جنود صهاينة ينظرون إلى المجندين المصريين على الحدود محاولين إختيار واحد منهم ليكون هدفا لرصاصاتهم التي سوف تنفجر داخل جسد هذا الجندي المصري الذي تعود أن يموت دون أن يكون له دية . وسوس أحد الجنود الصهاينة للأخر قائلا : لا تحير نفسك في الإختيار بين هؤلاء المصريين إفتح نيرانك و دعنا نرى من سيسقط قتيلا ومن سيسقط جريحا ومن سيصرخ هلعا .
بالفعل فتح هذا الخنزير نيران مدفعة وسقط عدد من الجنود المصريين بين قتيل و جريح فإنفجر الصهاينة ضحكا وصخبا وأسرعوا إلى قيادتهم وأخبروهم بتفاصيل ما حدث فردت القيادة عليهم : " و لا يهمكم .. مصري وراح " . حتى هذا المشهد لا يوجد أي جديد بل أصبح هذا المشهد من كثرة تكراره يبعث على الملل و الشعور بالرتابة . فكثيرا ما تكرر هذا المشهد بتفاصيله أيام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك و كان رد الفعل هو " كأن شيئا لم يكن " . فالرجل كان يحفظ العيش و الملح و يحمل جميل الصهاينة في عنقه و يحاول رد ولو جزء صغير منه وهذا مفهوم .
ولكن وعلى الرغم من تكرار هذا المشهد مرات و مرات وإن اختلفت تفاصيله إلا أن المختلف هذه المرة في مصر الثورة هو رد الفعل عليه سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي .
لا .. لا تفهم كلامي خطأ .. لم يكن رد الفعل الرسمي المصري قوي أو حتى يبعث على الإحترام بل كان هو الهزل بعينه . فقد خيم الصمت في البداية و ظللنا نستقي معلوماتنا عن هذه الواقعة من تصريحات العدو ثم أخيراً إجتمع مجلس الوزراء و ظل مجتمعا لعدد من الساعات الطوال طل علينا بعدها ليخبرنا خبر هام و هو أنه " أوصى " وزير الخارجية بأن يستدعي السفير الصهيوني و يخبره إحتجاجه . و لا أذيع لكم سرا حين أبلغكم حجم المفاجأة التي إنتابتني .. ستبلغوه احتجاجكم ؟! حقا ؟! كم انتم وطنيين أقوياء ! كنت أظنكم ستبلغوه شكركم مثلا او إعجابكم لكنكم و الحق يُقال أكثر جرأة مما تخيلت !! المهزلة الحقيقية حدثت حين أذاعت الصحف و وسائل الإعلام خبر أن مصر ستستدعي السفير المصري من " تل ابيب " و بعدها بأقل من ساعات قال مجلس الوزراء أن البيان الذي كان يتضمن إستدعاء السفير المصري كان مجرد مسودة !
على أي حال .. لن نعول كثيرا على الموقف الرسمي فما زال المطبعون الخائفون الصامتون هم من يمسكون مقاليد الحكم في مصر .. الثورة لم تحكم بعد !
الأهم من الموقف الرسمي هنا هو الموقف الشعبي الذي لم يكتفي هذه المرة بالضيق او الشعور بالاهانة بل كان هناك رد فعل سريع و هو الاعتصام عند مقر سفارة الخنازير حتى طرد السفير . الشعب المصري أوصل للعالم رسالة مفادها " الشعب يريد إسقاط كامب ديفيد " .
ربما لا يعلم من ردد هذا الشعار تفاصيل تلك الإتفاقية و ربما لم يقرأوا بنودها او ملحقاتها لكنهم أدركوا جيدا أنها سبب عدم تمكن الجيش المصري من الدخول و السيطرة على كامل أراضيه و أنها سبب رفرفة علم إسرائيل فوق أراضيهم .
أثبت هذا الشعب أن ثورته ثورة كرامة و أنه لن يقبل ان تمس كرامته دون رد . لم يعد مقبولا بعد الأن أن نتعامل مع الكيان الصهويني إلى على أساس واحد و من منطلق عقيدة واحدة ألا و هي أن هؤلاء هم عصابة مغتصبة لأرض فلسطين التاريخية العربية من النهر إلى البحر . نرجو من المسئولين في مصر أن يعلموا هذه الحقيقة جيدا و يتصرفوا على أساسها , فتظاهراتنا و إعتصاماتنا أمام السفارة ليست " مسودة " نتراجع عنها بعد تعرضنا لضغوط امريكية أو صهيونية بل هي بيان نهائي نذيعه للعالم أجمع – شاء من شاء و أبى من أبى - مفاد هذا البيان " الشعب يريد إسقاط كامب ديفيد " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق