تسوية الأزمة تحتاج لـ "رجل دولة" وليس لـ "خولى عزبة"
احذر من غضبة شعبية غير معروفة الاتجاه وغير مأمولة العواقب
أين المخرج لصراع الوطنى والاخوان؟
أين المخرج لصراع الوطنى والاخوان؟
برغم المشهد السوداوى ، الا انه يمكن ايجاد مخرج للازمة التى تعيشها مصر منذ 3 يوليو الماضى حتى الآن ، ولكن ذلك يستوجب على جميع الاطراف الاعتراف بأن مصر تعيش ازمة ، بل والاعتراف بأنها اعقد واعنف ازمة سياسية تعيشها مصر على مر تاريخها الحديث ، و هذا الاعتراف يحتاج نوعية من السياسيين والاعلاميين لديهم صفة نكران الذات ويتسم كل منهم بأنه رجل دولة وليس خولى عزبة ، وبأنه يؤمن بأن التعددية السياسية عامل قوة وليست عامل ضعف ، ويؤمن بأن مصر للجميع، فلا اقصاء فيها لأحد ، ولا اقصاء فيها لأى فصيل سياسى . ولكى نصل الى حل للازمة فلابد من ادراك اننا بالفعل نعيش أزمة صراع بين طرفين احدهما فى الشارع منذ 3 يوليو ، ويدافع عن 25 يناير 2011 لانها هى التى انهت اقصائه السياسى وجعلتهم جزءا من اللعبة السياسية ، بل و أوصلته الى سدة الحكم فى مشهد كان اقرب الى حلم ، انتهى بكابوس ، والطرف الثانى هو بعض القوى السياسية فى مصر التى تكره تنظيمات الاسلامى السياسى بدرجات متفاوتة ، وعلى رأس هذه القوى الحزب الوطنى الذى عاد الى العمل السياسى اكثر من ذى قبل ، واصبح دوره كاسحا فى الانتخابات الرئاسية الحالية ، كما كان كاسحا فى الاستفاء على دستور 2013 ، لدرجة انه سيجمع للمرشح الرئاسى المشير عبد الفتاح السيسى نحو 600 الف توكيل ،فضلا عن كبار قادة الجيش والشرطة. وتشريح المشهد يؤكد ان الصراع فى مصر عاد الى مربع الصفر ، اى الى الصراع بين الوطنى والاخوان ، وان مثل هذا الصراع الحاد الذى يصحبه استقطاب حاد ، لن يكون ابدا فى مصلحة اى قوة سياسية ضعيفة فى الشارع ، ولأن كل القوى التى شاركت فى ثورة 25 يناير ضعيفة فى الشارع ، فانها ستدخل سجنا كبيرا سواء انتصر الوطنى الذى يستقوى بالعسكريين او انتصر الاسلاميين الثائرين فى الشوارع الآن والذين يمثلون قوى موازية للوطنى. كل ذلك يدفعنا الى طرح السؤال الذى يلح على كل الاذهان ، " ما المخرج ؟" ، فى تقديرى اعتقد أن المخرج المناسب هو عودة جميع الاطراف خطوة الى الوراء يعترف بموجبها رجال الحزب الوطنى بان 25يناير كانت ثورة ولم تكن مؤامرة ، وهى كانت كذلك بالفعل ، واعتراف الاسلاميين بأن 30 يونية كانت فعل ثورى كبير بدليل تداعياته التى نعيشها ويعيشونه هم منذ تسعة اشهر ، وبناء عليه جلوس الطرفين على مائدة مستديرة بمشاركة كل الاطراف الاخرى ، ليكون التفاوض على مرتكزين اساسيين هما عدم الاقصاء وعدم استغلال الدين فى السياسة ، خاصة وان الجميع يستغلون الدين سواء اسلاميين او غير اسلاميين ، واحيانا ما يكون استغلال غير الاسلاميين للدين اكثر بكثير من استغلال الاسلاميين له. اعرف ان كثيريين ممن يقرأون هذا المقال يهزون روؤسهم وان بعضهم يخرج لسانه سخرية منى ، ولسان حالهم يقول " تفاوض ايه ياعم دول ارهابيين سفاحين سفاكين دماء " وعلى الجانب الاخر ، يقول " تفاوض ايه يا عم دول خونة خانوا مرسى وقتلة وسفاحين وسفاكى دماء " ، لذا اقول لهم جميعا ان مثل هذا المنطق لا يبنى وطن ولا يبنى امة وانما يحولها الى سجن كبير ، لان منتهاه يعنى ان احد الطرفين سينتصر فى مباراة صفرية يكسب فيها كل شىء ، وبالتالى يكون قادرا على تحويل مصر جنة نعيم لانصاره وسجن كبير اشبه بجهنم لخصومه السياسيين . ولان هذا السجن الكبير سيضر بالكتلة الحرجة من المصريين والتى تعيش فى غيبوبة الآن تحت وطأة التخدير الاعلامى ، فان هذه الكتلة ستفيق من غيبتها يوما ما ، وتتحرك فى اتجاه غير مأمول العواقب ، وستكون عواقبه وخيمة على الجميع ، فهل لدينا الشجاعة لان نفكر فى هذا الكلام بمنطقية بدلا من الاستهزاء والسخرية منه ؟ ، اعتقد انه لازال لبعض العقلاء مكانا وفرصا للتحرك، مع التأكيد على انه لا يوجد عاقل يتصور تسوية للازمة بدون القصاص من كل من ارتكب جرما من الطرفين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق