بقلم : مجدى احمد حسين
لم أكن أتصور أن يأتى علىّ يوم أرى فيه ضرورة توضيح أكاذيب لمهرج؛ فليس لدىّ وقت للتهريج، ولكن من علامات أزمة البلاد أن الرويبضة (التافه يتحدث فى شئون العامة) أصبح مصدرا للآراء والأفكار والمعلومات والأخبار. ورغم أنه لا يخفى أنه مهرج، فإن الجمهور بدأ يثق بأنه مصدر للمعلومات الصحيحة. والعيب ليس عليه ولا على الجمهور المخدوع به، ولكن العيب على الإعلام الإسلامى الفضائى الفاشل الذى لا يجيد الرد عليه ولا يجيد تقديم نماذج من البرامج الناجحة الهادفة والترفيهية ولكن لا تخدش الحياء ولا الحقيقة.
المهرج باسم يوسف - والمهرج ليست شتيمة إذا كان ملتزما بالتهريج لإضحاك الناس بشكل برىء ودون التعرض لأمور جنسية مبتذلة. مهرج السيرك مثلا (البلياتشو) شخص لطيف ومطلوب؛ لأنه يضحك الصغار وأحيانا الكبار أيضا، دون أن يخدش الحياء ودون أن يدعى أنه فقيه فى السياسة!- المهرج باسم يوسف ادعى كما قيل لى أننى قلت فى لقاء الرئيس مع قادة الأحزاب: «مش مهم السد العالى». ونص كلمتى لا يزال موجودا على اليوتيوب. وهذا نموذج للدعارة الإعلامية. أى القيام بمونتاج كاذب يمكن أن يجعل المتحدث يقول أى شىء بقطع الجملة. باختصار، لقد كنت أتحدث عن رؤية متكاملة لاستعادة الوجود المصرى فى حوض النيل، وزيادة رقعة التعاون والمصالح المشتركة مع دول حوض النيل. ووفقا للتقرير المعروض علينا من اللجنة الثلاثية، فقد كان الضرر المتيقن من سد النهضة الإثيوبى هو انخفاض توليد الكهرباء فى السد العالى بنسبة 18%. وفى المقابل يعد توليد الكهرباء فى سد النهضة من أكبر مشروعات توليد الكهرباء؛ فإذا كان هناك مشروع للربط الكهربائى بين إثيوبيا والسودان ومصر (بين مصر وإثيوبيا 2000 كيلومتر) نكون نحن الأكثر استفادة من هذه الكهرباء؛ لأننا الأكثر استهلاكا. وفى هذه الحالة تكون نسبة الكهرباء الضائعة من السد العالى لا تكاد تذكر، ومن ثم لا يكون مهما نقص توليد الكهرباء من السد العالى؛ لأننا سنحصل على كميات مضاعفة من الكهرباء من إثيوبيا. فيما أراد المهرج أن يوحى بأننى أقول: (مش مهم السد العالى) بمعنى تخزين المياه خلفه، وكأننى أطالب بهدم السد مثلا.
ولم أفكر فى هذا التوضيح إلا بعد إصرار بعض أعضاء حزب العمل على ذلك؛ لأن الناس يصدقون باسم يوسف مصدرا للمعلومات. وهذه - كما ذكرت - من علامات مرض المجتمع لفساد الجزء الأكبر من النخبة، فأصبح الناس ينفضّون عنها ليبرالية كانت أم إسلامية، ويفضلون المهرج باسم يوسف (وهو يرضى غضب الناس من أداء الإخوان)، والبعض يفضل قنوات عالم الحيوان؛ إذ ثبت أنه أفضل من عالم الإنسان الحالى، والبعض بدأ يفضل القنوات التى تعرض الأفلام المصرية القديمة ليهرب من هذا الزمن كلية.
لقد اعترف باسم يوسف بأن برنامجه بذىء ومناف للأخلاق حين قرر وقفه فى شهر رمضان، بالضبط كما تغلق الكباريهات ودور اللهو الحرام والبارات محلاتها بقرار ذاتى تماشيا مع الشهر الفضيل. ومعروف أن شهر رمضان لا يتطلب أخلاقا من نوع خاص إلا أخلاق الإسلام المعروفة، ولكن بعض الناس يستحيى من الله، فيتوقف عن المحرمات، أو يقوم بالصلاة فى الشهر الفضيل.
لقد توقفت عن مشاهدة البرنامج بعد مشاهدة حلقة أخذت وقتا لا بأس به فى الحديث عن مؤخرة الإنسان.
ترى، ماذا كان يفعل باسم يوسف قبل ثورة 25 يناير؟ عندما كان المجاهدون يطاردون ويسحلون ويسجنون. لا أعلم أى شىء عن هذا الشخص... إلا أن البيت الأبيض يتبناه ويدافع عنه، ولكن يتعين عليه أن يحترم نفسه وهو يتحدث عن المجاهدين الذين دفعوا ثمنا غاليا من أجل الدفاع عن هذا البلد. إنه الآن يسبهم ويحصل على الملايين من الدولارات. وإذا رأى قطاع من الشعب أن هذا المهرج هو القائد والمعلم أو حتى مجرد مصدر للمعلومات، فهذا
معناه أن مصر مريضة، وسنعمل إن شاء الله على شفائها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق