19 يوليو 2012

الرئيس .. الأمريكان بقلم/ د. رفعت سيد أحمد




* ليس جديداً، القول بأن واشنطن، هي العدو الأول لأمتنا، وليس جديداً القول بأن هدفها الأسمى هو الحفاظ على أمن إسرائيل والتهب المنظم للنفط المتدفق من مشيخيات الخليج فاقدة الاستقلال والإرادة، وليس جديدا القول بأنها فوجئت (ببعض) ثورات الربيع العربي، مثل ا(لثورة المصرية)، فعملت على ركوب الباقي وأمركته، ثم اختراق تلك التي فوجئت بها، لتحولها إلى ثورة أمريكية ولكن بلحية، هذا ليس جديداً، فالأحداث والحقائق  المتلاحقة منذ 25 يناير 2011 وقبله أثبتته يقيناً، لكن الجديد هو أن يأتي من الرئيس الدكتور/محمد مرسي، وأن يكون الرجل قد قاله منذ أقل من عقد من السنين، واليوم يرتكب، هو وجماعته، نقيضه تماماً فيتحالف مع واشنطن، ويعترف ب(كامب ديفيد)، ويعمل على إعادة إنتاج نظام حسني مبارك ولكن بلحية إخوانية أو سلفية وهابية، شديدة التنافر مع التدين والثقافة الإسلامية المصرية الوسطية المعتدلة.

* مناسبة هذا القول هو أن بين أيدينا اليوم بحث قيم للدكتور/محمد مرسي، وهو غير منشور قدمه لمركز حوار للتنمية والإعلام في عام 2003 ضمن أعمال ندوة مهمة عن الهيمنة الأمريكية، البحث حمل عنوان (كيف تواجه أمتنا السياسة الأمريكية للهيمنة على العالم العربى والإسلامى؟) وكان وقتها الدكتور مرسي نائباً في مجلس الشعب، وكانت مواقفه وكلماته مثلها مثل مواقف الإخوان، ضد السياسات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية، فما الذي جري كي تتغير 180 درجة فيصبحوا (حلفاء؟) فيصافح هيلارى ويحتضن الصهيونى الامريكى جون ماكين ؟هل هي الرئاسة وشروطها المذلة؟ طيب.. أين القيم ؟وأين الجهاد ؟وأين الإسلام الذى رباهم عليه  الشهيد حسن البنا؟

* على أية حال، دعونا نقرأ ما سبق وقاله د. مرسي قبل  سنوات، ونقارنه بحاله وحال جماعته اليوم، ونقف على حجم التناقض السياسي المخيف الذي حتماً سيؤدي إلى تبعية مقننة و(متأسلمة) لواشنطن، وهي أشد سوءاً من التبعية العلنية التي كان ينفذها مبارك،فالأخيرة سهل الثورة عليها ،أما الثانية فالخروج عليها قد يعد كفراً ومعصية رغم إنها معصية فى مواجهة الشيطان الأكبر : أمريكا كما كانت تقول وتؤصل أدبيات الإخوان .

* في بداية بحثه يقول د. مرسي: احتلت منطقة الشرق الأوسط مكاناً بارزاً فى السياسة الأمريكية أخذ فى التصاعد منذ بداية علاقة الولايات المتحدة بها عقب الحرب العالمية الأولى ، حتى بدأت ترسخ أقدامها فيها لتستأثر بعد ذلك بما يعادل تسعة أعشار السياسة الأمريكية الخارجية .

وينطلق هذا الاهتمام الأمريكى الكبير بالمنطقة من اعتبار استراتيجية كبرى كانت تقوم إبان الحرب الباردة على ثلاث ركائز أساسية هى المصالح الأمريكية ومن أهمها النفط ، وأمن الكيان الصهيونى ، ومواجهة الخطر الشيوعى الذى كان يمثله الاتحاد السوفيتى السابق ، ثم تطورت هذه الاعتبارات الاستراتيجية لتنضم إلى قائمتها مواجهة المد الإسلامى ، وتدعيم الهيمنة الأمريكية على العالم انطلاقاً من هذه المنطقة الحيوية التى تعد المفتاح الرئيس لاستمرار الأحادية القطبية الأمريكية لتتربع واشنطن منفردة بدون منافسين قائمين أو محتملين على قمة النظام الدولى .

محاور العداء الأمريكي

ثم يقول: وانطلقت واشنطن لتنفيذ أهدافها الاستراتيجية الكبرى من خلال ثلاثة محاور رئيسة اختلفت أولوياتها تبعاً للظروف الدولية والإقليمية،فكان هناك المحور الجغرافى السياسى "الجيوسياسى" من خلال السيطرة على الثروات والموارد والأسواق والمواصلات وتدعيم العلاقات مع أنظمة الحكم فى المنطقة ، والمحور الثقافى الحضارى من خلال نشر قيم الثقافة الأمريكية التى بدأت بإرساليات التبشير الأمريكية وانتهت بمحاولة فرض الأمركة على المنطقة وإحداث تغييرات فى بنيتها الثقافية والفكرية ، فيما أطلق عليه " العولمة " و" تطوير التعليم " أما المحور الثالث فكان اللجوء إلى استخدام القوة بكافة أشكالها من عمليات استخباراتية ، وإنشاء قواعد عسكرية، ثم الاحتلال العسكرى وهذا ما يفرض ضرورة القيام بقراءة للسياسة الأمريكية فى المنطقة تتجاوز إلى حد ما الخضوع لضغوط الأحداث لإعطاء صورة متكاملة عن هذه السياسة التى أصبحت بعد احتلال العراق فاعلاً مؤثراً فى المنطقة .

أمريكا تريد الانفراد بالعالم والهيمنة

في موضع آخر من بحثه يقول د. مرسى: لقد أقامت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً ضد العراق فى ولوج سافر لمنطقة الخليج ، ثم قادت مؤتمر مدريد واتفاقات أوسلو فى سعى لتصفية القضية الفلسطينية ، واستطاعت واشنطن مع انهيار الاتحاد السوفيتى الذى فتح أمامها أبواب الهيمنة على العالم أن توظف الأزمات فى المنطقة وأن تستنبت المخاطر ، لتفكيك دول المنطقة خاصة فى الخليج وأن تعقد علاقات ثنائية بينها وبين كل واحدة على حدة ، كما استنبتت الخطر الإيرانى بعد الثورة الإيرانية وحشدت الخليجيين خلف النظام العراقى لقتال إيران ، ثم استنبتت الخطر العراقى بعد غزوه الكويت وكتّلت العرب وقوى دولية خلفها لقتال العراق وحصاره على مدى اثنتى عشرة سنة حتى انتهى الأمر بخضوع العراق للاحتلال .

إن إدراك التحركات الأمريكية الحالية فى منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم فى إطارها من الرؤية المتكاملة التى تتحرك فى إطارها السياسة الأمريكية والتى انتقلت فيه الولايات المتحدة فى إطارها من دولة عالمية كبرى إلى السعى لتكوين امبراطورية تتفرد بقيادة النظام العالمى، وهذه الإمبراطورية لا تعترف بسيادة الدول كما يقول وزير الخارجية الأمريكى الأسبق "هنرى كيسنجر" إن معنى سيادة الدولة قد تغير ، وإنه لا يكفى أن تكون الدولة مستقلة حتى يحق لها أن تكون سيدة مصيرها ، كما أن واشنطن ضاقت بالشركاء الدوليين ولا ترغب فى أن تكون علاقاتها مع الآخرين إلا علاقة التبعية والهيمنة ، أضف إلى ذلك أن النموذج الثقافى الأمريكى يرفض فكرة الآخر الثقافى فى إطار منظومته ، ومن ثم فالتبعية والرضوخ أمام القهر الثقافى هما جواز المرور للبقاء .

إعادة تشكيل المنطقة لمصلحة اسرائيل

ثم يذهب د. مرسي في بحثه المهم إلى أن واشنطن بدأت تتخلى فى سفور وجهر عن مظاهر الازدواجية الظاهرية فى سياستها إزاء الشرق الأوسط ، بعد 11 سبتمبر الذى فتحت أحداثه الأبواب واسعة أمام السياسة الأمريكية .. لتحقيق ما على أجندتها من غايات وأهداف ولتأسيس سياسة جديدة يتسق فيها الخطاب مع الممارسة السياسية الأمريكية وسعت إلى إعادة تشكيل المنطقة من جديد من خلال إعادة ترتيب أوراقها ونظامها الإقليمى مع مراعاة ما يحفظ مكاناً رائداً وتفوقاً نوعياً للكيان الصهيونى فى إطار النظام الإقليمى الجديد للمنطقة ، إضافة إلى ترسيخ الوجود الأمريكى الدائم فى المنطقة من خلال إقامة قواعد عسكرية فى الخليج واحتلال العراق . 

الأمر الآخر إعادة تشكيل وعى وثقافة المنطقة حتى لا تصطدم السياسات الأمريكية بالشعوب لذلك كان تغيير الوعى والثقافة فى نظر مخططى السياسة الأمريكية السبيل الناجح فى تعميق الوجود الأمريكى للتعامل الفاعل والمضمون مع الشعوب .

الأمر الثالث إعادة النظر فى نظم المنطقة الحاكمة وأيضاً فى شكل العلاقة خاصة أن بعض أشكال هذه العلاقة تحتاج إلى إعادة تعاقد من جديد ، وبعضها يحتاج إلى " إكراه " لإقامة علاقة وفق الشروط الأمريكية ، كما أن النظم نفسها تحتاج إلى إعادة صياغة أو صياغة جديدة مثلها مثل خريطة المنطقة بأكملها ، ليكون هناك اتساق مع النظام الإقليمى الجديد . )ويستمر د- مرسى فى بحثه المهم لاعنا المخطط الأمريكى الجديد للهيمنة  على ثروات ومقدرات المنطقة العربية وفى مقدمتها مصر وانه لا امن ولا ثقة أبداً فى هذه السياسة الأمريكية العدوانية والتى لا يصلح معها سوى المقاومة والجهاد ...ترى ما الذى تغير حتى ينقلب د.مرسى وجماعته على هذه الرؤية الإخوانية الثابتة تجاه واشنطن  ؟؟هل تابت أمريكا عن ذنوبها وجرائمها  فى حق العرب والمسلمين حتى يتصالح ويتحالف الإخوان ورئيسهم معها  بهذه الحميمة التى تبدت فى أثناء الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية لمصر ؟ أم أن الإخوان هم الذين تغيروا وصاروا اقرب  الى نظام حسنى مبارك ولكن بلحية .

*        *         *
إن علاقة الرئيس د. مرسي بالأمريكان وتقلباتها هي ذاتها علاقة الإخوان التاريخية بهم والتي يحكمها قانون واحد، يبدو أن الإخوان قد نسوه في نشوة الوصول إلى كرسي السلطة، إنه قانون المصلحة والتوظيف السياسي، ودائماً الأقوى والأكثر دهاءً هو المنتصر، والأمريكان –للأسف- في هذه المعادلة هم الأكثر دهاءً، لذلك سيستخدمون الإخوان لتحقيق مصالحهم وفي مقدمتها الحماية الكاملة لإسرائيل.والمساهمة فى خلق الفتن والصراعات فى المنطقة وبخاصة فتنة السنة والشيعة وما زيارة  الرئيس مرسى للسعودية إلا مقدمة لهذا الدور الجديد الذى ستتورط فيه مصر بقصد إخوانى او بغباء وجهل .
على أية حال، دعونا نعاود القراءة في البحث المثير للاهتمام،الذي أعده د. مرسي قبل تسع سنوات عن الهيمنة الأمريكية وسُبل مواجهتها، وقدمه لمركز حوار للتنمية والإعلام في عام 2003 ضمن أعمال ندوة مهمة عن الهيمنة الأمريكية، البحث حمل عنوان (كيف تواجه أمتنا السياسة الأمريكية للهيمنة على العالم العربى والإسلامى؟) وكان وقتها الدكتور مرسي نائباً في مجلس الشعب.
وفقاً لنص د. مرسي: يقول" أن من بين مكونات الشكل الذي ترغب واشنطن أن ترى عليه المنطقة هو أن يحتل الكيان الصهيونى مكاناً قيادياً فى النظام الجديد مع تفوقه فيه ، وأن يصبح الوجود الأمريكى فى المنطقة بعد احتلال العراق وجوداً دائماً وحاكماً لمستقبل المنطقة وصاحب الكلمة الفصل فى مصيرها ، ولهذا بدأت واشنطن تضيق بما كان يسمى بالحلفاء العرب وأخضعت الجميع لضغوطها وسطوتها ، حتى أصبحت الولايات المتحدة عاملاً مقلقاً ومستفزاً لأقرب النظم العربية إليها ، فبعد أن كانت واشنطن تتحكم فى المنطقة من خلال التحكم فى حكومات لم تدخر جهداً فى الحفاظ على النفط وإيصاله إلى الأراضى الأمريكية بأسعار رخيصة ثم إبقاء أثمانه فى البنوك الأمريكية ، فيما عُرف بسياسة البترودولار، ومواجهة المد الإسلامى إلا أنها رأت بعد 11 سبتمبر أن هؤلاء الأصدقاء يجب أن يعاد النظر فى أمرهم ، وأن تمارس عليهم شتى الضغوط لإحراز أكبر قدر من الأهداف من خلال تجاوبهم واستجابتهم ، وبالفعل ففى ظل الضغوط الأمريكية المكثفة بدأت دول المنطقة تتغير وتغير من توجهاتها حتى أكثرها تنافراً مع الولايات المتحدة مثل سوريا التى أقدمت على إصلاحات سياسية وبدأت تلملم دورها الإقليمى أمام الضغوط الأمريكية .
أمريكا بين الإكراه .. والردع
ثم يقول د. مرسي في بحثه المهم -غير المنشور- أن" دول المنطقة صارت فى حالة خضوع للإكراه المصحوب بالردع العنيف من قبل الولايات المتحدة كانت أبرز مظاهره الحرب الأمريكية ضد العراق واحتلال أمريكا له ، والتهديدات الأمريكية العنيفة لسوريا وإيران ، ثم الضغوط الأمريكية المكثفة على أخلص حلفائها ، لقد أبدت واشنطن امتعاضاً من بعض حكام المنطقة الذين كانت تربطهم بها علاقات وثيقة فى السابق ، وكانت قائمة مطالباتها لهم كثيرة ، غير أنه يبدو أن الولايات المتحدة ربما مازالت فى حالة البحث عن البديل الأفضل أو تهيئة البديل الأفضل لحماية مصالحها ، ومن ثم مازالت تبقى على تعاقدها الضمنى معهم ، مع إخضاعهم لمزيد من الضغوط حتى تحصل على أقصى ما يمكن أن يقدموه لها .. أيضاً ربما كان للأمر وجهه الآخر ، المتمثل فى الحصول على أقصى ما تبغيه واشنطن ، حتى يأتى الدور .. على من هم بعد العراق .. خاصة فى حالة التراجع العربى الرسمى الشديد" (كيف لمن فهم كل هذا أن يتحول هكذا لصديق لواشنطن بين عشية وضحاها؟؟ والسؤال لنا؟)
ثم يقول د. مرسي (كل المؤشرات بل الوقائع والأحداث تقول إن رؤية أمريكية قد تبلورت وهى آخذة فى التنامى إزاء شكل المنطقة السياسى والاقتصادى ، يدخل فى إطارها إعادة طرح للمشروع الصهيونى لمنطقة الشرق الأوسط الذى طرحه وزير الخارجية الصهيونى السابق شيمون بيريز وأطلق عليه " الشرق أوسطية " يحفظ للكيان الصهيونى مكان الريادة والتفوق التكنولوجى ويحدد دور العرب فى توفير الموارد ورؤوس الأموال والعمالة الرخيصة والأسواق الواسعة ، فى ظل خضوع المنطقة للسيطرة الأمريكية .
هذا المشروع يعيد الأمريكيون اليوم طرحه كما طرحوا خلاله تصورهم لشكل المنطقة وجاءت هذه الأطروحات من أركان الإدارة الأمريكية مما يشير إلى أن هذا هو التصور الأمريكى المستقبلى للمنطقة ، ففى مبادرة باول التى أعلنها فى ديسمبر 2002 أعطى مؤشرات على هذه الرؤية الأمريكية فقال إن 65% من العرب أميون و50% من النساء جاهلات ويعانين الفقر والمرض ، وأغلب الدول العربية تعانى الفساد والرشوة ، ونسبة صادراتها لا تتجاوز 1% من الصادرات العالمية باستثناء البترول ، وشعوب المنطقة بحاجة إلى نظم انتخابية تساعد على تداول السلطة ، وانطلق باول من ذلك إلى أن هدف مبادرته يهدف إلى تعزيز المشاركة لدى الشعوب العربية ، وإنشاء مدارس تدريسية للسياسيين ورجال الأعمال ، ومساهمة الولايات المتحدة الفعالة فى تحسين مستوى التعليم والثقافة ، خُصص (29) مليون دولار للبدء فى المشروع .
ثم ينقلنا د. مرسي في بحثه القيم، خطوات للأمام حين يؤكد أن المؤشرات الكثيرة تقول إن التشكيل الأمريكى لمستقبل المنطقة هو تشكيل اقتصادى سياسى، إضافة إلى تشكيل الوعى والفكر والثقافة لشعوب المنطقة ونخبها ، لإدراك واشنطن أن السيطرة على الوعى والثقافة والتعليم يضمن لها السيطرة على بقية الدوائر الأخرى مستقبلاً كما أنه يزيل أية عقبات تعترض السياسات .. أو أى تهديدات للتواجد الأمريكى بشتى أشكاله خاصة وأنها تعتقد أن أكثر من (80%) من الإرهاب المتمركز فى منطقة الشرق الأوسط ينبع من الدول العربية ، لذلك أكدت فى ضغوطها على دول المنطقة على ضرورة تغيير التعليم ومناهجه.
ثم يقول: "إن الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية الاستحواذ على المنطقة وثرواتها وعقولها ، لأن ذلك هو مفتاح سيطرتها على العالم ، وذلك مع احتلال الكيان الصهيونى مكان الزعامة والريادة فى الشرق الأوسط ، معلنة أن أمن الدولة العبرية هو صمام الأمن العالمى ، كما تدرك أمريكا أن القضية الفلسطينية تمر بظروف وأجواء قد تعين على تطبيق الحل الأمريكى الصهيونى مع إدراكها إلى أن إدارتها للأزمات يكفل لها أن تكون العنصر الفعال ، فى ظل وجود عسكرى أكثر من خطير .. وفى أعقاب غزوها لأفغانستان ثم العراق .. وبعد أن أصبحت العضو والشريك السياسى الأساس فى المنطقة .. فى حال غياب عربى وإسلامى رسمى ومن ثم لم تعد الضيف الذى حل بساحتها على مدى عقود .
بعد هذه القراءة فى السياسة الأمريكية إزاء المنطقة وبعد أن وضح حجم الخطر الهائل الذى يهدد الأمة من الخارج وصار له وجوده على ساحة الداخل، يطرح د. مرسي سؤالان:
الأول : ماذا يجب على الأمة أن تفعله لدرء هذا الخطر واجتناب أسباب وأشكال هذا العدوان وتأكيد حريتها وأمنها وعزتها وكرامته وضمان مواصلتها لدورها الحضارى ؟ .
أما الثانى : فهو هل تملك الأمة أسباب وسبل ووسائل درء هذا الخطر ورد ذلك العدوان وتحقيق أمنها وحريتها وتأكيد مواصلتها لدورها ؟ أما عن إجابة السؤال الأول-فيقول مرسى- بالواقع والوقائع وماضى الأمة وحاضرها كل ذلك يؤكد وعلى الأمة أن توحد صفها وتحشد كافة طاقاتها وإمكاناتها لمواجهة صارت حتمية دفاعاً عن وجودها .. وعقيدتها وهويتها وأعراضها وأرضها وثرواتها .
أما عن إجابة السؤال الثانى – فيذهب مرسى – إلى أن الأمة تملك بالفعل الإمكانات لتوحيد الصف والكلمة كما تملك الإمكانات والطاقات المادية التى تقتضى المواجهة حشدها لدحر العدوان والهجمة الأمريكية والصهيونية الشرسة التى كانت تهدد الوجود والمصير ثمة حقيقة بل حقائق أكدها التاريخ ويؤكدها الواقع وهى أن الأمة واجهت زحف المغول بالأمس .. وزحف الصليبيين .. واستطاعت بعد أن وحدت الصف وحشدت الإمكانات والطاقات أن تحرر الأرض .. وتصون العرض وتمارس الدور الحضارى لقرون. ..(أي وفقاً للترجمة المعاصرة الفقهية لهذا التحليل –بالجهاد- نستطيع مقاومة هذه الإستراتيجية العدوانية الأمريكية .. تُرى هل في مصافحة هيلاري كلينتون ومن قبلها الصهيوني جون ماكين وجون كيري ما يؤكد ذلك ؟! والسؤال هنا نوجهه الى د. مرسى وإخوانه) .
ثم يختم د. مرسي ورقته البحثية بالقول: "ولا نحسب ولا نتصور أمة تم تهميش شعوبها بل وجرى حصارها بعد أن صودرت حقوق هذه الشعوب فى الحرية والأمن وفى المشاركة والمراقبة والمحاسبة .. ينتظر منها أن تؤدى دورها فى المقاومة والجهاد .كما لا نحسب أن أمة صار هم حكامها يتمثل فى الحرص على كسب التأييد الأمريكى أو الرضا الأمريكى .. وفى الوقت نفسه دبَّ الخلاف والشقاق فيما بينهم .. تستطيع أن توحد كلمتها وتوحد صفها ؟ ..(تُرى هل يدرك د.مرسي أن هذا هو حاله اليوم هو وجماعته بعد لقاء هيلاري كلينتون به؟)
ثم يقول د. مرسي: إن ثمة واجباً والتزامات تاريخية توجب على الحكام أن ينهضوا بها ونخطو بذلك الخطوة الأولى على درب مواجهة الهجمة (الأمريكية) التي صارت تستهدف الجميع ، كما أن ثمة واجبات والتزامات تاريخية توجب على أهل الفكر والرأى وكافة المثقفين وخاصة المخلصين المهمومين بهموم وشؤون الأمة أن ينهضوا بها ، ومنها تبصير الشعوب بالدور المطلوب وقيادتها على الطريق الصحيح وتذكير الحكام بدورهم وواجبهم فى تجرد ونزاهة مع الجهر بالحق فى شجاعة وترفع عن ترهيب أو ترغيب السلاطين وانحياز لقضايا الأمة ومصالحها) ؟؟ .
*    *     *
وتلك نهاية كلمات البحث الذي قدمه الدكتور مرسي قبل تسع سنوات، ضد العدو الأمريكي وسُبل مواجهته، تُرى ما رأيه، ورأي الإخوان شباباً وشيباً في تناقض المواقف تجاه واشنطن،مع ما ورد فى هذا البحث  وفى غيره من وثائق الإخوان السابقة جملة وتفصيلا وخاصة بعد زيارة كلينتون وعشرات السياسيين الأمريكان إلى مقر الإخوان وعقدهم الاتفاقات الجديدة مع د. مرسى من اجل نسيان (فلسطين) تماما والحديث فقط عن حقوق (الفلسطينيين) وشتان ما بين الخطابين لمن يفهم فى أصول الصراع  ومساراته ؟؟ إن ثمة سؤالاً بسيطاً نتمنى الإجابة المباشرة عليه بعد أن أضحى مرسى  رئيساً، هل لاتزال أمريكا- وبالتبعية إسرائيل- عدوا؟ سؤال معلق في رقاب الشرفاء من الإخوان ولا تصح المراوغة  أو التذاكى بشأنه.فأجيبونا يرحمنا ويرحمكم الله .

E – mail : yafafr@hotmail.com


هناك تعليق واحد:

عبدالله عمار يقول...

سيدي الفاضل الكل وليس الرئيس مرسي فقط من يعلم نوايا الامريكان ولكن هل يستطيع كائن من كان ان ينكر انها القوة العظمي الاولي والمسموعه في العالم الم تكن مصر وكل الدول العربية في احضان امريكا طوال العهد الماضي ان العلاقات مع امريكا متشعبة ومترابطة واليوم ونحن في وهن وازمات من كل نوع هل تريد من يتقلد الحكم ان يخرج يطيح بكل من حولة من الامم ويشغل الحنجورية قد لا اكون في مثل علمك واطلاعك ولكن هناك فطرة الانسان الذي تجعلة لا يورد نفسة موارد الخطر لو سيادتكم في مكانة الم تكن الخطوات متأنية وتتحسس موضع الخطي كفانا عنتريات وحنجوريات ولما تظن اننا سنخضع لامريكا او غيرها نني اقول علي المثقفين السياسين دفع العجلة للامام والتصرف بحنكة سياسية والوقوف وراء الرئيس حتي تقوي البلاد وتسقيم قدراتها وهنا تكون المراقبة بعد تقديم كشف الحساب وتقولون أخطأت أم أجدت