء لها عن طريق الجامعة العبرية .. اسف العربية ..والصهيونية العالمية عن طريق برنار هنري ليفي صديق الثوار الليبيين الكومبارس ..الذين دمروا بلدهم .. وساقوه نحو الجحيم ..وسلموا هذا الزعيم البطل لأعدائه ..ولعل الجميع بات يعرف أن الطائرات التي أغارت عليه في سرت ..وقصفت سيارته .. وتم جرحه . وقد نزلت القوات الفرنسية بعد ذلك القصف بقنابل الغاز ..ليسلموه جريحاً مغمي عليه لمجموعة من الكلاب تتناهشه .. وتتراقص علي جثمانه .. في مشهد اهتز ضمير العالم .. وأكد علي انحطاط هؤلاء العملاء .. لقد سقط القذافي شهيداً ..وسينتهي ثوار الناتو في مزبلة التريخ ..وسيبقي اسمه محفوراً في قلوب ملايين الأفارقة التي لاتهدها القنابل .. وستظل دعوته لقيام الولايات المتحدة الأفريقية ..هدفاً ..وسيأتي اليوم الذي معرف فيه نحن كعرب في هذه القارة ..التي نعيش فيها بأن صانع هذا الحدث هو هذا البطل الذي نترحم عليه في يوم كهذا .*استاذ التاريخ الحديث
كلية الآداب
جامعة عين شمس


ليست هناك تعليقات: