بقلم/ منال الكندي -اليمن
لكل عمل رد فعل مساوٍ ومعاكس له، هذه نظرية" نيوتن" شكلت نقطة تحول في تاريخ حضارة البشرية.. وبناء عليها فالإنسان العاقل المدرك يتلقى النتائج في مطلق الأحوال، يعالج الأسباب ويتحمل المسؤولية في السلب والإيجاب.
حزمت المرأة أمرها وقررت أن تركب الأمواج، وأن تقتلع أشواكها بيديها ما دامت تتساوى بالرجل، كيف لا وهي لا تختلف عنه في شيء.. والرجل هو الآخر كان يبحث عن المغامرة والإثارة فأعدَّ نفسه لها، وهو يدرك حجم التحديات المقبلة والضريبة المترتبة أو الفائدة المتوقعة.
لكن المرأة وهي تعيش المغامرة والإثارة والمساواة.. غاب عن إدراكها ووعيها أن المحيط مليء بالأقراش والحيتان والتماسيح وكلها ضارية لا تتورع عن افتراس ما عداها من الأسماك.. ولو أن هناك كائنات قليلة وديعة كالدلافين.
خرجت المرأة تبحث عن حق لها كما الرجل، فانخرطت معه في المظاهرات جنباً إلى جنب، تواكب الثورة للإطاحة بالأنظمة الرجعية الفاسدة وتصحيح الأمور. كان الرجل يدرك ما يواجه من عنف، ويتوقع ما يترتب على مشاركته في التظاهر، من سكين تغرس الصدر أو الظهر وربما في القلب، أو رصاصة تطلق على الرأس أو تحرشات جنسية.. فهل فكرت المرأة أنها أيضاً ستكون عرضة للقمع والقتل وسط مظاهرات يختلط فيها الحابل بالنابل.. أم أنها كانت تتوقع نزهة يؤدون لها فيها التحية والسلام.
ألمرأة المناضلة تعالى صراخها وبح صوتها وسط الزحام، فلم تسلم من التحرش والمضايقات، فهل كانت تعي وتدرك معنى الضريبة المطلوبة لتتأهل مع الرجل في الندية والمساواة..؟ أم كانت تكتفي بالمشاركة والحضور، وتريد أن تنتصر بلا أثمان..؟
بعيداً عن التنظير للدين.. فلا أسببُ حساسية الارتكاريا للمناضلات المتحررات..أو أولئك الماديون ممن لا يرون حضارة البشرية بغير التعري، تحت مسمى الحرية وحقوق الإنسان.
فذلكة..
دعت مذيعة إحدى الفضائيات، التي تنادي بالتحرر والدفاع عن حقوق المرأة المغتصبة أن تتمرد المرأة ولو بالخروج عارية كما خلقها الله.. والله وحده من يحاسبها..!! ما يشجع أو يعزي أننا ما زلنا نعترف بالله وحقه في الحساب، في الثواب والعقاب.
امتعضت مشاركات من التحرش بهن في المظاهرات، من المبرر والأعذار من أن الشباب ليس لديه ما يكفي من الإمكانات لتكوين أسر يستقرون وسطها.. وكأن المتزوجين من الرجال أبرياء لا تشملهم مسألة التحرش بالنساء.. إحداهن تعالى صراخها من على شاشة إحدى الفضائيات الثورية، وهي تنادي أن أحوالها لا تختلف عن الشباب في القدرة والمساواة..؟ ومع هذا فإنها لم تلجأ إلى التحرش بالرجال.. طالما كانت مساواة المرأة بالرجل قائمة في كل شيء، في الحاجات وفي الحسنات والسيئات، وما دامت المرأة تعتقد أن الرجل معفى من الحساب.. أليست هي دعوة صريحة أن تتحرش المرأة بالرجال..؟
بناء على ما تقدم، قررت المشاركاتُ في المظاهرات ممن تعرضن للتحرش، رفع قضية بهذا المعنى، أمام منظمات دولية تشمل الأمم المتحدة، لإجراء ما يلزم وسن القوانين التي تكفل حماية المرأة من التحرش والاغتصاب، مع الإشارة التي لا يجهلها الجميع، أن مثل هذه القوانين لا تزيد عن كونها حبراً على ورق، لن يستفيد من مفاعيلها إلا المعتدين المدانين، فهناك ملفات لا تعد ولا تحصى نائمة في أدراج الأمم المتحدة منذ نشأتها.. انطلاقاً من القضايا العربية وفي مقدمها قضية القدس والحق الفلسطيني المغتصب. ألأمم المتحدة في واقع الأمر لا تعدو كونها شاهد زور على ما يجري على الأرض. أما قضايا المرأة فتتصدر اهتمامات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات، بينما سياسات الدول ونهب الثروات الاقتصادية للبلدان الفقيرة في الأصل، لا تبدو أنها من أولويات الاهتمام، لذلك نرى أن الأمم المتحدة تولي اهتمام بملفات المرأة وحقوقها حتى في انتهاك سياسات دول وسرقة ثرواتها وتحويل البلاد إلى بلدان تعيش على السياحة الجنسية، تحت مسمى حرية المرأة...وعليه ربما تقرر سن قانون بقتل الشباب المتحرش، لتستطيع المرأة أن تعيش وتعمل في كل المجالات والساحات حرة، طليقة، آمنة، تتعرى من أجل وصول صوتها واستعادة حقوقها المغتصبة.....
سؤال هام؟؟؟
هل المتظاهرون الشباب واجهوا مثل هذه التحرشات من النساء المتظاهرات..؟ بالتأكيد حدث كثيراً مثل هذا التحرش، لكن بعض الرجال يرحب ويرغب به فلا يسوؤه الأمر أبدا.. بل سيطلق العنان لمخيلته الخصبة في حديث مستفيض عن دنجوانيته ورجولته وأنه محط أنظار النساء، وآخرين غالبا ما يخجل عن الإبلاغ عن تلك الوقائع التي تمس رجولته....وإن أطلق له العنان سيحكي قصصا وحكايات....ولكن لن يصدقه أحداً .. لأن السمة الغالبة أن يتحرش الرجل بالمرأة لا العكس.
الرقص الشرقي لصيق بالمرأة، يعتبره البعض رسالة ثقافية ووطنية ومصدراً حيويا في إنعاش اقتصاد البلاد، ناهيك عن التعري لإيصال صوت الحق.. حتى الزواج المثلي بات مشروعا وجزءاً من الحق، وانتقاده يعني نيلا من الإنسانية وحقوق الجماعة والفرد.. فمن يمنع ومن باب التساوي أن يتحرش الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة في ممارسة حقوقهم وتحقيق ذواتهم وإنسانيتهم..؟
حقيقة وشاهد.....
ذكرت الدكتورة منى السيد حافظ، أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة عين شمس، أن انتشار التحرش الجنسي بأشكاله بين الطرفين، داخل البيوت والمعامل ووسائل النقل والمؤسسات والمقاولات الخاصة، من الأسباب التي ساعدت على التحرش الجنسي كظاهرة شذوذ وكبت سيكولوجي بسبب الوحدة والعزلة والإحساس بالنقص والدونية، فالإنسان الذي يعاني من الاضطراب النفسي، ويعيش داخل عزلة حادة وغربة ذاتية، ويعاني من النقص العضوي كالقبح والذمامة، يكون مستعدا تماماً لممارسة التحرش الجنسي مع الحيوانات، والأطفال، والعجزة، والقاصرات، أو مع جنسه المثيل، لافتة إلي أن ما ساهم في انتشار الإباحية في عالمنا المعاصر هو اختلاط الذكور بالإناث، وتراجع الوازع الديني والأخلاقي، وانتشار القنوات التليفزيونية والفضائيات و الفيديو والأشرطة السينمائية، في نشر الأفلام الجنسية والأشرطة التي تحرك الغرائز، وتساعد علي التحرش الجنسي الشعوري واللاشعوري لدى الإنسان، لينغمس في ممارسات خليعة حتى مع أقربائه، فكم من أب اغتصب إبنته! وكم من أخ تحرش بزوجة أخيه، أو تحرش بأخته التي تنام بجواره في غرفة واحدة دون أن يفصل الوالدان بينهما منذ الصغر!
لست في معرض الدفاع عن الرجل.. ولكن بقليل من العدل والعقلانية بعيدا عن العولمة المستوردة التي تغزونا، ينبغي أن ننصف أنفسنا ونضع الأمور حيثما ينبغي أن تكون، فنشارك في الواجب ونسدد ما يترتب علينا من حقوق، وننظر إلى الواقع بعين المسؤول.. أو، نرضى بالعولمة في النظام والمبدأ والممارسة، وبالتالي نرضى بالإباحية والتحرش والشذوذ والمثلية، ونسدد الضريبة المستحقة.
موقع الحقيقة ـ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق