أثناء تصفحي لجريدة جورسلم بوست الإسرائيلية اليوم 25/8/2012 ، قاطعني إعلان باللون الأحمر الكبير في رأس صفحتها ومعه صورة جديدة للقدس، ليس بقبة الصخرة بل بالهيكل الثالث ومما جاء فيه:
"انتبهوا فإن (الماشيح) يسكن اليوم إسرائيل، ويقول لكم:
إن أمريكا ستغرق في البحر، ومعها مدنٌ كثيرة، وستغرق لندن أيضا، وسينشر في العالم العداء للسامية، اهربوا من كوارث الزلازل والبراكين، فحرب يأجوج ومأجوج قادمة، إن حكومة إسرائيل الحالية هي آخر الحكومات، أما الحكومة التالية هي حكومة الماشيح المنتظر، احزموا أمتعتكم وتعالوا لإسرائيل!!"
وعندما تابعتُ جذر هذه الدعاية وجدتُ تحذيرا آخر:
" احذروا العربَ في إسرائيل، إنهم في كل مكان!!!"
إن ما جرى وما يجري في إسرائيل يقع في إطار الدعاية السابقة، فإسرائيل ترتدي اليوم اللباس الحريدي المتزمت، وتطبِّق تعاليم المتطرفين حرفا حرفا، فما جرى في أسبوع واحد للفلسطينيين يؤكد انتشار التيار العنصري في إسرائيل ليصبح هو القاعدة، أما الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة فهي الاستثناء!!
إن حرق أسرة غياظة من بيت لحم يوم 16/8/2012 وهم يركبون سيارتهم الفلسطينية بزجاجة مولوتوف من قبل أحد المتطرفين، ليست حادثة عرضية، بل إنها تقع ضمن إطار هذا التسونامي العنصري الذي يجتاح إسرائيل، كما أن حادثة التمثيل بالشاب الفلسطيني جمال جولاني في اليوم نفسه في ميدان صهيون بالقدس من قبل أكثر من ثلاثين شابا إسرائيليا، وكانت جموع غفيرة تشاهد حادثة التمثيل بجسد الشاب الفلسطيني، ومن بينهم أفراد من الشرطة، بدون أن يقدموا المساعدة للشاب الفلسطيني، وكانت جموع الغوغاء تصيح الموت للعرب!!
وفي اليوم نفسه جرت محاولة أخرى للتمثيل بشاب فلسطيني في يافا، ولكن هذه الحادثة لم ينشرها الإعلام الإسرائيلي، بل أشار إليها بعضُ الصحفيين اليساريين.
وللأسف فإننا اعتدنا سيلان الدم الفلسطيني ، وأدمنا أن نستمع إلى مآسينا، لدرجة أننا فقدنا الحماس لمتابعة جداول الدم الفلسطينية التي تسيل في كل مكان، ويبدو أن دمنا الفلسطيني أخذ يفقد لون الحمرة، فلم نقم بتكبير وإظهار هذه الصور العنصرية البشعة!
وليس من قبيل المبالغة القول بأن حادثة (اللنش) بالشاب جمال جولاني أثارت اشمئزاز كثير من الإسرائيليين ، والغريب أن الحادثة لم تستثر نخوة الإعلاميين، ولا حرضتْ الموسوعات البلاغية للسياسيين الفلسطينيين، حتى أن الحادثة أثارت حاخاما لحركة ماسوراتي وهو أندرو ساكس فكتب في صحيفة جورسلم بوست يوم 24/8/2012 يقول:
"شارك في العملية أكثر من عشرين شابا على مرأى ومسمع من المتفرجين، وكان هناك من يردد:
إنهم عرب يستحقون، إن جماعة لهافا(1) التي تدعو لمنع اختلاط العرب بالفتيات اليهوديات، يطاردون الشبان العرب بالتهديد تحت شعار:
ابتعد عن الفتيات اليهوديات، فهن عرضنا! ويضيف الحاخام:
إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن 68% من اليهود يرفضون العيش في مكان واحد مع العرب، وإن 46% من اليهود لا يسمحون لعربي بأن يدخل بيوتهم، وأن 50% من طلاب المدارس العليا لا يوافقون على مساواة العرب بهم!!"
(1)
(جماعة لهافا هي حزب حريدي شبابي من أنصار حزب كاخ المنحل بزعامة المتطرف مائير كاهانا الذي اغتيل في ستينيات القرن الماضي، وهو يدعو لترحيل وطرد كل العرب من إسرائيل، وتقوم الجماعة المتطرفة بأنشطة أخرى في تل أبيب والقدس، وأبرز أنشطتها مطاردة العمال الإفريقيين وحرق منازلهم، وهناك ارتباط بين هذه الجماعة وعصابات دفع الثمن التي تنفذ عمليات التهديد والضرب والقتل والتهجير بحق الفلسطينيين)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق