21 أغسطس 2012

تزييف معالم التاريخ في وطني بقلم/ توفيق أبو شومر





 قصة  بلعين وخربة عيسى هي قصة الاستيطان الإسرائيلي كلها، اقرؤوا هذه القصة.
 احتل الإسرائيليون أراضي بلعين وما جاورها عام 1967 وأسسوا على أراضيها مستوطنة(كِتاب المدينة) أي كريات سيفر، أو باسمها الثاني مودعين عيليت، التي تقع غرب رام الله 15 كم.
وكانوا يدركون السبب في هذه التسمية منذ تأسيسها عام 1994، فقد كانوا ينوون أمرا ما، ويُخبِّئونه إلى أن يحين الوقتُ المناسب، وأخيرا كُشف عنه النِّقاب!!
خُصِّصتْ المستوطنة المغتصبة  للصفوة من الإشكنازيم المتدينين( يهود أوروبا وأمريكا)، وزينوها لتصبح عروس المستوطنات واستقطبوا فيها خمسين ألف مستوطن، وجعلوها أبرز المدن الحريدية، ففيها ثمانون كنيسا، وعينوا رئيس بلديتها حاخاما وهو( يعقوب غوتمان)
إلى أن تسلل إليها السفارديم( اليهود الشرقيون) وصارت نسبتهم 30% من سكانها، وهم يعيشون في المستوطنة كما يعيش سكان حي هارلم الزنجي في نيويورك، محاصرين من قبل الإشكنازيم، ولا يسمح حتى لأبنائهم وبناتهم أن يدخلوا مدارس الإشكنازيم!
حتى أن لجنة الإسكان في المستوطنة رفضت طلب زوجين سفارديين أرادا أن يعيشا فيها، وتقدما بالشكوى للمحكمة كما أوردت صحيفة هارتس 29/10/2010
وظلت الحكومة تحجب إعلاميا الاعتراف بها كمدينة خشية رد الفعل من العالم، على الرغم من أن ساكنيها كانوا يتمتعون بمزايا لا يتمتع بها سكان أي مدينة في إسرائيل، فضرائبهم أقل، لأنهم يسكنون مستوطنة، وحافلات أبنائهم مجانية لأنهم يسكنون منطقة معرضة للخطر، وأسعار الشقق أقل بكثير من أسعار الشقق في المدن الأخرى!!
وفي عام 2008 بعد أن ضمنتْ إسرائيل أن تغضَّ دولُ العالم النظر عن الاعتراضات، قررت الحكومة الاعتراف بها كمدينة يهودية ، ولم يكن أحد يعلم ماذا تنوي الحكومة أن تفعل بها بعدئذٍ!!
وهاهي صحيفة هارتس تبشرنا يوم 21/8/2012 بتحولها إلى الطور الثالث ، فمن مستوطنة مغتصبة، إلى مدينة إسرائيلية ، ثم هاهي تصبح اليوم معلما حضاريا يهوديا!!
 فقد اكتشفت سلطةُ الآثار(بمحض الصدفة طبعا)!! أن وسط المدينة هو موقع أثري يهودي تراثي هو عبارة عن قرية يهودية زراعية، كانت تموَّن سدنة الهيكل بالطعام، في زمن الهيكل الثاني(القرن الأول للميلاد)!!
مع العلم بأن الحارديم يعتبرون منقبي الآثار خارجين عن تعاليم الدين لأنهم ينتهكون قبور اليهود الموتى في أرض الميعاد!!
وفي هذه القرية- كما كشفت سلطة الآثار- منازل، ومائة وخمسة وأربعون قرشا رومانيا!!!!!
 ويتوسط البيوت كنيس يهودي، وإلى جواره حمام التطهير (الماكفاه)!
وتحولت المستوطنةُ إلى الحالة الثالثة، أي إلى رمز، مما حدا بأعضاء الكنيست لتخصيص مليون دولار لتطوير الموقع، وتلقوا مباشرة مليونا آخر كتبرعات من اليهود لدعم هذا الموقع المقام على بقايا حجارة، ليس فيها من المعالم سوى أنها بيوت لقرويين مزارعين فلسطينيين!!
إذن فقصة مودعين عيليت هي قصة إسرائيل، التي تمكنت من تغيير معالم المكان والزمان،وفصَّلتْ من التاريخ والحجارة قصةً تُغذي المخزون الاستراتيجي الروحي ليهود العالم، لتقول لهم:
 هنا عاش أجدادكم!!
أما نحن فما نزال نفتح أفواهنا ونتثاءبُ، ننتظر مَن يخلصنا من آلامنا، ونحن منقسمون، نستجدي دول العالم لتعترف بحقنا في أرضنا، التي نعيش فوق ثراها، على الرغم من أن في كل حبة رمل من أرضنا ملايين الجينات الفلسطينية، وأخيرا أتساءل:
هل قدمنا اعتراضا لمنظمة اليونسكو، بعد أن أصبحنا عضوا فيها نقول:
نطالبكم بالتحقيق في الموقع الأثري الفلسطيني (خربة عيسى) فلماذا لا يكون قرية كنعانية فلسطينية؟... أوقفوا تزييف التاريخ في وطني!!

ليست هناك تعليقات: