أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
في الأحداث الجارية حاليا في مصر - والتي يقزمها البعض بكثرة الحديث عن الإخوان،وكأنهم هم القضية،وكأن 52% الذين صوتوا للدكتور محمد مرسي كلهم من الإخوان .. وهذا شرف لا يدعيه الإخوان أنفسهم – نحتاج إلى أن نلقي نظرة على التأريخ .. لا أدري لماذا ننسى أن مصر – واقعا – كانت تحت حكم (العسكر) من اللحظة التي سقط في الحكم الملكي ؟!! هل (البزة) الكاملة وربطات العنق أنستنا أن من يرتدونها مجرد (عسكر)؟!!
نظرة خاطفة على حكام مصر من سنة 1952 تقول لنا التالي .. حكم مصر كل من :
للواء أركان حرب : محمد نجيب (1901 / 1984م) حكم من 18 يونيو 1953 حتى 14 نوفمبر 1954 ) وضع تحت الإقامة الجبرية 30 سنة.
البك باشي( المقدم ) : جمال عبد الناصر ( 15 يناير 1918 / 28 سبتمبر 1970 م ) حكم من 1954 حتى 1970م
العقيد محمد أنور السادات ( 25 ديسمبر 1918 / 6 أكتوبر 1981 م ) حكم من 28 سبتمبر 1970 حتى 6 أكتوبر 1981م
فريق أول طيار محمد حسني مبارك ( 1928 / ؟؟؟) حكم من 14 أكتوبر 1981 حتى 11 فبراير 2011
كيف كانت الحياة السياسية في مصر قبل 1952؟ .. بطبيعة الحال كانت هناك أحزاب سياسية تتنافس على الحكم .. بغض النظر عن قناعتنا الشخصية في ما يتعلق باللبرالية .. كانت في مصر لبرالية يلتف فيها اللبراليون خلف حزب (الوفد) .. ويصوت المسلم للقبطي دون حرج .. ينقل الاستاذ محمد جلال كشك عن الدكتور ميلاد حنا،في كتابه"نعم أقباط ولكن مصريون" حديثه عن (سيطرة رجال الدين على الجماهير القبطية ليس دينيا فحسب بل سياسيا. ذلك أنه بعد تصفية نظام عبد الناصر للقيادات السياسية والعمل السياسي بالقضاء على مظاهر الحياة اللبرالية،انتقلت قيادة الأقباط من رجال السياسة إلى رجال الكهنوت. (..) وبينما ينتقد الدكتور ميلاد حنا هذه الظاهرة يبررها الممثل السابق لمجلة المخابرات الأمريكية {يقصد الدكتور غالي شكري - محمود} كما سنرى إذ يقول : "إن إلغاء الحياة الحزبية في العهد الناصري قد دفع بالقواعد القبطية لحزب الوفد إلى اعتبار الكنسية هي"حزبهم الجديد"){ص 43 ( ألا في الفتنة سقطوا) / محمد جلال كشك / القاهرة / مكتبة التراث الإسلامي / الطبعة الأولى / 1412هـ = 1992م}.
كان في مصر دستور لافت للنظر – تمناه أسامة أنور عكاشة .. حتى لو عادت الملكية – أي دستور 1923 ومن مواده .. تنص ( المادة "3"- من الباب الثاني – : على أن المصريين لدى القانون سواء،والمادة 4 : الحرية الشخصية مكفولة،والمادة 5 : لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا وفق القانون،والمادة 6 : لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على القانون (..) ويتضمن الباب الثالث السلطات وتنص المادة 23 على أن"جميع السلطات مصدرها الأمة"(..) والمادة 48 "الملك يتولى سلطته بواسطة وزرائه"(..) والمادة 59 "لا يلي الوزارة أحد من الأسرة المالكة") .
جاء (العسكر) فحطموا كل ذلك .. وبدلا من أن يكون المصري محميا بالقانون .. أصبح الأمر بيد (الباشا) الضابط .. وعاثوا في الأرض فسادا .. ويحدثنا عادل حمودة في كتابه (كيف يسخر المصريون من حكامهم) عن نكتة تعبر عن تضجر الشعب من سيطرة الضباط .. تقول النكتة .. أن ضابطا (عاكس) سيدة فصفعته .. فانقض عليه أحد الاشخاص صفعا وركلا .. اقتيد الجميع إلى القسم .. سئلت المرأة : لماذا صفعت الضابط؟ أجابت لأنه (عاكسني). سئل الرجل لماذا صفعته؟ فأجاب : افتكرت انو حصل انقلاب وبيلطشو في الضباط!!
ويحدثنا الأستاذ أحمد منصور عن التنظيم الذي أنشأه (عبد الناصر) .. أي "التنظيم السري الطليعي" ..(الذي أسسه جمال عبد الناصر في العام 1963،ليكون جهازه السياسي داخل منظومة الدولة (..) كان هذا التنظيم سريا حتى أن أمين عام الاتحاد الاشتراكي آنذاك حسين الشافعي لم يحضر الجلسة التحضيرية،وطلب عبد الناصر من الحضور أن يبدأ كل منهم بتشكيل خلية سرية من عشرة أفراد،وكان يوافق بنفسه على كل عضو في التنظيم الذي تشير عدة مصادر إلى أن عدد أعضائه وصل ثلاثين ألفا شكلوا عصب الحكم في مصر حتى سقوط حسني مبارك في 11 فبراير 2011 بل إن أعضاء التنظيم لا زالوا يتغلغلون في أركان الدولة حتى الآن،وربما آتي على ذكر كثير من الأسماء اللامعة التي انتمت للتنظيم السري الطليعي على رأسها معظم رؤساء حكومات مصر والوزراء طيلة الخمسين عاما الماضية،وقد اخترق التنظيم كما يقول أحمد حمروش كل منظومة الدولة بما فيها الجيش وكان مسئول التنظيم في الجيش آنذاك هو شمس بدران نجم هزيمة 1967،ما يهمني هنا هو التنظيم السري الطليعي داخل منظومة القضاء ){أحمد منصور / مقالة : "التنظيم السري لجمال عبد الناصر داخل القضاء" : نقلا عن : رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية}.
وبعد .. لقد كان العسكر الذين حكموا مصر أحد وجهي العملة في إفساد مصر،وإخراجها من خطها المدني .. أما الوجه الآخر فهو نوع من المثقفين الذين وصفهم الدكتور جلال أمين بقوله :
(إن كثيرين ممن استعانوا بهم في تلك الأيام والأيام التالية ( بعد هزيمة 67 – محمود) كانوا من النوع الذي لا يؤمن بشيء على الإطلاق،ألقوا محاضرات على الشباب في الاشتراكية في ذلك الوقت،أي في منتصف الستينات،ثم ألقوا محاضرات وكتبوا مقالات في التنديد بالاشتراكية في السبعينات،وأصبحوا وزراء في الثمانينات أو التسعينات){ ص 183 (ماذا علمتني الحياة؟) / د.جلال أمين /القاهرة/دار الشروق / الطبعة الرابعة / 2008م}.
انظر حولك .. ستجد احفاد هؤلاء .. ممن بكوا على (مبارك) قبل خلعه .. ثم مجدوا (الثورة) بعد ذلك .. وهاهم يصفقون للعسكر حين انقضوا على أول حاكم مدني لمصر .. منذ تنازل الملك فاروق عن الحكم !!
تحالف (العسكر) و(المنافقين) ... وأخطبوط (التنظيم السري الطليعي) .. أنجب مصر الضعيفة .. مصر التي تنهشها البطالة .. والأمراض ... مصر (الكنز الاستراتيجي للصهائنة ) .. مصر الفقر .. كيف لا ينهشها الفقر ... وقد جاء العسكر .. وحسب (هاشتاق:"وسم") ( من_جرائم_انقلابات_مصر : عندما تولى عبد الناصر كانت عدد من الدول منها بريطانيا مستدينة من مصر وعند موته كانت ديون مصر الخارجية تسعة مليارات جنيه + وعند مقتل السادات كانت ديون مصر عشرون مليار جنيه وعند خلع حسني كانت ديون مصر ترليون وثلاثمائة وعشرة مليار جنيه).
ألا تكفي ستة عقود من حكم العسكر؟!
بطبيعة الحال لن يقبل العسكر – اختيارا – أن (يفطموا) أنفسهم عن السلطة .. ومنافعها .. وكما قال الدكتور مصطفى سالم :
(لم يدرك أي طرف سوى المؤسسة العسكرية إن ترسيخ التجربة الديمقراطية في مصر سيكون على حساب نفوذ الجيش بحيث يكون دوره وميزانيته تحت إشراف الحكومة وبشكل شفاف.)
تلويحة الوداع : نستعير من الرئيس هوجو تشافيز قوله عن سبب مشاكل فنزويلا .. فنقول أن مشكلة مصر .. بعدها عن الله .. وقربها من إسرائل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق