الشعب المصري العزيم ( العظيم) تم تغييب وعي الكثيرين منه في فترة الستين سنة الماضية عبر وسائل إعلام لا تراعى ديناً ولا عرفاً ولا قانوناً ولا قيماً, فعلى الرغم من أن الانترنت أصبح وسيلة تعلم و تثقف من يبحث عن العلم, لكن المصري العادي يتعلم من القنوات التليفزيونية التي ثبت فعليا أنها تبث سموم, شعب فضلوا يحشروا دماغه بحديث ضعيف عن ( خير اجناد الأرض ), وبغض النظر عن الفجور وانعدام الضمير لدى من روجوا هذا الحديث الموضوع وكذبوا على النبي وهم يعلمون أنه حديث ضعيف, لكن من صدقوه صدقوه بدون أي مجهود للتحقق.
للأسف, مع اللبناني مثلا تستطيع أن تقول اسم زهرة زي الليلاك وتقدر تقول كلمة ( بَرَد ) بفتح الباء وفتح الراء بدون مشاكل, لكن مع المصري الذي سحقت وسائل الاعلام دماغه, انت في حاجة للشرح والمزيد والمزيد من الشرح, آلة الدعاية عملت على تجهيل الشعب, وأصبح بعضه كآكلي الأعشاب, يجتر ما يلقى إليه من كلام متناسياً أهم مباديء التحقق في القرآن بسم الله الرحمن الرحيم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) صدق الله العظيم, ففي كل سنة كانت تأتي القوات الأمريكية للقيام بمناورات مع الجيش في مصر, وهي مناورات لا غرض لها في الحقيقة سوى عمل Update ( تحديث ) لمعلوماتهم عن ألوان جوارب قادة الجيش وألوان جدران غرف نوم زوجاتهم, وفي كل مرة بعدما يرحل الأمريكيون نسمع أن القائد الأمريكي أشاد بحسن تدريب قوات الصاعقة المصرية وابدى استغرابة من ( لا إنسانية تدريبات قوات الصاعقة ) وهو نوع من الأقاويل كنت استمع إليه بحكم عملي فترة في برنامج طلائع النصر الذي يقدمه التليفزيون مع الشئون المعنوية, وكانت هذه المقولة كل سنة تنتشر أفقياً ورأسياً في المجتمع, على الرغم من أن نفس القائد الأمريكي المجهول قالها السنة الماضية, هذا الشخص نفسه الذي يحكي لك في نفس الميعاد من كل سنة عن ( التدريبات اللا انسانية للصاعقة المصرية ) هو نفس الشخص الذي كان يزور جوز بنت خالته الذي يعمل ضابط صف في الجيش أو جد بنت عمة أخته غير الشقيقة أو ابن أخت أمون رع للبحث عن واسطة للتهرب من الخدمة العسكرية وتفادياً لأن يكون خير أجناد الأرض.
هذا الشخص المغيب بالكامل لا يعرف أن الانترنت وسيلة تعليم وبحث عن المعلومات ويتخيل أن الفيسبوك هو الاختراع العبقري الذي يشاهد عن طريقه صفحات من نوع ( مدام فلانة الحنونة ) أو يكتب فيه تعليقات على صورة تلك الفتاة التي تضع على البروفايل الخاص بها صورة لموديل هندية جميلة من نوعية ( داري جمالك من عيون الناس ) متصوراً بذلك أن الفتاة صاحبة الحساب هي صاحبة الصورة وأنه بمثل هذا التعليق سينجح في الدخول معها في علاقة, عينة اخرى لنفس الشخص, هو الذي يظن أن الانترنت هو الموقع الذي يكتب فيه على صفحته الخاصة أنه ضابط سابق في القوات الجوية وخمسيني مطلق ويبحث عن علاقة جادة, وتجده مشترك في صفحة للدكتور زغلول النجار وفي نفس الوقت مشترك في صفحة ( مطلقات حنونات ) وصفحة ( مليون محب للمجلس العسكري ) وهلم جرا وهو الشخص الذي يعتقد أن الكمبيوتر هو الوسيلة التي يمكن أن يلعب عليها سوليتير وهو نفس الضابط السابق الذي يكتب في سيرته الذاتية بفخر أنه (( محترف )) في استخدام ملفات (( الوورد )) وال (( الاكسل )) هذا غير وكيلة المدرسة الإعدادية مربية الأجيال الفاضلة التي تردد دائماً أن الفرنسيين أجروا بحثاً على أطفال العالم فاكتشفوا أن (( الطفل المصري هو أذكى طفل في العالم )) والتي تعتقد أن الفيسبوك هو الوسيلة اللتي تلعب عليها ( لعبة المزرعة السعيدة ) ثم تغادرها لتشاهد حلقة برنامج الأستاذ ( جابر القرموطي ) الذي يتحدث في قضايا مهمة ويشير بيده ويتحمس من أجل الشعب فيصرخ ويولول ويقوي فيها النزعة الوطنية.
سلوى أيضاً تعمل موظفة في التأمينات, ومنذ عدة سنوات كانت تمسك بعلبة مناديل وتمسح دموعها أمام مشهد مقتل الطفل محمد الدرة الذي قتلته قوات الاحتلال الاسرائيلي أثناء الانتقاضة, ومنذ أيام كانت تشاهد بحماس احدى القنوات التي من المفترض أن تكون مصرية تطالب بمحو حماس من الوجود وتطالب اسرائيل بمهاجمة غزة, فدخلت على حسابها على الفيسبوك لتكتب تهنئة بيوم الجمعة على صفحة المتحدث الإعلامي للجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي, وتدعو للجيش الاسرائيلي بالنصر في حربه ضد إرهاب غزة التي تنطلق منها الصواريخ التي تقلق أمن الشعب الاسرائيلي كما قال أحد أراجوزات الجيش المصري الذي يطوف القنوات الآن تحت مسمى ( دجال استراتيجي ) في الحقيقة الإعلام المصري نجح عبر ستين عاماً في اغتيال وعي الكثيرين وتحويلهم إلى كائنات مسحوقة العقل, واصبح الانترنت بالنسبة لهذه النوعية هي الوسيلة التي يقوم عن طريقها بالاستماع إلى ملفات الام بي ثري وتحميل الفيلم الجديد لأحمد مكي وكتابة تعليقة من نوعية (( تسلم الأيادي يا شرطة بلادي )).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق