في ظل الأزمة المالية العالمية والصراع على موارد الطاقة وإعادة تقسيم العالم بما يتناسب ومصالح القوى الكبرى، نلاحظ أن هناك عالما جديدا يتشكل ويشكل المنطقة العربية معه. وسينتهي الطرف الأقوى من مشروعه لا لأنه الأقوى فقط، بل لأن طبيعة الحياة والتطور وموازين القوى تقتضي ذلك. خاصة وأن منطقة الشرق الأوسط هي الحلقة الأضعف من حيث التطور العلمي والتكنولوجي والأكثر تبعية على كل المستويات. ناهيك عن أنها مصدر طيع للمواد الخام ومستهلك نشط للمنتجات من جميع أنحاء العالم. قد نتفق مع هذا الكلام أو نختلف. ولكن الواقع هو الواقع. وقد نفاجأ بعد عدة أشهر بأننا نبدأ من الصفر ولكن على مسارات أخرى تماما تتضمن كل الاحتمالات بعد أن رأت الشعوب أن اختيار تيار الإسلام السياسي هو الحل الأمثل والأنجع للقطيعة مع الأنظمة الاستبدادية. إضافة إلى أن القوى الغربية ذات المصالح الكبرى والعليا في المنطقة لم تكن تستطيع رفض "إرادة الشعوب!" فبادرت على الفور بدعم تيارات الإسلام السياسي بالمال والسلاح والدعم اللوجستي. بل وبذلت كل الوعود بالدعم في المستقبل. الحديث يدور هنا لا عن الحرية والديمقراطية لشعوب المنطقة ولا عن العدالة الاجتماعية والتحديث والمشاريع الوطنية والقومية، بل يدور عن مصالح محددة تخضع لمعادلات سياسية واقتصادية وتوازنات قوى. لن نتطرق كثيرا إلى نسبة الأمية بين الناخبين في الدول العربية، وعلى رأسها مصر. ولن نتحدث عن آليات الانتخابات وطرق التصويت. لن نتحدث أيضا عن العلاقات التاريخية بين قوى الإسلام السياسي والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية. النموذج المصري .. جميع القوى السياسية، بما فيها الإخوان المسلمون والمجلس العسكري، تدرك أنه لا مفر من التقدم إلى الأمام لتثبيت سلطة هذا التيار أو ذاك، أو لتوزيع السلطة بين تيارين حقيقيين في المشهد السياسي. هكذا هي السياسة الكبرى، وهكذا هو الواقع الأليم، طالما القوة الأكبر مفتتة ومشرذمة وكلها جنرالات ورؤساء محتملين ومغاوير لا يشق لهم غبار. لقد حققت القوة الأكبر خلال عامين تقريبا نجاحات ملموسة على مستوى التراكم، ولكنها لم تحقق أي نجاح على مستوى الوصول إلى السلطة. بينما تمكن الإخوان السلمون وقادة المجلس العسكري من تحقيق نجاحات ضخمة، أهمها حصر المشهد السياسي عليهما وإبعاد القوى السياسية الأخرى، أو في أحسن الأحوال استخدامها كورقة للضغط. ما أدى بدرجات كبيرة إلى المشهد السياسي الآني في مصر والذي يقوده هذان التياران. إذن، ما هو موقع الرئيس المصري محمد مرسي العياط في هذه المعادلة البسيطة والمعقدة في آن واحد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق