06 مايو 2013

الثورة العراقية : مناشدة عاجلة من معتقلي سجن التاجي

مناشدة عاجلة من معتقلي سجن التاجي 

السلام عليكم 
أرجو منكم أصحاب الضمائر الحية أن تساهموا في أيقاف هذه المجازر الانسانية بحق المعتقلين وتنشروا هذه المناشدة الانسانية 
مناشدة عاجلة من معتقلي سجن التاجي 
المنظمة العربية 2013-02-03 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد. . 
نحن معتقلو سجن التاجي أكثر من (7000 معتقل) نناشد كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد نناشد الأخيار والأحرار نناشد فضيلة العلامة الكبير الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي وشيخنا الفاضل ووالدنا الكبير فضيلة مفتي الديار العراقية الشيخ الدكتور رافع الرفاعي ونناشد علماء الدين ورجال المنابر وشيوخ عشائرنا الأصيلة و أشراف السياسيين والنوب والوزراء من أبناء جلدتنا والمعتصمين والمتظاهرين ولجان حقوق الانسان العراقية والعربية والدولية، نناشدكم بالله الواحد الاحد ونلقي عليكم الحجة أمام الله والتاريخ أن تهبوا على عجل قبل فوات الأوان وتلحقوا ما بقي من أبنائكم وإخوانكم في سجن التاجي الذي يتعرضون لحرب طائفية بشعة حرب بكل ما تحمله الحرب من معاني، حرب تشن ضد المعتقلين في سجن التاجي من قتل وتعذيب وإهانة لكرامتنا ومقدساتنا، فقد تجاوز الجلادون حد سب الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين ووصل بهم الحقد والإستهتار الى رمي مصاحفنا في النفايات والله على ما نقول شهيد. 
أما الضرب والتعذيب وتعريتنا من ملابسنا وربطنا على أعمدة في هذا البرد القارص والإعتداءات (غير الأخلاقية) وسبنا وسب أعراضنا وسب مشايخنا وقادتنا ومناطقنا فقد أصبحت مشهدا مألوفا ويوميا لنا، لكن ما أضيف له هو عبارات جديدة منها (خلي يفيدكم المتظاهرين). 
وقد ناشدناكم مرارا ولم يتغير شيء بل تزداد معاناتنا يوما بعد أخر ويزداد جلادونا بطشا وقوة ودعما، واليوم نناشدكم وقد بلغ السيل الزبى ولم يبق في قوس الصبر منزع فإن الوضع أقل ما يوصف بإنه (كارثة حقيقية وحرب إبادة)، نناشدكم وقد غصت بنا المحاجر الإنفرادية المظلمة، نناشدكم وقد بطش بنا المدعو (حيدر) معاون مدير القسم الرابع ، نناشدكم وقد تعرض إخوانكم في سجن التاجي عموما والقسم الرابع خصوصا لإنتهاكات تشيب لها الولدان، نناشدكم ونحن نتعرض لتفتيش مهين بطرق إستفزازية بشعة نعرى بها من جميع ملابسنا (حتى الداخلية) في كل يوم ويحدث لنا ما نعف عن ذكره، نناشدكم وقد طرقنا مسامعكم ونشهد الله على إننا قد بلغناكم والله سميع بصير وشهيد. 
وحسبنا الله ونعم الوكيل 
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم على الصادق الامين وعلى آله وصحبه أجمعين. 
معتقلو سجن التاجي 
21 ربيع الأول - 1434 للهجرة 
2 - 2 - 2013 للميلاد 
************************** 

ما قاله افلاطون عن الحويجة 

ايمان احمد خمّاس 
قال افلاطون ان الخط الفاصل بين الديمقراطية والاستبداد رفيع جدا، معللا قوله هذا بأن الديمقراطية قد تسمح للحثالة بأن تسيطر على الحكم وتمارس الاستبداد على الشعب. وقبل أن استطرد لابد من ملاحظة ان أفلاطون كتب ‘الجمهورية’ في نحو سنة 380 قبل الميلاد، اي عقب ما يعرف تاريخيا بعصر انحطاط الديمقراطية في بلاد الاغريق او عصر الاستبداد، وان هرم طبقات الشعب على وفق ‘الجمهورية’ هم العلماء (الفلاسفة) اولا ثم ‘المحاربون’ ثم ‘الحرفيون’، واشترط افلاطون ان يقوم الفلاسفة بتعليم الحرفيين ‘الحقيقة’ المتمثلة عنده بالخير والحق والجمال. اما 
الحثالة فهي تلك الطبقة الأبعد عن ‘الحقيقة’. واخيرا كان أفلاطون يتحدث عن الديمقراطية صدقا، اي : حكم الشعب، وليس وهمَ الديمقراطية المنعكسة ظلاله على جدران الحواجز الامنية. 
نعم، تخمينكم صحيح. الكلام ليس عن الاغريق، بل عن جمهورية العراق الأبعد ما تكون عن كل المدن، الفاضلة منها والسافلة. ولكن المفارقة ان ما قاله افلاطون قبل 2400 سنة ينطبق نصا على العراق الآن، حيث وصل الاستبداد باسم الديمقراطية الوهمية حدّا يتساءل فيه مسؤول كبير في الدولة وعضو في ائتلاف دولة القانون الحاكم، امام شاشات التلفزيون، يتساءل باسترخاء وهدوء يستفزان الحجر: ‘لماذا تقام كل هذه الضجة حول أمر بسيط مثل مجزرة الحويجة؟ ألا يُرتكب في العراق من المجازر اكثر واكبر مما حدث في الحويجة بكثير، فلماذا يثار كل هذا الضجيج؟’. 
بالله عليكم هل سمعتم عذرا اقبح من ذنب كهذا؟ فالامر البسيط الذي يتساءل بشأنه السيد عزة الشاهبندر، كبير مفاوضي الحكومة مع المعتصمين السلميين، هو المجزرة التي ذبح وجرح فيها ما يزيد على مئتين من المدنيين العزّل في ساحة الحويجة برصاص الجيش العراقي وقوات مكافحة الشغب المسماة ‘سوات’، او القوات القذرة بتعبير المواطنين العراقيين، بعد ان حاصرتهم اربعة ايام ولم تسمح لهم بمغادرة الساحة. 
بوصفي مواطنة عادية ولست مسؤولة كبيرة ولا صغيرة في الدولة، لا املك سوى مزيد من الاسئلة التي يرددها العراقيون، جوابا على الشاهبندر. اذا كان العراق الذي يوصف عادة بأنه يعوم على بحيرة من النفط، أمسى يعوم على بحيرة من الدم (وهذا ليس تعبيرا مجازيّا، بل واقعي لأن صديقة لي اخذت اطفالها الى مستشفى اليرموك ببغداد ولكن موظف الاستقبال نصحها بأن تعود بهم الى البيت لأن المستشفى تحوّل الى بحيرة من الدم بما لا يجوز للاطفال رؤيته)، وهو ما أكدّه الشاهبندر نفسه، لماذا لا يقوم المسؤولون عن الأمن بعمل شيء من اجل استتباب الامن العام؟ أليس هذا هو 
واجبهم، خاصة أن السيّد رئيس الحكومة هو نفسه القائد العام للقوات المسلحة ولقوات الامن والشرطة والاستخبارات ومكافحة الشغب؟ (هذه الاخيرة لست متأكدة منها، لأن المعلومات المتوفرة من البرلمان تقول ألا أحد يعرف من هو المسؤول عن قوات سوات فعلا). 
ان الحكومة مسؤولة عن كل قطرة دم عراقي تسفك، بغض النظر عن هوية الضحية، مدنية كانت ام عسكرية، اذا كنت لا تدري وانت كبير المفاوضين. فإذا كانت الحكومة قادرة على وقف حمام الدم ولا تفعل شيئا فهي شريك في الجريمة، وحريّ بالقضاء ان يجازيها، ويحقّ للمعتصمين ان يرفعوا السلاح بوجهها، خاصة بعد أن ذبحتهم. وأما اذا كانت الحكومة بكل اجهزتها الامنية عاجزة عن ان تفعل شيئا فلتستقل ولتسمح لمن يقدر على ادارة شؤون البلاد وحقن الدماء.. 
ثانيا – تعلّمنا في المدارس أنّ ‘الجيش سور للوطن/ يحميه ايام المحن’، ولكننا كنّا نظنّ أن الجيش يسوّر الوطن مصوّبا سلاحه الى الخارج ليحميه من الاعداء الخارجيين، ولم نفهم ان الجيش يجلس على السور مصوبا سلاحه الى الداخل ليحمي الحكومة من المواطنين العزّل. ولم نتعلم ولا رأينا الجيوش في اية مدينة من مدن العالم تدور بعجلاتها المدرّعة في الشوارع، من اجل ترويع المواطنين وذبحهم كما حدث في الحويجة وقبلها الفلوجة والموصل والاعظمية… ومع ذلك اذا كان في عسكرة المدن خير وحقن لدماء الابرياء لا بأس، ولكن ما يحدث في المدن العراقية هو العكس لأن 
القوات المسلحة تصوّب نيرانها الحيّة الى رؤوس المدنيين. 
ثالثا – لنفترض جدلا أن ما تقوله الحكومة من أن الاعتصام السلمي ليس وسيلة ديمقراطية شعبية للتعبير عن السخط على ما آل اليه العراق من دمار وفساد وانتهاكات، وان وراءه جماعات معارضة للحكومة وتريد الاطاحة بها، حتى في هذه الحالة لماذا تقحم الحكومة الجيش في الصراع؟ وبأي حق تستخدم القوات المسلحة التي يتم الانفاق عليها من اموال الشعب، ويقتل فيه الجنود لتصفية حسابات سياسية؟ ومتى اصبح الجيش مالكيا؟ وفي صالح من يتم تسيّيس المؤسسة العسكرية؟ وتقول الحكومة ان بين المعتصمين ارهابيين. ما هو تعريف الارهاب؟ باجتهادي المتواضع هو فرض ارادة سياسية 
ما على الآخر بالاستخدام الاستراتيجي لترويع المدنيين وقتلهم، أليس هذا هو ما تفعله الحكومة منذ الاحتلال؟ علمأ بأن رئيس الحكومة كان قد أقرّ أمام الملأ بأنه على معرفة جيدة بالارهابيين ولكنه لا يكشفهم لأنه يخاف على العملية السياسية من الانهيار. 
رابعا – تقول الحكومة (ويردد معها الاعلام الخارجي) انّ الاعتصامات طائفية، اذا كان الامر كذلك، أليس في اقحام الجيش في صراع طائفي اشعال فعليّ وعمليّ لحرب طائفية، خاصة ان المعتصمين اعلنوها مئات المرات انهم مسالمون؟ ولكي نكون منصفين ان رئيس الحكومة كان قد لوّح بالحرب الطائفية غير مرة. 
خامسا – ان من يقول ان تقسيم العراق هو الحل في مواجهة الحرب الاهلية انما يضحك على نفسه وعلى الاخرين، فما هي حدود المناطق، اين تبدأ واين تنتهي؟ ما هي حــــدود مناطق بغداد او الموصل او كركوك او ديالى.. وكم من طائفة معينة في المنصور او الدورة او الكاظمية، وكم من طائفة اخرى في الزبير وابو الخصيب وديالى ومن يقرر ماذا يتبع لمن سوى القوة الغاشمة وسفك الدماء؟ الا تدركون ان العراق واحد وان تقسيم الواحد لا يمكن الا بالكسور؟ والكسور ليست ارقاما طبيعية ولا كاملة؟ في مصلحة من يتم تكسير العراق… 
المالكي للاسف يستخدم سياسة ليّ اليد مع العشائر وهو ابن عشيرة ويعرف ان من يدوس على طرف العشيرة لا يسلم منها، فما بالك بذبح ابنائها: كيف سيواجه الجبور والجنابات والعُبيد والعزّة والدليم وغيرهم كثير بالقوة؟ وكيف سيواجه عشائر الجنوب العربية العراقية التي ذبح رجالها ورمّل نساءها ويتّم اطفالها وقطع رزقها؟ 
****************** 

وثيقة المجلس الإعلى عن السيد الصدر 

كتابات - المحامي / سليمان الحكيم 
ختم الفريق طاهر الحبّوش أوراقه بوثيقة مصوّرة صادرة عن المجلس الإسلامي الأعلى بتاريخ 12-12- 1998 أي قبل اغتيال السيد محمد صادق الصدر بشهرين وأسبوع واحد , والوثيقة مؤشر عليها بأنها محدودة التداول و هي دراسة من إعداد لجنة دعم عمل الداخل التابعة للمجلس وموجهة للكوادر في العراق وإيران ومخصصة لما أسمته بتحليل ظاهرة الصدر والموقف المطلوب تجاهه . وهي وثيقة تحمل اتهامات خطيرة للسيد الصدر من بينها التسبب في تصدع حزب الدعوة بعد إدلائه بمعلومات كاملة عنه عندما كان معتقلا , وأن مرجعيته كانت نتيجة صفقة عقدها معه النظام العراقي إبان ذلك الإعتقال الذي يدعي المجلس الأعلى أن السيد لم يتعرض فيه سوى للضغط النفسي . ولقد عمدت إلى اختصار نص الوثيقة دون الإخلال بجوهرها , ونقلت الفقرات الهامة حرفياً راجياً ألا أتحمل وزر الأسلوب الركيك الذي صيغت به . 
............................. 
(( بدأت مرجعية السيد محمد الصدر بعد إشارة واضحة من النظام بالموافقة على هذا النشاط وتزعّم الحوزة رسمياً بإسناد واضح لمواضيع طرحتها هذه المرجعية مثل إقامة صلاة الجمعة في كل أنحاء العراق والتي صاحبها حديث مفاده أن هناك توافقاً بين حكومة الطاغوت والمرجع على إطلاق الحريات الدينية لدين بلا سياسة وتقوية نشاط الحوزة العلمية في النجف الأشرف , كل ذلك لصرف أذهان الناس بعيداً عن الصراعات السياسية بين النظام والشعب العراقي . ويبدو التناقض الواضح في سلوكية النظام الظالم حينما يفرض الإقامة الجبرية على المرجع الجليل سماحة السيستاني واغتيال آية الله البروجردي وآية الله الغروي بينما يطلق يد المرجعية المدعومة من قبله , مع أن السيد محمد الصدر بدأ ومنذ مدة ليست بالقصيرة بطرح نفسه رسمياً كولي أمر المسلمين . 
يروج أنصار السيد محمد الصدرإشاعة بين عموم الشعب وقسم كبير من المجاهدين تقول بأنه الأصلح وهو يخطط لأمر مستقبلي يقوي به التيار الديني , وهو يريد تغيير النفوس قبل تغيير النظام , وأنه ثوري يخطط للحظة المناسبة ويريد أن يستغل ضعف النظام . وهناك من يتكلم بقناعة بأن السيد الصدر هو فعلا أعلم الأحياء بل وأعلم الأموات أيضا ! 
وتفيد الأوساط الموثوقة بأن الحوزة العلمية التابعة للسيد الصدر والمجازة رسميا من قبل الطاغوت , قد امتلأت بأعداد لا يُستهان بها من متدربي قوى الأمن الداخلي والمخابرات والأمن الخاص الذين أرسلوا للدراسة في هذه الحوزة وهم يجتازون المراحل بنجاح وكما تقتضي مأموريتهم . وأغلب مراجع النجف الأشرف لا يشجعون الطلبة المؤمنين على الإنتماء إلى حوزة السيد الصدر التي أعلنت تصديها وأعلميتها المطلقة بطريقة الفرض والإلزام , ويتجنبون في الوقت ذاته الصدام معها خوفاً من عواقب وخيمة محتملة قد تكون الحكومة الظالمة طرفاً مؤثراً فيها . ويبدو أن إصرار السيد محمد الصدر على تولية أمر المسلمين وادعاءاته العلمية واستقطابه لوكلاء تدور حولهم الشبهات , كل ذلك يصب في صالح النظام الدكتاتوري الذي وجد طريقة مثلى لإرساء قواعد دين بلا سياسة أولاً , والطريقة المثلى لمحاربة الدين بالدين نفسه ثانياً دون أن يجهد نفسه أو يظهر للعيان . ومن خلال استفتاءات الصدر بخصوص الأعلمية والمرجعية وولاية الأمر نلاحظ ما يلي : أ – ادعاؤه بأنه الأعلم وهو يحاول ومريديه إثبات أعلميته بشتى الطرق . 
ب – يفتي بأن تقليده واجب على الجميع وتقليد غيره ليس مجزياً وغير مبريء للذمة . 
ج - إنه يشير إلى اتجاهات غير منصفة في المرجعية ويقصد المراجع العظام الذين لا يعترفون بأعلميته . 
أما استفتاءات السيد محمد الصدر وفيما يخص صلاة الجمعة فنلاحظ فيها ما يلي : 
أ – أن السيد محمد الصدر قد أوجب على المسلمين جميعاً الحضور لصلاة الجمعة بحكم كونه ولي أمر المسلمين . 
ب – إن هذا الحكم وهذه الولاية غير معترف بهما من قبل فقهاء النجف الأشرف . 
ج – إن هناك معلومات تؤكد بأن أغلب أئمة صلاة الجمعة المعينين من قبل السيد هم أشخاص غير موثوق بهم . 
د – إن السيد الصدر يوحي للناس بأن له أعداء يشككون بوكلائه ويستخدم في هذا الشأن عبارات لا تليق بمرجع تقليد . 
ه – حكم على كل إمام مسجد لا يحضر إلى صلاة الجمعة بالفسق وعدم جواز الصلاة خلفه . 
و- إن صلاة من لا يحضر لصلاة الجمعة باطلة لأنها أمر من الولاية . 
تساؤلات الناس سيما أوساط المجاهدين : 
1- أليس من واجبات ولي أمر المسلمين عدم الركون للظلم والظالمين ونصرة المظلومين ؟ 
2- ما موقفه الشرعي وهو يتعايش مع السلطة التي لطخت أيديها بدماء الأبرياء ؟ 
3- هل هناك مبرر شرعي إلى دعوة الناس لعدم التدخل بالسياسة وتعطيل الجهاد ضد الحكم الظالم في العراق ؟ 
تشخيص الظاهرة وتحليلها : 
تخرج السيد محمد الصدر من كلية الفقه في منتدى النشر , ثم درس على يد الشهيد الصدر فكان من الطبقة الثالثة من طلابه وقد طلب منه الشهيد محمد باقر الصدر أن يحضر درس الإمام الخميني في النجف الأشرف فكان ضعيفاً نسبياً على مستوى التلقي . وهو إنسان ساذج وبسيط إلى حد كبير ويمكن التأثير عليه بتصوير الأشياء له بصورة مغايرة للواقع ومقلوبة أحيانا وهو انفعالي تسهل إثارته ويتسم بردود الفعل الحادة كما أنه سريع الإعتقاد بنفسه إلى درجة أنه يظن في نفسه العلم والقدرة والخبرة والدراية , وقد يتغير حاله فيتملكه الرعب والإضطراب . وهو مصاب بإحباط وخوف ملازمين له كونه سبق وأن اعتقله النظام بسبب علاقته بحزب الدعوة في أوائل السبعينات وفي حينها اعترف بكل شيء دون أن يتعرض للضرب بل مجرد الضغط النفسي الأمر الذي أصاب الشهيد محمد باقر الصدر في حينه بالإنهيار لعدم اطلاعه على انتمائه من ناحية والأضرار التي ألحقتها اعترافاته بطلاب الشهيد الصدر من ناحية أخرى , وكذلك اندفاعه في تأييد الإنتفاضة عند حدوثها وانقلابه عليها عند تراجعها مع خوفه الشديد من النظام . لقد قاطعت الحوزة العلمية محمد الصدر بكل رجالها من المراجع الفضلاء والطلاب النزيهين , ولذلك حدثت له مع رجال الحوزة مشادات ومشاكل لأنه حاول أن يفرض وجوده عليهم بالقوة وبتهديد العلماء والطلبة غير العراقيين بحرمانهم من الإقامة , واقتصر مؤيدوه على بعض المجهولين أو الصغار الذين لا علم لهم ولا فضل أو على العناصر التي دخلت الحوزة ضمن خطة النظام . ويتكون الجهاز الذي يحيط به من أولاده الذين يفتقدون للخبرة في الحياة بسبب العزلة التي أحاط بها نفسه طيلة حياته , وبعض أصهاره الشباب ومن بعض الطلبة المشبوهين . كما أثيرت الشبهات حول ارتباط أولاده بأجهزة الدولة سيما ولده مصطفى الذي له علاقة خاصة بروكان عبد الغفور التكريتي المكلف بمتابعة الحوزة العلمية من قبل صدام نفسه . لقد حاول النظام إقناع آية الله حسين بحر العلوم وآية الله محمد علي الحمامي وآية الله محمد سعيد الحكيم وآية الله محمد باقر الصدر وغيرهم بالتصدي للمرجعية بدل الإيرانيين ولكن هؤلاء العلماء رفضوا جميعاً هذا العرض باستثناء السيد محمد الصدر الذي وافق عليه إبان وجوده في المعتقل . 
لقد قام النظام باتخاذ عدة خطوات لتثبيت مرجعية السيد محمد الصدر بعد وفاة الإمام الخوئي : 
1- تسليمه السيد الصدر إدارة المدارس الدينية . 
2- إعطاؤه حق منح إجازة دخول الحوزة العلمية للطلبة . 
3- إعطاؤه حق منح إجازة الإقامة في العراق والحوزة للطلبة غير العراقيين . 
4- تخصيص ميزانية شهرية له قال أنها مليوني دينار وذلك في حديث لمجلة الوسط بتاريخ 4-2- 1994 . 
5- حصر طبع الرسالة العلمية والتصدي للمرجعية العامة به دون سائر المراجع والعلماء . 
6- نشر النظام إهداءه لرسالته العملية إلى صدام حسين في الصحافة الرسمية وردّ المكتب الصحفي لصدام على هذا الإهداء 
8- تعيين المرافق الأقدم لصدام وهو روكان عبد الغفور التكريتي للتنسيق المركزي بين هذه المرجعية والقصر الجمهوري. 
9- منع العلماء من طبع ونشر كتبهم وبياناتهم وتداولها والتوسع بطبع ونشر كتب وبيانات الصدر واستفتاءاته وكان آخرها فتواه بتحريم أكل " الصبور " وهو نوع من السمك ! 
10- السماح له باستخدام القوة للإستيلاء على المدارس بحجة الولاية , وفرض مراجعته في منزله لاستلام إجازة الإقامة والقبول بمرجعيته وولايته , وقد عطل السيد محمد الصدر تمديد الإقامات للمراجع والعلماء والطلبة عدة شهور , وقد هددهم النظام بالطرد حتى أذعنوا للأمر الواقع وسلموا للسيد الصدر بالقيادة والمراجعة لمنزله وإدارته . 
11- سمح له النظام بأن يطرح علناً عنوان ولايته العامة على المسلمين , وسمح له بإقامة صلاة الجمعة وقام بتثبيتها وطمأنة الناس على رضاه عنها من خلال نشر أخبارها في الصحافة الرسمية سيما صحافة عديّ صدام حسين . 
ولم يكن بين المصلين خلف السيد يوم الجمعة أحد من العلماء والنجفيين وإنما غلب عليهم الزوار من المحافظات المجاورة ولذلك تحامل الصدر في حديثه المسجل على شكل سؤال وجواب بعد الصلاة على العلماء وأهل النجف . وكان موقفه من قتل العالمين البروجردي والغروي متسما باللامبالاة وقال أنه يحتمل أن تكون الحكومة العراقية التي اغتالتهما ويحتمل أن تكون إيران ويحتمل أن يكون القاتل هو السيد محمد الصدر ! ثم راح يلمح إلى احتمال أن يكون السيد السيستاني هو قاتل الشيخ الغروي وذلك بعد أن أعلنت الحكومة اعتقالها لعناصر متهمة بالجريمة وكانت مرتبطة سابقا بالسيد الصدر وقد ورد اسمه وولده والسيد جعفر نجل الشهيد محمد باقر الصدر في هذا الإتهام . وقد حاول السيد أن يفتح له مكتباً في مدينة قم ولكنه لم يوفق في إيجاد شخص واحد يتصدى لذلك , وبعد أن أرسل شخصا اسمه ستار الوائلي ( أبو سيف ) لهذا الغرض وفشل فقد أرسل السيد جعفر نجل الشهيد الصدر لهذه المهمة , وقد استقبل بحفاوة من قبل رئيس الجمهورية ومن السيد الخامنئي في مشهد ونصحه سماحته بالتحصيل العلمي , ولكنه أعلن فجأة عزمه على فتح مكتب للسيد محمد الصدر على خلاف رأي جميع المقربين له , وراح يقول أن والدي كان مخطئاً في الدخول في مواجهة مع النظام . 
الموقف المطلوب : 
ينفذ النظام مخططا رهيباً ويتعاون معه بوعي أو بدون وعي السيد محمد الصدر , ولا يجوز الإرتباط بمرجعية الصدر بالتقليد لأنه من الناحية العلمية فضلا عن غيرها غير مؤهل , ولأنه على أفضل الأحوال مجتهد متجزيء وليس مجتهداً مطلقاً حتى يصح تقليده , كما لايصح قبول ولايته إذ لا تتوفر فيه شروط الإجتهاد المطلوبة ولا حسن الدراية لسذاجته ولا التجربة لعزلته الإجتماعية الطويلة كما أنه يفتقد للشجاعة المطلوبة . ويجب توضيح الحقائق المذكورة في هذه الدراسة للكادر المثقف والجهادي , والحذر من العلماء والمبلغين وخطباء الجمعة ممن يرسلهم السيد الصدر وعدم الثقة بهم , والعمل على عدم إعطاء فرصة الإعتراف بهذه المرجعية المفتعلة لا سيما من قبل الجمهورية الإسلامية أو الحوزة العلمية.)) 
في ظني أن هذه الوثيقة تكشف حقيقة العلاقة التي تحكم المجلس الأعلى بالصدريين و نظرة المجلس إليهم والتي تتسم بالإحتقار والإستعلاء والتشكيك بافتقاد محمد صادق الصدر لكل ما يجب أن تنطوي عليه سريرة رجل الدين من خلق وسماحة وعلم . وأمام مثل هذه العلاقة المشحونة بسوء الظن لا يمكن فلسفة التحالف القائم اليوم بين التيار الصدري والمجلس الأعلى بغير تورطهما في خطيئة وضع المبدأ والعقيدة في خدمة السياسة , وليس وضع السياسة في خدمة المبدأ كما يتشدق منظرو الإسلام السياسي . 
****************************************** 

الدكتور خضير المرشدي الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق في تعقيب على المقابلة الصحفية للعميل المالكي رئيس حكومة الاحتلال مع صحيفة الحياة يوم أمس الجمعة ، والتي أشار فيها ( بأن مطالب المتظاهرين هي مطالب سياسية لحزب البعث ) 

شبكة ذي قـار 
في تعقيب على المقابلة الصحفية للعميل المالكي رئيس حكومة الاحتلال مع صحيفة الحياة يوم أمس الجمعة ، والتي أشار فيها ( بأن مطالب المتظاهرين هي مطالب سياسية لحزب البعث ) ... 
قال الدكتور خضير المرشدي الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق مايلي : 
- شرف وعز كبير للبعث وقيادته ورجاله ان يرفع الملايين من العراقيين شعارات ومطالب تمثل جميعها حقوق العراق ، ليقول عنها عميل الاحتلالين الأمريكي والإيراني المالكي بأنها مطالب سياسية لحزب البعث .. لكي يتخذها ذريعة للاعتداء على المعتصمين . 
- إذا كانت مطالب الملايين من أبناء العراق المخلصين النجباء الصادقين ، تمثل مطالب سياسية للبعث ، كما يدعي هذا العميل رئيس حكومة الاحتلال ، فعليه إذن ان يرحل عن العراق ، وأنصحه فعلا أن يرحل عن العراق مع زملاءه في الخيانة قبل فوات الاوان . 
- انها الحقيقة الناصعة التي يعرفها الأعداء قبل الأصدقاء ، بأن الشعب والبعث في العراق حالة واحدة ، فكرا وعقيدة وأهدافا ورؤية وبرنامجا وشعارات ومطالب وحقوق ومصير. 
- بدى واضحا أن الثورة الشعبية التي بدأت بالقصاص من الفاسدين وقتلة الشعب وسراق ثروته ، في محافظات أبية باسلة في شمال ووسط العراق ، ستمتد لتشمل كل العراق من أقصاه الى أقصاه لاقتلاع نظام الخيانة والتزييف والتخلف والفساد والطائفية والإرهاب . 
وفي مايلي نص التعقيب : 
الارتباك والتزييف والتناقض والغباء وفقدان البصر والبصيرة ، باتت هي السمات المميزة للعميل رئيس حكومة الاحتلال عند أدلاءه بتصريح ما أو ألقاءه كلمة في مؤتمر او تجمع او مناسبة !! 
فنراه يتخبط يمينا وشمالا ، يوزع الاتهامات كيفما يشاء ! ويطلق التهديدات ضد الأبرياء وأبناء الشعب بطريقة هستيرية ؟ ويعود بعد لحظات متوسلا هذا الطرف او ذاك من اجل توافق مزعوم او مصالحة مستحيلة ، او حوار كان هو سببا رئيسيا في نسفه مع ما يسمون بشركاءه في عملية الاحتلال السياسية ؟ 
فنراه تارة هدد دولا عربية ويعود ليتوسل بتسوية العلاقات معها وبتنازلات مهينة ؟؟ وتارة اخرى يهدد كيانات عراقية فرضتها ظروف الاحتلال ومن اركان عمليته السياسية ، ليعود متنازلا لها عن ما يسمى مكتسبات وهمية !! قد تكون اساسا لفتنة مستقبلية وعنوانا لتقسيم البلاد ؟؟ 
وفي كل تلك المناسبات لن يتردد معلنا عن هوسه ورعبه وفزعه المتزايد من البعث ومناضليه وجماهيره ومقاومته الباسلة ، ملصقا كل صغيرة وكبيرة بحزب البعث ، وهو لايعلم بأن ذلك الاستهداف للبعث من قبله ومن قبل اسياده ، يشكل تزكية وشرف للبعث وقيادته ، وتأكيد صواب رؤيته ، وصدق مسعاه ، وأصالة فكره ، ونبل أهدافه . لان العراقيين واحرار العرب والعالم يعرفون جيدا مشروعية وقانونية أهداف البعث في مقاومة الاحتلال وعملاءه .. وحقهم المطلق في التمسك بحقوق وطنهم وشعبهم . وبالمقابل فإن المنصفين في العالم يعرفوا كيف جاء هؤلاء الجواسيس وأحزابهم العميلة للسلطة ليعبثوا بأمن وعيش وكرامة العراقيين . 
ففي لقاءه مع جريدة الحياة يوم أمس أشار العميل المالكي الى أن مطالب المعتصمين والمتظاهرين هي ( مطالب سياسية لحزب البعث ، وهي ليست مطالب حقيقية ) . وهو بذلك قد عبر عن حقيقة ناصعة وأعترف بها ، ويعرفها الأعداء قبل الأصدقاء ، بأن الشعب والبعث في العراق حالة واحدة ، فكرا وعقيدة واهدافا ورؤية وبرنامجا وشعارات ومطالب وحقوق ومصير . 
فأذا كانت مطالب الملايين من أبناء العراق المخلصين النجباء الصادقين ، تمثل مطالب سياسية للبعث ، فعليه إذن ان يرحل عن العراق ، وأنصحه فعلا أن يرحل عن العراق مع زملاءه في الخيانة قبل فوات الاوان .. 
وليعلم هو وأسياده الأمريكان والإيرانيين وكافة حلفاءه ، بأن تلك المطالب هي حقوق لكل العراقيين في جنوب العراق قبل شماله ، وفي فراته الأوسط قبل غربه وشرقه ، وعليه وأسياده بان لايتوهموا بأن ابناء الجنوب الشرفاء الشجعان قد يكونوا من حصتهم وحصة أسيادهم !! بل أنهم كأخوتهم في المحافظات الثائرة من حصة العراق والامة ، والبعث عنوان وحدتها وعزتها . 
وليعلم هو وأسياده وحلفاءه أيضا ، قد بدى واضحا أن الثورة الشعبية التي بدأت بالقصاص من الفاسدين وقتلة الشعب وسراق ثروته ، في محافظات أبية باسلة في شمال ووسط العراق وغربه ، ستمتد لتشمل كل العراق من أقصاه الى أقصاه لاقتلاع نظام الخيانة والتزييف والتخلف والفساد والطائفية والإرهاب . 
وهنا لابد من التعبير باعتزاز عالي بانه : 
شرف وعز كبير للبعث وقيادته ورجاله ان يرفع الملايين من العراقيين شعارات ومطالب تمثل جميعها حقوق العراق ، ويقول عنها عميل الاحتلالين الأمريكي والإيراني بأنها مطالب سياسية لحزب البعث .لكي يتخذها مبررا للاعتداء على المعتصمين . 
واختتم الدكتور خضير المرشدي تعقيبه بالقول : إذا كان هذا المجرم قد لوح بقصف المتظاهرين بالطائرات والدبابات ، فهو لدليل بؤسه وهزيمته وإفلاسه وغباءه وعنجهيته الفارغة .. لانه قد نسى او تناسى بأن طائرات أسياده وصواريخهم لم تخيف أو تثني هذا الشعب العظيم ومقاومته الباسلة من السير قدما بشجاعة فائقة تكللت بهزيمة المحتلين .. وان هذا الشعب بملايينه الثائرة ومقاومته الوطنية سوف ينتزعون الحقوق ويقتصون من المجرمين ، وان غداً لناظره قريب . 
************************* 

ثقافة العنف 

نزار السامرائي 
بعد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003 مع جيوش أكثر 20 دولة أخرى، خضع المجتمع العراقي لوصلات مكثفة من رسائل الدعاية الموجهة لرب الأسرة العراقية عن كيفية تربية أطفاله ونوعية اللعب التي عليه أن يوفرها لهم وتلك التي يجب عليه أن يحجبها عنهم، ويبدو أن بعض العراقيين من الأسرة الإعلامية أخذته الحمية العالية فتبنى هذه الفكرة ولم يعِ أبعادها السياسية وما ترمي إليه من تسيير للعراقي عبر جهاز سيطرة عن بعد وكأنه إنسان آلي، وانساق ينّظر لتحريم أية لعبة أطفال ترمز إلى معنى عسكري كالمسدس أو الدبابة أو الطائرة الحربية، وامتلأت صفحات الصحف وبرامج الإذاعة والتلفزيون وهي تلعن ثقافة العنف التي تربى عليها الطفل العراقي لعقود عدة بسبب توجهات الحكومات التي سبقت الاحتلال، ولأننا أصحاب هبة سرعان ما تخمد، ولأن لدينا لكل موسم صرعته ونزواته ونغالي في ما يصلنا من صرعات الموضة في الملابس والسياسة، فقد بدا وكأن منظمات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام والمشتغلين بالسياسة في عراق ما بعد الاحتلال، باتوا لا يستطيعون السير في شوارع العراق أو طرقه الخارجية، ما لم يقدموا دليلا على نبذ فكرة اقتناء لعب الأطفال ذات الرموز الحربية، لأنها تنمي النزعة العدوانية عند الطفل وتخلق ثقافة العنف على مستوى المجتمع، فتداعت كل تلك الجهات إلى إقامة المهرجانات الخطابية للتبشير بالاكتشاف الجديد وهو أن لعب الأطفال يجب أن لا تتعدى نماذج الكلاب والقطط والقردة والخنازير والدببة، وأن احتفاليات علنية يجب أن يحضرها مفتشون دوليون وتغطيها كل فضائيات العالم للإشراف على تدمير أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الأطفال العراقيون والعرب، وربما أصبحت نماذج الأسلحة هذه سببا بفرض عقوبات صارمة على الطفل الذي يمتلكها وعلى أسرته التي جلبت له تلك اللعبة، بحيث يبقى العراقيون أسرى القرارات الدولية للعقوبات السياسية والاقتصادية والدوائية والتسليحية كما تم فرض تلك العقوبات على العراق في عام 1990. 
وذهب بعض كتابنا بعيدا في تبني هذه الفكرة حد الهوس وزايدوا على أصحابها الأصليين الذين جاءوا مع الدبابة بحيث تساءل المرء كيف تستقيم الدعوة لنبذ ثقافة العنف إذا كانت القوات الأمريكية تستخدم كل ما لديها من فوهات نارية لقتل العراقيين وخاصة الأطفال منهم، ثم تتحول إلى حمل وديع وتطلب من العراقيين عدم تقديم هدايا لأطفالهم من نماذج الأسلحة لأنها تخرب مزاجهم المستقيم وتحولهم إلى أشخاص عدوانيين، ولم يسأل أولئك الكتاب والمثقفون والصحفيون أنفسهم عن دوافع هذه الحملة المنسقة ولماذا تسوق لها دوائر غربية معروفة بارتباطها بالحركة الصهيونية، وجريا على نهج الكتّاب الأمريكيين والأوربيين في صب كل ما في مخزونهم من غضب على ما اعتبروه تنشئة مدمرة للأجيال الجديدة في العراق من خلال عسكرة لعب الأطفال، فإذا راقب المشاهد برامج الأطفال في فضائيات الحكومة وأخواتها، وجد أن الحديث ينصب على تكفير كل بيت يقتني أطفاله لعبا على هيئة بندقية أو دبابة أو طائرة حربية، حتى خاف العراقيون من أن الحكومة ستشمل مثل هذه الأحوال بالمادة 4 إرهاب، فالخطة كانت ترمي إلى إعادة صياغة المفاهيم التربوية ونسبة كل مشاكلنا وأسباب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء الصالح للشرب وتفشي الفساد المالي والإداري بلعب الأطفال التي ترمز إلى السلاح، وكأن الحكومة حلت كل مشاكلنا ولم يبق غير لعب الأطفال. 
ربما انطلت اللعبة على كثيرين من البسطاء الذين ينظرون إلى الأمور بعيون سياسية أمريكية وصهيونية، لكن من يمتلك الحد الأدنى من الوعي السياسي كان يعي جيدا، أن الجهات التي تقف وراء هذه (الحملة الحضارية) الرامية إلى نزع الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات والأسلحة الكيمياوية والبيولوجية التي يمتلكها أطفال العراق أو يسعون لامتلاكها ويهددون بها الأمن والسلام والاستقرار في العالم، لم تكن تفعل ذلك عن احترام كرامة الإنسان وحقه في الحياة الحرة الكريمة أو استقراره وأمنه، بل على العكس من ذلك تماما فهي تريد سلب قدرته على إنتاج الأفكار الوطنية القادرة على مواجهة التغريب الثقافي، لاسيما وأنها جاءتنا مع الاحتلال الأمريكي عام 2003 وكجزء من منظومة القيم المستوردة على أجنحة الطائرات الحربية التي ألقت فوق العراق من القنابل ما يزيد وزنه على ما ألقي على أوربا في الحرب العالمية الثانية، لقد أراد من تبنى هذه الأطروحة لها أن تسود وتطرد ما عداها من قيم يراد تنحيتها عن المجتمع. 
فهل يحترم هذا المنهاج من أراد تصديره إلى العراق؟ 
الولايات المتحدة التي قادت العدوان على العراق منذ عام 1991 وحتى غزو عام 2003 هي النموذج الصارخ للتصادم بين ما تنفذه من جرائم ضد الإنسانية، وما تحاول بثه من أفكار وزرعه من قيم وممارسات في المجتمعات المغلوبة، كي تجردها نهائيا عن آخر ما لديها من رصيد قيمي خاص ينبع من تقاليدها الوطنية والدينية وتجعلها مجرد تابع يقلد من دون تفكير وبآلية عمياء ما يأتيه من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة التي تطرح نفسها مجتمع الحلم الإنساني، مأخوذا بالانجازات التكنولوجية العلمية الباهرة وثورة الاتصالات التي تضيف كل يوم شيئا جديدا وما تتركه ثقافة الكانتاكي ومكدونالدز والكاوبوي من إعجاب بالنموذج الأمريكي المتفوق، ولكن المرء سرعان ما يصاب بصدمة حينما يكتشف بأن في الولايات المتحدة تعد البندقية الحقيقية وليست اللعبة، رمزا لشخصية اليانكي وهي أفضل هدية يقدمها الوالد لطفله وهو لما يزل في أولى مراحل عمره، من دون أن يقيم وزنا للنتائج التربوية التي ستترتب على سلوك الطفل من جنوح نحو الجريمة، وحل ما يصادفه من مشكلات عبر فوهة البندقية، ويتم في الولايات المتحدة إنتاج أنواع مختلفة ومغرية من البنادق وبألوان زاهية كي تستهوي الأطفال شأنها شأن الموبايل واللابتوب والألعاب الالكترونية، التي يتم طرح أجيال جديدة منها باستمرار، مع فارق بسيط هو أن الأجهزة الالكترونية لا تقتل بصورة مباشرة إن كانت تقتل، بل على العكس من ذلك فإنها تنمي المدارك وتوسع الأفق، ولعل حادثة قتل طفل أمريكي عمره خمس سنوات لشقيقته البالغة من العمر سنتين والتي تركت صدمة حزينة على مستوى العالم، ما يؤكد أن المجتمع الأمريكي يسعى لتسويق ثقافة متنحية هناك أصلا إلى وطننا العربي وهو أول من يحاربها داخل أمريكا نفسها. 
كم كان عمر الطفل القاتل حينما جلب له أبوه بندقية الجريمة؟ ربما قبل سنة أو سنتين ومن يدري ربما كان ذلك بمناسبة عيد ميلاده الأول. 
حينما حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعديل قانون حيازة الأسلحة في بلاده بسبب كثرة حوادث القتل التي ترتكب هناك بأسلحة مجازة، فإن المواطن الأمريكي وكما عبر عن ذلك أشخاص ظهروا على شاشات التلفزيون، رفض تغيير منظومة القيم الأمريكية مهما كانت التضحيات. 
حسنا هل كنا مستغفلين حينما صدقنا أن الدعوة لمحاربة ثقافة العنف في بلادنا وفي الوطن العربي تبدأ من منع لعب الأطفال التي تشجع على اقتناء السلاح؟ وكأننا المستهدفون لوحدنا من هذه الدعوة التي تخفي وراءها عقولا صهيونية تريدنا أن نحول أطفالنا إلى قطط أليفة أو عصافير وديعة في أقفاص أنيقة لا تكترث لما يحيط بها، على حين أنهم يحتكرون السلاح وخبرة استخدامه من قبلهم فقط كي يحولوا الساحات التي يريدون فرض هيمنتهم عليها إلى جمهور لمتفرجي فلم سينمائي من إنتاج هوليود، ونتحول أيضا إلى ما يشبه أكياس التدريب على الملاكمة ونتلقى الضربات من دون أي رد فعل وكأننا مخدرون تحت وابل من الصرعات الاجتماعية والثقافية التي تتكرس عندنا بالتدريج من دون أن نشعر بخطرها الحقيقي علينا. 
5/9/2013 صحيفة العراق الالكترونية 
**************************** 

اقرأ ايضا:

تواصل التظاهرات تعبير أكيد عن أصالة الإرادة الشعبية في تحقيق التحرير الشامل والاستقلال التام
http://www.dhiqar.net/Art.php?id=32639
اسمها فضيلة ولكنها ليست فاضلة http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_4989.html
مرفوض نعم، ولكن! http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_1542.html
الست في طهران، لماذا؟ http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_2084.html
جريمة الحويجة إبادة جماعية بإصرار وترصد http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_2016.html
ماذا يحدث في العراق؟ http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_7346.html
صرف النظر عن المجرم الرئيسي http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_2448.html
أقلمة http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_4.html
حياكم الله ايها الاوفياء وانتم تواصلون اعتصاماتكم http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_9307.html
الطاغية الصغير وعقدة الخوف من الشعب http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_7580.html
وثيقة خطيرة بشأن مجزرة الحويجة http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_4830.html
رسالة مفتوحة، من هيئة علماء المسلمين، إلى أبناء محافظة الأنبار http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_1226.html
الموقف النهائي من الشيخ السعدي http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_1896.html
الدكتور! http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_9795.html
عاجل عاجل عاجل http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_2826.html
التقرير الرسمي الموثَّق عن مجزرة الحويجة http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_7804.html
رسالة مفتوحة، من هيئة علماء المسلمين، إلى أبناء محافظة الأنبار http://www.wijhatnadhar.com/2013/05/blog-post_1226.html 

ليست هناك تعليقات: