03 يوليو 2012

مقارنة بين مهاتير محمد ونورى المالكى



شتان بين رئيس وزراء حول ماليزيا من فأر الى نمر.. ورئيس وزراء حول العراق من نمر الى فأر!!!

شبكة البصرة
د. مؤيد المحمودي
نشأ مهاتير محمد في قرية صغيره بماليزيا وهو الأبن الأصغر لتسعة أشقاء، وكان راتب والدهم المعلم في المدرسه الابتدائيه لا يكفي لتحقيق حلم ابنه الصغير في التعلم.. فيضطر مهاتير للعمل كبائع للموز في الشوارع.. كي يحقق حلمه، ويدخل كلية الطب في سنغافورة المجاورة... ليتخرج منها عام 1953 ويعمل طبيباً في الحكومة الإنكليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت ماليزيـا في عام 1957. فبادر الى فتح عيادته الخاصة التي خصص نصف ريعها للكشف المجاني على الفقراء.. وبهذا كسب محبة الناس. و فاز بعضوية مجلس الشعب عام 1964، ليخسر مقعده بعد خمس سنوات، مما حثه في عام 1970 للتفرغ الى تأليف كتاب عن مستقبل ماليزيا الاقتصادي... وهذا ما ساعد في اعادة انتخابه كسيناتورا في عام 1974...
بعدها تم اختياره وزيراً للتعليم في عام 1975، ثم مساعداً لرئيس الوزراء في عام 1978، ثم رئيساً للوزراء في عام 1981، لتبدأ بعدها النهضة الشاملة لمالبزيا في فترة حكمه التي قال عنها في كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي.. وكانت تستند على أسس علميه مدروسه جيدا شملت الخطوات الرئيسيه التاليه:

أولاً: رسم خريطة طريق لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات.. وبعد 20 سنة.. حتى عام 2020!!!
ثانياً: قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة، وبالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل للحرفيين.. والتربية والتعليم.. ومحو الأمية.. وفي البحوث العلمية.. كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية..
ثالثاً: أعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلى النهضة الشاملة، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا بقطاع الزراعة.. فغرسوا مليون شتلة نخيل زيت في أول عامين من فترة حكمه لتصبح ماليزيا أولى دول العالم في إنتاج وتصدير زيت النخيل.

وقد حققت هذه الخطه الاقتصاديه بداية نجاحاتها في قطاع السياحة،.فكان الهدف في عام 1981 أن تزداد واردات هذا القطاع خلال عشر سنوات الى 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار، لتصل واردات السياحه الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً. وفي قطاع الصناعة حققت ماليزيا عام 1996 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة في الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية. وفي النشاط المالي.. فتح مهاتير الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية. وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم، بالاضافة الى بناء العديد من المطارات الكبيره وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين والمقيمين والمستثمرين الذين أتوا من كل بقاع الأرض.
وباختصار.. فقد استطاع مهاتير خلال الفتره من عام 1981 إلى عام 2003 أن يقود نهضة شاملة في بلد تقطنه 18 ديانة مختلفه لتشمل جميع القطاعات الاجتماعيه والثقافيه والاقتصاديه وتصبح ماليزيا على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من 100 دولار سنوياً إلى 16 ألف دولار سنوياً.. وأن يرتفع الاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، رغم أن عدد النفوس في ماليزيا قد تضاعف في نفس هذه الفتره من الزمن.
كما ان التأريخ سوف يسجل لهذا الرجل عدم اعترافه باسرائيل وقد ظل دائما ينتقد نظام العولمة الغربي بشكله الحالي الظالم للدول النامية، و هولم ينتظر المعونات الأمريكية أو المساعدات الأوروبية، ولكنه اعتمد على الله، ثم على إرادته، وعزيمته، وصدقه، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه في تحقيق الانجازات العظيمه لبلده.
ورغم نجاحه في تحويل ماليزيا من فئر الى نمر أسيوي، لم يفكر مهاتير محمد في التمسك بكرسي الحكم حتى آخر نفس (اعتماداعلى قاعدة أخذناها وبعد ماننطيها) أو يطمع في توريثه لأبنائه أو لأحد من أقاربه... بل على العكس من ذالك قرر بإرادته المنفردة في عام 2003 أن يترك الحكم، رغم كل المناشدات، ليستريح تاركاً لمن يخلفه خطة عمل اسمها « عشرين... عشرين » أي شكل ماليزيا عام 2020 والتي يتوقع من خلالها أن يصبح هذا البلد رابع قوة إقتصادية في آسيا بعد الصين، واليابان، والهند.
بالمقابل تتحدث السيره الذاتيه لنوري كامل المالكي رئيس الوزراء الحالي في العراق عن حصوله على شهادة البكالوريوس من كلية أصول الدين في بغداد، وشهادة الماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين الكرديه في أربيل تحت اشراف السياسي الكردي فؤاد معصوم!!!!! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا اختار نوري المالكي جامعة كرديه لدراسة الماجستير في موضوع عن اللغة العربيه وترك كل الجامعات العربيه المتخصصه في هذا المجال، الا اذا كان في الأمر شيئا من التسويف تتعلق بطريقة منحه هذه الشهاده. وهذا ليس مستبعدا على أركان هذا النظام الحاكم فتشير إحصائيات هيئة النزاهة العراقية الى وجود اكثر من عشرين ألف شهاده مزوره للمسؤولين الحاليين الذين يشغلون مناصب اداريه في الدولة.
لقد انتمى نوري المالكي الى حزب الدعوه الاسلامي عام 1970 وفي فنرة قصيره لم تتجاوز ال 8 سنوات أصبح من القيادبن في الحزب المذكور. ويحمل هذا الحزب أهدافا تجمع بين الدين والسياسه، أهمها هو بناء الدولة وفق مفاهيم واحكام طائفيه تتولى قيادتها المرجعية الشيعيه وهو يدعو الى استخدام اساليب جديدة في تقييم المسائل السياسية وتغطيتها برداء ديني. ويطمح هذا الحزب الى تغيير الافكار السائدة في المجتمع من خلال نشر الافكار الاسلامية ومحاربة الأفكار القومية والاشتراكية. كما أن فكره قد استند بشكل أساسي على اتباع سيرة ال البيت , واقامة الشعائر والطقوس الدينية المتعلقه بمناسية ميلادهم ووفاتهم بحيث أصبحت هذه الطقوس هي المحور الرئيسي لمسار هذا الحزب الطا ئفي وتطلعاته السياسيه لمنافسة الأحزاب العراقية الأخرى وعلى رأسها حزب البعث العربي الاشتراكي. ولتحقيق هذه الغايه استغل حزب الدعوة قسم من الشعائر الدينيه المتعارف عليها لدى بعض الشيعه البسطاء مثل حادثة قدوم الامام الحسين من المدينه المنورة الى كربلاء لمناصرة المظلومين انذاك وما رافق هذه العملية من مأساة خذلانه ثم مقتله في كربلاء. فوظفت هذه التراجيديا وشعائرها واغرقت تلك القصة بالنواح والبكاء والاعلام السوداء , و ضخمت بمشاهد بانوراما مسرحيه تروى طريقة اجتزاز رقبة الحسين , واستعملت ادوات بدائيه مثل الزنجيل والتطبير للمبالغه في اظهار مشاعر الحزن على مقتله. ثم تلقفت ايادي المعممين من هذا الحزب قصة مقتل الامام الحسين وأخذت تنسج خرافاتها عن تلك الواقعه وكأنهم قد امتلكوا كامرات خفيه كانت تصور حادثة المقتل لحظه بلحظه.  وبذالك عملوا على تشويه الدوافع النبيله لقضية الحسين وحولوها بمرور الزمن الى مادة دسمه لتعميق الصراع الطائفي واحداث شروخ في المجتمع الاسلامي الواحد. كما حاول حزب الدعوه أن يستغل تلك الواقعة التي حدثت قبل 14 قرنا لكي يبني منها مجدا سياسيا على حساب بعض البسطاء من الناس الذين تم اخضاعم الى دوامة أبديه من الحزن والشعور بالذنب على مقتل الحسين.فأصبحت شعائر المقتل وطقوسه هي مصدرالثقافه الدينيه الأول لهؤلاء الناس البسطاء عوضا عن اعتماد المبادئ العظيمه للدين الاسلامي كمصدر ثقافي لهم. ورغم هذا الدجل والشعوذه الدينيه التي مارسها حزب الدعوه الا أن هناك عاملان قد ساعدا في السابق على بروزه كحزب سياسي في العراق. وهذان العاملان يتمثلان في القسوة المبالغه التي مورست ضد كوادر هذا الحزب والتي أدت الى ظهور بعض التعاطف معه كرد فعل سلبي لتلك الممارسات المتشنجه. يضاف الى ذالك احتضان ايران ودعمها لهذا الحزب خاصة أبان الحرب العراقيه الايرانيه و التي استفادت بدورها من نشاطه كطابور خامس شأنه شأن الأحزاب الطائفيه الاخرى. وانسجاما مع هذا التدخل المباشر في شؤون الحزب فقد عمدت ايران على تعزيز القيادة العليا لحزب الدعوه المكونه من 9 أعضاء، ب 6 أعضاء ممن يحملون الجنسية الايرانيه بما فيهم محمد مهدي علي صادق الآصفي- امين عام الحزب انذاك.ولولا هذان العاملان الذان أمداه بطوق النجاة لكان حزب الدعوه قد انحل و تلاشا عن الساحة السياسية العراقيه بسبب الانقسامات المتكرره التي عانا منها.
وفي الأونة الأخيره قدمت ايران دليلا اضافيا أخرعلى رغبتها في الاستمرار ببسط النفوذ المباشر على هذا الحزب خاصة و على باقي المؤسسه الدينيه الشيعيه في العراق بشكل عام، وذالك من خلال فرضها للشاهرودي الايراني الجنسيه كمرجع لحزب الدعوه في النجف عقب وفاة مرجعه السابق محمد حسين فضل الله.
ومن المعروف عن الشاهرودي انه يحمل عدة مناصب عليا في ايرانن، على النحو التالي:
1 ـ رئيس لجنة حل الاختلاف بين السلطات الثلاث (التنفيذية والقضائية والتشريعية)
2 ـ نائب رئيس مجلس الخبراء (هذا المجلس يعين و يشرف على عمل القائد)
3 ـ عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام (هذا المجمع متشكل من السلطات الثلاث بالاضافة الى اشخاص يعينون من قبل القائد و مكانة هذا المجمع ياتي بعد القائد)
4 ـ مستشار القائد العام

ومن خلال نظره بسيطه الى المراحل التربويه التي مر بها نوري المالكي يتضح بأن طريقة تحصيله الدراسي و تجربته الحزبية الضيقه في اطارحزب الدعوه الطائفي لم تكن كافيه لايصاله الى النضج الفكري والسياسي المناسبان كما حصل مع مهاتير محمد، كي يرتقي المالكي الى المستوى القيادي القادر على بلورة حركة نهضه شامله في العراق. وقد انعكس هذا النقص التربوي في المؤهل القيادي للمالكي بشكل واضح على ادارته للحكم خلال فترة تسلمه رئاسة الوزراء لمدة 6 سنوات والتي وجد نفسه فبها مححشورا في دائره مغلقه من ثقافة الحقد والكراهيه و الانتقام من المعارضين الأخرين. ذالك أنه أصبح أسيرا للأفكار الطائفيه المتطرفه التي ترعرع فيها فجعلت انتمائه الطائفي يغلب على كل من انتمائه الوطني والقومي، و هذه الأولويه في الانتماء كان قد أقرها المالكي بنفسه عندما صرح الى أحد الصحفيين الأمريكان الذي طلب منه أن يعرف بنفسه فقال "أولا أنا شيعي وثانيا أنا عراقي، وثالثا أنا عربي ".وهذا الترتيب في الانتماء لم يأت عفويا، بل كان مقصودا لايصال وجهة نظر المالكي بأن الدولة أولا طائفية شيعية وثانيا عراقية وثالثا عربية.وهي أفكارنابعه من المبادئ العامه لحزب الدعوه التي تنحاز الى المفاهيم الطائفيه على حساب الفكر القومي والوطني. كما أن رغبة المالكي الشديده للتشبث بالحكم على ضوء مقولته المشهوده (أخذناها وبعد ماننطيها) جعلته يعيش في دوامه دائمه من عقدة المؤامره والتي اعترف بها مؤخرا الناطق باسم الحكومة علي الدباغ أثناء حضوره ندوة نظمتها مؤسسة تشاتام هاوس في لندن.حيث وصف الدباغ الوضع الحالي لرئيس الوزراء بأنه يمر بحالة من الهووس يشعر فيها بوجود مؤمرات تحاك ضده من جهات عدة و تسعى لإخراجه من السلطة. وهذا الهوس الناتج من محدودية الافق في التفكير، جعل المالكي يرتكب سلسله من الحماقات السياسيه بحق معارضيه ممن رفضوا العمليه السياسيه التي جاء بها الاحتلال أو حتى من بعض الجهات الأخرى التي شاركته في هذه العمليه السياسيه. فتارة يتحدث عن مؤامره بعثيه لقلب نظام الحكم ويزج بألاف الناس الأبرياء في السجون السريه لسنوات بلا محاكمه وتاره يتحدث عن عمليات تخريب متعمده من جهات مشاركه في السلطه مثل تهم الارهاب التي وجهها الى الدايني والهاشمي بعد أن انتزع اعترافات باطله من قوات الحمايه لهما. وفي هذا الخصوص يعتبر المالكي رئيس الحكومه الوحيد في العالم الذي يحتفظ بملفات لقضايا جنائيه تعود الى شركاؤه في الحكم وهي جاهزه لابتزازهم بها، فقط اذا ماأظهروا أي اختلاف في الرأي معه. متناسيا بذالك أن السكوت على مثل هذه الملفات الجنائيه لو كانت فعلا حقيقيه، يعتبر بحد ذاته خرقا للقانون ويستحق عليها المساءله.  اضافة الى ذالك فان اشغال أجهزة الدوله وأموالها في التفرغ الى معارضي سياسة المالكي والتي أدت الى تشريد كفاءات كثيره منهم أو زجهم في السجون، لابد وأن يحمل مردودا سلبيا على عملية بناء الدوله.
ان المالكي لم يفشل فقط في التخطيط لقيام نهضه جديده في هذا البلد، بل أنه عمل على اكمال الدور الأمريكي في تخريب ماوجد من نهضه كانت قائمه في العراق قبل عام 2003. فعند العوده الى الاحصائيات الرسميه يتضح أن فترة حكم المالكي لم تشهد تحسنا في البنى التحتيه التي دمرها الغزو الأمريكي للعراق (حسب تصريح وزارة التخطيط) والانقطاع الطويل للكهرباء خير مثال على ذالك. كما رافق هذا التباطؤ في تحسبن الخدمات حصول فشل في الخطة الخمسية الوطنيه، حسب البيانات المتعلقه بذالك و الصادره من الأمم المتحدة. والتي على أثرها صرح مدير البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة في العراق مؤخرا أن هناك إعادة صياغة للخطة الخمسية التي أعدتها الحكومة بالعراق في عام 2010 لعدم وجود إحصائيات وأرقام لقاعدة البيانات وغياب التعداد السكاني الدقيق للبلاد والذي تم مؤخرا تأجيله الى اشعار أخر بقرار رسمي حكومي.و يوجد حاليا 40 % من الشعب العراقي تحت مستوى خط الفقر (حسب إحصائيات وزارة حقوق الإنسان) علما أن الميزانية السنويه للعراق تقارب ال 112 مليار دولار، تذهب أكثر من 7 مليارات منها كنفقات غير خاضعه للرقابه الى مكتب رئيس الوزراء وهي تعادل تقريبا ميزانية العراق في فترة ما قبل الحصار الاقتصادي. علما ان اتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء في زمن الحصار والتي خصصت الامم المتحدة فيها 1،8 مليار دولار سنويا فقط للحصة الغذائيه، كانت كافيه لأن تصل الى أقصى مكان في العراق وبضمنها محافظات الحكم الذاتي، بينما يخصص اليوم 6 مليارات دولار لنفس الحصه المذكوره لكنها غير متوفره لدى جميع السكان. هذا وقد تحدثت وزارة التخطيط في حكومة المالكي عن نسب الحرمان ومستوى الفقر المرتفعين في العراق، فوضحت أن معدل الحرمان في الجانب الصحي بلغ 29%، والتعليم 29%، والسكن 24%، والوضع الاقتصادي للفرد العراقي 31%، والامن الاجتماعي 22%. بينما قدرت عدد العوائل المحرومة في العراق بمليون و32 الف عائلة، نصفها من العوائل التي تسكن الريف، وتتصدر شريحة الاطفال النسبة الاكبر من المحرومين بنسبة 46%، وهناك 76 % من المحرومين لم يلتحقوا اطلاقاً بالمدارس.
وقد عزا رئيس ما تسمى لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية تفاقم نسب العوائل العراقية المحرومة التي تعيش تحت خط الفقر الى غياب الاصلاح الاقتصادي و العجز حكومي عن مواجهة اتساع رقعة الفقر الشديد.
و بعد أن كان العراق قد محي الأمية نهائيا ً في العام 1977 حسب شهادة منظمة اليونسكو الرسمية عندما أشادت بتوجه العراق لمحو الأمية في حينها وطالبت بتطبيقها على دول الجوار وبقية دول العالم النامية، عادت نفس المنظمه للتحدث حاليا عن انحدار مستوى التعليم الجامعي والأساسي (الابتدائية , المتوسطة , الإعدادية) ووصل الأمر إلى قيام هذه المنظمة الدولية بعدم الاعتراف بالشهادات الجامعية والعليا التي تصدرها المؤسسات التعليمية الجامعية في العراق.وفي هذا الخصوص اعترفت مديرية تربية محافظة واسط مؤخرا بأن أكثر من 100 مدرسة في المحافظة لا تصلح أطلاقا لأحتواء الطلبة وأنجاز العملية التعليمية لانها مبنية من الطين وجزء منها آيل للسقوط. أما في الجانب الاجتماعي فتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة شؤون المرأة العراقية الى وجود مليون أرملة عراقية و أربعة ملايين طفل عراقي يتيم , علما أن الأرامل هم المسؤولون عن اعالة ربع الأسر العراقية. كذالك يوجد حاليا أربعة ملايين ونصف مواطن مهجر خارج العراق (حسب إحصائيات المتقدمين إلى جوازات فئة (ج) لدى مديرية الجوازات العامة) بالاضافة الى مليونان ونصف مواطن مهجر داخل العراق (حسب إحصائيات وزارة الهجرة والمهجرين).وفي القطاع الصحي كان العراق يعتبر من البلدان الخالية من أمراض التدرن والملاريا و من الدول الأمنه حسب منظمات الصحة الدولية....كما كانت لديه مكانة جيدة في مستوى تقديم الخدمات الصحية المجانية للمواطن العراقي....أما في الوقت الحاضر فان البلد يعاني من نقص كبير في الكفاءات الطبيه بعد أن هاجر منهم أكثر من 70 % الى خارج العراق و فقدت أعداد كثيره أخرى بين قتيل وسجين ومجتث ومهجر، كما تم نخريب أو سرقة معظم المستشفيات الحكوميه. وأدى هذا النقص الى انتشار الأوبئة والامراض المعدية في جميع مناطق العراق ومنها انتشار الكوليرا والجمرة الخبيثة والتهاب الكبد الفايروسي والحصبة والخناق وتفاقم حالات التدرن ومرض الايدزالذي سجل76000 حالة من المصابين بعد أن كانت لا تتجاوز114 حالة قبل الاحتلال (حسب الإحصائيات المسجلة الرسمية لدى وزارة الصحة). كما سجلت حالات انتشار المخدرات المستوردة من ايران بين طبقة الشباب نسبا مخيفة، والتي كان يخلو منها العراق سابقا(إحصائيات ومركز مكافحة المخدرات والإدمان الكحولي في وزارة الصحة). ورغم الحصار فان القطاع الزراعي قد شهد قبل 2003 شبه اكتفاء ذاتي في معظم المحاصيل الزراعيه. حيث وصل انتاج الحبوب الى 3. 5 مليون طن سنويا وبفائض مليون طن عن حاجة القطر للثلاث السنوات السابقة للاحتلال فتم تصديرقسم منه الى دول الخليج العربي. و اليوم تراجع الانتاج الزراعي المحلي بشكل كبير وأصبحت الملوحة تهدد الأراضي الزراعيه في وسط العراق وجنوبه وبالتالي تحول العراق من منتج الى مستورد للمحاصيل الزراعيه. فأخذ يستورد البيض من أوكرانيا والتفاح من أمريكا والعنب من جنوب أفريقيا والطماطم من الأردن و يستورد البصل والبطاطا من السعودية و الباذنجان من الإمارات. وفي مجال القطاع النفطي اتخذت وزارة النفط العراقيه الحاليه من اسلوب الاعتماد على الكفاءات الأجنبيه أساسا في الصناعات النفطيه. وبذالك عمدت على تهميش الخبره الذاتيه للبلد في هذا المجال والتي تم بناؤها سابقا عبر عشرات السنين.و عوضا عن أن تقوم وزارة النفط ببناء وتطوير مصافي البلاد النفطيه، راحت تستورد مشتقات نفطية من ايران بما يصل لحوالي 4-5 مليار دولار سنويا.. و حسب أرقام وزارة التخطيط فقد تجاوزت فاتورة الأستيراد هذه منذ الأحتلال على ما يزيد عن 25 مليار دولار وهي تكفي لبناء مصافي حديثة تصل طاقتها لأكثر من مليون برميل يوميا.كما أن الغاز العراقي يتم حرقه ثم نأتي وزارة النفط لنستورد الغاز من ايران بمليارات الدولارات.أما على الصعيد الصناعي فقد صرح المستشار الأقتصادي لوزارة الصناعة الحالي بأن 192 شركة انتاج حكومية تضم 200 مصنع كبير ومتوسط والتي كانت توفر 250000 فرصة عمل، قد توقفت عن العمل بنحو تام. إذ تم تفكيك المكائن والمعدات والاجهزة الحديثة كافة لهذه المصانع كافة ونهبها ونقلها عبر الحدود البرية الى ايران. اما على صعيد القطاع الصناعي الخاص فقد توقف الانتاج في عموم المصانع الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة، مما تسبب في تسريح جميع المهندسين والعمال العاملين فيها لتزداد نسبة العاطلين عن العمل في البلاد الى 42% فاصبحت تمثل حالة اجتماعية واقتصادية كارثية. ومما زاد في تعميق الانهيار الاقتصادي لدى حكومة المالكي هو الفساد الكامل لهياكل الدولة ومؤسساتها الادارية والمالية والاجتماعية (بحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية).وأصبح هذا الفساد عمل جماعي منظم مرتكز على المحاباة السياسية الطائفية كنتيجة لظاهرة احتكار السلطة ومنح المناصب المهمه في الدولة بشكل خاص لأفراد معظمهم من أتباع النظام الإيراني ولا يملكون الخبرة والكفاءة العلمية ويفتقرون الى مبادئ الشعور بالمسؤوليه والغيره على مصالح هذا الوطن.
ان الوضع الأمني المتردي واعتماد المحاصصه الطائفيه على حساب الكفاءه و وهدر اموال الدوله بالفساد والسرقات وكذالك انعدام الانسجام السياسي بين مكونات العمليه السياسيه وتفضيل المصالح الذاتيه على المصلحه الوطنيه وغياب التوجيه القيادي المناسب لمفاصل الدوله الاداريه، كلها عوامل ساعدت على فشل حكومة المالكي في تقديم انجازات ملموسه تخص عملية بناء الدوله. وقد بدى هذا الفشل واضحا من خلال الوثيقه التي صدرت عن وزارة التخطيط في 2012/9/2 والموجهة لمجلس النواب بخصوص نسب الإنجاز لجميع الوزارات و المرافق الحكومية الأخرى. حيث وضحت هذه الوثيقه بصورة جليه مستوى الفشل الحكومي المخيف في جميع الجوانب الخدمية، علما بأن مجلس النواب كان قد صوت سابقا على وجوب إقالة المسؤول عن أي مرفق حكومي تكون نسبة إنجازه أقل من 60%. بينما تكشف الوثيقة المذكوره أن معدل نسبة الإنجاز الحكومي في سنة 2011 لم تتجاوز ال 27.55 % أي أقل من نصف النسبه المقرره في مجلس النواب مما يستدعي حل الحكومة وفقا للقانون و تشكيل حكومة جديدة.

لقد علمتنا تجربة المالكي في الحكم درسا بليغا مفاده أن الأفكار الطائفية المتطرفه و أمراض الحقد السياسي لا تبني وطنا كالعراق متعدد القوميات والأديان والأطياف والذي يغوص حضاريا 6 ألاف سنه في عمق التاريخ.. فقد شهدت فترة حكم المالكي الثقيله ظاهرة التخريب المنظم لاقتصاد البلاد وتحول العراق اقتصاديا ودوليا من نمر الى فئر، مما أدخل عملية بناء الوطن في نفق مظلم.....سوف لن يتم اخراجها منه الا عن طريق تلك القوه التي قهرت الأحتلال الأمريكي وأزاحته عن كاهل العراق.. لاشك.انهم رجال المقاومه الأبطال الذين سوف يقودون نهضة العراق بالإرادة والتسامح واحترام الرأي الاخر وتسخير جميع كفاءات المجتمع. ان الله يمهل ولا يهمل.... وان غدا لناظره قريب.
1 تموز 2012

ليست هناك تعليقات: