17 مايو 2014

سليم عزوز يكتب : السيسي الذي يتعذب وهو يتكلم!

‘زينة’ وهي ‘زينة’… إنها مذيعة ‘سكاي نيوز العربية’، ‘زينة بازجي’، وإن كنت لست متعاطفاً مع اللقب ‘بازجي’، والذي يبدو أنه اسم قبيلة، وأتجاوز عنه حتى لا أكون سبباً في صدام القبائل. بين قبيلتي وقبيلة ‘زينة’، عندها لن يصلح بينهما عبد الفتاح السيسي، فهو متخصص في الصلح بين الأفراد لا القبائل. وقد ترك الصراع بين ‘النوبة’ و’الهلالية’، وتفرغ لإبرام صلح بين مرتضى منصور وأحمد شوبير، على نحو جعل الأمل يحدو البعض في أن يبرم صلحاً بين الفنان أحمد عز، والممثلة ‘زينة’. وقد وصل الخلاف بينهما للمحاكم. و’زينة’ تقول إن ما في بطنها محرراً للمذكور، والذي يبدو أنه لا يريد أن يعترف به.
شتان بين ‘زينة’ و ‘زينة’، بين ‘زينة بازجي’، و’زينة’ بدون ‘بازجي’. والأولى مذيعة محترفة، والثانية ممثلة هاوية استمدت وجودها الفني من ادعائها أنها صديقة تامر حسني، والذي استمد صيته من تقديمه للمحاكمة بتهمة تزوير محرر رسمي يفيد أداءه للخدمة العسكرية، في حين أنه تهرب منها، وقد صدر ضده حكم بالسجن ستة شهور من المحكمة العسكرية مع إيقاف التنفيذ، بعد أن احتشدت الحسناوات داخل المحكمة، وهو حشد افتعله منتج أعماله حينئذ. وعليك عزيزي القارئ أن تقارن بين فداحة الجرم، ورقة العقوبة، في حين أن إقراراً للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بأن والدته ليست حاصلة على الجنسية الأمريكية فسر على أنه تزوير وأصدرت محكمة مدنية، وليست عسكرية، حكماً ضده بالسجن سبع سنوات!
كانت قضية هروب تامر حسني من أداء الخدمة العسكرية قائمة، وجاءت احتفالات انتصارات أكتوبر، فإذا به هو مطرب هذه الاحتفالات، التي ترعاها القوات المسلحة، ولم نكن نعلم أنها تدشن لمرحلة جديدة، لا تر في التهرب من أداء ‘الخدمة الوطنية’ مما يسيء للمرء. وها هو أحدهم وقد صار وزيراً للخارجية في عهد الانقلاب، وباعتراف قائد أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته.
كثيرون، وأنا منهم، حسدوا السيسي على هذه المقابلة، وأن يجلس وجهاً لوجه مع ‘زينة سكاي نيوز′، ولأول مرة يشعرون بأنه محظوظ، فحتى دخوله القصر الجمهوري ليس دافعاً لحسده. ويبدو أنها مقابلة كانت ضرورية، بعد حالة الكآبة التي يمكن أن تستقر في وجدان المرء، إذا تعرض للمقابلة الأولى، وفي حضور لميس الحديدي، الذي لم تتوقف عن ابتسامتها التي تطلقها بمناسبة وبدون مناسبة وكأننا في مسابقة للبلاهة. وهي تفعل هذا منذ أن اتصلت بها ‘أمينة’ المقيمة في ‘مصر الجديدة’ وأخبرتها بأن ضحكتها جميلة. وهو كلام يدخل في باب غواية الجماهير، التي جعلت من السيسي وسيماً في بلد كان رمز الوسامة فيه هو رشدي أباظة، قبل أن ينتقل عرش الوسامة إلى ‘مهند’. يقولون: ‘الزن على الآذان أمر من السحر’.
على كفوف الراحة
لميس الحديدي، وجارها بالجنب إبراهيم عيسى، أخذا عبد الفتاح السيسي على ‘كفوف الراحة’، وكذلك فعلت ‘زينة’، وهي ‘زينة’. لكن الفارق الذي لم يلحظه المشاهد العادي هنا راجع للعمل الاحترافي الذي قامت به ‘زينة بازجي’، والطريقة البلدي في الاحتفاء بالضيف من جانب لميس وجارها بالجنب، فالأسئلة متواضعة ومتهافتة. والإجابات تحتاج إلى استفسارات لا تُطرح، كما أن من إجابات السيسي ما يمثل صدمة لتواضع قدرات الرجل، ومع هذا قابلتها لميس بابتسامة بلهاء، تصنعت الإعجاب بشخصه، وكادت تهتف لهذه الفتوحات الربانية!
فالسيسي قام بحل كل مشاكل مصر المستعصية ‘بجرة لسان’، وعقب كل ‘كوبليه’ تتذكر لميس ما قالته ‘أمينة’، التي هي من ضاحية ‘مصر الجديدة’، فستدعي لفمها الابتسامة سالفة الوصف التي تدفع المرء لأن يصوم عن الزاد ثلاثة أيام بلياليهم قرفاً!
السيسي قام بحل مشكلة البطالة بألف سيارة، يملكها ألف شخص، ويعمل عليها ثلاثة آلاف نسمة، ويتم شراؤها بالتقسيط من أحد البنوك، وتذهب لسوق العبور تشتري البضاعة بالجملة وتبيعها بالقطاعي. وبالرغم من أن الفكرة لثلاثة آلاف بني أدم، إلا أن صاحبنا حل بها مشكلة 12 مليون عاطل. ومع هذا أطلقت لميس ابتسامة عريضة قامت باستدعائها من بين الأنقاض.
والسيسي قام بحل مشكلة الفقر في مصر بتقسيم رغيف الخبز إلى أربعة. ولم يقل ماذا نصنع به عندما تتم قسمته على هذا النحو؟ هل ندعو الجيران للفرجة عليه ومشاهدته صريعاً، أم نتركه هكذا ونغادر للعمل بعد أن نلقي عليه نظرة الوداع، ونعود في آخر النهار فنجده وقد تكاثر، بعد أن مكنا أطرافه الأربعة من الزواج، والمعاشرة الزوجية، وهو ما لم يتحقق في حال بقاء الرغيف صحيحاً. ومع هذا فقد ابتسمت لميس ابتسامتها العريضة.
والسيسي حل أزمة الوقود والمرور بأن اقترح على كل أربعة أشخاص ركوب سيارة واحدة. ولم يعلم سيادته، أن الناس تحشر في حافلات هيئة النقل العام، وفي مترو الأنفاق، وفي سيارات السرفيس، فوق بعضها، ولم يحل هذا أزمة المرور أو أزمة الوقود. وابتسمت لميس ابتسامة من اكتشفت أن الرغيف المصري يلد ولا يبيض!
والسيسي حل أزمة الكهرباء المستعصية على الحل، باللمبات الموفرة، مع أن هناك أجهزة أخرى تعمل بالكهرباء، كالثلاجات والمكيفات والغسالات. فلم تعد الكهرباء فقط مصدراً للإنارة كما كان الحال عليه عقب اكتشافها. ومع تواضع الحل فقد ابتسمت لميس ابتسامتها إياها، على نحو جعلني لا أتوقف عن الدعاء على ‘أمينة’ وكل سكان ‘مصر الجديدة’ وعلى ‘البارون امبان’ باني ‘مصر الجديدة’ بأن ينكد الله عليهم.
صمت السيسي
‘ زينة’ لم تأت للسييسي على قاعدة الاستقلال، فالمستقلون لا يسمح لهم بمحاورة السيسي، لذا فقد احتشدت مهنياً لتبدو مستقلة شكلاً، والفارق بين السؤال الاحترافي وسؤال لميس الحديدي، هو في الصياغة، وفي عدم الإسراف في رد الفعل الاحتفالي.
لميس وصفت صمت السيسي بالبلاغة والعمق، والصمت البليغ لا يكون حيث يكون مطلوباً من المرء أن يتكلم، فما رأيكم لو أخذنا بالوصف، وجلسنا أمام الشاشة حيث جميل عازر يبشرنا بأنه سوف يقرأ نشرة الأخبار ثم يصمت، المدة المقررة للنشرة، ثم يغادر، فما رأيكم في صمته!
صاحبهم لديه مشكلة في الاستيعاب السريع للأسئلة، فتبدو الإجابة الواحدة على السؤال الواحد متناثرة، ومن كل فيلم أغنية، مع أنه قد يكون قد أخذ وقته من الصمت، ومن الإجابة بحركة اليدين قبل أن يتكلم.
الصمت فسرته لميس بالعمق، وفسرته ‘زينة’ بالتأثر الإنساني. ففي مقابلة صحافية مع مذيعة ‘سكاي نيوز′ قالت إن السيسي عبر عن ألمه لعدم قدرته على التواصل مع شباب ثورة 25 يناير. وأضافت: ‘شعرت بأن ذلك ما يقلق المشير ولدرجة أنني عندما سألته عن الموضوع أطرق صامتاً لحظات طويلة’.
بعض المشاهدين فسروا إجاباته التي لا علاقة لها بالسؤال على أنها هروباً، مثل سؤال ‘زينة’ حول تفسيره لكونه يحمي الإسلام ؟ فتلعثم السيسي وانتقل هارباً للحديث في موضوع آخر، إذ تحدث عن الصين وألمانيا.
هذه الطريقة في الرد، حدثت مع أسئلة أخرى ولم يكن هروباً، ولكن لعدم الاستيعاب من ناحية، ولعدم إجادة الحديث من ناحية، ولافتقاده القدرة على المناورة وهي ما تميز من يعمل بالسياسة من ناحية أخرى.
فقد طلبت منه لميس أن يتكلم عن أبنائه، وإذا به يذكر أن احدهم يعمل بالمخابرات العامة، والآخر يعمل في الرقابة الإدارية. وربما تذكر كثيرون عندما التحق ابن الرئيس محمد مرسي بوظيفة متواضعة بمطار القاهرة، فقد كانت الضجة الإعلامية التي أثيرت حول الموضوع سبباً في تركه للوظيفة.
نعلم أن التعيين لا بد أن يكون قد جرى وفق قواعد المحسوبية، لكن كان يمكن والأمر بيده ألا يُطرح مثل هذا السؤال قبل التصوير، فاذا طرح أمكن تداركه في المونتاج. أو أن يقول مثلاً إن أبناءه كانوا متفوقين في دراستهم فتم قبولهم وفق قواعد النبوغ العلمي، ولن يطالبه أحد بتقديم شهادات تخرجهم في الجامعة.
وكان يمكن للسيسي، أن يقول إنهم تقدموا لشغل الوظائف المعلن عنها في ‘الصحف ومن وراء ظهره، وحرصوا على استبعاد لقب السيسي من البيانات، وأن مهنة الأب لم تكن مطلوبة في الأوراق. وأنه فوجئ بتعيينهم من وراء ظهره وغضب ونام ليلته بدون عشاء، ولأن له في الرؤى باعترافه، فيمكنه أن يقول إنه شاهد في المنام شخصاً يلبس أبيض في ابيض، وينزل عليه من السماء، ويقول له بصوت جهير: ‘أنا الناموس′.. ‘ لا تغضب يا عبد الفتاح’. ‘وإذا غضبت فسوف أخذ منك الساعة الأوميجا’.
صحافي من مصر

ليست هناك تعليقات: