05 يونيو 2013

سيف الدولة للمصري اليوم :دبلوماسي صهيونى اتهمنى باختراق المادة الثالثة من اتفاقية السلام

د. محمد سيف الدولة المستشار السابق للرئيس يتحدث عن رسالة السفير الإسرائيلى وتهديده له بعد مقاله فى «المصري اليوم»: تسفى مازائيل اتهمنى باختراق المادة الثالثة من اتفاقية السلام التى تحظر التحريض ضد إسرائيل 

المصري الايوم - حوار رانيا بدوى ٥/ ٥/ ٢٠١٣
«كامب ديفيد والسيادة المجروحة فى سيناء».. عنوان المقال الذى نشرته «المصرى اليوم» للدكتور محمد سيف الدولة المستشار السابق لرئيس الجمهورية يوم الخميس الماضى ونبه فيه إلى خطورة الوضع فى سيناء وضرورة إدارة حوار وطنى رصين حول القيود الأمنية المفروضة على سيناء بموجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام ١٩٧٩ والتى تحول دون فرض الدولة سيادتها الكاملة على سيناء، وبعدها تلقى رسالة على بريده الإلكترونى موقعة من السفير الإسرائيلى السابق فى مصر تسفى مازائيل كتب له فى السطر الأخير فيها «مقالك السيد سيف الدولة يصيب بأذى العلاقات بين مصر وإسرائيل وأعتبره بمثابة تحريض الشعب المصرى ضد إسرائيل»، مما يعنى تهديداً واضحاً لكاتب المقال بانتهاكه المادة الثالثة من اتفاقية السلام.. التفاصيل فى هذا الحوار.
■ ما تحليلك لمضمون الرسالة التى أرسلها لك السفير الإسرائيلى السابق على مقالك فى «المصرى اليوم»؟
- هى ذات الرسالة التى يوجهونها طوال الوقت للمصريين حكومة وشعبا، وهى «أن اتفاقية السلام ثابتة ومؤبدة ولن تتغير وممنوع الاقتراب منها، والاقتراب منها يعنى التحريض ضد إسرائيل». هذه ليست المرة الأولى التى أتلقى فيها رسائل من هذا النوع فقد سبق أن رد على وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان عندما كنت ضمن الفريق الاستشارى للرئاسة وبعد أن تقدمت بمشروع للرئاسة يتضمن ضرورة إعادة النظر فى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، خاصة المادة الرابعة- وقتها قال إنه على الإدارة المصرية الجديدة ألا توهم نفسها ولا المصريين بأن الاتفاقية قابلة للتغيير، وبالتأكيد الرسالة التى وصلتنى عقب نشر مقالى فى «المصرى اليوم» تؤكد نفس المضمون.
■ هل اعتبرتها رسالة تهديد؟
- نعم.. فقد توقفت كثيرا عند جملة مهمة كتبها السفير الإسرائيلى السابق فى الرسالة وهى: «إن ما كتبته سيد محمد سيف الدولة يعد تحريضاً ضد إسرائيل»، وكأنه أراد أن يقول لى إننى أنتهك المادة الثالثة من اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية لأن بها فقرة تقول بأنه يحظر على الطرفين أن يسمح بأى أعمال تحريض بعنف ضد الآخر، وهى رسالة ضمنية أراد الإشارة إليها دون أن يقولها صراحة لكنها مفهومة جيدا.
■ وهل رددت على الرسالة؟
- لا بكل تأكيد.. ففى ذلك استحالة لأنه يدخل تحت بند التطبيع الذى أرفضه، إضافة إلى كونى لا أعترف بشرعية هذا الكيان الغاصب غير الشرعى، لذا الحديث لـ«المصرى اليوم» سيكون أبلغ رد عليهم، لإعلان رفض تهديدهم وليفضح كيف أن هذا الكيان لا يتحمل حتى مقالة فى جريدة يومية، مع العلم بأن المقال كان يتحدث عن معلومات وحقائق عن الوضع الأمنى فى سيناء ولا يحمل رأياً ولا وجهات نظر.
■ إذن فى رأيك ما الذى أحدث نوعاً من الإزعاج لديهم، وهل تعتقد أن تصرف السفير السابق شخصى أم تصرف مؤسسى لصالح النظام الإسرائيلى؟
- لقد ركز المقال على حقيقتين جارحتين للسيادة المصرية أولا أن ١٥٠ كيلو متراً من سيناء مجردة من السلاح فى مقابل ٣ كيلو مترات فقط فى إسرائيل، وثانيا أن قوات حفظ السلام الموجودة فى سيناء لا تخضع للأمم المتحدة إنما للإدارة الأمريكية وأنها فى مجملها قوات حليفة وصديقة لأمريكا.
■ بمعنى؟
- اتفاقية كامب ديفيد التى حددت الإطار العام لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل نصت على أن تقوم قوات تابعة للأمم المتحدة بحفظ السلام بين الطرفين على غرار قوات اليونيفيل فى لبنان ولكن تعرضت مصر لخديعة إسرائيلية كبرى، عندما أخبرتنا أمريكا بأنهم ربما لا يستطيعون إرسال قوات الأمم المتحدة لاحتمال خروج فيتو سوفيتى، واقترحوا علينا بديلاً بأن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل هذه القوات، وللأسف الشديد قبلت مصر ووقعت بروتوكولاً بعنوان «قوات متعددة الجنسيات والمراقبين» الذى تدار سيناء من خلاله الآن فيما يخص حفظ السلام، وهى قوات مكونة من ١١ دولة ٤٠% من القوات أمريكية وباقى القوات من الدول الحليفة لأمريكا، ومدير هذه القوات أمريكى على الدوام سفير بوزارة الخارجية الأمريكية، وهنا لو كانت القوات تابعة للأمم المتحدة لتعددت الإدارات الدولية وكان يمكن لمصر أن تضغط على بعض الدول لتغيير الوضع أو سحب القوات أما فى حالتنا فالإدارة واحدة وهى الإدارة الأمريكية التى هى ليست منفصلة عن الإدارة الإسرائيلية.
■ هل تعتقد أن رسالة السفير الإسرائيلى السابق شخصية أم مؤسسية تعبر عن وجهة نظر الحكومة؟
- حتى وإن كانت رسالته بشكل شخصى فهم فى النهاية فريق عمل واحد يتبنون نفس الموقف وكثير من المسؤولين الإسرائيليين يرددون نفس الكلام طوال الوقت فلا يمكن أن نفصل ما قاله عن موقف الحكومة الإسرائيلية نفسها، وبالمناسبة أهم وثيقة عبرت عن هذه المواقف ما قاله «آفى ديختر» وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى الذى ألقى محاضرة عام ٢٠٠٨ فى معهد الأمن القومى الإسرائيلى وتحدث فيها عن مصر فقال «إن خروج مصر من السلام خط أحمر، وإننا خرجنا من سيناء بضمان العودة إليها فى حالة تغير النظام فى مصر فى غير صالح إسرائيل»، والضمانات التى تحدث عنها هى الضمانات الأمريكية والتى تكمن فى ١٥٠ كيلو متراً مجردة من السلاح فى سيناء، وأن قوات حفظ السلام تابعة للإدارة الأمريكية.
■ هل لديك معلومات عن وقف العملية «نسر»، وهل لإسرائيل وأمريكا دخل بالأمر؟
- هناك أمور تغيب فيها المعلومات عنا جميعا، ولكن ما هو ثابت لدينا أن القوات المسلحة بذلت أقصى جهد ممكن لمحاربة الإرهاب فى سيناء، وكانت تفعل ذلك تحت ضغوط شديدة على رأسها أنه يحرم عليها أن تنتقل بأى مدرعات أو أسلحة فى المنطقتين «ب وج» فى سيناء وهما المنطقتان الأكثر غيابا للأمن، ويكمن فيهما الجهاديون وتجار المخدرات وتجار الأعضاء البشرية وشبكات التجسس الإسرائيلية خاصة المنطقة «ج»، وقد سبق بعد حادث مقتل الجنود فى رفح أن دخلت القوات المسلحة المصرية هناك فاعترضت إسرائيل فما كان إلا أن خرجت القوات من هذه المناطق.. إذن نحن لسنا بصدد تقييم نجاح هذه القوات فى تطهير سيناء من عدمه، إنما الأهم أن نناقش القيود التى وضعت على القوات المسلحة المصرية، وتغل يدها فى الدخول إلى هذه المناطق فى سيناء.
فرغم الانفلات الأمنى فى مصر كلها بعد الثورة فإن المنطقة الوحيدة، التى قتل فيها جنود القوات المسلحة هى سيناء، المنطقة الوحيدة التى تهرب فيها المخدرات بحرية تامة، وتباع فيها الأعضاء البشرية وتمارس فيها عمليات التجسس هى سيناء، لأنها خالية من القوات المسلحة، ولن يتم القضاء على كل هذه الظواهر إلا بدخول القوات المسلحة إلى هذه المناطق، لذا نطالب بالضغط على إسرائيل، لتعديل المادة الرابعة من اتفاقية السلام.
■ أفهم من ذلك أن الحديث عن تنمية سيناء ضرب من الخيال فى ظل الوضع الأمنى الراهن؟
- أنا مع كل الداعين إلى إحداث تنمية فى سيناء، وأحترم أن هناك نوايا مخلصة بهذا الشأن، ولكن هى تنمية غير منطقية فى ظل خروج سيناء، من السيادة المصرية.
■ إذن بماذا تفسر حديث الرئيس مرسى والحكومة بشكل دائم عن تنمية سيناء؟
- أن يتم تصدير فكرة تنمية سيناء كبديل عن مناقشة القيود الأمنية على سيناء، وللفت نظرنا بعيدا عن القضية الأهم والكارثة الأكبر، التى تمس الأمن القومى المصرى، والتى يجب أن نتصدى لها أولا، وهى إعادة النظر فى القيود الأمنية، تحريم سيناء على القوات المسلحة المصرية يعد نوعاً من التضليل للرأى العام، فأى استثمارات وأى تنمية وأى مصانع يتحدثون عنها ولا يوجد أمن فى سيناء؟! من سيلقى بأمواله واستثماراته وسط مرتع للجهاديين والخارجين على القانون؟! ويوماً بعد الآخر يتم اقتحام أقسام الشرطة ومهاجمة الضباط، وخطف السياح إلى آخره.
■ الآن وبعد تركك الفريق الرئاسى قل ماذا كان رد فعل «الرئاسة» عندما تقدمت بملف تعديل المادة الرابعة لاتفاقية السلام؟
- هذه القضية أطرحها منذ زمن طويل، وقد عرضت هذه الأطروحات على منابر حزبية وسياسية مختلفة، وكان يتقبلها الجميع، ومن ضمن هذه المنابر كان منبر الإخوان المسلمين، الذين كانوا يتقبلونها ويؤيدونها بشدة، ولكن بعد أن قامت الثورة، وبعد أن أصبحت جزءاً من الفريق الرئاسى طرحت هذه المبادرة كمبادرة شعبية، وكما تعلمين تبادلت أنا والجانب الإسرائيلى الرد والرد المناهض فى هذه القضية، ولم أتلق رداً رسمياً من الرئاسة وقتها إلا أننى فوجئت ببيان مؤسسة الرئاسة يذاع فى الإعلام بأن مصر لا تفكر فى تعديل اتفاقية السلام الآن، ووقتها قلت إنه إذا كانت الدولة المصرية مناعتها ضعيفة، ولا تستطيع أن تقول لا لأمريكا وإسرائيل، فأنا أوجه النداء إلى القوى الوطنية المصرية، وإلى الشعب المصرى بتبنى القضية، وعمل حملة شعبية للضغط على صانع القرار المصرى، والمجتمع الدولى لتعديل هذه الاتفاقية.
والأمانة تحتم علىّ القول إننى لم أجد استجابة من قصر الرئاسة، كما لم أجد أى استجابة من القوى المعارضة بكل تياراتها وفصائلها لدرجة أن أهم شركاء معى فى هذه القضية قبل الثورة من التيار الإسلامى والقومى وغيرهما التزموا جميعا الصمت.
المشكلة ليست فى قصر الرئاسة إنما هناك حالة فى مصر غريبة، وكأن الخوف أصاب الجميع من الاقتراب من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وعدم الرغبة فى إغضاب إسرائيل وأمريكا، وأنا أعلم كما يعلم الجميع أن المصريين يعانون من عقدة مختلفة ومزيفة وهى عقدة ٦٧، وأنا أراقب الجميع، وأندهش من اتفاق الجميع حكومة ومعارضة على عدم الاقتراب من هذا الملف رغم أنها الثغرة الأولى فى ملف الأمن القومى المصرى.

ليست هناك تعليقات: