نواف الزرو |
المطلوب الاستراتيجي مصريا لصالح الامن القومي المصري ومستقبل مصر، هو الغاء معاهدة كامب ديفيد، التي الغت مصر تماما دولة وسيادة ودورا وحضورا ووزنا، ولكن الغاء المعاهدة يعني بالنسة للدولة الصهيونية الحرب، ومصر ليست في وارد الحرب وليس في استراتيجياتها الحرب، فلذلك يبدو ان مراجعة المعاهدة واجراء تعديلات عليها هي المطلب العاجل في اعقاب المجزرة التي نفذت بضباط وافراد المركز الامني في رفح، فقد ظهرت هناك على امتداد الخريطة السياسية المصرية، اصوات تدعو الى مراجعة المعاهدة، واستعادة السيادة المصرية على سيناء، ولكن المؤسف انها اخذت البعد الامني المعادي للفلسطيين فقط، وكأن الفلسطينيين هم من يتحمل مسؤولية المجزرة، رغم ان المعلومات ونتائج التحقيقات المصرية تشير الى مجموعات جهادية وسلفية وهابية تقف وراء المجزرة وليس الفلسطينيين، فبغداة المجزرة دعت شخصيات ومجموعات مصرية إلى مراجعة الملاحق الأمنية للمعاهدة و التي تفرض قيودا على الوجود العسكري المصري في سيناء، فقال عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، في بيان، إنه يقترح على الرئيس محمد مرسي "أن يستعد بصفة عاجلة لطلب تعديل الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حتى تتمكن-لاحظوا...- الجهات الأمنية والقوات المسلحة من فرض الأمن في سيناء ومراقبة الحدود، ووقف التسريبات الإرهابية"، وأكد موسى تأييده لقرار إغلاق معبر رفح لأجل غير مسمي، وقال "اتفق مع قرار إغلاق معبر رفح الذي لابد أن يستكمل بإغلاق الأنفاق بالكامل طالما أصبح المعبر والأنفاق مصدرا قويا لاحتمال التسرب إلى سيناء-كما تقول وتطالب اسرائيل بالضبط-"، ودعا حزب البناء والتنمية الذي أسسته الجماعة الإسلامية -وهو تنظيم سلفي كان يتبنى العمل المسلح قبل أن ينبذ العنف في نهاية تسعينات القرن الماضي- في بيان إلى "مراجعة الاتفاقيات الأمنية التي تحكم الوجود الأمني المصري في منطقة سيناء حيث يجب أن توجد في سيناء قوة مصرية رادعة وحارسة لأمن مصر"، بينما طالب القيادي الناصري حمدين صباحي الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بتعديل الاتفاقيات الأمنية مع إسرائيل، وقال في بيان إن "حماية الأمن القومى المصرى يرتبط بوضوح بالسيادة المصرية غير المنقوصة على كامل تراب سيناء، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى الاتفاقيات الأمنية مع إسرائيل-وكالات: 06/ 08/ 2012".
والمطالبة بالتعديل لا تنحصر بالرموز القيادية، وانما تمتد للشعب المصري، اذ جاء في استطلاع للرأي اجراه معهد امريكي، كان نشر يوم-26/ 04/ 2011 - إن غالبية المصريين معنية بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، "كامب ديفيد"، التي تم التوقيع عليها في العام 1979، واشار الاستطلاع إلى أن اتفاقية السلام لا تحظى بشعبية في وسط الشعب المصري، وبحسب الاستطلاع فإن 36% من المصريين معنيون بالحفاظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل، في حين أن 54% معنيون بإلغائها
رية بتعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل لضمان حضور أكثر فعالية للجيش المصري في سيناء، وعلى خلاف الموقف الرسمي المصري، فلا يزال الشعب المصري يعبر باستمرار عن رفضه للمعاهدة، وعن مطالبته بالغائها، والمصريون ما زالوا يعتبرون ان "اسرائيل" هي العدو الاول والاستراتيجي لهم، وذلك على الرغم من ردود فعل بعض المصريين الحامية والفورية التي مزقوا خلالها الكوفية الفلسطينية، والاصابع تشير الى ان فلول النظام السابق هم الذين اردوا اثارة الفتنة وتأجيج المشاعر ضد الفلسطينيين، بل واكثر من ذلك، فان المصريين بشكل عام ما زالوا يرددون ابياتا من قصيدة للشاعر المصري الراحل امل دنقل:"تصالح":
لا تصالح
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى...!
لا تصالح على الدم .. حتى بدم
لا تصالح !.. ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ ؟ .... أقلب الغريب كقلب أخيك ؟
أعيناه عينا أخيك ؟
وهل تتساوى يدٌ .. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها .......... أثْكَلك ؟
ويمضي الزمن ويبقى أمل دنقل صاحب الموقف والصوت الشعري التعبوي، والوجه الصعيدي الأسمر الطيب، حاضرا في تطورات المشهد السياسي المصري..حاضرا في الوعي الجمعي المصري بفضل مناهضته لمعاهدة السلام المشينة.
الليكودي المتشدد سلفان شالوم احد اقطاب الليكود الى جانب نتياهو، غاص في عمق المشكلة الصعبة والحقيقية –كما وصفها-التي تواجهها إسرائيل منذ توقيع اتفاق السلام مع مصر، موضحا: " أن المشكلة تتمثل في عدم تمتع الشعب المصري بثقافة السلام".
وتبقى المطالبة الشعبية المصرية بالغاء المعاهدة هي الاساس...وتبقى ثقافة الشعب المصري هي ثقافة العداء للمشروع الصهيوني، برغم اكثر من اربعين عاما من نهج ثقافة السلام والتطبيع والاقلمة في عهدي السادات ومبارك.
تقف مصر اليوم امام فرصة تاريخية لتعديل المعاهدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق