تقولون أنكم أنتم الأمن والاستقرار،
وأن ما حدث فى يناير وما بعدها كاد أن يعصف بمصر و بالدولة،
وأن الثورة فوضى،
وأن المظاهرات والحريات تهدد الأمن القومى،
وأنه لن تتحقق الديمقراطية قبل 20 سنة،
وأن القوى السياسية والمدنية لا تصلح لحكم مصر،
وأن الجيش يجب أن يظل جزءً من المشهد السياسى لعشرة سنوات على الأقل،
ثم أطلقتم أجهزتكم تهاجم الثورة والثوار والمعارضة، وتتهمهم بالعمالة و الارهاب و الفشل و الارتزاق وتهديد أمن مصر واستقرارها،
وتدعى انكم أنتم فقط الأخيار، و كل من عداكم أشرار
وأخذتم تكررون ذلك ليل نهار، فى كل المنابر الاعلامية التى اصبحت تحت سيطرتكم بالكامل، فنجحتم فى تزييف الوعى وتضليل قطاع كبير من الرأى العام الذى أصبح يردد كلامكم وكأنه من المسلمات،
وتناسيتم حقيقتكم وماذا فعلتم بنا وببلادنا وبشعبنا وبدولتنا،
فدعونا نتحاسب لنعرف من منا كان يهدد الدولة ومن الذى كان يدافع عنها، ولنبدأ الحكاية من البداية :
· رفض الشعب هزيمة 1967، وقاتل وانتصر، ولكن كان النظام هو الذى سرق هذا النصر الغالى، ووقع مع العدو معاهدة تعترف به و تجرد ثلثى سيناء من القوات والسلاح.
· رفض المصريون التبعية الأمريكية و المعونة الأمريكية، بينما يتمسك النظام بها بأياديه وأسنانه.
· ناضلت المعارضة الوطنية على امتداد ثلاثة اجيال ضد كامب ديفيد وحذرت من مخاطرها وأضرارها وتهديدها للأمن القومى، وبذلت فى سبيل ذلك كثيرا من التضحيات، بينما يعلن قادة الدولة ليل نهار منذ 40 سنة بالتزامهم المقدس بها.
· كان غضب الشباب ومظاهراتهم وحصارهم للسفارة، هو الذى أرغم اسرائيل على الاعتذار لمصر على قتل جنودنا على الحدود فى اغسطس 2011، بينما لم تصدر أى من مؤسسات الدولة ولو بيان استنكار يتيم.
· وكانت مظاهرات الغضب الشعبية فى مصر والعالم العربى هى التى تصدت لكل الاعتداءات الأمريكية والصهيونية على فلسطين ولبنان والعراق، فى وقت كان النظام والدولة يتحالفان مع الغزاة والمعتدين.
· كان النظام ودولته هما الذين صدرا الغاز المصرى سرا لاسرائيل بأقل من سعره، وهم ذاتهم الذين عادوا يتحدثون اليوم على استيراده من اسرائيل بضعف سعره، وكانت القوى السياسية والمدنية هى التى تتصدى لهذه الصفقات.
· قادت الحركة الوطنية المصرية ولا تزال معركة شرسة ضد التطبيع مع اسرائيل، الذى تمارسه يوميا كافة مؤسسات الدولة.
· كانت الدولة ونظامها هى التى سمحت (لاسرائيل) باختراق العقل المصرى والمشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وكانت المعارضة هى التى نجحت فى التصدى لهذه الجريمة وإفشالها.
· سلم النظام ودولته الاقتصاد المصرى لصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، فكانت النتائج الكارثية التى نعيشها اليوم من تبعية و فقر وديون وتخلف واستغلال وهيمنة طبقية.
· وكانت المظاهرات الشعبية والسياسية فى 18 و 19 يناير 1977 هى التى تصدت لاستغلال وإجرام وجبروت النظام وصندوق النقد و ألغت قرارات غلاء الاسعار "الى حين"، وأجبرت منذئذ كل حكام مصر أن يعملوا ألف حساب لغضب المصريين.
· انحازت الدولة والنظام لبضعة آلاف من الأغنياء ورجال الأعمال، على حساب باقى الشعب المصرى، فحرمته أبسط الحقوق الانسانية من الستر والسكن والعلاج والتعليم.
· فتحت الدولة البلاد للسلع والمنتجات الأجنبية وشاركت فى ضرب الصناعة الوطنية.
· ناضلت القوى الوطنية منذ اللحظة الاولى ضد بيع القطاع العام، الذى قادته وباركته كل مؤسسات الدولة والنظام، والتى عادت اليوم لتحصين صفقاتها المستقبلية.
· وبينما كانت المعارضة تناضل ضد كل جرائم الفساد والنهب لثروات مصر وأراضيها وبنوكها، كانت أجهزة الدولة الرقابية تلتزم الصمت خوفا أو تواطؤً.
· مارس النظام ودولته ومؤسساته وموظفيه تزييف وتزوير ارادة الناخبين فى كل انواع الاستفتاءات والانتخابات، بينما هرمت القوى السياسية والمدنية لانتزاع الحق فى اجراء انتخابات نزيهة.
· كان النظام ودولته يؤممون النقابات العمالية ويفرضون الحراسات على النقابات المهنية، بينما كان العمال يقاومون ذلك بتأسيس النقابات المستقلة، و يستميت المهنيون لاسترداد نقاباتهم.
· عانى المصريون الأمرين من هيمنة الدولة والنظام على القضاء، وتصدى لهم نخبة من القضاة الشرفاء تحت قيادة المستشار يحيى الرفاعى، الذى كان لتياره وتلاميذه دورا كبيرا فى التعجيل بثورة يناير بعد معاركه الشهيرة ضد النظام فى 2006 وما بعدها.
· كان للجامعة عامة وللحركة الطلابية خاصة فى 1971 و1972 ، دورا حيويا و مؤثرا فى التعجيل باتخاذ قرار الحرب، وفى دعم حالة الصمود الشعبى، وفى تربية الأجيال وطنيا وسياسيا.
· ومع ذلك قام النظام ودولته، بعد 1973 بمنع العمل السياسى فى الجامعة لثلاثين عاما، وحولها الى سجون يديرها الحرس الجامعى، وحرم جيلا كاملا من التربية الوطنية والسياسية الصحية ومن المشاركة فى العمل الوطنى.
· صادرتم الحياة السياسية والحزبية، وقيدتم الحريات، وزججتم بالمعارضين من كافة التيارات فى السجون والمعتقلات.
· حولتم الشرطة الى سيف مسلط على رقاب الناس، بدلا من أن تكون درعا يحميهم ويحفظ أمنهم، فخلقتم شرخا عميقا، لا نزال ندفع ثمنه حتى اليوم.
· كانت القوى السياسية والمدنية والحقوقية هى التى تدافع عن الضحايا والأهالى فى كوارث العبارات والقطارات والحرائق و الأمراض المزمنة وكل الجرائم التى تسببت فيها الدولة بإهمالها.
· كانت النظام هو الذى يعذب المصريين وينتهك آدميتهم، وكانت القوى المدنية والحقوقية هى التى تدافع عنهم وتفضح جرائمهم.
· كنتم تحرصون على زرع الخوف والسلبية فى نفوس المصريين، بينما كانت المعارضة تبث فيهم روح وقيم المقاومة والكرامة والايجابية.
· ولما ثار الناس عليكم، قتلتوهم بقلب بارد، وتواطأتم لإجهاض الثورة، فافتعلتم الأزمات ووضعتم المعوقات، فافشلتوها ، ثم اتهمتوها بالفشل.
· وأخيرا وليس آخرا، تقومون اليوم بترشيح انفسكم فى الانتخابات الرئاسية، بفضل ثورات الشباب وتضحياتهم، بعد أن التزمتم الصمت وآثرتم السلامة أمام جريمة التوريث.
· وهو نفس الشباب الذى يقبع اليوم فى القبور أو فى السجون بفضل أجهزة دولتكم العميقة.
***
فمن منا بربكم الذى يهدد أمن مصر واستقرارها واستقلالها وعدالتها وحقوق شعبها ووحدتها الوطنية.
*****
القاهرة فى 22 مايو 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق