بقلم: عامر عبد المنعم
مشروع المشير عبد الفتاح السيسي المتعلق بالتقسيم الجديد للمحافظات المصرية سيفتح الباب أمام الشركات الصهيونية والصليبية للاستيلاء على أراضي الصحراء الشرقية والصحراء الغربية، في أكبر عملية تفريط في الأرض المصرية وبيعها للاستعمار.
هذا المشروع الذي ألمح إليه السيسي في حواره مع قناة سي بي سي وعرض الخريطة التفصيلية له سيفتح الباب لأكبر عملية نهب وسرقة في تاريخ مصر للأراضي الصحراوية منذ أيام الفراعنة، وهو الأكثر فظاعة من جريمة تبديد القطاع العام التي نفذها الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي أدت إلى الخراب الاقتصادي وتجريد الدولة من ممتلكاتها وتشريد ملايين العمال وتوقف حركة التوظيف، وتخلي الدولة عن دورها كدولة فضاع جيلان أو ثلاثة من الشباب المصري.
من الذي سيشتري ثلاثة أرباع مساحة مصر (750 ألف كم تقريبا) التي يريد المشير السيسي تقسيمها في التخطيط الجديد للدولة المصرية ويريد طرحها في توقيت واحد للمستثمرين بزعم التنمية؟
ومن الذي سيشتري كل هذه الأراضي التي ستطرح للاستثمار في ظل دولة مفلسة وغياب الرأسمالية الوطنية ؟
لن تجد هذه الأراضي غير الشركات الصهيونية والصليبية لشراء صحراء جرداء بلا ماء، شرق النيل الذي سيجف وغربه حتى حدود ليبيا.
وفي ضوء ما نراه من خطط واستراتيجيات فإن هذه العملية الشيطانية تقدم الأراضي المصرية على طبق من ذهب للصهيونية والصليبية العالمية ليحتلوا مصر بصكوك مختومة من الدولة، واستعدوا لعملية البيع الكبرى بالقانون الذي أصدرته حكومة الانقلاب بمنع المواطنين والهيئات من الطعن على التعاقدات التي تبرمها الدولة.
وفي ضوء متابعتنا للمكر المعادي فإن من وضعوا تخطيط التقسيم وزعوا الأراضي على الشركات التي ستشتري، بالمساحة والمكان، فلا شيء يحدث في مصر عشوائيا وخارج الخطة، فسيشتري الإسرائيليون عبر وكلاء وسماسرة بأسماء وهمية الصحراء الشرقية ووضع يدهم عليها، للاحتفاظ بها خالية من أجل إسرائيل الكبرى، بالإضافة لشراء أراضي وسط وشمال سيناء ( اقرأ المقالين السابقين).
ووفقا لهذا التخطيط الشيطاني سيشتري ساويرس (الذي يسيطر على سلطة الانقلاب الحالية) ومعه شركات صليبية بواجهات مصرية وإماراتية الصحراء الغربية التي تشهد اهتماما طائفيا في الفترة الأخيرة. ( اقرأ مقالنا عن إمارة لرهبان الصحراء الغربية في وادي النطرون)
ويبدو أن عائلة ساويرس لم تصبر حتى يتولى المشير السيسي الرئاسة والإعلان رسميا عن البيع فحصل سميح ساويرس في مارس الماضي على 30 ألف فدان من محافظ الوادي الجديد صاحب تمثيلية تأييد السيسي والذي استقال بعدها.
ولا يظن أحد أن هناك فرصة للاستفادة من مشروع السيسي وتفويت الفرصة على الشركات الصهيونية والصليبية وذلك للأسباب الآتية:
- لا يوجد في مصر رأسمال وطني حيث تم التضييق في فترة نظام مبارك على كل رجال الأعمال من غير المنتمين للحزب الوطني، وهذه القلة من رجال الأعمال الذين يتصدرون ملكية الاقتصاد المصري حاليا ليس لهم انتماء لمصر فهم لا يدفعون الضرائب وهدفهم الربح فقط، ومعظمهم تحول إلى تجار أراضى، ولا ينتظر منهم المشاركة في التنمية، بل بعضهم في منطقة القناة يجلب عمالة آسيوية لأنها أرخص من المصرية وأقل مطالب!
- لا يوجد رأسمال إسلامي بسبب المطاردة والمصادرة وقد شهدت التسعينات مصادرة أموال الشركات الإسلامية ونهبها ووضع أصحابها في السجن.
- كثير من رجال الأعمال البارزين في مصر هم صناعة خارجية وواجهات لشركات ومنظمات أجنبيه.
- كثير من رجال الأعمال صنعتهم هيئة المعونة الأمريكية عبر برامج مدروسة وهم مرتبطون بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية ويعملون وفقا للمرسوم لهم.
- الدولة المصرية مفلسة وليس لديها أي أموال لإنفاقها على التنمية والحكومة، وهي مكبلة بالديون الخارجية والداخلية.
- تم تغيير البنية القانونية خلال العقود الثلاثة الماضية لإبعاد الدولة تماما عن إدارة الاقتصاد فيما عرف بالخصخصة، فتحولت الدولة إلى مجرد سمسار وخادم لما تسميه القطاع الخاص، وتم وضع عراقيل لمنع الدولة من القيام بدورها عبر التوقيع على اتفاقيات دولية تحول دون عودة الدولة لقيادة التنمية.
- لاتوجد دولة الآن بالمعني الحقيقي، وقلب الدولة الصلب اخترق تماما ويتم توجيهه من اللوبي التخريبي الذي خطف السلطة لتنفيذ الأجندة التي وضعتها غرف عمليات دولية.
إن الذين وضعوا التقسيم الجديد للمحافظات المصرية لبيع أراضيها هم تقريبا نفس اللوبي الصهيوني الذي وضع برنامج الخصخصة وبيع القطاع العام، وهم أنفسهم الذين قاموا بالتقييم والإشراف على البيع حتى تم تصفية القلعة الصناعية المصرية وتشريد ملايين العمال وضاعت حصيلة البيع وغير معروف حتى الآن أين ذهبت ومن الذي سرقها.
استطيع أن أقول أن بيع أراضي الصحراء في مشروع السيسي يفوق في خطورته ما ذكرته في مقالين سابقين عن التأسيس لإمارتين مسيحيتين: فاتيكان جديدة لرهبان اليونان في جنوب سيناء وإمارة وادي النطرون لرهبان الصحراء الغربية.
هذا اللوبي الصهيوني الذي يتحالف الآن مع لوبي صليبي متصاعد يريد أن يستولي على أراضي الصحراء لمصادرة ثروة الأجيال القادمة في أكبر عملية نصب واحتيال باسم التنمية والاستثمار، والتضحية هذه المرة لن تكون بجيلين قادمين وإنما تضحية بمستقبل مصر وكل أجيالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق