جمال سلطان
لا أعرف سببًا واحدًا منطقيًا أو قانونيًا أو حتى إنسانيًا لهذا التعتيم الذى تفرضه المؤسسة الأمنية فى مصر، على واقعة مقتل أو وفاة اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، وصاحب أطول فترة حكم وإدارة لجهاز المخابرات العامة المصرية، والذى يعتبر على نطاق واسع داخليًا وخارجيًا أنه الصندوق الأسود لفترة حكم مبارك بكاملها وخزينة أسرار الدولة وأسرار المنطقة العربية بأسرها، فعمر سليمان لم يكن يعانى من أى مرض خطير ولا غير خطير، وكان الرجل قبل ثلاثة أشهر فقط مرشحًا لرئاسة الجمهورية بما يعنى أنه مقبل على حياته وعازم على صراع سياسى ممتد وطويل وراغب فى إدارة دولة كبيرة بحجم مصر وكان مفعمًا بالحيوية والتفاؤل قبل أن ترفض أوراقه، ثم سفره المفاجئ قبيل ظهور النتائج النهائية لانتخابات جولة الإعادة وبعد أن تكشفت ملامح فوز الدكتور محمد مرسى، سافر الرجل إلى الإمارات فجأة ، دون أن نفهم لماذا، ولا لماذا الإمارات تحديدًا، هل كان له "بيزنس" خاص هناك، وهو ما يستدعى تدخل جهات التحقيق ومعرفة أصول هذا المال وحجمه، هل ذهب إلى هناك للعمل فى خدمة الأجهزة الأمنية الإماراتية، التى تعتمد على استئجار خدمات خبراء أمنيين من دول مختلفة مثل بريطانيا، وهو ما يستدعى أيضًا تحقيقًا لأن القواعد المرعية تمنع عمل من هو فى مثل حالته فى الخارج على الأقل لمدة خمس سنوات بعد تركه خدمته الرسمية، والأخطر من ذلك التحقيق فى ما تردد بقوة فى وسائل إعلام عربية وأجنبية من أن اللواء عمر سليمان كان يعمل مستشارًا أمنيًا لعائلة بشار الأسد، التى تعانى من ضغوط ثورة الشعب السورى الممتدة منذ أكثر من عام وتقترب من النصر وفرض إرادتها على ربوع وطنها وتحقيق حلم السوريين فى الحرية والكرامة والحياة الآدمية، فالتقارير المنشورة تؤكد أن عمر سليمان قتل فى التفجير، الذى وقع فى مبنى المخابرات السورية فى دمشق، والذى قتل فيه مجموعة من أرفع رجال الدولة السورية وقيادات المؤسسة الأمنية فيها، وأكدت مصادر عديدة أن جثة عمر سليمان كانت متفحمة، وأن سفره إلى الولايات المتحدة كان محاولة بائسة لإنقاذ حياته وربما للتعمية، وأنه وصل إلى أمريكا جثة بالفعل، وقد امتنعت الولايات المتحدة عن إصدار أى بيانات أو تعليقات عن طريقة دخول سليمان ولا نوعية التأشيرة، التى حصل عليها ولا أى معلومات ذات أهمية فى الموضوع، ثم أعلنت أمس الخارجية الأمريكية أن تأشيرة عمر سليمان ستبقى من أسرار الدولة ولا يمكن الكشف عنها، وهو ما يضفى المزيد من الشكوك حول فرضية مقتل عمر سليمان، وفى القاهرة ووفق معلوماتى، فإن هناك أكثر من بلاغ فى مكتب النائب العام تطالب بفتح تحقيق فى مقتل اللواء عمر سليمان وضرورة إخضاع جثته للطب الشرعى لمعرفة أسباب الوفاة، لأنه شخصية غير عادية، وبالغة الخطورة، غير أن أحدًا فى مصر لم يستجب لتلك النداءات الإعلامية والقانونية، وتحاشى الجميع أن يكشف عن أى ملابسات حول وفاة أو مقتل عمر سليمان، بل إن الذى يذهب بالعقل أن الدولة المصرية بكاملها حتى الآن لم تصدر أى بيانات رسمية حول طبيعة وفاة الرجل وأسبابها التى اطلعت عليها، ولم يتحدث أحد حتى الآن عن رؤيته لجثمان عمر سليمان، وهل كان محترقًا بالفعل، كما ذكرت الأنباء، أم غير ذلك، هناك إصرار على فرض حماية استثنائية على حادثة مقتل عمر سليمان، وهو ما يؤكد الشكوك التى تتردد بقوة الآن، والتى يضيف إليها البعض علامات استفهام حول مقتل أو موت ثلاثة من القادة السابقين لأجهزة استخبارات كبيرة فى المنطقة فى نفس الأسبوع، وهو أمر يستحيل أن يكون مجرد صدفة.
almesryoongamal@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق