ربيعنا العربي سيمتد حتى يطال كل البقاع، بين دفتي المحيط والخليج، وسيشكل مصدر محاكاة وإلهام، حتى يمتد إلى الجوار.
هو ماركة مسجلة للشباب الضائق بدولة الفساد والمحسوبية والرشى، ودولة الفرد والعائلة، الطامح لدولة المواطنين، حيث الشراكة وحياة الحرية والكرامة. من أَجل ذلك، أَشعل شباب الربيع ثوراتهم، ومضوا، بعد أَن تسلحوا بما يكفي من الشجاعة والجسارة، للتضحية في سبيل الحلم العظيم.
هذا جيل عظيم، أيها السادة، يعشق الكرامة والتضحية في سبيلها. وبذلك، سينتصر مهما بدا لكم أَنكم قادرون على كبح تطلعاته، والمؤامرة على ثوراته المقدسة هنا أَو هناك!
لربيعنا العربي صولات وجولات. لن يتسمّر الزمان، ولن تتوقف عجلة التاريخ، عند الحكام الفاشلين والفاسدين والمستبدين في المنطقة، والذين عجزوا عن فهم ربيع الشعوب والتعامل معها، وعوضاً عن التجاوب الإيجابي مع تطلعات الشباب، بالقيام بإصلاحات عميقةٍ ستحقق دولة الشراكة والحق والقانون. راحوا يتآمرون عليه باعتباره نزوة عابرة، وطيشاً شبابياً آنيّاً، يمكن القضاء عليه بالانقلاب تارة، أو بتفخيخه بجماعات العنف والإرهاب تارة أخرى!
انظروا كيف يثبت شباب مصر، الصابر والمرابط والمكافح، في كل الساحات والميادين أكثر من تسعة أشهر، على الرغم من مساحات العنف والإرهاب، والتي يتعرضون لها، يوماً بعد آخر. انظروا كيف أن الربيع عصي على الذبول والانكسار.
لم يتوقف كفاح الشباب، ولن يتوقف حتى يحقق أهدافه كاملة. الهدف واضح، والوسيلة أيضاً. دولة المواطنة الحديثة هي الهدف، أما الوسيلة فهي استقبال رصاص البلاطجة وقمع العسكر، بالورود وبالصدور العارية والعامرة بالإيمان والحلم العظيم.
حين وجدنا مئات آلاف الشباب، يتسلحون بالحلم والجسارة التي لا تعبأ بالقذائف والرصاص، ويمضون في نضال أسطوري سلمي، يقدمون آلاف الشهداء، وأضعافهم من الجرحى والمعتقلين، فقد تحقق النصر، هذا هو التحدي والبقية مجرد تفاصيل.
أَيها الشباب العربي العظيم. أنتم تقدمون للإنسانية درساً بليغاً، بنضالكم الأسطوري الذي قلَّ أن يكون له نظير. يحق للإنسانية أَن تفخر بكم، ولسوف تفعل، ستتصدر أَسماء شهدائكم وجرحاكم ومعتقليكم قائمة الشرف في التاريخ الإنساني. أنتم تكتبون التاريخ، وليس أمام المدونين إلا الكتابة في الورق لما تسطرونه على الأرض.
قدمتم أمتكم وشعوبكم للعالم بثوب مغاير. لن تملك الإنسانية، في كل البقاع، إِلا أَن ترفع لكم القبعات، بقدر ما قدمكم الحكام الفاسدون والفاشلون باعتباركم شعوباً خانعةً، تعوزها الكرامة وينقصها الحلم، ويستوطنها الإرهاب والتوحش.
أيها الشباب. سنبذل كل ما عندنا في كفاحٍ سلميٍّ عظيم غلاب. تزول الجبال ولا يزول، وستبقى سحب الربيع حُبلى بأمطار كثار، سوف تتساقط عروش الاستبداد، ويبقى الربيع وشبابه سيد الموقف. وما دامت هناك دولة الفساد والرشى والمحسوبية، فسيندلع الربيع في أي وقت، وسيعاود الكرة في أي لحظة. لا تتوقعوا غير ذلك، فإرادة الشعوب غلابة، وأحلام شبابه غير قابلة للتواري والانكسار.
الكلمة الأولى والأخيرة لكم، أَيها الشباب، عظمتكم في حلمكم، وتتجلى في سلمية نضالكم الجسور. أنتم أصحاب القرار والقول الفصل، لن يمر وقت طويل، حتى تحققوا الحلم.
سوف نجفف بسقوط الاستبداد ينابيع الإرهاب، فالإرهاب والاستبداد وجهان لعملة واحدة، كل إرهابي مستبد، وكل مستبد إرهابي، هذا ما نعلمه جيداً، ونحن نسعى إلى إسقاطهما معاً، عبر نضالنا السلمي العظيم.
أيها العالم. نحن شباب الربيع لدينا حلم. حلمنا واحد. وسيلتنا واحدة. نضالنا واحد. وإنها لثورات سلمية مستمرة حتى النصر.
*****
مقال نشر في موقع العربي الجديد
30-مارس-2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق