وول ستريت جورنال : مسئولون سابقون فى نظام القذافي يبقون في مناصبهم بصندوق الثروة السيادى الليبي
كتب : بنوا فوشون
عندما ينقشع الغبار عن شوارع طرابلس بعد سقوط العقيد معمر القذافي الذى حكم البلاد لفترة طويلة، فإن الحكومة الجديدة لديها الكثير لتفعله حتى تفصل نفسها عن الماضي، فالعديد من المسئولين فيها حاليا خَدَمَ في عهد القذافي الذى استمر 42 عاما.
في حين أن استمرارية الحكومة السابقة يمكن أن يساعد على تحقيق الاستقرار في البلاد التي تُمزقها المعارك، هناك العديد من التساؤلات حول الكيفية التى استثمرت حكومة القذافي ثروة البلاد النفطية الهائلة. الدكتور محمود بادى، المكلف من قبل الحكومة الجديدة (المكتب التنفيذى) لفحص هيئة الاستثمار الليبى التى يقدر رأسمالها بـ 65 مليار دولار امريكى، يقول انه يتم وبدقة فحص التعامل مع البنوك الأجنبية، مثل سوسيتيه جنرال (Societe Generale) أوغولدمان ساكس (Goldman Sachs Group Inc. ).
الاستثمارات التي تولاها البنك الفرنسي سوسيتيه جنرال بالنيابة عن ليبيا خسرت نحو 700 مليون دولار في حين المعاملات التي يحملها غولدمان ساكس خسرت 1.4 مليار دولار. هذا وامتنع كلا المصرفين عن التعليق.
وذكر الدكتور بادى أن “خسائر هيئة الاستثمار الليبية لا تقل عن 3 مليارات دولار وربما تصل إلى 6 مليار دولار خلال الآونة الأخيرة”. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تدقق فى عملية دفع مبلغ 50 مليون دولار عُرِضتْ من بنك جولدمان ساكس على هيئة الاستثمار الليبية عن طريق شركة استشارية خارجية يملكها أحد أقارب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط. المبلغ لم يتم دفعه ونفت غولدمان ارتكابها أى مخالفات قانونية.
أعرب بادى عن مخاوفه من أن التدقيق فى مثل هذه الأمور قد يتعرض للعرقلة برجوع المدراء السابقين.وفقا لتقارير صحفية نقلا عن مسئولين في الحكومة الجديدة، بأن كلا من محمد لياس ورفيق النايض اللذان كانا يشغلان منصبى رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذى عندما كانت هيئة الاستثمار تحت سيطرة القذافى ، قد أُعيد تعيينهما على رأس الصندوق فى أواخر شهر أغسطس الماضى.
قال بادى بان هذا الإعلان المتداول يوحى بأن الحكومة الجديدة “تحاول إيقاف التحقيق”. لياس لم يرد للتعليق وتعذر التواصل بالنايض.
لم يكن بادى الوحيد الذى أعرب عن قلقه. عبد الحميد الجدى، ناشط فى مكافحة الفساد لمدة 10 سنوات فى عهد القذافى، دعى الحكومة الجديدة بطرد لياس والنايض من هيئة الاستثمار الليبية.
قال الجدى، الذى كان يستعمل الاسم الحركى “تامر الزيات” ليتفادى انتقام النظام، قال يتعين على الحكومة أن تشكل لجنة مراجعة مستقلة لها سلطة وصلاحيات توجيه تهم احتيال وإعادة هيكلة الصندوق.
أعرب الجدى أيضا عن مخاوفه من أن إعادة التعيينات قد تدل على توجهات قبلية فى الحكومة الجديدة بما أن كل من محمود جبريل، رئيس الحكومة الانتقالية الفعلى، والنايض من قبيلة ورفلة ومن نفس المنطقة زيادات.
تظهر الوثائق التى عاينتها صحيفة وول ستريت بان الدكتور جبريل، والذى كان رئيسا للتنمية الاقتصادية الوطنية فى ليبيا فى عهد القذافى، كان أيضا عضوا فى مجلس أمناء هيئة الاستثمار الليبية وان هذا المجلس كان مكلف بمهمة الإشراف على استثماراتها.
هذا وقد أكد الدكتور بادى على صحة هذه المعلومات بدون مزيد من التعليق. احد مساعدى جبريل لم يتمكن من التعليق على الفور، وتعذر الوصول إليه بعد ذلك.
يقول مسئولون سابقون في الهيئة العامة للاستثمار بأن جبريل فى حقيقة الأمر لم يحضر أبدا أى اجتماع لمجلس الأمناء.
يقول الجدى انه يعتقد بان ” لا يجب على جبريل أن يتدخل بأى شكل من الإشكال فى أعمال هيئة الاستثمار سواء مباشرة أو غير مباشرة…. حيث انه كان عضوا فى مجلس الأمناء لهيئة الاستثمار الليبية خلال الحقبة التى خسرت فيه الهيئة مليارات الدولارات”.
مما لا شك فيه ، أن نهاية نظام العقيد القذافى قد فتحت لليبيين باب لحريات لم تكن معروفة سابقا وجلبت المواهب جديدة للحكومة، مثل وزير النفط والمالية المناوئ السابق الدكتور على الترهونى. دافع المسئولون عن إعادة تعيين لياس والنايض بأنه وسيلة لضمان سلاسة التحول لتشغيل الصندوق لأنهم على دراية بطرق عمله.
لكن المنتقدين يقولون بان وجود رئيس الوزراء الحالي على لائحة الأمناء ، جنبا إلى جنب مع عودة المدراء الذين كانوا مسئولين فى الهيئة عندما تعرض الصندوق لخسائر موجعة، هو تذكير بان ليبيا تواجه صراعات لقلب الصفحة بما فى الكلمة من معنى.
يقول الجدى: إعادة التعيين للمدراء ” تحد للقضية التي مات من أجلها 50000 شهيد”.
**********
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق