قدمت الكرامة إلى الأمم المتحدة 261 حالة وفاة موثقة في صفوف المتظاهرين، وأشارت إلى واجب تحمل صناع القرار، بما في ذلك رؤساء الأجهزة الأمنية والسلطات المدنية، المسؤولية الجنائية في حالات استمرار الاستخدام المفرط للقوة.
أبلغت الكرامة اليوم الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة عن حالات وفاة موثقة ذهب ضحيتها 152 متظاهرا، في الفترة ما بين 26 و 27 تموز/ يوليو 2013، هذا الأسبوع. وبإضافة حالات الإعدام خارج نطاق القضاء الـ109 السابقة التي وثقتها منظمة الكرامة، يرتفع عدد الأشخاص الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن منذ إقدام الجيش على الإطاحة بالرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو، إلى ما لا يقل عن 260 ضحية. وفي ضوء التصريحات الخطيرة الأخيرة التي أدلت بها السلطات المصرية، تعرب الكرامة عن قلقها إزاء سعي قوات الأمن فض بالقوة المظاهرات الاحتجاجية، المعارضة للإطاحة بالرئيس مرسي على أيدي الجيش، وتدعو الكرامة هذه السلطان إلى تقديم تعهدها باحترام الحق في الاحتجاج سلميا والحق المطلق في الحياة.
في 27 تموز /يوليو 2013، قُتِل 140 متظاهرا على الأقل في القاهرة خلال تجمع حاشد معارض لإطاحة الجيش بالرئيس مرسي. وفي اليوم نفسه، لقي 12 شخصا آخرا نفس المصير في الإسكندرية. وقُدِمت معلومات إلى المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء التابع للأمم المتحدة، عن هذه الحوادث وعما خلفته من قتلى، وقد تم تجميع هذه المعلومات عن طريق إفادات لشهود عيان وأسرهم، فضلا عن شهادات وفاة تبين أن عمليات القتل تمت بواسطة الذخيرة الحية.
وقد التمست الكرامة في رسالتها الموجهة إلى المقرر الخاص دعمه ضمان إجراء تحقيقات في هذه الأحداث، ومنع المزيد من إراقة الدماء. وتجدر الإشارة أن الكرامة سبق لها أن قدمت حالات وفات موثقة ذهب ضحيتها 109 متظاهرا بين 3 و 8 يوليو 2013، ليرتفع بذلك عدد القتلى الى 260 متظاهرا على الأقل، إلى جانب إصابة العديد منهم، من المرجح وفاة بعضهم متأثرين بإصابتهم البليغة. ونشير بالنسبة إلى هذه الحالات، أن صناع القرار، بما في ذلك رؤساء الأجهزة الأمنية والسلطات المدنية، يتحملون المسؤولية الجنائية عنها.
وفي هذا السياق، تعرب الكرامة عن بالغ قلقها إزاء التصريحات التي أدلت بها السلطات المصرية بشأن عزمها القيام قريبا بفض الاحتجاجات، علما أن مجلس الوزراء المؤقت قد أعطى تعليمات يوم الأربعاء 31 يوليو 2013 إلى قوات الأمن لـ"إنهاء" الاعتصامات وإخلاء ميداني رابعة العدوية والنهضة، باعتبارهما "تهديدا للأمن القومي".
وفي يوم الخميس 1 أغسطس 2013، دعا المتحدث باسم وزارة الداخلية إلى فض الاعتصامات، حيث يرتقب أن تقوم الشرطة "باتخاذ كل التدابير اللازمة لفض الاعتصامات في ميداني رابعة العدوية والنهضة"، مع تقديمها "الخروج الآمن" للذين يستجيبون للدعوة. وذكر البيان الأخير الصادر يوم الأربعاء 7 اغسطس باسم الرئيس المؤقت عدلي منصور، أن الجهود الدبلوماسية قد فشلت واعتبر أن الاعتصامات "غير سلمية"، دون أن يقدم أي دليل على ذلك، كما صرح رئيس الوزراء حازم الببلاوي للتلفزيون الحكومي أن قرار إخلاء الاعتصامات قرار "لا رجعة فيه"، وسيبدأ تنفيذه في أي وقت.
وفي هذا الصدد تذكر الكرامة بأن مصر ملزمة باحترام حق الجميع في المشاركة في التجمعات السلمية، على النحو المبين في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبضرورة الامتناع عن فرض قيود تعسفية على المظاهرات، مع تجنب التمييز لأسباب تتعلق بالرأي السياسي أو الديني، ويجب أن تكون هذه القيود ضرورية ومتناسبة على حد سواء، كما يجب أن تكون القرارات المتعلقة بحظر أو فض المظاهرات مفتوحة للمراجعة القضائية.
وإذ تصرح السلطات أنها تلقت شكاوى من مواطنين تفيد بأن التظاهرات في القاهرة تحول دون وصولهم إلى المباني حول ميداني الاعتصام، ينبغي على المسؤولين عن إنفاذ القانون تجنب استخدام القوة، حتى ولو كانت هذه التجمعات غير قانونية، طالما كانت تتسم باللا عنف. وقد تم بالفعل الإبلاغ عن وقوقع اشتباكات دامية بين أنصار الرئيس مرسي والمقيمين في حي النهضة، وحي بين السرايا، يوم 2 يوليو ومنيال يوم 5 يوليو، في ضواحي القاهرة والجيزة، حيث أسفرت هذه الاشتباكات عن قتل أكثر من 20 شخصا، نتيجة تقاعس أجهزة الأمن في الاضطلاع بمهامها.
كما تشير تقارير لوسائل إعلام ومنظمات غير حكومية عن احتمال وقوع جرائم، بما في ذلك عمليات تعذيب واختطاف، من قبل أفراد كانوا موجودين في مواقع الاحتجاجات، كما ذكر شهود عيان أنهم شاهدوا اسلحة بهذه الأماكن. وتذكر الكرامة أنه يتعين على الأجهزة الأمنية في هذه الحالات، حماية المتظاهرين السلميين، وبأن تقوم في حال وقوع أعمال عنف، بالقبض على المسؤولين عنها ومحاكمتهم وفقا للمعايير المحلية والدولية. غير أنه يتعين على الأجهزة الأمنية عدم معاملة المظاهرات بكاملها على أنها عنيفة، عند ارتكاب هذه الاعمال من قبل عدد محدود من المشاركين فيها، دون ان يشكل ذلك تبريرا لأعمال العنف أو مبررا للدعوة إلى العنف، وبناء عليه فإننا نحث بقوة جميع الأطراف لضمان استمرار سلمية هذه الاحتجاجات.
في أي حال، ينطبق وفقا للأحكام العامة المنصوص عليها في مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين المعتمدة في سبتمبر 1990، مبدأ ضبط النفس والعمل على التقليل إلى أدنى حد من الأضرار والإصابات، كما يجب ضمان توفير المساعدة والإسعاف الطبيين لجميع المتضررين، وإبلاغ أقاربهم أو الأصدقاء المقربين منهم، بأي معلومات عن صيرهم ومكان وجودهم.
وفي حالة التجمعات التي تتسم بالعنف، يجب حصر استخدام الأسلحة النارية فقط عندما تفشل غيرها من الوسائل الأقل خطورة في إنجاز المهمة، وفقط بالحد الأدنى الذي لا مفر منه؛ وكذا في حالة الدفاع عن النفس والدفاع عن الآخرين المعرضين للموت أو لإصابات خطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة خطيرة تشكل تهديدا للحياة، أو من أجل القبض على شخص يشكل مثل هذا الخطر في حالة مقاومته عملية القبض عليه، إذا تعذر استخدام أي وسائل أخرى أقل خطورة. وبناء عليه يجب على القادة، وصناع القرار تأكيدهم على هذه المبادئ عند تعميمها على جميع الموظفين.
كما تحث الكرامة السلطات المصرية، بدلا من محاولة فض الاحتجاجات السلمية، بأن تركيز على الجرائم التي ارتكبها المتظاهرون بصفتهم الفردية وإيجاد السبل المناسبة لضمان وصول القاطنون بهذه الأحياء إلى منازلهم.
وفي هذا الصدد قال رشيد مسلي، مدير القسم القانوني في منظمة الكرامة أنه "سيتم الحكم على النوايا الديمقراطية المعلنة من قبل السلطات بناء على مدى احترامها حقوق الإنسان لجميع المصريين." مضيفا أنه "يجب على السلطات أن تدرك أنه سيتم مساءلتها وتحملها المسؤولية في حالة اقترافها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان." مذكرا "أن الحق في المشاركة في الاحتجاجات السلمية يمثل أحد العناصر الأساسية للديمقراطية، الذي يجب تطبيقه دون تمييز، على أساس الآرء السياسية للمتظاهرين."
لمزيد من المعلومات:
باللغة العربية، يرجى الاتصال بالسيد رشيد مسلي، مدير القسم القانوني
– 0041 78 719 31 46 rachid.mesli@alkarama.org
وباللغة الإنجليزية: الاتصال بالسيدة نعومي كروتاز، المسؤولة عن قسم حقوق الإنسان
– 0041 79 685 63 81, n.crottaz@alkarama.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق